لكي تمنع عملك الذي لم تكمله خلال يومك من أن يعوق نومك، نوصيك بأن تخصص وقتًا من كل ليلة ليفصلك عن “شخصيتك النشطة” التي تتمتع بها خلال النهار، ولتتحول فيه إلى “الشخصية المسترخية” المطلوبة للنوم. ونحن نسمي هذا الوقت بالفترة العازلة. وقد تعتقد بأنك تأخذ فترات استراحة كافية خلال يومك تغنيك عن تحديد فترة عازلة. ورغم هذا، دائمًا ما يكون أخذ فترة استراحة قبيل الاستعداد للنوم أمرًا ضروريًّا.
هل أنت بحاجة إلى فترة عازلة؟
أي من العبارات التالية كثيرًا ما تصدق في وصف حالك؟
• أفكر في المشكلات عندما أكون في الفراش.
• أواجه متاعب في كف عقلي عن التفكير ليلًا.
• أصبح قلقًا، أو متوترًا، أو مهمومًا قبيل موعد نومي.
• أشعر بالقلق عندما أكون في فراشي.
• أقوم بإعداد قوائم بالمهام المطلوبة – في عقلي – عندما أكون في الفراش.
• عندما أكون في فراشي، أجد صعوبة في مقاومة دافعي إلى مراجعة رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل الهاتفية الخاصة بي، أو دافع الرد على الهاتف عندما يرن.
• أشعر بالتوتر عندما أكون في الفراش.
• عندما أكون في فراشي، أفكر في أمور حدثت خلال اليوم.
كل هذه الأمور علامات على حاجتك إلى تخصيص وقت لتناول شئون عملك اليومي قبل إيوائك إلى الفراش. وفي الحقيقة، قد يكون الجميع بحاجة إلى منطقة عازلة.
وقد تكون حياتك شديدة الانشغال و”شخصيتك العملية” هما ما يدفعانك باستمرار إلى أداء مهام صعبة أو مثيرة للتوتر. ومن المهم لك أن تكون قادرًا على التفرقة بين ذلك الشخص – أي شخصيتك المنشغلة المتوجهة نحو تحقيق الأهداف – وبين شخصيتك غير العملية. وينبغي عليك في كل يوم أن تتحول من شخصيتك المنشغلة المتوجهة نحو تحقيق الأهداف إلى شخصيتك المسترخية الهادئة. واجعل هذا التحول جزءًا من روتينك المعتاد، وحافظ عليه، أي حاول ألا تضع في جدولك اليومي أنشطة تتعارض مع الغاية من إنشاء منطقتك العازلة.
كيف تحدد فترة عازلة؟
تعد الفترة العازلة مفهومًا بسيطًا؛ فهي تعني فترة هدوء تسبق موعد النوم. وفي كل ليلة، فلتخصص وقتًا لأداء الأنشطة التي تعزز الراحة وتتيح لك الانفصال عن حياتك المنشغلة.
أعطِ الأولوية لأداء الأنشطة المهدئة لمدة ساعة واحدة قبل موعد النوم
لكي تحدد فترة عازلة، خصص ساعة أو نحوها قبل موعد النوم يمكنك خلالها أداء بعض الأنشطة المهدئة والمبهجة. وسوف يتيح لك هذا تحولاً من الأنشطة اليومية الموجهة نحو تحقيق الأهداف إلى وقت النوم الهادئ الأكثر طمأنينة. وينبغي أن تكون الأنشطة التي تختارها لمنطقتك العازلة أنشطة ممتعة في ذاتها ولا تتخذ كوسيلة لتحقيق غاية ما. ولتبتعد عن أي نشاط مثير أو من المحتمل له أن يزعجك أو يسبب لك القلق.
