التصنيفات
التوحد

علاج التوحد بالأدوية | العلاج الطبي الدوائي للتوحد

إن التوحد عبارة عن جملة أعراض، ولا يوجد دواء يعالج جميع هذه الأعراض مجتمعة، ومعظم الأدوية التي تستخدم لعلاج حالات التوحد تستخدم لعلاج حالات أخرى مشابهة.

وهذه الأدوية تفيد في تحسين أعراض محددة، ولا يوجد شفاء قاطع من هذا الاضطراب، كما لا يوجد علاج فعّال يصلح لكل أطفال التوحد، لأن التوحد ليس بمرض بل هو اضطراب في وظائف الجهاز العصبي وفي عمليات النمو، وقد وجدت أدوية مساعدة في علاج حالات التوحد، وتم تجريب هذه الأدوية بنجاح، ولكنها لم تكن كافية، وكان لا بد – إلى جانب الأدوية – من توفير برامج تربوية خاصة لأطفال التوحد، وكل على حدة، وهذه البرامج (وكما سنرى فيما بعد) تشتمل على تطوير المهارات الاجتماعية، وتعديل السلوك، وعلاج النطق، والعلاج السلوكي، والعلاج الحسي، وعلاج الحمية الغذائية، لهذا لا يوجد برنامج، أو دواء يناسب جميع حالات التوحد، ولا بد من أسلوب العلاج التكاملي. هذا وقد تمَّ تجريب العديد من الأدوية لعلاج مثل هذه الحالات.

من ناحية أخرى فإن اضطراب التوحد يضعف من قدرة الطفل على التعلم، ولهذا فهو يصبح في حاجة ماسة إلى التربية الخاصة ووسائل العلاج السلوكية وغيرها، مثل الإرشاد الأسري، والعلاج الفيزيائي. والعلاج الدوائي يقلل من بعض الأعراض ويخفف من حدتها، ولا بدَّ من أن يُسبَقَ قرار إعطاء الطفل الدواء بتقييم شامل لحالته العصبية والنفسية، ويجب الانتباه إلى أن بعض أطفال التوحد يمكنهم أن يتحسنوا نسبياً دون دواء ومع تقدم عمرهم وزيادة نموهم (شفاء تلقائي) (Spontaneous recovery)، ويجب أن يعطى الدواء من قبل طبيب الأطفال أو الطبيب المختص، وأن يكون الدواء مجرَّباً عالمياً ومصرحاً به دولياً (FDA).

ولا بدَّ من المراقبة الدورية لتأثيرات الأدوية في عضوية الطفل، ويفضل إجراء رسم كهربائي للدماغ (EEG)، والتخطيط لعضلة القلب (ECG)، أو سحب عينة من دم الطفل لمعرفة مستوى الدواء أو المادة الكيميائية في الدم، على أن يكون ذلك بشكل دوري، ومما لا شك فيه أن بعض الأدوية تجعل الطفل أكثر قابلية للتعلم (Educable).

ويجب ملاحظة بعض العادات الخاطئة مثل أن بعض الآباء ينقلون خبراتهم الحياتية من حيث تعاطي الأدوية إلى أولادهم، حيث يعطونهم بعض العقاقير التي كانوا يأخذونها (كمهدئات)، أو مضادات للاكتئاب، أو ما شابه ذلك، وهذا ما يسيء إلى حالة الطفل، ويؤدي إلى ظهور أعراض جانبية خطيرة، ولذلك على الآباء معرفة أن أدوية معينة يمكن أن تؤثر في الأطفال بشكل خطر ومختلف عن أدوية الكبار، ومعظم الأطفال يحتاجون إلى مساعدة وإشراف ومتابعة من أجل تناول الدواء، لأن التوقف عن الدواء، قد يؤدي إلى الانتكاس ثانية (Relapse) وإلى أعراض خطيرة، لذلك لا بد من إرشادات لأهل الطفل، واستخدام ما أمكن من المعززات (Reinforcements) لتشجيع الطفل وزيادة دافعيته نحو تناول الدواء، والتخلي تدريجياً عن السلوك المضطرب، ويمكن للطبيب النفسي للأطفال (أو طبيب الأطفال) استشارة الاختصاصي النفسي الذي يهتم بالعلاج السلوكي، والعلاج التربوي، وغيرهما، من أجل التعاون والتكامل وتضافر الجهود، وعلى الطبيب أن يكون حذراً في إعطاء الأدوية قبل عمر ثلاث سنوات، ويفضل معظم الأطباء تجريب الدواء على الأطفال الكبار لأنهم أقل عرضة وأكثر تحملاً للأعراض الجانبية من الأطفال الصغار، وعادة تعالج حالات التوحد بين عمر (3 – 5) سنوات بالمسكنات والمهدئات، ومضادات الاكتئاب (Antidepressants)، أو معدلات المزاج (Tranquilizers)، كما تستخدم بعض مضادات الذهان (Antipsychotics)، وذلك في حالة وجود بعض الأعراض الذهانية (العقلية)، وعلى الطبيب تقييم حالة الطفل وحاجته إلى الدواء.

