في العادة يعالج الأطباء مرضى أمراض المناعة الذاتية بالأدوية التي تقمع جهاز المناعة. وبما أن الجهاز المناعي يهاجم الجسم، فإنه من المنطقي أن نقمع نشاطه بقوة. ولكن أحد الآثار الجانبية الرئيسية لهذه الأدوية القوية هو قمع نظام الدفاع الطبيعي المضاد للأكسدة أيضا. وفي النهاية الجهاز المناعي المقمَع صار ضعيفا وعرضة لجميع أنواع الالتهابات؛ فنزلة برد قد تتحول إلى التهاب رئوي حاد، وإنفلونزا عادية قد تبقي المريض طريح الفراش لأسابيع.
يحمينا جهاز المناعة من الفيروسات والبكتيريا والفطريات والبروتينات الغريبة والخلايا السرطانية غير الطبيعية. إنه تفاعل متطور بين العديد من الخلايا المناعية المختلفة. من المهم أن تعرف ما هي الدفاعات الأساسية لجهاز المناعة. إليك وصفًا موجزا لها.
الدفاعات المختلفة بجهاز المناعة
● الخلايا البالعة (أو البلعمية) Phagocytes: هي خلايا بيضاء أكولة وتعد خط الدفاع الأول. يمكن لتلك الخلايا الهجوم بسرعة على أي جسم غريب (فيروس، بکتیریا) والتهامه. ولكن في بعض الأحيان لا تكون الخلايا البالعة متأكدة مما إذا كانت علقت نفسها بالجسم الغريب أم لا. إنها بكل تأكيد لا تريد تدمير جزء من جسم صاحبها، وهنا نطلب المساعدة من الخلايا التائية.
● الخلايا التائية المساعدة Helper T cells: هي مجموعة من الخلايا البيضاء التي تدعي الخلايا الليمفاوية. تأتي الخلايا التائية وتعلق نفسها بالخلايا البلعمية وتحاول مساعدتها على تحديد ما إذا كانت الجسيمات التي تتعلق الخلايا البلعمية بها صديقا أم عدوا. إذا صنفتها الخلايا التائية بوصفها عدوا، فستقوم بفرز هرمونات تدعي السيتوكينات (المحرضة على الالتهابات)، والتي تجعل الجهاز المناعي يهاجم نفسه حرفيا. هذا يحفز الخلايا البائية على العمل في جذب مزيد من الخلايا البالعة والخلايا التائية لإنقاذ الموقف.
● الخلايا البائية B cells: لديها القدرة على إسقاط الأجسام الدخيلة من خلال الإنزيمات التي تدمر هذه الأجسام عبر عملية الإجهاد التأكسدي. تعود بعض الخلايا البائية إلى الخلايا الليمفاوية لإنتاج أجسام مضادة لهؤلاء الدخلاء. فإذا حدث أن ظهر هذا الدخيل مجددا، فسيكون جهاز المناعة مستعدا له بفضل هذه الأجسام المضادة.
● الخلايا القاتلة الطبيعية Natural killer cells: يمكن أن تدمر أي شيء في طريقها. إنها تغمر الخلايا المصابة بالسموم والانزيمات المدمرة، والتي تدمر بشكل فعال جميع الأجسام الدخيلة أو الخلايا التي تنمو بشكل غير طبيعي، مثل الخلايا السرطانية.
● الخلايا التائية القمعية suppressor T cells: هي أشبه بشرطة مكافحة الشغب التي تأتي بعد تدمير الأجسام الغريبة وتحاول تهدئة هذه الاستجابة المناعية الهائلة. وتكمن أهميتها البالغة في قدرتها على السيطرة على الأضرار الجانبية. إذا تركت هذه الاستجابة المناعية دون رادع، فقد تحدث أضرار هائلة بالأنسجة الطبيعية المحيطة؛ وهذا هو ما يجعل الاستجابة الالتهابية شديدة الخطورة. على الرغم من أنه من الضروري للغاية السيطرة على الأجسام الغريبة المحتملة، فإنه إن خرجت الاستجابة الالتهابية عن السيطرة، فإنها يمكن أن تسبب ضررا بالغاً.
مغذيات تعزز جهاز المناعة
إن المكملات الغذائية يمكن أن تعزز بشكل كبير من جهاز الدفاع الطبيعي المضاد للأكسدة داخل الجسم.
