التصنيفات
رشاقة ورياضة | برامج حمية | نظام غذائي

قاطع السكر في عالم مليء بالسكر

تكمن أعتى النشويات البسيطة – وأحد المسببات الرئيسية لزيادة الوزن وسوء الحالة الصحية – في وعاء داخل مطبخك. إنه نقي، أبيض، لامع وحلو المذاق – ولكن لا تدع مظهره البريء يخدعك. مهما يَبْدُ حميدًا، فإن السكر مضر لك بكل تأكيد، وإقصاؤه من نظامك الغذائي – إن لم يكن كليًّا، ففي الغالب، لن يساعدك على إنقاص وزنك وخفض خطر إصابتك بالأمراض فحسب، ولكنه ربما يُشعرك بتحسن عام أيضًا.

يتناول معظمنا الكثير من السكر. توصي الجمعية الأمريكية للقلب بالحد من السكر المضاف إلى ما لا يزيد على 100 سعر حراري للإناث و150 سعرًا حراريًّا للذكور يوميًّا. ولكننا – الأمريكيين – نستهلك في المتوسط 355 سعرًا حراريًّا من السكر يوميًّا، وهو ما يعادل 22 ملعقة صغيرة من السكر كل يوم. على مدار العام، يكفينا ذلك لاكتساب 37 رطلًا إضافيًّا إلى أوزاننا.

ولكننا لا نتحدث فقط عن استحلاب مكعبات السكر أو تناول البودرة البيضاء من أوعية السكر مباشرة إلى أفواهنا، فنحن في الواقع، نستهلك هذا السكر في الطعام الذي نتناوله والمشروبات التي نشربها.

يوجد السكر في المأكولات المعتادة مثل البسكويت، الحلوى، الكعك، الفطائر، الآيس كريم، الحبوب السكرية والحلويات. كما يوجد في الأطعمة التي لا نعتقد بالضرورة أنها سكرية مثل الخبز، والمعكرونة والعديد من الصلصات والإضافات. وبالطبع، في المشروبات المنعشة – من المشروبات الغازية، الشاي المثلج المحلى، مشروبات الطاقة، عصائر الفواكه، عصير الليمون، ومشروبات القهوة المحلاة وأنواع أخرى من “الحلوى السائلة”.

إن أجسادنا مبرمجة بيولوجيا للبحث عن مذاق الحلاوة. ونظرة إلى الخلف عندما كان أجدادنا من رجال الكهوف يجوبون الغابات والشواطئ والبراري، فكانت الحلاوة تعني السلامة – في العموم، إذا كان مذاق أي شيء حلوًا، فمن غير المحتمل أن يكون سامًّا. وارتبط لديهم الطعم السكري بالصحة الجيدة والحياة الطويلة، وهي مفارقة ساخرة عند استعراض كيفية تضاؤل حياة الكثيرين في العصر الحديث بسبب رغبتهم في تناول السكر.

ونحن لا تزال تحدونا هذه الرغبة الفسيولوجية في تناول السكريات. ولكننا نعيش الآن في عالم مليء بالسكر حيثما ذهبت. لا ينبغي أن ننساق خلف ما تمليه علينا أجسادنا فقط. فعلينا أن نغير الطريقة التي نفكر بها بشأن السكر، وأن نجتثه من جذوره من نظمنا الغذائية والإقلاع عن إدمانه كما هي الحال مع الكثير منا.

هل هو إدمان حقاً؟

يختلف خبراء التغذية حول ما إذا كانت الشهية المستمرة والهائلة للسكر لدى العديد منا، إدمانًا – أي اعتمادًا فسيولوجيًّا بالفعل – أم أنها مجرد عادة سيئة فقط. واعتقادي الشخصي أنها إدمان، شغف جسدي فعلي، وأن عددًا كبيرًا من الأشخاص حقا يدمنون السكر.

عندما يخفي شخص ما – يعاني زيادة في الوزن ومرضًا في القلب يهدد حياته والنوع 2 من السكري – قطع الحلوى في جميع أنحاء المنزل، ليتناولها خفية من أهله، ثم يبكي بعد ذلك مع شعوره بكراهيته لذاته، فأسميه إدمانًا.

