يريد معظمنا أن يقدموا يد المساعدة؛ فنحن نريد أن نساعد عائلاتنا وأصدقاءنا, ونريد أن نثبت للأشخاص الذين نعمل لصالحهم ومعهم أننا على استعداد لبذل جهود إضافية من أجل إنجاز العمل. ونريد الاشتراك في جمعيات خيرية تقدم بعض الأعمال الخيرية بالفعل. ونقبل كل هذه الواجبات والتحديات، ثم نتساءل عن سبب شعورنا بالضغوط. إننا نرهق أنفسنا بأعباء كان من الممكن أن نتجنبها عن طريق قول كلمة واحدة بسيطة: “لا”. وليست هناك ضرورة للقيام بهذا مع اتخاذ موقف ما، وربما تشعر بالاضطرار إلى شرح الأسباب التي تقف وراء عدم قدرتك على التواجد أو تقديم نوع المساعدة المطلوبة، ولكن إذا تعلمت كيفية قول “لا”، فسوف تشعر بأنك أكثر قدرة على تقسيم وقتك، وعلى خدمة الآخرين دون إرهاق نفسك بضغوط غير مرغوبة.
التحدي
تعلم معظمنا، منذ وقت مبكر، أن يتوافق مع الناس عن طريق الموافقة على أداء الواجبات التي ربما نجد أو لا نجد وقتًا للقيام بها. ولقد عُلمنا أن الأشخاص الجيدين يقولون “نعم” لطلبات تقديم المساعدة، على غرار الدروس التي نتلقاها في طفولتنا. وربما تقودنا هذه الطريقة في التفكير إلى تقبل القيام بالمزيد من الواجبات العملية أو الالتزامات التي لا يمكننا أن نقول لها “لا”، ثم نشعر بالاستياء في وقت لاحق عندما تبدو مثيرات الضغوط الأخرى في حياتنا مربكة. ونتعجب من سبب عدم قولنا “لا” للطلب منذ البداية، ونعتقد أننا متورطون بمهمة لا نريد القيام بها بالفعل وأننا غير مستعدين عقليًّا وجسديًّا للقيام بها. وسوف يؤدي هذا إلى الإحساس – على الأقل – بمشاعر الاستياء الهدامة تجاه الشخص الذي طلب منا المساعدة. وفي أسوأ الأحوال، ربما يؤدي هذا إلى تقديم مستوى أقل من مقبول في تنفيذ المهمة المطلوبة؛ لأننا نعتقد عندئذ أننا لا نستطيع التعامل مع المهمة بشكل مناسب. إن تعلم كيفية قول “لا”، بالنسبة لمعظمنا، يمثل موهبة مكتسبة تتطلب منا وضع الرفض في سياقه الصحيح، والقيام به بطريقة لا تسبب إحساس مقدمي الطلب بمشاعر غير ودية، ويتمثل التحدي في إدراك الوقت الذي نجعل فيه أنفسنا عرضة للضغوط عن طريق واجبات تتجاوز قدرتنا الحالية على التعامل معها، والأمور المتضمنة في قول “لا”، وأسباب شعورنا بالانزعاج من قول “لا” وكيفية القيام بذلك بطريقة إيجابية تحافظ على علاقتنا وتراعي صحتنا.
الحقائق
إن عدم القدرة على قول “لا”، ثم الشعور بالندم في وقت لاحق، يمثلان شكلين من أشكال العدوان السلبي؛ حيث نشرع في القيام بالمهمة غير المرغوب فيها بطريقة تجعل الشخص الذي نقدم له المساعدة يدرك جيدًا شعورنا بالاستياء، وربما يحاول استعادة المهمة منا. ويعد هذا النقص في التواصل أكثر تدميرًا من قول “لا” فحسب.
إن عدم قول “لا” يضعنا في موقف الأشخاص الذين يتلهفون لإسعاد الآخرين، ويعطينا مزيدًا من الأهمية في حياتهم, فنصبح مقصدًا للآخرين ويعتمدون علينا في تقديم المساعدة، بغض النظر عن أي شيء. ورغم أن هذا ربما يجعلنا نشعر بإحساس أفضل، فإنه ربما يؤدي في النهاية إلى الشعور بعدم الرضا لدرجة أنه مهما قبلنا القيام به، فإن الناس لن يحبونا أبدًا بما يكفي لكي نشعر كذلك مرة أخرى.