في هذا الموضوع ستدرك كذلك أن هذه المكملات الغذائية نفسها يمكن أن تعزز بشكل كبير من جهاز المناعة. يقول الدكتور “كارلهينز شميت”: “إن الوظيفة المثلى لنظام الدفاع المضيف يعتمد على ما يكفي من المغذيات الدقيقة المضادة للأكسدة”. من المنطقي أنه إذا كان على جهاز المناعة حمايتنا طبقا لما خلقه الله له، فإننا بحاجة إلى المستويات المثلى من جميع العناصر الغذائية الموجودة.
دعنا نعد إلى المراجع الطبية، لنرى كيف يؤثر كل عنصر من هذه العناصر الغذائية الفردية في الاستجابة المناعية.
● فيتامين هـ Vitamin E
تقوم الخلايا البالعة التي تعاني نقصا في فيتامين هـ بإطلاق المزيد من الجذور الحرة ولا تعيش لفترة طويلة. ويستخدم جهاز المناعة هذه الجذور الحرة في تدمير الأجسام الدخيلة عبر عملية الإجهاد التأكسدي. إنه الجانب “الجيد” للأكسدة مادام تحت السيطرة. كما أن نقص فيتامين هـ يؤثر على تمايز الخلايا التائية في الغدة الصعترية، ما يؤدي إلى عدم التوازن بين الخلايا التائية المساعدة والخلايا التائية القامعة. ويعد ضعف إنتاج الخلايا التائية القامعة أحد الأسباب الرئيسية في خروج الاستجابة الالتهابية عن السيطرة. تذكر أن الخلايا القامعة التائية هي بمثابة شرطة مكافحة الشغب والتي تعد ضرورية لتهدئة الاستجابة المناعية، وبالتالي الحد من الأضرار الجانبية. ويعتقد بعض الباحثين أن ضعف إنتاج الخلايا التائية القامعة هو السبب الرئيسي في مرض الاستجابة المناعية الذاتية.
وقد أوضحت بعض الدراسات أن المكملات التي تحتوي على فيتامين هـ تصحح هذه العيوب في جهاز المناعة وتساعد على زوال الالتهابات. كما أظهرت الدراسات السريرية أن تأثير تعزيز المناعة بفيتامين هـ كان أقوى لدى كبار السن والأشخاص الذين يعانون متلازمة سوء الامتصاص. كما يمكن لفيتامين هـ حماية الجسم ضد آثار الكورتيزول المثبطة للمناعة، والذي يفرز بكميات كبيرة خلال ردود الفعل المتعلقة بالتوتر والإجهاد.
● الكاروتينات Carotenoids
إن ميزة الكاروتينات المعروفة هي قدرتها على حماية الأنسجة الطبيعية المحيطة من الأضرار المحتملة الناجمة عن الاستجابة الالتهابية للجهاز المناعي. ومكملات الكاروتين يمكن أن تزيد من عدد خلايا تي المساعدة والخلايا القاتلة الطبيعية ومن فاعليتها، والتي تشكل جزءا مهما من نظامنا الدفاعي ضد الخلايا السرطانية؛ وهذا يحسن كثيرا من قدرة جهاز المناعة على المراقبة.
● فيتامين ج Vitamin C
كان للدكتور “لينوس بولينج” تأثير كبير في تعريف الجميع بأهمية مكملات فيتامين ج وقدرتها على تعزيز جهاز المناعة. إن آثاره على الجهاز المناعي معروفة ومؤكدة بما يكفي؛ فقد ثبت أن فيتامين ج يعزز وظيفة الخلايا البالعة. وهذا يعني تعزيز خط الدفاع الأول ضد الالتهابات البكتيرية.
من الأجدى أن تتناول جرعات كافية من فيتامين ج يوميا بدلا من تناول جرعة هائلة عندما تشعر بأنك ستصاب بعدوى فقط. وقد أظهرت إحدى الدراسات أن تناول جم واحد من فيتامين ج يوميا لأكثر من شهرين سبب تحسنا لافتا ببعض وظائف الجهاز المناعي، كما أن لفيتامين ج القدرة على تجديد فيتامين هـ والتعامل مع الإنتاج المفرط للجذور الحرة داخل البلازما – كل من هذه الخصائص تزيد من قدرة فيتامين ج على تعزيز جهاز المناعة.
