“من الجيد أن تمتلك المال والأشياء التى يمكن للمال شراؤها، ولكن من الجيد أيضًا أن تتأكد من أنك لا تخسر الأشياء التى لا يستطيع المال شراءها”.
لكي تتفوق تمامًا كشخص، فإنك بحاجة إلى فلسفة لإدارة الوقت، وأنت بحاجة إلى رؤية تدرك الوقت على أنه عنصر قيم، ولا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله من أجل حياة ناجحة، وسعيدة ومثمرة للغاية وأنت تحتاج إلى موقف معين ترى الوقت من خلاله على أنه شىء أكثر من مجرد ساعة أو تقويم.
كيف يمكنك الانتقال نحو تطوير فلسفة حول إدارة الوقت؟ بادئ ذى بدء، عليك أن تتبنى نظرة طويلة المدى للمستقبل قدر استطاعتك؛ فجميع الأشخاص الناجحين حقًّا هم الذين يتمتعون بآفاق زمنية طويلة المدى.
فكر فى المستقبل
لقد وجد عالم الاجتماع الدكتور “إدوارد بانفيلد”، من جامعة هارفارد أن الأشخاص الناجحين هم الذين كانوا يتمتعون بمنظور طويل من الوقت. فقد كانوا يخططون لحياتهم لخمسة، أو عشرة أعوام، أو حتى عشرين عامًا مستقبلًا، وقاموا بتقييم وتحديد الخيارات والإجراءات فى الوقت الحاضر من حيث مدى تأثير هذه الخيارات عليهم فى المستقبل البعيد، والعواقب التى قد تحدث نتيجة لما يفعلونه الآن بشكل صحيح.
من التقليدى بين الطبقات العليا البريطانية أن يسجلوا أطفالهم فى جامعتى أكسفورد أو كامبريدج بمجرد ولادتهم – على الرغم من أنهم لن يتمكنوا من الالتحاق بهما وهم فى سن الثامنة عشر أو العشرين – فيملأون طلبات الالتحاق ويقومون بإجراءات عملية التسجيل لأبنائهم تمامًا كما لو كانوا سيحضرون فى الفصل الدراسى المقبل؛ وهذا مثال لنظرة طويلة المدى للوقت.
وفى أمريكا، يفتح الكثير من الآباء حساب توفير جامعيًّا لأطفالهم بمجرد أن يولدوا، ثم يضيفون إلى هذا الحساب بانتظام لسنوات عديدة لضمان أن يحصل أطفالهم على أفضل تعليم ممكن عندما يكبرون. وهذا أيضًا مثال للنظرة طويلة المدى للوقت.
التوجه الشائع للإنجاز
يبدو أن هذا التوجه – الذى يتمثل فى تبنى نظرة طويلة المدى للوقت – هو القاسم المشترك بين معظم الرجال والنساء الذين يحققون نجاحًا عظيمًا فى مسار حياتهم. فكلما زاد طول فترة إحساسك بالوقت، فإنك على الأرجح سوف تفعل ذلك النوع من الأشياء، وتقدم هذا النوع من التضحيات على المدى القصير، والتى من شأنها أن تؤدى إلى مزيد من النجاح على المدى الطويل. إن إمعانك فى التفكير الآن بشأن الوقت اليوم سوف يؤدى على الأرجح إلى زيادة دخلك ورفع مكانتك الاجتماعية فى المستقبل.
والعكس صحيح أيضًا – فبينما تتحرك باستمرار نحو قاع السلم الاجتماعى والاقتصادى، فإن منظور الوقت فى كل مرة يصبح أقصر. وعندما تصل إلى أسفل الهرم الاجتماعى – إلى درجة إدمان الكحوليات أو المخدرات الميؤوس منها – تجد منظورًا للوقت تبلغ مدته أقل من ساعة؛ وهو الوقت الذى تستغرقه للحصول على مشروب أو جرعة مخدرات. وغالبًا ما يبلغ منظور وقت الأشخاص الذين فى قاع المجتمع بضع دقائق فقط، لأنهم لا يفكرون فيما هو أبعد من اللحظة التى يعيشونها.
ويتبنى العامل العادى منظورًا زمنيًّا يبلغ حوالى فترتين من حصوله على الأجر. فالعامل الذى يتقاضى راتبًا شهريًّا يتبنى منظور للوقت يبلغ حوالى شهرين. وبينما يرتقى فى السلم الاجتماعى والاقتصادى، يطول منظور الوقت حتى تصل ‘إلى الأشخاص الأكثر احترامًا فى المجتمع، مثل طبيب العائلة.