ورغم أن هذا ربما يتغير اعتمادًا على الموقف ونمطك كشخص، فإن هناك ثلاث طرق أساسية لقول “لا”:
– تأتي كلمة “لا”، التي لا تتسم بالإصرار، مصحوبة بالأعذار والمبررات الواهية. وإذا كنت تشعر بنقص الثقة عندما تقول “لا”، فربما تشعر بأنك بحاجة إلى تدعيم إجابتك بالكثير من الأسباب لإقناع الطالب بأنك تعنيها بالفعل. وربما يؤدي هذا في بعض الحالات إلى اختلاقك بعض الأعذار من أجل دعم إجابتك. وربما يعطي هذا نتائج عكسية، إذا كُشفت كذبتك، وسوف تبدو شخصًا غير فعال لأنك احتجت إلى اختلاق عذر من أجل دعم إجابتك.
– أما كلمة “لا” العدوانية فتأتي مع رياح الازدراء. وبدلًا من استجابة بسيطة، فإنك تضطر إلى إضافة عبارات تجعل الطالب يشعر بالسوء فحسب، وربما يؤدي هذا إلى القيام بالهجوم على الشخص الذي يقدم الطلب. وهذه أمور لا ضرورة لها، وربما تؤدي إلى الإحساس بمشاعر سيئة للغاية.
– من المحتمل أن تكون “لا”، التي تتسم بالإصرار، هي الخيار الأفضل بالنسبة إليك؛ فهي بسيطة ومباشرة وتجعل الشرح موجزًا وبسيطًا، هذا إن كنت في حاجة إليه من الأساس, فإذا كنت لا تستطيع مساعدة شخص ما؛ لأنك ملتزم بتعهد آخر، فأخبره بذلك فحسب, وأعفِ نفسك من هذه المهمة.
وربما تشعر بمزيد من الراحة في قول “لا”، إذا تدربت على قولها لشيء واحد على الأقل في كل يوم. ويجب أن تكون هذه استجابة منطقية، وليست غريبة الأطوار. وعندما تقول “لا”، وتشعر بأنها مبررة، كافئ نفسك واشكرها على التدرب على استخدام هذه الكلمة المهمة البسيطة في كل يوم.
وحسبما ترى عالمة النفس “شارون نيومان”، فإن النساء يتعلمن تقديم الرعاية أكثر من الرجال؛ مما يعرضهن لمواجهة صعوبة أكبر، في الغالب، في قول “لا” للطلبات. ولقد اكتشفت “نيومان”، بشكل عام، أن الرجال أفضل حالًا في رفض طلبات الآخرين.
وفي بعض الأوقات، نقع في شراك الاضطرار إلى قول “نعم”؛ حيث يتعذر قول “لا”. وهناك بعض الأساليب لقول “نعم” لشيء ربما تضطر إلى رفضه في وقت آخر:
– أوضح أنك ربما تقبل الطلب في هذه المرة، ولكن سل الطالب عن الكيفية التي يمكنك من خلالها مساعدته على التخطيط بشكل أفضل في المرة القادمة.
– وافق، ولكن ذكر الطالب بأنه أصبح مدينًا لك بواحدة.
– قل للطالب “نعم”، ولكن تحكم في الأمر عن طريق القول بأنك ستعود إليه بجدول زمني.
– اجعل قبولك مقرونًا بشرط، كأن تحدد الوقت الذي يمكنك أن تقضيه في تقديم المساعدة، والتزم بهذا.
الحلول
غالبًا ما يعتمد قول “لا” بطريقة إيجابية على تحليل هوية الشخص الذي يقدم الطلب، وتاريخنا مع هذا الشخص؛ فهناك بعض الأشخاص الذين يستغلوننا ويستغلون الآخرين في أداء مهام يمكنهم القيام بها. ويمكننا القول، بأنهم يصبحون عالة علينا، وهو شعور قد يحبه بعضنا. وإذا كنت تعتقد أن الشخص الذي يقدم لك الطلب يستغلك في أداء شيء يمكنه القيام به، فليس هناك خطأ في أن تسأله عن سبب حاجته للمساعدة، وأن ترفض طلبه، إذا كنت تشعر بأن هذه هي الاستجابة المناسبة. وفي بعض الحالات، تقل قدرتنا كثيرًا على قول “لا” بسبب هوية الشخص الذي يقوم بتقديم الطلب؛ حيث تقل الاحتمالات كثيرًا لأن نقول “لا” لقريب عاجز، أو أحد الأصدقاء، أو لرئيسنا في العمل، ولكن يجب تحليل هذه المواقف بشكل فردي.
