يأتي إليّ الكثير من الرجال لأفحصهم جراحيا لأحد سببين: الأول أنهم مهتمون بصحتهم، والثاني أن زوجاتهم ترسلهن لأنهن يشعرن بالقلق بشأن إصابتهم بسرطان البروستاتا، ويكون ذلك عادة بعد حملة إعلامية تبرز أهمية المشكلة. والأمر المدهش هو إساءة فهم هذا السرطان، مع العلم بأنه يصيب واحدا من بين كل 12 رجلا على مدى العمر، كما إن أكثر من عشرة آلاف رجل يموتون بسبب هذا المرض في المملكة المتحدة أي بمعدل شخص كل ساعة ويقل الرقم قليلا في أستراليا. ومما يزيد المأساة سوءا أن سرطان البروستاتا يسهل علاجه في أغلب الحالات حتى إذا كان المرض قد انتشر.
لقد كان متوسط عمر الرجل في أوروبا وأمريكا منذ مائة عام مضت يبلغ 49 عاما فقط، ويتجه هذا الرقم الآن نحو الثمانين، ولأن فرص الإصابة بأمراض البروستاتا تزداد مع التقدم في العمر ؛ فسوف نشهد حتما زيادة مطردة في الإصابة بسرطان البروستاتا في العقود القادمة. وتتنبأ بعض التقديرات بأن حالات سرطان البروستاتا، أو تضخم البروستاتا الحميد سوف تتضاعف في عام 2020.
إن هذه الأرقام التي نراها في تلك الإحصائيات تنشأ جزئيا نتيجة للجهل الواسع الانتشار بشأن غدة البروستاتا، ولماذا هي موجودة في المقام الأول. إنها غدة صغيرة في حجم الجوزة الصغيرة، وتقع في قاع المثانة ؛ وتتمثل وظيفتها في إنتاج إفرازات لتغذية الحيوان المنوي ؛ لذا فمن الطبيعي أن تتمدد البروستاتا ببطء أثناء فترة الرشد، خاصة بعد سن الخمسين، وهذا يزيد من الأعراض التي توصف بأنها بروستاتا الرجل العجوز، والاسم اللائق لهذه الحالة هو التضخم الحميد للبروستاتا BPH والتي تحدث بسبب الضغط المتدرج على المثانة عندما تتضخم البروستاتا أو يحدث لها انسداد. وتشبه كثير من الأعراض الناجمة عن تلك الحالة الأعراض الناشئة عن سرطان المثانة، على الرغم من أنها حالة مختلفة تماما.
والأعراض الرئيسية لسرطان البروستاتا تختلف من شخص لآخر، فكل حالة تعتبر حالة فريدة من نوعها، وهذا لا ينفي أنه يوجد أعراض مشتركة كثيرة ومتكررة. وفي حالة سرطان البروستاتا تبدأ خلايا غدة البروستاتا في الانقسام والانتشار بطريقة غير منضبطة. ويشعر المريض بالرغبة المتكررة في التخلص من البول طوال فترات النهار والليل، مع قلة كمية البول والتي تخرج على شكل قطرات متقطعة، واضطرار الشخص للانتظار لبعض الوقت قبل أن يستطيع التبول كل هذه أمور شائعة، وتسبب الارتباك والضيق لكثير من الرجال. وقد تظهر بعض قطرات الدماء مع البول مصحوبة بالشعور بالألم، وأحيانا يكون هناك شعور بألم في الظهر، أو العجز الجنسي. ولأن سرطان البروستاتا مرض بطىء النمو، فقد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن تصل البروستاتا إلى الحجم الذي يسبب هذه الأعراض، ومن ثم يمكن تشخيصها. وعلى الرغم من ذلك، فإن كثيرا من الرجال يعتقدون أن مشكلتهم تعود إلى التقدم في العمر، ويتجاهلون هذه الأعراض.
ومع أنه لا أحد يعرف بالضبط أسباب سرطان البروستاتا، إلا أن لدينا الآن اختبارات بسيطة ومتوفرة يمكنها الكشف عن المراحل المبكرة لهذا المرض، وهكذا يصبح العلاج أكثر سهولة ويسرا. وأول اختبار لتحديد الإصابة بالمرض، هو استخدام الإصبع فبواسطة هذا الاختبار يستطيع الطبيب الممارس أن يشعر بحجم وشكل وتركيب الغدة. ويتبع هذا عمل فحص للدم يعرف باسم PSA (” اختبار الأنتيجينات الخاصة بالبروستاتا ” والأنتيجين هو مولد الأجسام المناعية المضادة). وارتفاع مستوى ال PSA (مولد المضاد) قد يستدعي عمل تقييم من قبل متخصص ليعرف ما إذا كانت هناك خلايا سرطانية أم لا. وبإجراء مسح بالموجات الصوتية، وأخذ عينات حية من الغدة، وتصوير العظام بالأشعة السينية يمكن معرفة ما إذا كانت هناك أورام أم لا، ومعرفة ما إذا كانت تلك الاورام منتشرة خارج الغدة. ويبدأ العلاج بمجرد الحصول على هذه المعلومات، على الرغم من أن هذا يحتاج إلى أن يتم تعديله وفق حاجة كل فرد ؛ حيث لا يوجد إجراء واحد يناسب كل المرضى. ومن أمثلة هذه العلاجات: الجراحة، والعلاج بالأشعة، والعلاج بالهرمونات، أو عدم الخضوع للعلاج بالمرة. وهذا الخيار الأخير قد يكون مفاجأة لكثير من الناس، ولكن قد يكون هذا الخيار هو المفضل والأكثر أمانا مع كبار السن، حيث يكون السرطان غير متفش، أو لا ينمو بشكل سريع.
عليك أن تعرف مكان غدة البروستاتا، وما وظيفتها، وما دلالات خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. إن الشفاء يعتمد على معرفة الأعراض مبكرا، لذا لا تدع الحيرة تقتلك.