القرحة من أحد الأمراض الكثيرة الانتشار في المدن المتحضرة وهي يمكن أن تحدث في أي جزء من الجهاز الهضمي معرض لتأثير العصير المعدي الحمضي، ولكنها أكثر حدوثاً في المعدة حيث تسمى (قرحة معدية) أو الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة المسمى بالاثنى عشر (قرحة الاثنى عشر)وأحياناً تحدث في الجزء الأسفل من المريء أو في الجزء الثاني من الأمعاء الدقيقة.
السائد هو أن القرحة تحدث نتيجة الهضم الذاتي للغشاء المخاطي المبطن للمعدة والأمعاء بالإفرازات المعدية وهي لا تحدث إلا في الأنسجة المعرضة للعصر المعدي الحمضي.
توجد مادة مخاطية معينة تفرز بخلايا مخصوصة في الغدد المعدية تحت تأثير مؤثرات وهذه المادة المخاطية ليس لها أي أثر فعال ضد الحامض الهيدروليكي ولكنها تحمى الغشاء المخاطي المبطن بكونها تعمل كحاجز طبيعي أو حائل دون مجيء الحامض مع الغشاء المخاطي.
والقرحة ممكن أن تكون حادة أو مزمنة. وقد وجد سريرياً أن قرحة الاثنى عشر نسبة حدوثها (4-1) بالنسبة للقرحة المعدية.
العوامل المسببة والمساعدة لحدوث القرحة
توجد حقائق ونظريات كثيرة لحدوث القرحة
• السن: يكثر حدوث القرحة في المرحلة ما بين (20-50 سنة)، ولكنها يمكن أن تحدث في أي سن والسن المعتاد بحدوث قرحة الاثنى عشر هو (30-53) سنة ولقرحة المعدة (35-54) سنة.
• الجنس: أنها أكثر انتشاراً بين الرجال عن النساء، فالقرحة المعدية نسبة حدوثها بين الرجال ضعف نسبتها بين النساء، ولكن قرحة الاثنى عشر تحدث بنسبة (5-8) مرات بين الرجال بالنسبة للنساء.
• الموقع الجغرافي: القرحة مرض الرقى والتحضر ونادراً ما تحدث في المدن المتأخرة مثل جنوب وأواسط إفريقيا وشمال الهند وسومطرة ولكنها منتشرة بين سكان أوروبا وأمريكا حيث الرقى والتمدن.
• الحالة الاجتماعية والاقتصادية: القرحة عموماً أكثر حدوثاً بين الأشخاص المثقفين وهؤلاء ذوي مستوى اقتصادي واجتماعي مرتفع وهي مرض المدن ونادراً ما تحدث في الأرياف.
• الاضطرابات النفسية والمجهود العقلي: فقد وجد أن هذا العامل من أهم المسببات لحدوث القرحة فأي اضطراب نفسي أو مجهود عقلي قد يؤدي إلى حدوث قرحه في شخص عنده استعداداً تكوينياً لحدوثها والدليل على هذا أنه يكثر حدوثها في الأشخاص الذين يشتغلون بمناصب تستلزم منهم تفكير ومجهود عقلي كالأطباء والرؤساء في العمل ورجال الأعمال كذلك، كذلك الاضطرابات النفسية كالخوف والقلق والضيق والغضب فمثلاً رسوب في الامتحان أو في فشل في إيجاد وظيفة أو في العمل.
• عوامل تكوينية في طبيعة الإنسان: فعلى الرغم من أنه لا يوجد شخصية معينة لحدوث القرحة فغالباً يكون مريض القرحة شخص عصبي، عنيد، طموح، مثالي، مجد في عمله.
وقد وجد أن نسبة كبيرة من مرضى قرحة الاثنى عشر ينتمون إلى فصيلة الدم (O).
• التدخين: وبالذات السجائر فهي تحتوي على مواد سامة مختلفة بجانب النيكوتين، التي تسبب التهاب الغشاء المخاطي وأحياناً إغماء وقيء.
• الشاي والقهوة: مادة الكافين الموجودة في الشاي والقهوة تؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من العصير المعدي غني بالحامض وبكميات أكبر يؤدي إلى احتقان والتهاب الغشاء المخاطي.
• الكحول: الإفراط من تعاطي المواد الكحولية أيضاً يؤدي إلى نفس المفعول.
• العوائد الغذائية: مثلاً الإسراع في الأكل مع عدم المضغ الكافي أو الأكل في مواعيد غير منتظمة أو الإكثار من تناول المواد الحريقه والمواد العسرة الهضم.
• نقص التغذية: من العوامل المسببة التي كان يعزى إليها أثر كبير في حدوث القرحة في الأزمنة الماضية، ولكن الآن بعد كثرة الأبحاث والتجارب في هذا الموضوع فإنه من الصعب أن نطالب بأن نقص التغذية له علاقة بحدوث القرحة.
الأعراض والعلامات
يشعر مريض القرحة بألم في منطقة فم المعدة بأعلى البطن وقيء وأحياناً تقيئ دماً ولهذا الألم مواصفات ومميزات هي:
– له علاقة منتظمة بالأكل فهو يحدث بعد الأكل ونادراً ما يحدث بعد الإفطار ولكنه يحدث بعد الظهر وفي منتصف الليل حيث يقلق المريض وهو يحدث من (1-4) ساعات بعد تناول الغذاء.
– نوع الألم وهو عبارة عن حرقان في منطقة محددة بأعلى البطن وغالباً ما يشير إليها المريض بإصبعه.