● الجلوتاثيون Glutathione
وقد ظهر أن المكملات التي تتكون من مركبات الجلوتاثيون (الأسيتيل سيستين، والسيلينيوم، والنياسين، وفيتامين ب٢ ) تعزز الجهاز المناعي العام بقوة، حتى إن مرضى نقص المناعة البشرية قد شهدوا هذا التأثير الإيجابي.
● الإنزيم المساعد كيو ١٠ Coenzyme Q10
مع تقدمنا في العمر، تقل مستويات الإنزيم المساعد كيو ١٠ ؛ ما يعرض الميتوكوندريا (فرن الخلية) بشكل خاص لأضرار الأكسدة. للإنزيم المساعد كيو ١٠ أهمية بالغة لعمل للجهاز المناعي بالصورة المثلى بسبب دوره الرئيسي في إنتاج الطاقة داخل خلايا الجهاز المناعي. وقد تبين أن مكملات الإنزيم المساعد كيو ١٠ تعالج هذه المشكلات وتعزز الجهاز المناعي إلى حد كبير.
● الزنك Zinc
إن جميع مناطق جهاز المناعة بحاجة إلى الزنك، بل إن نقصه في الواقع يقمع عدة مناطق من الجهاز المناعي: حيث يقل عدد الخلايا الليمفاوية، وتضعف وظائف العديد من الخلايا البيضاء، كما ينخفض مستوى هرمون الغدة الصعترية، والذي يعد محفزا قويا للجهاز المناعي.
يتناول الكثيرون مكملات الزنك عند الإصابة بالبرد. وقد أظهرت الدراسات أن أخذ هذه المكملات كل ساعتين يمكن أن يقلل طول مدة البرد بعدة أيام. ويعتقد الباحثون أن الزنك لا يعزز المناعة وحسب بل يمنع أيضا تكرار الفيروسات. ولكن لا بد من هذا التحذير: إذا استهلك الشخص منا جرعات مرتفعة من الزنك لفترة طويلة، فإنه يمكن في الواقع أن يقمع جهازه المناعي. أنا لست ضد تناول جرعات عالية من الزنك أو حتى فيتامين ج خلال نزلات البرد على المدى القصير. لكني أجد أن الاستخدام الثابت على المدى الطويل لهذين المغذيين بالجرعات المناسبة يعزز نظام الدفاع الطبيعي المضاد للأكسدة وكذلك جهاز المناعة.
عندما تعمل جميع دفاعات الجهاز المناعي بأقصى طاقتها، يكون المستفيد الأول هو الصحة العامة بالطبع. ويستطيع الأطفال تعزيز جهازهم المناعي بتناول المكملات الغذائية لمدة ستة أشهر. وترتبط الشيخوخة عموما بضعف الاستجابة المناعية، الأمر الذي يؤدي إلى تكرر الإصابة بالالتهابات وزيادة حدتها. في الواقع تعد الالتهابات (وخاصة التهابات الجهاز التنفسي) هي رابع أكثر الأسباب شيوعا للوفاة لدى كبار السن.
وقد ذكرت مجلة لانسيت البريطانية دراسة تلقت فيها مجموعة من المرضى المسنين مستويات مثالية من الأغذية والمكملات الغذائية بينما تلقت المجموعة الأخرى علاجا وهميا. وقد شهدت المجموعة التي تلقت المكملات الغذائية تحسنا ملحوظا في استجابات أفرادها المناعية الشاملة، وكانت أمراضهم أقل تكرارا وحدّة بالمقارنة بالمجموعة التي تلقت العلاج الوهمي. واستغرق الأمر سنة على الأقل من المكملات لتحسين أجهزتهم المناعية، ولكن الفوائد كانت هائلة في النهاية.
هذه الدراسة – جنبا إلى جنب مع دراسات أخرى كثيرة – تؤكد حقيقة اعتماد جهاز المناعة اعتمادا كبيرا على هذه المغذيات، بالضبط كما يعتمد عليها نظام الدفاع الطبيعي المضاد للأكسدة.
السيطرة على الاستجابة الالتهابية
هناك العديد من الالتهابات المنتشرة بجميع أنحاء أجسادنا. ونحن بحاجة إلى إحداث توازن في حجم هذه الالتهابات المفرطة، والمكملات الغذائية هي المفتاح.