قل: “تصبحون على خير” لأجهزتك الإلكترونية الشخصية
يستخدم عديد من الناس الأجهزة الإلكترونية للبقاء على اتصال بالأصدقاء، والعائلة، والعمل. وحتى إذا كنت تستمتع بالاتصال بالآخرين من خلال هذه الأجهزة، فإن النشاط الاجتماعي القريب من موعد النوم قد يعوق عملية الانفصال عن حياتك النشطة وإثارة وضغوط يومك لكي يكتنفك النوم على نحو طبيعي. وانتظار الرسالة الهاتفية أو الإلكترونية التالية، والتفكير في الرد، ثم انتظار وصول الرسالة التالية قد ينشئ لديك إحساسًا باليقظة ومن شأنه أن يعوق نومك. وعلاوة على هذا، وبالنسبة لبعض الناس، أصبح استخدام الأجهزة الإلكترونية الشخصية إدمانًا. وإذا أصبحت متوترًا عند قراءتك لهذا العنوان “قل: “تصبحون على خير” لأجهزتك الإلكترونية الشخصية”، فقد يكون من المفيد لك أن تستكشف السبب في إثارة هذه الفكرة لتوترك. ويدفع القلق إلى إصدار سلوك مُلِحٍّ، ولا يساعد القلق على النوم. وأفضل طريقة للتغلب على السلوك الملح هي أن تقاوم إصدارك له، وأن تنشغل بسلوك بديل مناقض للسلوك الذي ترغب في تغييره. وعلى سبيل المثال، أغلق جهازك الشخصي – أي هاتفك الجوال، أو جهاز الألعاب المحمول، أو جهازك اللوحي – واتركه في غرفة أخرى (لكي لا يكون في متناول يديك) في أثناء انشغالك بشيء ممتع ومهدئ. وسرعان ما ستكتسب عادة غلق أجهزتك الشخصية مساءً، وقد تجد نفسك أقل يقظة قبيل موعد النوم. وفي نهاية هذا الموضوع، سوف تجد قائمة بالأنشطة التي قد تفكر في أدائها في منطقتك العازلة.
ضبط الفترة الخاصة بمنطقتك العازلة
رغم أن القاعدة التوجيهية هي أن تنشئ منطقة عازلة مدتها ساعة، فقد تكون هذه المدة طويلة جدًّا بالنسبة لمن يواجهون صعوبة في البقاء يقظين في المساء. وقد تكون هذه مشكلة خاصة بالطيور المبكرة (أي الأشخاص الذين ينامون مبكرًا ويستيقظون مبكرًا). وإذا وجدت نفسك تشعر بالنعاس في المساء، فلتختصر هذه الفترة العازلة إلى ثلاثين دقيقة.
ومن جانب آخر، هناك عدة أمور تجعل من الضروري أن يكون لديك منطقة عازلة أطول؛ فقد يكون يومك مليئًا بالنشاط والتوتر على نحو غير عادي، أو قد يكون نشاطك المسائي مثيرًا أو مزعجًا جدًّا. وفي ليالٍ مثل هذه، قد تكون الساعة وقتًا كافيًا لك لتبعد نفسك فيه عن الإثارة اليومية. والأشخاص الشبيهون بالبوم يكونون أكثر ميلاً إلى البقاء يقظين حتى وقت متأخر من المساء، وقد يحتاجون إلى منطقة عازلة أطول وانتباه شديد لنوع الأنشطة التي يختارونها لها. وعلى نحو عام، إذا وجدت نفسك لمرات عديدة غير قادر على الانفصال عن أحداثك اليومية حتى بعد إمضاء ساعة من الاسترخاء، فلتفكر في إطالة منطقتك العازلة.
ورغم هذا، عادة ما تكون الساعة الواحدة مدة طويلة فيما يتعلق بكونها فترة للاسترخاء. وإذا كان لديك ميل إلى بدء الدخول في منطقتك العازلة في اللحظة التي تعود فيها إلى منزلك من العمل، أو إذا بدأت تجنب أداء الأنشطة المسائية – كالاتصال بالآخرين، أو الأعمال المنزلية، أو الهوايات – لأنك قلق من كون هذه الأنشطة قد تعوق نومك، فقد تكون قلقًا جدًّا بشأن نومك. وقد تصير حياتك قاصرة على العمل والنوم، أو عدم النوم بتعبير أدق. والعيش على هذا النحو غير مفيد للنوم، وقد يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب. وهناك فرق بين الانشغال بأنشطة تساعدك على الاسترخاء بعد يوم مليء بالعمل وبين تجنب أداء الأنشطة المعتادة؛ فالأمر الأول يمكنه أن يعزز من النوم، أما الثاني فقد يعني أنك مشغول مسبقًا بالنوم، وقد يجلب لك هذا الأمر نتائج عكسية ويعوق نومك.