أعظم التخصصات قيمة
فى كل دراسة تسأل الأفراد عمن يعتقدون أنهم أكثر الناس احترامًا فى المجتمع، يأتى طبيب العائلة فى قمة الترتيب. فمعظم الناس يبجلون ويحترمون طبيب العائلة أكثر من أى مهنة أخرى فى مجتمعنا. لماذا؟ ربما يكون هذا لأننا ندرك أن هؤلاء الأشخاص قضوا ثمانى سنوات، أو حتى اثنتى عشرة سنة فى الدراسة، والتدريب، والإقامة، والممارسة للوصول إلى الدرجة التى أصبحوا عندها أطباء لنا.
ويربح الطبيب العادى فى أمريكا 132000 دولار فى السنة، كما أنه سوف يظل يستمتع بالعائدات المرتفعة والمكانة الاجتماعية المرموقة طوال حياته، كما أنه سيتمتع بالأمن الوظيفى الكامل، وسوف يحظى أطفاله بمزايا لا يتمتع بها معظم الأطفال الآخرين. ولكن الطبيب العادى يكون قد أمضى اثنتى عشرة سنة تقريبًا من العمل الشاق والتضحية لإعداد نفسه لكسب هذا النوع من المال وتحقيق ذلك المستوى من الوضع الاجتماعى – وهذا مثال للمنظور الزمنى طويل المدى الذى يدركه معظم الناس ويعجبون به.
المنظور الطويل للوقت يتنبأ بالمكانة الاجتماعية
يصل العديد من المهاجرين إلى أمريكا وهم لا يملكون المال أو اللغة أو المهارات، ثم ينطلقون للعمل فى وظائف وضيعة، ويفعلون كل ما يمكنهم القيام به لأجل إعالة أنفسهم. ولكن حتى فى ظل تحقيقهم لمستويات منخفضة من الدخل، فإنهم فى كثير من الأحيان يدخرون أموالهم بحيث يستطيع أطفالهم الحصول على تعليم جيد وتكون لديهم فرصة فى الحلم الأمريكى. وحتى على الرغم من أنهم يكونون فقراء، فإن هؤلاء الناس يتمتعون بطبقة اجتماعية مرموقة فعلًا؛ فهم يتبنون منظورًا زمنيًّا طويل المدى.
وبطريقة ما، يتمتع هؤلاء الأشخاص الذين يبدأون من القاع بسمات شخصية أفضل من الأشخاص الذين يتمتعون بجميع مزايا الأمريكى العادى ولكنهم ينفقون كل بنس يمكن أن تصل إليه أيديهم مع القليل من التفكير فى المستقبل. إن استعدادهم للتضحية يكون على المدى القصير حتى يتسنى لهم الحصول على مستقبل أفضل يبرز لديهم صفات الرؤية والشجاعة والانضباط الذاتى والمثابرة. فلديهم طبقة اجتماعية مرموقة حقيقية، على الرغم من أن لديهم القليل المال.
إنك تبدأ فى تحريك نفسك بشكل تصاعدى فى المجتمع من اليوم الذى تبدأ فيه تبنى وجهة نظر طويلة المدى لحياتك الخاصة. فالأشخاص الذين يوفرون 10 % من دخلهم ويضعونه بعيدًا عن متناول أيديهم من أجل تحقيق الاستقلال المالى يضمنون عمليًّا جودة حياة أفضل لأنفسهم ولأطفالهم؛ لأنهم يتبنون وجهة نظر طويلة المدى.
خطط حياتك على المدى الطويل
اسأل نفسك: “ما الفترة الزمنية التى يمكننى أخذها فى الاعتبار عندما أحدد أهدافى وأتخذ قرارات مهمة لحياتى؟”؛ فإجابتك عن هذا السؤال تشكل مستقبلك بأكمله إلى حد كبير.
إلى أى مدى تنظر إلى المستقبل عند اتخاذ قرارات بشأن كيفية تخصيص الوقت والموارد الخاصة بك؟ هاك قاعدة تقول: “إن النظرة طويلة المدى تحسن عملية صنع القرار على المدى القصير”، وكلما توغلت فى المستقبل عندما تفكر فى أى قرار حالى، تمكنت من اتخاذ قرارات أفضل، كما أن نجاحك على المدى الطويل سيتحدد من خلال نوعية جميع القرارات التى تتخذها على المدى القصير؛ فالنتيجة التراكمية للقرارات الجيدة هى الاطمئنان بأن أهدافك طويلة المدى سوف تتجسد بالضبط كما كنت تخطط.