وإليكم ما أفكر فيه. عندما تدمن شيئًا معينًا، فإنك تجد صعوبة في السيطرة على استخدامك له. فواصل استخدامه،أو تناوله أو استهلاكه على الرغم من أنك تدرك أنه مضر لصحتك. حتى عندما تحاول التخلي عنه، تجد أنك لا تستطيع. تجعلك هذه الرغبة القوية تفكر باستمرار فيه، ولكن استهلاكه لا يمنحك سوى ارتياح عابر فقط.

عندما نفكر في الإدمان، يتبادر إلى أذهاننا مواد مثل الكحول والنيكوتين والمخدرات الترفيهية، كذلك الحال بالنسبة للقمار والأشياء الأخرى. وبالنسبة لبعض الأشخاص، قد يكون السكر إدمانًا أيضًا.

يؤدي تناول السكر إلى إطلاق مخك لمادة السيروتون والدوبامين، وهي مواد كيميائية في الدماغ تجعلك تشعر بأنك في حالة جيدة. ويتم إنتاج هذه المواد الكيميائية العصبية نفسها عندما تقع في الحب، أو تحظى بأي نوع من المتعة. وليس من المفاجئ أن يتم إنتاجهما في دماغ الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات مثل الكوكايين والهيروين.

يحفز تناول الأطعمة الغنية بالسكر في الواقع منطقة بأكملها في الدماغ تعرف باسم مركز المكافأة. ولا تقوم جميع الأطعمة بالشيء نفسه – في الحقيقة، وجدت دراسة مذهلة أجريت عام 2013 ونُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية أن الأطعمة التي تظهر مؤشرًا عاليًا على المؤشر الجلايسيمي (وبعبارة أخرى، الأطعمة الغنية بالسكر) تحفز المناطق المسئولة عن المكافأة والاشتهاء بالدماغ أكثر بكثير من الأطعمة التي تحتوي على مستويات منخفضة من السكر.

إنها معادلة بسيطة. تناول السكر، وستشعر بأنك بحالة جيدة، حيث سيطلق المخ إشارات “المتعة”، كلما تناولت المزيد من السكر – ستستمر الدائرة أكثر.

كما تلعب نسبة السكر في الدم دورًا أيضًا. مرة أخرى، إنها معادلة بسيطة: تناول السكر، وسيرتفع مستوى السكر في الدم بسرعة ثم ينخفض بسرعة، فيلجأ المخ لإطلاق تنبيه انخفاض السكر في الدم، وقبل أن تدرك ذلك ستشتهي تناول السكر مرة أخرى.

هذا ما حدث لي عندما كنت طفلًا. فقد اعتدت شرب أطنان من السكر، وأعتقد أنني كنت مدمنًا له حقا لأنني شعرت بأنه لا يمكنني العيش بدونه. كم ارتحت لإقلاعي عن هذا الإدمان وعدم اضطراري للشعور بالامتنان لتلك الزجاجات من المياه الغازية!

تكمن المشكلة مع السكر في أنه واسع الانتشار – فهو موجود في كل مكان حولنا. يمكن لمدمني الكحوليات الإقلاع عن الخمر عن طريق تجنب الحانات، والنوادي الليلية والحفلات التي تقدم الخمور، ولا داعي للقلق عند علاج مدمني المخدرات لأنه لا يوجد كوكايين على سبيل المثال في صلصة المكرونة! ولكن الأمر مختلف مع السكر؛ فالسكر موجود في الغالبية العظمى من الأغذية المُعالجة – فضلا عن تواجده في كل مطبخ، ومقهى، ومطعم ومتجر – لذا فمن المستحيل تقريبا تجنبه كلية.

يمكنك الإقلاع عن إدمان السكر. بمجرد أن تقرر حقًّا أنك تريد إنهاء اعتمادك النفسي على غذاء يهدد حياتك، سيمكنك التخلص من تحكم السكر في جسدك وبراعم التذوق الخاصة بك. وحالما تتخلص من هذه الرغبة المستمرة في السكريات، ستجد أنه من الأسهل بشكل كبير الاستمتاع بالمذاق الشهي الطبيعي للأغذية الكاملة التي هي أفضل لك وتساعد على حرق الدهون الزائدة.