– يتميز ألم القرحة بأنه دوري ويعاود المريض في أوقات معلومة عادة في أول الشتاء وفي الربيع.
– يتميز ألم القرحة بأنه مزمن مع حدوث فترات انقطاع للمريض وتحسن للأعراض وفترات يزداد فيها ويشتد.
الرعاية والعلاج
يتوقف علاج القرحة على 3 أعمدة أساسية وهي:
– الراحة التامة: سواء راحة جسمانية أو راحة نفسية وعقليه.
– العلاج الغذائي: غذاء مخصوص ويعطى للمريض بكميات صغيرة على فترات متكررة.
– العلاج بالعقاقير: إعطاء أدوية ضد الحموضة وضد التقلصات والمسكنات.
النظام الغذائي
يعرف غذاء مرضى قرحة المعدة والاثنى عشر بـ Bland Diet.
وهو عبارة عن غذاء لين خفيف سهل الهضم خالي من المثيرات الكيميائية (التي تنبه الغشاء المخاطي المعدي وتساعد على زيادة إفرازات الحامض) مثل الشاي والقهوة والتدخين وشوربة اللحم المركزة والبهارات والتوابل والمواد الحريقه.
والميكانيكية (مثل الألياف وبذور وقشور الفواكه والخضروات).
والحرارية (أن تكون درجة حرارة الطعام معقولة مع تجنب البارد والساخن جداً)
وتتلخص خواص ومواصفات غذاء مرض القرحة فيما يلي:
– تختار أنواع الأطعمة التي تعادل الحموضة وتقللها.
– تختار الأطعمة التي لا تسبب تهيجاً لأغشية المعدة سواء ميكانيكياً أو كيميائياً أي قليلة الفضلات قليلة الحموضة.
– تقديم وجبات صغيرة ومتكررة: نظام الست وجبات.
– تقديم غذاء متوازن في أقرب فرصة.
– غذاء الصيانة.
بيان الأطعمة والوجبات المناسبة
1- أطعمة تعادل الحموضة وتقللها:
أ) البروتينات: وأنسب مصدر له اللبن والبيض أما اللحوم والأسماك وشوربتها فهي ممنوعة لأنها تسبب زيادة إفراز الحامض.
ب) الدهن: والغرض منه زيادة مدة بقاء الطعام بالمعدة وطلاء أغشيتها ويكتفي عادة بالدهن الموجود باللبن والبيض.
2- أطعمة لا تسبب تهيجاً لغشاء المعدة:
أ) أطعمة قليلة الفضلات: لذلك لا تقدم الفاكهة أو الخضروات نيئة وخاصة تلك التي تحتوي على بذور أولها قشور سميكة أو ألياف كثيرة إلا إذا أمكن طهيها وهرسها وتصفيتها.
ب) يجب أن تراعي البساطة في طهي الخضروات وتجنب البقليات والمحمرات والأطعمة الدسمة والتوابل والمياه الغازية والقهوة والشاي إلا بتصريح من الطبيب.
3- وجبات صغيرة متكررة:
يعطى المريض شيئاً بالفم كل ساعة أو ساعتين فيعطى وجبه مثلاً كل ساعتين بالتبادل مع عقار قلوي وذلك لمعادلة الحموضة وهي نصف كوب من أجزاء متساوية من اللبن كامل الدسم والبيض المسلوق قليلاً وتستمر التغذية ليلاً ونهاراً. وعندما تتحسن الحالة تقدم ثلاث وجبات رئيسية ومعها ثلاث وجبات أخرى خفيفة بواقع 6 وجبات يومياً.
4- تقديم غذاء متوازن:
تبعاً للشروط الدقيقة لاختيار أطعمة المريض بالقرحة، يجب تقديم احتياجات المريض الغذائية كاملة أول ما تسمح حالته وذلك لأن:
أ) التحديد من كمية الفاكهة والخضر الطازجة قد يؤدي إلى نقص بعض الفيتامينات وخاصة فيتامين جـ وفيتامين أ ولذلك يجب تعويضها.
ب) عصير البرتقال يؤدي إلى تهيج الأغشية في كثير من الحالات ولذلك يجب تخفيفه بالماء وعندئذ فتقل كمية فيتامين جـ التي يحصل عليها المريض وعليه يجب تعويضها.
جـ) الاعتماد على اللبن في غذاء المريض فترة طويلة قد يؤدي إلى نقص في عنصر الحديد، وأن كثرة تناول اللبن كامل الدسم لفتة طويلة يعرض بعض المرضى للإصابة بتصلب الشرايين ويمكن تلافي ذلك بتناول لبن منزوع الدسم بعد انقضاء الفترة الحادة للمرض والتصريح للمريض بالغذاء اللين على نظام السته وجبات ثم نظام الخمس ثم الأربع ثم الثلاث وجبات.
5- أغذية الصيانة:
مريض القرحة يجب أن يكون حريصاً في انتقاء طعامه بعد خروجه من المستشفى حيث من السهل حدوث النكسه وظهور الأعراض مرة أخرى، لذلك يجب أن يراعي تجنب الأطعمة الممنوعة حرصاً على سلامة الغشاء المبطن لجدار المعدة والأمعاء على الأقل لمدة سنتين، والابتعاد عن الأدوية المهيجة للغشاء المخاطي مثل الأسبرين وأدوية علاج مرض الروماتيزم المفصلي.
كما أن تناول قليل من اللبن بين الوجبات وعند النوم يفضل تناول أطعمة بالحليب وليس اللبن لأنه يسبب في زيادة إفراز الحامض.