منذ سنوات عديدة، كنت أعمل لدى رجل ثرى بدأ من لا شىء، وكون ثروة قيمتها أكثر من 500 مليون دولار من العقارات. وقد علمنى أن أفكر دائمًا فى امتلاك عقار لمدة عشرين عامًا عندما كنت أفكر فى شرائه. وقال إذا فكرت فى امتلاك العقار لمدة عشرين عامًا، فإنك على الأرجح ستكون أكثر تيقظًا لنقاط القوة والضعف للاستثمار فى هذه اللحظة.
أبقِ تركيزك على القمة
إن وجهة النظر طويلة المدى تشحذ وجهة النظر قصير المدى، وهذه أفضل النصائح التى تلقيتها قيمة على الإطلاق. وعليك أن تفكر فى حياتك كما لو كنت فى نزهة على الأقدام وتسلق الجبال. توقف بانتظام وانظر إلى القمة، وهدفك النهائى، ومن ثم اضبط خطواتك لتضمن أن كل خطوة تتخذها تحركك بالفعل فى هذا الاتجاه.
وإحدى الطرق لتحديد أولوياتك على المدى القصير هى تحليل التأثير المستقبلى للقرارات الحالية. فأى اختيار أو نشاط مهم هو الذى يكون له تأثير محتمل على المدى الطويل على بعض أجزاء حياتك، وأى إجراء أو قرار غير مهم هو أى شىء يمكن أن يكون له تأثير ضئيل أو لا يكون له أى تأثير على حياتك أو مستقبلك على الإطلاق.
وتعد قراءة أى كتاب، أو الاستماع إلى أى برنامج صوتى تعليمى، أو الحصول على دورة دراسية تعلمك شيئًا ذا قيمة هى أمثلة للأنشطة ذات أثر كبير محتمل على حياتك المهنية. ومن ناحية أخرى، تعد مشاهدة التليفزيون أو قراءة الصفحات الرياضية بالصحف والمجلات، أو الحصول على استراحة لتناول القهوة – مهما كانت الجودة التى تؤديها بها أو مهما كان تكرارك لها – ليس لها أى تأثير على مستقبلك. وتذكر أنك دائمًا حر فى اختياراتك.
اختياراتك تحدد مستقبلك
إنك ترى أمثلة لهذا الارتباك الذى يحدث لمنظور الوقت فى جميع الأشياء المحيطة بك. ففى نفس الشارع الذى يستقر فيه منزلان متماثلان فى القيمة، تعيش عائلتان مختلفتان تمامًا. فكل عائلة تقريبًا تربح نفس المبلغ من المال، ولكن إحدى العائلتين لديها منظور زمنى على مدى عشرين عامًا والعائلة الأخرى لديها منظور قصير أو لا يوجد لها منظور على الإطلاق.
وبمرور السنين، فإن الأسرة التى تتبنى منظورًا طويل المدى سوف توفر بعناية، وتستثمر عقارًا من شأنه فى نهاية المطاف أن يمكنها من التقاعد فى ارتياح. أما العائلة أخرى، والتى تربح نفس المبلغ من المال، بل ربما تفعل حتى نفس نوع العمل، ولكن ينقصها منظور الوقت، سوف تنفق كل ما تحققه، وتوفر القليل جدًّا منه. وسينتهى بهم الحال وهم يعملون لأيام مع توفير القليل من المال أو عدم التوفير على الإطلاق.
إذا أخبرك أحد اليوم أنك إذا لم تجر بعض التغييرات الجوهرية فى الطريقة التى تربح وتنفق المال بها، فإنك ستكون فى طريقك إلى الإفلاس عندما تصل لسن التقاعد، فكيف يمكن أن يؤثر ذلك على موقفك تجاه مالك؟ وما الذى قد تعمله بشكل مختلف فى عملك وحياتك المالية ومثل هذا الاحتمال معلق فوق رأسك؟ حسنًا، الحقيقة هى أنك إذا لم تبدأ القيام بأشياء مختلفة تجاه أموالك اليوم، فهذا على الأرجح هو الطريق الذى ستنتهى إليه. لأنه من منظور ضيق للوقت، فإن 95 % من الأشخاص الذين يعملون اليوم سوف ينتهى بهم الحال وهم مفلسون، أو معتمدون على معاشات التقاعد، أو حتى يستمرون فى العمل عند بلوغهم سن الخامسة والستين. لذا فلا تدع هذا الأمر يحدث لك.