الأنشطة الممكن أداؤها في الفترة العازلة
أفضل الأنشطة التي يمكنك أداؤها في الفترة العازلة – أي وقت تحولك – هي الأنشطة التي تُؤَدَّى بهدف الاستمتاع وليست موجهة نحو تحقيق الأهداف. ونحن نوصيك بأن تنشئ قائمة بالأنشطة المناسبة والتي يمكنك أن تختار من بينها ما ترغب في أدائه في منطقتك العازلة، وتوجد في أسفل هذه الصفحة والتي تليها بعض الأفكار التي يمكنك البدء بها. ورغم هذا، تذكر دائمًا أن ما يصلح كنشاط يُؤَدَّى في الفترة العازلة بالنسبة لشخص ما قد لا يصلح أبدًا للآخر؛ لأن الناس مختلفون في كيفية تناولهم لأنشطة معينة. وعلى سبيل المثال، يستمتع عديد من الناس بلعبة الورق التي تسمى سوليتير، ولكن البعض يلعبونها دون اهتمام لمجرد أن يمضوا وقتهم بينما يكافح غيرهم من أجل تحقيق زمن قياسي أو نتيجة قياسية فيها. وبالنسبة للنوع الأول من اللاعبين، من الراجح أن تهدئهم لعبة سوليتير، وهي تعد نشاطًا جيدًا يُؤَدَّى في الفترة العازلة. أما بالنسبة للنوع الثاني من اللاعبين، فقد تولد هذه اللعبة لديهم مستويات عليا من الانتباه, وإليك بعض الأفكار المقترحة:
• قراءة كتاب.
• الاستماع إلى البرامج الإذاعية.
• مشاهدة التلفاز.
• الاستحمام في الحوض المخصص لذلك، أو وقوفًا، أو أخذ حمام بخار.
• ممارسة رياضة اليوجا أو التاي تشي.
• تصفح المجلات أو الكتب التي تحتوي على رسومات فنية أو صور فوتوغرافية.
• ممارسة التصميم أو الرسم.
• مشاهدة المباريات الرياضية في التلفاز.
• أداء أعمال مهارية.
• ممارسة لعبة البليارد أو غيرها من الألعاب.
• التطريز.
• مشاهدة النجوم.
• التأمل.
“لديَّ مسئوليات أكثر مما تتيح لي التفرغ لإنشاء منطقة عازلة”
إذا لم يكن بمقدورك تخيل إنشائك لمنطقة عازلة لأنك مشغول بتلبية حاجات جميع من حولك حتى وقت إيوائك إلى الفراش، فربما حان الوقت لِتُقَيِّمَ ما إذا كان ينبغي لك أنت نفسك أن تصبح أولوية أهم في حياتك. وقد يكون الواحد منا أبًا رائعًا، أو أمًّا رائعة، أو صديقًا رائعًا، أو زوجة رائعة، أو زوجًا رائعًا، أو موظفًا رائعًا، أو رئيسًا رائعًا، ولكنه إذا لعب دوره هذا لدرجة حرمانه من تلبية احتياجاته الخاصة، فقد يصبح عدوًّا رئيسيًّا لنفسه.
وربما أقنعت نفسك بأنك لست بحاجة إلى وقت فراغ أو راحة، ولكن لدى جميع البشر احتياجات معينة، وهذه الاحتياجات لا يمكن إعطاؤها المرتبة الثانية بعد حاجات الآخرين دون أن تكون هناك تكلفة. وفي أقل التقديرات، تكون التكلفة هي سوء النوم، ولكن لك أن تتوقع أيضًا حدوث عواقب سلبية أخرى على الصحة. وإذا لم تهتم بنفسك، فلن تجد الكثير لتقدمه للآخرين. ولتفكر في بعض الإستراتيجيات التالية، والتي صممت لمساعدتك على الشروع في إعطاء الأولوية لصحتك وسعادتك:
• فكر في احتياجات الأشخاص الذين يعتمدون عليك حاليًّا، ثم فكر الآن في احتياجاتك أنت. هل قائمة احتياجاتك أقصر من قائمة احتياجات هؤلاء الأشخاص؟ إن كانت كذلك، فلماذا؟ وما مدى اختلاف احتياجاتك عن احتياجات الآخرين؟ ولماذا أنت مختلف عن الآخرين؟ وما الأمور المنسية في قائمة احتياجاتك؟ أضفها إلى قائمة احتياجاتك، وخصص بعضًا من وقتك للتخلص من التوتر وللاسترخاء في كل ليلة.
• اعلم أنك سوف تصبح أكثر فاعلية في تقديم المساعدة لمن يعتمدون عليك إذا أعطيت الأولوية لاهتمامك بنفسك.
• ذكر نفسك بأن الجميع يحتاجون إلى استراحة يوميًّا.
• قل لا لطلب واحد على الأقل في هذا الأسبوع.
• ضع حدودًا بينك وبين من يثقلونك بطلباتهم.