ويمكن أن يبدأ الطبيب بإجراء تجربة علاجية في ضوء معرفته لمشكلة الطفل، وهل لديه سلوك عدواني مصاحب لمشكلته؟ أو هل تتكرر عملية إيذاء الذات أو إيذاء الآخرين؟ وهل جربت الطرق السلوكية والتربوية مع الطفل؟ وعلى الطبيب تقدير مقدار الفائدة التي يمكن أن يحصل عليها الطفل من جراء الدواء، ويتم مناقشة أهل الطفل بذلك، والطبيب الناجح لا يبني قراراته إلا بعد معرفة نشأة الطفل، وظروف حمله وولادته، ونموه، وأمراض الطفل السابقة والحالية (إن وجدت)، وبعد ذلك يتم وصف الدواء، ويخبر بذلك الأهل والمدرسة، ومن يهتم بالطفل مثل المربيات وغيرهم، والخطوة التالية للطبيب (وبمساعدة الاختصاصي النفسي أو المعالج السلوكي) أن يتم تحديد الأعراض البارزة لدى طفل التوحد (سلوكياً، ولغوياً، واجتماعياً، وانفعالياً…)، ومعرفة شدّتها أو مدى تكرارها خلال ساعات اليوم الواحد أو خلال الأسبوع، وفي أي موقف تتضح هذه الأعراض، مع تسجيل زمن حدوث العَرَض وتكراره، سواء في الأسرة، أو في المدرسة، أو في النادي… وأينما كان الطفل. أي تحليل سلوك الطفل وأعراضه من أجل تحديد الخط القاعدي (Baseline) لهذه السلوكيات أو الأعراض، وهذا قبل البدء بعملية العلاج الدوائي، ويمكن للأهل والمعلم المساعدة في ذلك، وهذا لا ينطبق على أطفال التوحد فقط، بل على كل أطفال اضطرابات النمو، وصعوبات التعلم، وفرط النشاط الحركي، والسلوك الوسواسي القهري (obsessive behavior)، وتعتبر عملية قياس مبدئية أو مرجعاً للطبيب والمعالج لمعرفة مدى التحسن أو موضع التحسن في الخط القاعدي للطفل بعد عملية العلاج، ويتم تسجيل نتائج الخط القاعدي في سجلات تراكمية لمدة شهر أو أسبوع مثلاً، وبهذا يتعرف الطبيب والمعالج على التغيراتِ التي تطرأ على أعراض الطفل قبل الدواء وبعده (قبل العلاج وبعده).

وبعد ذلك تحسب التكرارات خلال (24) ساعة (أي فترة الصحو وفترة النوم)، كما تحسب النسب المئوية للتكرارات مما يعطي فكرة عن شدة العَرَض وقوته.

ويمكن للطبيب أن يستخدم بعض العقاقير الوهمية (placebo) وذلك عندما يكون هناك إصرار على تناول الأدوية، وهي من العقاقير الفعّالة ودون أن يعلم المريض شيئاً عن تركيبها، والطبيب لا يأسف حول ما يتحقق من فاعلية الدواء الوهمي، أما بالنسبة إلى الأدوية الحقيقية فإنها تحدث تغييراً متوقعاً حتى لو كانت هذه الأدوية بسيطة. وصحيح أن بعض الأدوية تسهِّل عملية التعلم وتسرّعها لدى الطفل، ولكن هذه العقاقير لا تعمل على تنمية بعض المهارات مثل القدرة على التواصل الاجتماعي، واللغوي، وغيرها.