طوِّر شخصيتك الخاصة
إن ممارسة التفكير بمنظور طويل المدى للوقت لا تتطلب فقط الشخصية، ولكن أيضًا تتطلب تطوير شخصية من يقوم بها. فالسمات الشخصية هى دائمًا نتيجة لممارسة الانضباط الذاتى. واكتساب عادة تبنى وجهات النظر طويلة المدى عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة والثروة، والعلاقات، والسمعة يتطلب مستوى مرتفعًا من الانضباط الذاتى.
إن السمات الشخصية تأتى من التفكير باستمرار فى التعايش مع كل قراراتك على المدى الطويل. ويتفق علماء الاقتصاد والاجتماع بصفة عامة على أن السبب الرئيسى للفشل الاقتصادى وتدنى التحصيل الدراسى هو عدم القدرة على تأخير الإشباع – وهذا هو التوجه لإنفاق كل شىء تحققه، بل والأكثر منه قليلًا، مع القليل من التفكير فى المستقبل، وهذه نظرة ضيقة للوقت فيما يتعلق بالمال. وهى تضمن عمليًّا أنك ستواجه مشاكل مالية طوال حياتك وينتهى بك الحال وأنت غير قادر حتى على التقاعد عند بلوغ سن الخامسة والستين.
قرر اليوم أن تخطط وتعمل على المدى الطويل. ومارس الألم قصير المدى لتحقيق مكاسب طويلة المدى. وكن على استعداد لدفع ثمن النجاح مقدمًّا، من حيث العمل الجاد والتضحية، وتأخير الشعور بالإشباع. وكن على استعداد لأن تزرع قبل أن تحصد، وفى الغالب سيكون عليك أن تزرع لفترة طويلة قبل أن تتمكن من جنى الحصاد. ويتجلى هذا الأمر بشكل أوضح فى المسائل المالية.
إذا ادخرت واستثمرت 10 % من دخلك من سن الحادية والعشرين إلى سن الخامسة والستين عامًا، فسوف تصبح مليونيرًا على مدار حياتك العملية. ومعظم المليونيرات العصاميين يوفرون من 15 إلى 20 % من دخلهم، ويتعلمون كيفية العيش بشكل مريح من خلال ميزاينة محددة. وينبغى أن تصمم على أن تفعل الشىء نفسه. فكر على المدى الطويل، فإن نوعية السمات الشخصية التى ستكتسبها نتيجة الانضباط الذاتى الذى تفرضه على نفسك لتصبح مستقلاًّ ماليًّا ستجعلك إنسانًا رائعًا حقًّا.
فكر على المدى القصير وكذلك المدى الطويل
إذا كان الجزء الأول من اكتساب فلسفة إدارة الوقت يتمثل فى تبنى وجهة نظر طويلة المدى، فإن الجزء الثانى هو أن تتبنى وجهة نظر قصيرة المدى. تعامل مع وقتك مثلما تتعامل مع حياتك. واحسب وقتك بالدقائق، وليس بالساعات أو الأيام.
فى مقال بمجلة فورتشن، أجريت مقابلات مع العديد من أنجح المديرين التنفيذيين وأعلاهم أجرًا فى أمريكا وتم سؤالهم عن مواقفهم وممارساتهم تجاه الوقت. وكان متوسط دخلهم يبلغ 1380000 دولار، وكانوا جميعا يعملون بأنفسهم فى وظائف متواضعة للغاية فى بداية حياتهم العملية فى مجالاتهم.
وقد اتضح أن جميع هؤلاء الأشخاص ذوى الأداء المرتفع والذين يتقاضون أجورًا مرتفعة كانوا يتعاملون مع وقتهم باعتباره موردًا شحيحًا؛ فقد كانوا يرون أنه مكون لا غنى عنه فى الإنجاز، وكانوا ينظرون إليه بوصفه أداة أساسية للإنجاز، وكانوا يخططون وقتهم بعناية فائقة.
كما كانوا غيورين جدًّا على وقتهم؛ فلم ينفقوه، أو يبددوه، أو يستخدموه بلا تفكير. وبينما كان الموظفون العاديون والمدراء الصغار يفكرون على مستوى الأيام والأسابيع، فإنهم كانوا يخططون أيامهم على مستوى الدقائق وكسور من الساعات.