تحدث الاستجابة الالتهابية نتيجة لسلسلة معقدة من الأحداث المتعلقة بالاستجابة المناعية، الذي يطلق كميات هائلة من الجذور الحرة، والإنزيمات الكاوية، والسيتوكينات الالتهابية. لقد عرفنا أساسيات عمل المناعة ولكن علينا الآن أن ننظر في كيفية التعامل مع الاستجابات الالتهابية طويلة العمر (الالتهابات المزمنة) التي تسببها هذه السيتوكينات.
مضادات الأكسدة هي أفضل وسيلة ممكنة؛ حيث إنها تقوي جهاز المناعة، وتساعد على السيطرة على الاستجابات الالتهابية، وتبني نظام الدفاع الطبيعي المضاد للأكسدة، والذي بدوره يحمي الخلايا الطبيعية من أضرار الالتهاب. ولكن هناك جانبا مهما لهذه الاستجابة الالتهابية نحتاج إلى معرفته: النظام الطبيعي المضاد للالتهابات بأجسادنا. هذا صحيح. هل سبق أن خطر لك بينما تمسك بزجاجة الأدفيل أن جسمك ينتج بنفسه مضادات للالتهابات؟ دعنا نلق نظرة على هذه المضادات.
الأحماض الدهنية الأساسية
ليست جميع الدهون سيئة؛ فالدهون الأساسية في الواقع مهمة وضرورية للجسم. لكن لا يمكن للجسم إنتاج هذه الدهون، وبالتالي يجب الحصول عليها من الطعام. يستخدم الجسم الدهون لإنتاج أغشية الخلايا السليمة وهرمون البروستاجلاندين Prostaglandin. ويعد حمض أوميجا 3 ، والمعروف بحمض ألفا – اللينولينيك alpha-Linolenic acid، وحمض أوميجا 6، والمعروف بحمض اللينولينيك Linoleic acid، من أهم الأحماض الدهنية الأساسية. تحول أجسامنا حمض أوميجا ٣ إلى البروستاجلاندين الذي يعد في المقام الأول مضادا للالتهابات. أما حمض أوميجا ٦ فإنها تحوله إلى البروستاجلاندين الذي يعد في المقام الأول مستقلبا التهابيا.
النسبة المقبولة عموما من حمضي أوميجا ٦ وأوميجا ٣ هي ٤:١. هذا يعنى أننا يجب أن نتناول من حمض أوميجا ٦ ما يوازي أربعة أضعاف مما نتناوله من حمض أوميجا ٣.
يتوافر حمض أوميجا ٦ بكثرة في النظام الغذائي الغربي؛ فهو موجود في اللحوم، ومنتجات الألبان، والأطعمة المصنعة. أما حمض أوميجا ٣ فنحصل عليه من الزيوت النباتية مثل بذور الكتان، والكانولا، واليقطين، وفول الصويا. وهذه الدهون موجودة كذلك في أسماك المياه الباردة مثل الماكريل والسردين والسلمون والتونة. كما تكون قد خمنت، يستهلك الأمريكي العادي من حمض أوميجا ٦ مقدارًا يزيد على أوميجا ٣، وهو مقدار كبير في الواقع. إننا نستهلك ما يتراوح في المتوسط بين ٢٠: ١ وحتى ٤٠:١ من هذه الدهون في نظامنا الغذائي!
وهذا يجعل ما تنتجه أجسامنا من مسببات الالتهابات أكثر بكثير من مضادات هذه الالتهابات. تحتوي أجسامنا ببساطة على مقدار مفرط من الالتهابات. واختلال التوازن في استهلاك هذه الأحماض الدهنية الأساسية هو السبب الرئيسي في اختلال التوازن في إنتاج الجسم لهذه الهرمونات؛ ولهذا السبب يحتاج العديد من سكان العالم الصناعي إلى تناول زيت بذر الكتان وزيت السمك في صورة مكملات لإعادة هذا التوازن.