ومن الأخطاء الشائعة في علاج الأطفال البدء بالعلاج الدوائي عند ترك الطفل للمدرسة، أو أثناء العطلة الصيفية، أو أن يتوقف الطفل عن الدواء بسبب المعسكر، أو الأنشطة الصيفية، أو بسبب المبيت خارج المنزل، وقد يخاف بعض الأهل من الأدوية لاعتقادهم بأنها تعوق هرمونات النمو لدى طفلهم، وهذا رأي غير صحيح كلياً، لأن هرمونات النمو تعود لفعاليتها ليلاً وعند نوم الطفل، كما أن بعض الأهل يرون أن هناك انتظاراً طويلاً لتحقيق الشفاء أو التحسن قد يمتد لسنوات. ولا بد من إرشاد الأهل لفهم طبيعة المشكلة النمائية لدى طفلهم، ومدى فعالية الأدوية المستخدمة في علاج حالات التوحد مثل:

1 – مضادات الاكتئاب والمهدئات Antidepressants & tranquilizers

وهي أدوية ثلاثية الحلقات (Tricyclic) من حيث التركيب الكيميائي، وتعمل على إزالة أعراض الانسحاب والاكتئاب وعلى تحسين المزاج، يضاف إلى ذلك الأدوية مثبطة خميرة أحادي أمين الأكسيداز (MAOI)، وهي تخفف من التنبية الأدريناليني، وتكون مضادة للهستامين، ومضادة للكولين، كما تعمل هذه الأدوية على محاصرة النورأدرينالين والسيروتونين أو (SHT) وإعادة اختزانهما، وعلى خفض الاضطرابات السلوكية وخفض أعراض الخوف والقلق، وكذلك تعمل مضادات الاكتئاب على تعديل اضطرابات النوم، ويوجد عادة بعض الأعراض الجانبية لهذه الأدوية، وينصح قبل عملية العلاج بمضادات الاكتئاب أن يعرف الطبيب تخطيط القلب، ووظائف الكبد والكلية، بالإضافة إلى مراقبة مستوى الدواء في الدم وبشكل دوري، من هذه الأدوية التوفرانيل (Tofranil)، الاسم الكيميائي (Imipramine) وهذا الدواء أكثر شيوعاً بوصفه مضاداً للاكتئاب، وتتراوح الجرعة العلاجية لهذا الدواء بين (30 – 300) ملغ يومياً. ويعطى هذا الدواء لمدة أسبوعين مع متابعة النتائج، ويمكن بعدها وبشكل تدريجي زيادة مستوى الدواء في الدم حيث يتم إعطاء الجرعة القصوى للطفل، وتشير الدراسات إلى أن هذا الدواء وفي الجرعات الكبيرة يسبب تغيرات في الرسم الكهربائي للدماغ، لذلك لا يعطى هذا الدواء لطفل مصاب بتشنجات أو بحالة صرع، كما لا يعطى لطفل يتناول دواء مثبطاً لخميرة أحادي أمين الأكسيداز (Oxidase inhibitor monoamine)، ومن التأثيرات الجانبية لهذا الدواء النعاس، وجفاف الفم والإمساك، وأحياناً نقص في كريات الدم من نوع (Neurophile) مما قد يؤثر في وظائف الكبد، ولا بد من فحص دم الطفل وكبده كل (4 – 6) أشهر، وإذا ظهرت آثار جانبية يوقف الدواء تحت إشراف طبي. وهناك دواء النوربرامين (Norpramine) وهو مشابه لمفعول دواء التوفرانيل، ويعطى بجرعات بين (50 – 150) ملغ يومياً، ويفيد هذا الدواء في التقليل من شرود الذهن، وعادة يعطى هذا الدواء مع دواء آخر مثل التوفرانيل الذي يفيد في علاج حالات التبول اللاإرادي لدى الأطفال (Enuresis) وخاصة التبول في النهار. ومن العقاقير المفيدة المضادة للاكتئاب عقار البروزاك (Prozac)، الاسم الكيميائي (Fluoxetine)، وكذلك عقار الأنافرانيل (Anafranil)، الاسم الكيميائي (Clomipramine)، وعقار البروزاك يستخدم في علاج حالات الاكتئاب لدى البالغين والمراهقين، وله مضاعفات سيئة إذا استخدم بجرعات كبيرة، أو إذا أخذ مع دواء آخر، ولكنه دواء فعال في حالات الاكتئاب، وحالات الوسواس القهري (obsessive – compulsive disorder)، وقد ثبت فعالية هذه الأدوية في حالات التوحد، والسبب في ذلك التشابه إلى حد ما بين أعراض التوحد، وأعراض فصام الشخصية، كما أن هذه العقاقير تفيد في علاج حالات اضطرابات النوم.