• أعلم الناس بأنك تُحْدِثُ حاليًّا تغييرًا في حياتك، وأنك لن تكون قادرًا على مساعدتهم بعد الساعة الـ ___ مساءً كل ليلة، إلا في الحالات الطارئة.
وإذا كنت تخشى أن تواجه متاعب في تطبيق الفترة العازلة لأنك تجد صعوبة في الانفصال عن عملك، فقد آن الأوان لتقييم ما إذا كانت علاقتك بعملك ذات أضرار محتملة أم لا. وانعدام التوازن بين حياتك العملية وحياتك الشخصية قد يكون هو السبب في حدوث مشكلاتك الخاصة بالنوم. هل تنهمك في العمل لدرجة حرمانك من أشياء أخرى في حياتك؟ بعض الناس يعملون كما لو أنهم مدمنون للعمل. هل أقنعت نفسك بأن عليك العمل بجد أكبر من الجميع؟ وفي مكان عملك، هل أنت دائمًا أول من يحضر إلى العمل وآخر من ينصرف عنه؟ وهل سبق أن اتهمك أحدهم بأنك مدمن للعمل أو مغالٍ في عملك؟ وهل تشعر بأنك مدمن للعمل؟ قد يكون عملك وشخصيتك المهنية مرتبطين بشدة باعتدادك الذاتي لدرجة أنك تخصص قدرًا عظيمًا من وقتك لأنشطتك الخاصة بالعمل. وهل تشعر بالسوء تجاه نفسك عندما لا تؤدي عملك؟ وهل ترى الأنشطة التي لا ترتبط بالعمل مضيعة للوقت؟ وهل تؤمن بأنه ينبغي إمضاء أوقات الفراغ في أداء بعض الأنشطة المفيدة الموجهة نحو تحقيق بعض الأهداف؟ وهل بلغت درجة تحقير الأنشطة التي تُؤَدَّى بهدف المتعة أو الراحة؟ إذا كنت كذلك، فها هي ذي بعض الأمور التي بوسعك أن تجربها:
• سل نفسك: لماذا أنا استثناء من القاعدة التي تقول إن البشر يحتاجون إلى الراحة والاسترخاء؟ وبعبارة أخرى، تحدَّ الفكرة القائلة إنك لست بحاجة إلى الراحة أو المتعة في حياتك؛ فجميع البشر يحتاجون إليهما.
• تخيل ما سيحدث في العمل لو كنت عاجزًا بشكل ما، فهل سيتدمر العمل أم سيجد طريقة ما لتعويض غيابك؟ فلتتحدَّ نزعتك إلى المبالغة في تقدير أهميتك للعمل. ومن المفارقة أنه غالبًا ما يكون الأشخاص الذين يأخذون فترات استراحة وإعادة شحن طاقاتهم أكثر إنتاجية في العمل من غيرهم.
• جَرِّب أن تدخل بعض الراحة والمتعة في حياتك، واستقطع جزءًا من الوقت الذي تكرسه للعمل. وعلى سبيل المثال، إذا كنت تعمل لفترة تزيد على الثماني ساعات يوميًّا، فاعزم على الانصراف عن العمل في وقت مبكر هذا الأسبوع، وأمضِ هذا الوقت الزائد في أداء أمر ممتع.
• اجعل قائمة المهام المطلوبة الخاصة بك قاصرةً على المهام الأساسية وحسب في هذا الأسبوع.
• فيما يتعلق بعملتك الشخصية الخاصة (أي عقلك)، فكر في زيادة قيمة لحظات المتعة وتقليل قيمة الإنجازات.
الخلاصة
كبقية البشر، أنت بحاجة إلى الراحة والاسترخاء. وقد وَضَّحَ لك كيف أن وجود منطقة عازلة لديك يمكن أن يساعد عقلك على الاستعداد للنوم بأن تلقي بأنشطة اليوم وقلقه خلف ظهرك. ومن اليسير إنشاء منطقة عازلة؛ فقبل الاستعداد للنوم بمدة قدرها ساعة تقريبًا، ابدأ في التحول بعيدًا عن “شخصيتك النشطة” بالاقتصار على الأنشطة الباعثة على الاسترخاء والاستمتاع. وتخصيص هذا الوقت لنفسك والانفصال عن العمل أو المسئوليات الشخصية في نهاية اليوم سوف يساعدانك في نيل نوم أفضل؛ لكي تصبح في أفضل حالاتك في اليوم التالي. ولكونها ليست مضيعة للوقت مطلقًا، سوف تساعدك الفترة العازلة على أن تصبح أكثر إنتاجية في ساعات “العمل”.