إليك حقيقة أخرى غير معروفة: الدهون الأساسية لديها القدرة على خفض مستوى الكوليسترول الكلي وكذلك كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (الكوليسترول السيئ). وهذا يعني أنه لا يتم إنتاج جميع الدهون بالمقدار نفسه. وبالنسبة لي فأنا أشجع مرضاي على تناول مكملات الأوميجا ٣ وعلى تقليل نسبة الدهون المشبعة. وعند الجمع بين الأمرين، تصير التهابات الجسم تحت السيطرة بسهولة، كما تتحسن مستويات الكوليسترول.
وقد أظهرت العديد من الدراسات تحسنا ملحوظا لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي، والذئبة، والقلب، والتصلب المتعدد، وبقية الأمراض الالتهابية مع استهلاك هذه الدهون الأساسية المهمة في صورة مكملات. إنه أمر مهم للغاية في الحفاظ على صحتك – أو استرداد صحتك إذا كنت قد خسرتها بالفعل.
لقد اطلعنا على جوانب مختلفة من جهاز المناعة وكيفية عمله. كما اطلعنا على ما يحدث عندما تخرج الاستجابة الالتهابية الطبيعية عن نطاق السيطرة. ولكن الآن نحن بحاجة إلى الاطلاع على أسوأ سيناريو موجود؛ وهذا يحدث عندما يبدأ جهاز المناعة في التمرد ومهاجمة أجسادنا.
أسباب أمراض المناعة الذاتية
هل سمعت القول المأثور: “إن أهم نقاط القوة لدى المرء قد تكون هي أهم نقاط ضعفه كذلك”؟ هذا يصدق تماما على جهاز المناعة. يعتقد العديد من الأطباء أن جميع الأمراض تحدث في الأساس نتيجة لانهيار حدث بجهاز المناعة. ولكن في حالة أمراض المناعة الذاتية، يصبح الجهاز المناعي في الواقع أسوأ أعداء الجسم بمهاجمته الخلايا والأنسجة الطبيعية. فإذا هاجم المفاصل، فإننا نسمي المرض التهاب المفاصل الروماتويدي، وإذا هاجم الأمعاء، فإننا نسميه داء كرون أو التهاب القولون التقرحي، وإذا هاجم طبقة الغلاف الميليني بالأعصاب، فإننا نسميه التصلب المتعدد، وإذا هاجم النسيج الضام، فإننا نسميه الذئبة أو تصلب الجلد.
لماذا يحدث هذا، وكيف؟ تعلمنا في كلية الطب أن أمراض المناعة الذاتية تحدث بسبب “فرط نشاط” الجهاز المناعي الذي يبدأ مهاجمة “جسم الانسان” بدلا من “الأجسام الدخيلة”. ولكنني أرى أنه في حالة أمراض المناعة الذاتية، يكون الجهاز المناعي مشوشا بالأحرى، لا مُفرِطا في النشاط، فيقوم بمهاجمة جسم صاحبه بدلا من الأجسام الدخيلة كما كان يهدف.
في مقال استعرض مؤخرا أمراض المناعة الذاتية على صفحات مجلة نيو إنجلاند الطبية ، أوضح المؤلفون أنه لا أحد يعرف حقا لماذا ينقلب الجهاز المناعي على “نفسه” حرفيا. ولكن العديد من الباحثين يعتقدون أن الإجهاد التأكسدي هو السبب الكامن وراء جميع أمراض المناعة الذاتية، وأنه يمكن أن يكون السبب في مهاجمة جهاز المناعة للجسم في الواقع.
وقد وثقت العديد من الدراسات حقيقة أن السبب الجذري لأمراض المناعة الذاتية هو الإجهاد التأكسدي. وكما تكون قد توقعت، تقل مستويات مضادات الأكسدة لدى المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، والذئبة، والتصلب المتعدد، وداء كرون، وتصلب الجلد بشكل ملحوظ. كما ثبت أن انخفاض مستوى مضادات الأكسدة يزيد من خطر إصابة المرء بالتهاب المفاصل أو الذئبة. كما أن
المؤشرات السريرية للإجهاد التأكسدي تكون مرتفعة للغاية لدى هؤلاء المرضى، وخاصة خلال الفترة التي تتفاقم فيها هذه الأمراض.
وبالتالي فإن المكملات المضادة للأكسدة تكون مثالية لمرضى أمراض المناعة الذاتية؛ فهذه المكملات لا تحسن نظام الدفاع الطبيعي المضاد للأكسدة بالجسم وحسب، بل يمكنها أيضا أن تعزز جهاز المناعة وتساعد في السيطرة على الاستجابة الالتهابية. وبعبارة أخرى فإنها يمكن أن تساعد على وضع الإجهاد التأكسدي تحت السيطرة مجددا وإيقاف هذه الحلقة المفرغة بأكملها.