ومن العقاقير المفيدة في مجال التوحد عقار الدزيريل (Desyrel) الاسم الكيميائي (Trazodone) وهو يعطى للطفل قبل النوم.

2 – الأدوية المنبهة أو المنشطة Stimulant Medication

وهي أدوية تزيد من النشاط النفسي – الحركي، ولها تأثير معاكس لمضادات الاكتئاب، وهي تعالج فقدان الشهية للطعام، والأرق. وفي مقدمة هذه العقاقير الريتالين (Ritalin) الاسم الكيميائي (Methylphenidate)، وكذلك عقار الدكسدرين (Dexedrine)، الاسم الكيميائي (Dextroamphetamine)، وله تأثير الريتالين نفسه، ولهذه العقاقير الفائدة نفسها في علاج حالات التوحد وفرط النشاط الحركي ونقص الانتباه. إلا أن هذه العقاقير قد تؤدي في حالة علاج التوحد إلى بعض الأعراض الجانبية مثل الخلجات العصبية (tics)، أو حركات آلية نمطية، وهذه الأعراض تتوقف بمجرد توقف الطفل عن الدواء، وقد حددت الإدارة الأميركية للأغذية والدواء (Food and drug administration) (F.D.A) الحد الأدنى لعمر الأطفال الذين يعطى لهم الدكسدرين، أو الريتالين بثلاث سنوات، والحد الأعلى للجرعة هو (40) ملغ يومياً، ومن الأدوية المنشطة عقار (cylert) الاسم الكيميائي (pemoline)، وهذا العقار يفضله المرضى والأطباء لأن له تأثيراً أطول من تأثير عقار الريتالين، ويفيد في حالات التوحد التي يصاحبها فرط في النشاط الحركي، أو صعوبات في عملية التركيز على أي عمل، ويجب الانتباه إلى أن مثل هذه العقاقير أو الأدوية تقلل شهية الأطفال للطعام مما قد يؤثر في نموهم، لذلك يجب مراقبة وزن الطفل وطوله.

3 – الأدوية المثبطة للأعصاب، أو مضادات الذهان Antipsychotic

وهي أدوية مضادة لحالات الذهان (المرض العقلي)، ويمكن أن يستفاد منها في علاج حالات التوحد (واضطرابات النمو الأخرى)، وعادة تستخدم هذه العقاقير في حالة إخفاق العقاقير الأخرى في تحقيق أي تحسن في سلوك الطفل وأعراضه، وعندما يكون الطفل في حالة هياج شديد (agitated)، أو عندما يكون سلوك الطفل عدوانياً، أو في حالة إيذاء الذات.

ولهذه العقاقير أعراض جانبية، ومع ذلك فإن الجرعات البسيطة للأطفال الكبار تكون فعالة ومفيدة، والعرض الجانبي للعقاقير المضادة للذهان هو حدوث حركات لاإرادية في الجسم مع عسر الحركة؛ أي ضعف الحركة الإرادية لدى الطفل (Dyskinesia) أو خللها، وهذه الحركات اللاإرادية تظهر لدى الطفل بعد ثلاثة أشهر من العلاج، وقد تؤدي مضادات الذهان (الجرعات الكبيرة) إلى لازمات حركية نمطية، وقد لوحظ أن نسبة نحو (75 – 80%) من حالات التوحد لدى الأطفال لا تظهر لديهم أعراض جانبية حركية.