لقد تبين أنه كلما زاد صغر وحدة الوقت التى تفكر فيها عند التخطيط ليومك، أصبحت على الأرجح أكثر نجاحًا؛ فالأشخاص غير الناجحين يفكرون على مستوى أيام كاملة، أو فترات كاملة من اليوم، أما الأشخاص الناجحون فهم يفكرون على مستوى كتل زمنية تبلغ كل منها عشر دقائق، مثل المحامين أو المحاسبين، لأنهم يجعلون كل دقيقة تصب فى مصلحتهم.
الوقت هو أهم مواردك قيمة
ولأن الوقت هو أندر مواردك، فيجب عليك استخدام ذكائك لتحافظ عليه بكل وسيلة ممكنة واكتساب مزيد من الوقت كلما استطعت. وكلما كان ذلك ممكنًا، ينبغى أن تقايض المال بالوقت؛ فالمال يمكن تعويضه، ولكن الوقت ليس كذلك.
كلما أمكنك، يجب عليك استئجار أشخاص آخرين للقيام بمهام ذات قيمة أقل بحيث يمكنك توفير المزيد من الوقت لنفسك، وعائلتك، وعملك.
إذا كنت تطمح لربح 50000 دولار سنويًّا، وهو ما يترجم إلى حوالى 25 دولارًا للساعة الواحدة، يجب ألا تفعل أبدًا العمل الذى لا يحقق لك 25 دولارًا أو أكثر فى الساعة. فإذا كنت تستطيع استئجار شخص بـخمسة أو ستة دولارات فى الساعة لجز العشب أو تنظيف المنزل، يجب عليك دفع هذا المال عن طيب خاطر لتحرر وقتك لأداء أنشطة أعلى قيمة.
طبق هذا المبدأ على زوجتك أيضًا؛ فإن الكثير من المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال الناجحين الذين التحقوا ببرامجنا المتقدمة فى التدريب والتوجيه أخذوا الدروس الرئيسية من هذه البرامج وغيروا أسلوب حياة زوجاتهم؛ فقد شجعوهن على استئجار خدم للمنازل، وأشخاص قائمين بأعمال الحدائق، ومساعدين شخصيين للقيام بالمهام المختلفة والذهاب للتسوق. وبذلك فإنهن قد “اشترين حريتهن” حتى يتمكنَّ من الاستمتاع بجودة حياة أعلى وقضاء وقت أطول مع العائلة والأمور الشخصية، وكانت النتيجة العائدة على كلا الطرفين فى كثير من الأحيان رائعة.
تتبع استخدامك لوقتك بعناية
تتبع مدى كفاءة استخدامك لوقتك؛ فكلما فكرت فى الطريقة التى تقضى بها الدقائق والساعات، أصبحت أفضل وأكثر دقة فى إدارة الوقت. ولأن معظم الناس لا يراقبون استخدامهم لوقتهم، فإنهم لا يدركون حتى مقدار الوقت الذى يضيعونه كل ساعة.
اقتن ساعة يد بمنبه يطلق صفيرًا كل خمس عشرة دقيقة. وفى كل مرة يطلق فيها المنبه صفيره، توقف وراقب نفسك، وألق نظرة على ما تقوم به فى تلك اللحظة. وإذا أمكن، احتفظ بسجل الوقت واكتب ملاحظات عما تقوم به فى كل مرة يرن فيها جرس المنبه. واسأل نفسك بانتظام: “هل ما أقوم به الآن يحقق أفضل استخدام لوقتى؟”.
إن الحياة كلها عبارة عن دراسة باهتمام، وكلما زاد الاهتمام الذى توجهه للطريقة التى تستخدم بها وقتك، أصبحت على الأرجح أكثر كفاءة وإنتاجية. وكلما زاد وعيك للطبيعة المتسللة للوقت، أصبحت أفضل استخدامًا له.
أنفق وقتك مثلما تنفق المال
عندما تتبنى وجهة نظر قصيرة، يمكنك أن تنظر إلى كل طلب على وقتك كما لو كنت ستقتطع جزءًا من الوقت المتبقى لك على وجه الأرض. اسأل نفسك باستمرار: “كم من الوقت من حياتى أنا على استعداد للتبرع به أو إنفاقه على هذا الموقف أو الشخص أو النشاط الخاص؟
إن وقتك على الأقل يعدل حساب ربحك فى الساعة. فإذا كان معدل ربحك فى الساعة هو 25 دولارًا، فذلك يعنى أن شخصًا ما، فى الواقع، يطلب منك هدية تمثل 25 دولارًا لمدة ساعة من وقتك. فإذا طلب منك أحدهم التبرع بوقتك الخاص لقضية أو نشاط معين، عليك أن تسأل نفسك، “ما مدى أهمية هذه القضية أو النشاط بالنسبة لى، ومقدار الوقت والمال الذى أنا على استعداد للتبرع به لذلك؟”.