ورغم أن قول “لا” بإصرار يعد أكثر طريقة مثمرة لرفض الطلبات، فإنها ليست سهلة بالنسبة للعديدين منا، وربما تتطلب إستراتيجية بارعة لكي تصبح أكثر قابلية للاستخدام. ويمكن أن تتضمن هذه الإستراتيجية:
– طلب وقت للتفكير في إجابتك. وفي أثناء التفكير في استجابتك، عليك أن تذكر نفسك بأن القرار يعود إليك وحدك.
– استخدام الإصرار غير اللفظي لتعزيز إجابتك بـ “لا”، عن طريق استخدام تعبير قوي ومباشر، والنظر إلى عيني الشخص عند قول “لا”، مع هز الرأس مع إجابتك اللفظية.
– الوضع في الاعتبار أن قول “لا” يمثل استجابة مقبولة؛ فإذا كنت تعتقد أن قول “لا” هو الإجابة المفضلة للطلب، فتذكر أنه من الصدق والمصداقية أن تقولها.
– إذا انتهى بك الأمر بقبول شيء كنت تريد أن ترفضه، فسوف تشعر بالاستياء طوال الوقت الذي تقوم فيه بما وافقت عليه. وسوف يتسبب هذا في تبديد الطاقة، وشعورك بالانزعاج. وليس من الضروري أن يحدث هذا، إذا قلت “لا” فحسب عندما يجب عليك قولها.
– إذا كنت مضطرًّا إلى قول “لا” لشخص قد تساعده في ظل ظروف مختلفة، فعليك أن تستخدم إجابة مؤكدة من أجل التخفيف من حدة الرفض؛ فإذا طلب منك شخص ما أن ترعى أطفاله، وأنت لا تستطيع، فقل له “لا”، وعبر عن تعاطفك مع موقفه، وأخبره بسبب عدم قدرتك على القيام بهذا الأمر، وأنك ترغب في مساعدته في ظل ظروف أخرى.
– بدء جملة الإجابة بـ “لا”؛ فمن السهل أن تحافظ على التزامك برفض أحد الطلبات، إذا كانت أول كلمة تستخدمها.
وقبل أن تضطر إلى قول “لا”؛ إلى أحد الأصدقاء في موقف دقيق، يمكنك التدرب الفعلي على قول الكلمة للآخرين؛ مما سيجعلك تشعر بمزيد من الراحة عند قولها. وتتضمن هذه المواقف:
– البائع الذي يريد رقم هاتفك أو رقم الضمان الاجتماعي الخاص بك؛
– الشخص الذي يقف وراء مكتب المرتجعات في أحد المحلات؛
– مندوب المبيعات عبر الهاتف والذي يزعجك خلال تناولك طعام العشاء؛
– موظف عرض العطور في أحد المحلات؛
– الحيوانات الأليفة الخاصة بأصدقائك عندما تزعجك أو تقفز عليك؛
– السكرتيرة التي تتلقى اتصالك الهاتفي، ثم تسألك عما إذا كنت لا تمانع لو جعلتك تنتظر على الهاتف.
ويتمثل أحد أكثر الأماكن التي يطلب منك فيها أن تقول “نعم” – رغم أنه قد يجب أن تقول “لا”- في العمل. عندما يعطيك المشرف مهمة أخرى عاجلة، فهناك طرق يمكنك من خلالها رفض المهمة، دون أن تبدو شخصًا متكاسلًا أو لا تجيد العمل الجماعي:
– ذكر المشرف بأنك تعمل على مشروعات أخرى تم تحديدها بالفعل على أنها ذات أولوية قصوى.
– اطلب من مشرفك المساعدة على ترتيب أولوية هذا المشروع وسط قائمة المشروعات الموجودة لديك.
– أوضح أنه ربما يمكنك القيام بكل شيء، بما في ذلك المهمة الجديدة التي طلبت منك، ولكن العمل لن يحقق المعايير العالية المعتادة التي أظهرتها، والمتوقعة منك.