ويمكن للطبيب وصف دواء مثل (Cogentin) الاسم الكيميائي لهذا الدواء (Benztropine)، أو وصف دواء (Benadryl) وهو أحد الأدوية المضادة للحساسية من أجل منع ظهور هذه الأعراض الحركية والسلوك النمطي والتي هي نتيجة للعلاج بمضادات الذهان، وبعد ذلك يسحب الدواء تدريجياً. إن من أهم العقاقير المضادة للذهان هو دواء (Haldol)، الاسم الكيميائي لهذا الدواء (Haloperidol) لخفض بلازما بيتا (Plasma beta)، وكذلك دواء (Mellaril)، الاسم الكيميائي (Thioridazine)، والهالدول هو دواء مثبط للجهاز العصبي (Neuroleptic) يستخدم في علاج حالات التوحد وفرط الحركة، وعادة يعطى الهالدول بعد تجريب عدة أدوية مثل التوفرانيل، والأنفرانيل، والريتالين… ودون أن تؤدي هذه الأدوية الغرض المطلوب، ويستخدم عقار الهالدول بجرعات خفيفة ويعطى مرة واحدة يومياً أو أكثر حسب رأي الطبيب. وبعض الأطفال يكونون ذوي حساسية عالية للدواء ويستجيبون بسرعة لهذه الجرعات الصغيرة جداً، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار العطل الدورية الدوائية كل (4 – 6) أشهر، ويستفاد من الهالدول في الحالات التي تتطلب زيادة وعي الطفل اجتماعياً والتقليل من السلوك الانعزالي اللااجتماعي.

أما عقار الميليريل (Mellaril) فهو يعتبر من الأدوية الشائعة في علاج حالات التوحد، ويستخدم الميليريل عندما يعاني الطفل سلوكات شاذة، أو هيجاناً مفاجئاً يصحبه عراك مع الآخرين، حيث يصعب على الطفل السيطرة على سلوكياته، والجرعة اليومية من الميليريل تكون قبل ذهاب الطفل للنوم وهي تجعل نوم الطفل هادئاً، والأسرة أكثر استقراراً وسعادة، ويعتبر دواء الستيلازين (Stelazine)، الاسم الكيميائي (Trifluoperazine) مضاداً للذهان ويفيد في علاج حالات التوحد، ويكون ذلك بعد استخدام الأدوية السابقة.

4 – الأدوية المضادة للصرع وللتشنجات Antiepileptic & anticonvulsant

إن أطفال التوحد هم عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بنوبات الصرع، أو بشذوذ في الرسم الكهربائي للدماغ، (EEG)، لذلك فإن معظم أطفال التوحد في حاجة إلى مضادات للصرع ولفترة طويلة (مما قد يؤثر سلبياً في قدراتهم العقلية). ومن هذه الأدوية الفينوباربيتون (phenobarbitone)، ودواء الديلانتين (Dilantin) ودواء الكلونوبين (Klonopin)، ومثل هذه الأدوية التي تستعمل لفترات طويلة يفضل عدم استعمالها في حالة التوحد، واستعمال الأدوية الأخرى المضادة للصرع والتي ليس لها أعراض جانبية شديدة، ومن الأدوية المضادة للصرع دواء (Tegretol) الاسم الكيميائي (Carbamazepine) عيار (100 – 200) ملغ، ويستخدم مضاداً للاختلاجات ولحالات الصرع من أجل علاج النوبات الصرعية (Epilepsy seizures)، وهذا الدواء يسيطر على النوبات العدوانية والغضب في حالات التوحد. ومن الأدوية المضادة للصرع الديباكين (Depakote) (Sodium valproate).

ومن الأدوية المفيدة أيضاً في علاج أعراض التوحد (مثل السلوك العدواني والنشاط الزائد) التركسان (Trexan) الاسم الكيميائي (Naltrexone)، وهو من الأدوية الحديثة التي جربت في علاج اضطرابات النمو لدى الأطفال، وليس لهذا الدواء أعراض جانبية، وله فعالية في العلاج. وهو مضاد (Opioid antagonist) للمواد الأفيونية.

وكذلك دواء (Buspar) الاسم الكيميائي (buspirone) وهو عقار مضاد لحالات القلق والخوف، ويفيد في علاج حالات التوحد التي يصحبها قلق ومخاوف، وقد استخدم هذا العقار في علاج حالات التوحد لدى الأطفال الكبار، وكذلك علاج أعراض اضطراب أسبرجر، وفي حالات ضعف النطق والكلام، وحالات الأطفال الذين يغلقون أعينهم عند الكلام، والأطفال الذين يعانون اضطراباً في النوم.

وهناك عقار الليثيوم (Lithium) (كربونات الليثيوم)، ويفيد هذا الدواء في حالات اضطرابات السلوك والمزاج، وتنظيم النوم، وتقليل الأعراض الانفعالية والعدوانية، كما أنه يساعد على الوقاية. وقد استخدم الليثيوم في علاج حالات التوحد للبالغين وحالات الاضطرابات الوجدانية (Affective disorders)، ويوصف هذا الدواء على شكل كبسولات من عيار (300) ملغ أو حبوب من عيار (300) ملغ، ويعطى للأطفال الذين ليس لديهم القدرة على تحمل أدوية مضادات الذهان.