التوصيات العامة لعلاج أمراض المناعة الذاتية
عندما يهاجم الجسم أنسجته الذاتية عن طريق الخطأ؛ تحدث حالة من المناعة الذاتية التي تصيب الجسم ببعض الأمراض التي تتراوح ما بين الأمراض البسيطة إلى الحادة. من بين أنواع الاضطرابات الذاتية الأكثر شيوعا نذكر الروماتويد المفصلي، والتهاب كبيبات الکلی، والحمى الروماتيزمية، ومرض الذئبة الحمراء، والالتهاب العضلى المتعدد، والتهاب الغدة الدرقية، وفقر الدم الانحلالي وفرفرية النقص التلقائي للصفائح الدموية، والوهن العضلي الوخيم، وتصلب الجلد، ومتلازمة “سجوجرين”. هناك أمراض أخرى مثل التهاب القولون التقرحي والتصلب ترتبط بالمناعة الذاتية.
يمكن أن تظهر أعراض المناعة الذاتية عن طريق عدوى أو إصابة في الأنسجة، أو صدمة نفسية لدى الأشخاص الذين يملكون استعدادا وراثية. لا تجدي العقاقير الطبية التقليدية في علاج هذه الأمراض . يمكن أن تنجح في إنقاذ بعض الأشخاص في وقت الأزمات الحرجة، ولكنها أنواع علاج مثبطة وليست شافية، كما أنها كثيرا ما تزيد المرض ضراوة. فضلا عن ذلك؛ فإن معظم الأدوية التي تستخدم في علاج هذه الأمراض وخاصة الأدوية التى تحتوى على الستيرويد وكل مثبطات المناعة – يمكن أن تحدث أثراً ساما كبيرا خاصة عند استخدامها لأكثر من بضعة أسابيع. (كثيرا ما يطلب الطبيب من المريض تعاطي مثل هذه العقاقير على مدى شهور وسنوات). لقد سبق وشهدت تحسنا كبيرة في بعض حالات أمراض المناعة الذاتية لدى المرضى الذين توقفوا عن تناول الأدوية التقليدية ، وعملوا على تحسين حالتهم الصحية باتباع طرق أخرى.
إليك بعض التوصيات العامة لعلاج أمراض المناعة الذاتية:
• تناول غذاء قليل البروتين؛ مرتفع الكربوهيدرات.
• تجنب اللبن ومنتجات الألبان بما في ذلك الأطعمة التجارية التى تحتوى على الألبان.
• قلل من استهلاك الطعام ذي الأصل الحيواني.
• تجنب الزيوت النباتية العديدة غير المشبعة بكل أنواعها.
• احرص على ممارسة تدريبات الأيروبكس بانتظام . هذه نقطة بالغة الأهمية.
• مارس تقنيات الاسترخاء. يمكن أن يكون التصور أو التخيل من بين التقنيات بالغة الفعالية في الحد من تفاعل المناعة الذاتية. يمكن أن يكون العلاج النفسي من بين أنواع العلاج المجدية المساعدة في تغيير الحالة العاطفية التي تخل بتوازن المناعة. يعتبر التنويم المغناطيسي من بين الوسائل المجدية إن نجحت في العثور على خبير تنويم مغناطيسي على استعداد لقبول علاج أحد أمراض المناعة الذاتية.
• لا تواصل أي علاج مع ممارس طبي يشعرك بالتشاؤم حيال حالتك الصحية . كل أمراض المناعة تميل إلى اتباع أنماط أو دورات من اشتداد الحدة والتراجع، مع وجود أمل دائم في تحقيق الشفاء. تعمل العقاقير المثبطة على الحد من فرصة أو احتمال تحقيق الشفاء الكامل. إن اشتداد وتراجع مثل هذه الأمراض يعكس في العادة فترات الازدهار، والتراجع في الحالة النفسية، لذا فإن الأمر يستوجب تولید حالات ذهنية إيجابية، والعمل مع معالجين يحثونك على تحسين حالتك، واحتواء حالتك الصحية.