والليثيوم من العقاقير الفعالة في حالات التوحد، وحالات الهوس (Mania)، وحالات العدوان، والسلوكات السلبية، ومن الواجب على الطبيب تنظيم مستوى الليثيوم في الدم، ولهذا الدواء أعراض جانبية مثل ارتجاف اليدين، ودوار بسيط، وتبول دائم، مع الإحساس بالعطش، ويجب أن تحفظ هذه الأدوية بعيدة عن الأطفال.

وهناك دواء الفينفلورامين (Fenfluramine) وله فاعلية كبيرة في تخفيف أعراض التوحد، وخاصة لدى الأطفال الذين يزيد معدل الذكاء لديهم على (40 – 50%)، والأطفال الذين يعانون تقلباً في المزاج وقلقاً زائداً، وضعفاً في التواصل الاجتماعي واللغوي، وفاعلية هذا الدواء بسبب خفض مستوى السيروتونين (Serotonin) في الدم، حيث ثبت من الدراسات أن معظم حالات التوحد يكون مستوى الناقل العصبي السيروتونين لديهم في الدم مرتفعاً بشكل ملحوظ، والعديد من الدراسات حول هذا الدواء تشير إلى تحسن أطفال التوحد في الأداء الذهني والاجتماعي والسلوكي…

ويمكن استخدام العقاقير من نوع صادات بيتا (Beta blockers)، مثل عقار الأنديرال (Inderal) الاسم الكيميائي (Propranolol) الذي يعطى لحالات الضعف العقلي، وذوي السلوك العدواني مثل حالات التوحد.

وفي إطار العلاج الطبي لحالات التوحد يمكن استعمال حامض الفوليك (Folic acid)، وخاصة لدى الأطفال التوحديين الأصغر عمراً، وهذا العلاج يعتبر من العلاجات المساعدة أو المكملة. ويمكن علاوة على ذلك استخدام برنامج للحمية الغذائية لطفل التوحد (Diet system)، فقد ثبت حساسية بعض أطفال التوحد لبعض الأغذية مثل الزبدة، والكحوليات، والشوكولا، والبيض، والغلوتين (gluten) (وهي مادة بروتينية)، كما أن استخدام الفيتامينات وخاصة فيتامين (ب6) (B6) مع مادة المغانزيوم وفي حدود (100 – 200) ملغ يومياً يعمل على تخفيف نوبات الغضب وزيادة الانتباه والهدوء في نحو (15 – 30%) من الأطفال الذين عولجوا، ونحو (30%) من الأطفال حصل لديهم تحسن في السلوك وفي زيادة الاهتمام بالبيئة المحيطة، وبالآخرين، كما حسَّن ذلك مستوى التواصل اللغوي والعاطفي والاجتماعي… ويرى بعض الباحثين أن فيتامين (B) المركب وليس فيتامين (B6) فقط مفيد في حالة التوحد مع ضرورة زيادة مادة المغانزيوم، علماً أن ليس لفيتامين (B) المركب أي أعراض جانبية عدا طفح جلدي (Skin Rash)، ويمكن أخذ استراحة دوائية كل نحو شهر أو شهرين من تناول هذا الفيتامين.

ويرى البعض أن علاج طفل التوحد بواسطة هرمون السكرتين (Secretin) الذي يفرزه الجهاز الهضمي للمساعدة في عملية الهضم مفيد، ويحقن هذا الهرمون على جرعات ويؤدي إلى تحسن سلوك التوحد.

ويمكن علاج مرض الفينيل كيتون يوريا Phenylketonuria (P.K.U) وخفض مستوى الفينيل ألانين (Phenylalanine) في الجسم من خلال الحد من الأطعمة التي يتناولها الطفل التوحدي، وخاصة الحد من البروتين، وخاصة بروتين الطعام الذي تكون فيه نسبة التركيز للفينيل ألانين بين (2.5 – 5%) مما يؤدي إلى تراكم مواد سامة في الدماغ تعمل على إعاقة الوظائف العقلية، ويجب أن يكون ذلك تحت إشراف الطبيب المختص، واختصاصي الأغذية.