وإذا كان هناك شخص أو نشاط غير مهم بما فيه الكفاية بالنسبة لك لفتح حافظتك وإخراج 20 دولارًا لإعطائها له، يجب عليك أن تضبط نفسك على عدم القيام بذلك. وعليك فقط أن تقول: “لا!”.
الوظيفة الخطأ تعتبر عاملًا رئيسيًّا لإهدار الوقت
إن العمل فى الوظيفة الخطأ هو أكبر عامل لإهدار الوقت من كل العوامل الأخرى مجتمعة.
ويعمل الكثير من الناس فى وظائف لا يتناسبون معها أو ليست مناسبة لهم. إنهم يودون لو كانوا يفعلون شيئًا آخر، فى مكان آخر، باستخدام مهارات وقدرات مختلفة. وغالبية الناس الذين يعملون، باعترافهم، لا يشعرون بالتحدى التام فى وظائفهم الحالية؛ فإن الحصول أو الاستمرار فى الوظيفة التى لا تناسبك بشكل مثالى هو أحد أكبر عوامل إهدار الوقت فى الحياة، ويمكن أن تسلبك بعض أكثر سنواتك إنتاجية.
وإليك سؤالاً: لو تلقيت مليون دولار نقدًا، معفاة من الضرائب، فهل كنت ستستمر فى العمل فى وظيفتك الحالية؟
بعبارة أخرى، لو كنت مستقلاًّ ماليًّا، فهل هناك أى شىء كنت ستغيره بشأن وظيفتك، أو عملك، أو حياتك المهنية؟ فإذا كنت تفكر فى الاستقالة من منصبك، أو تغيير وظيفتك، لو كان لديك ما يكفى من المال، فهذا يعد مؤشرًا جيدًا يفيد بأنك تعمل فى الوظيفة الخطأ بالنسبة لك. فمن الممكن فقط أنك تعمل فى وظيفتك الحالية بسبب الوضع المالى الخاص بك وفواتيرك ونفقاتك الشهرية.
قم بالعمل الذى تحبه
إليك سؤالاً آخر: هل تحب ما تفعله؟ نسبة صغيرة فقط من الناس هم الذين يحبون ما يفعلونه، وهؤلاء الناس هم دائما الأكثر سعادة، وإشباعًا، وفى العادة، الأعلى أجرًا فى كل مجال.
ويمكنك أن تعرف ما إذا كنت تقضى وقتك وحياتك فى العمل المناسب من خلال فحص موقفك تجاه وظيفتك ومستقبلك. هل تحب ما تفعله بما يكفى لتتمنى أن تصبح الأفضل فيه؟ وإذا كانت هذه هى الوظيفة المناسبة لك، فإنك فقط لن ترغب فى أن تصبح الأفضل فيها، ولكنك فى الغالب ستعجب كثيرًا بهؤلاء الأشخاص الذين يحتلون القمة فى مجال عملك. وإذا وجدت أنه ليست لديك رغبة فى التفوق فى مجال عملك، فهذا مؤشر جيد بأنه ربما لا تكون تلك هى الوظيفة المناسبة لك.
هل ترغب فى الاستمرار فى وظيفتك للعشرين عامًا المقبلة؟ وهل تجد وظيفتك تنطوى على التحدى والإنجاز؟ هل لا تكاد تطيق صبرًا للعمل فى بداية الأسبوع، وتكره الأمر عند مغادرة العمل مساء آخر يوم من أيام العمل فى الأسبوع؟ جميع الأشخاص الناجحين يمكنهم الإجابة بـ “نعم” عن هذه الأسئلة. أما إجابة الأشخاص غير الناجحين فهى دائمًا “لا”.
ليست هناك أية حدود
هناك أكثر من 100000 وظيفة متاحة فى اقتصادنا اليوم. وهناك عدد لانهائى من الوظائف التى تستطيع أداءها بنجاح، وتحيا حياة جيدة عند القيام بها. وأنت لست مضطرًّا أبدا للشعور بأنك عالق فى وظيفة أو شركة أو صناعة معينة؛ فلا يوجد أبدًا نقص فى فرص العمل بالنسبة للأشخاص الجيدين.
وإحدى المسئوليات الأساسية تجاه نفسك هى أن تختار نوع العمل الذى تستمتع به ويتناسب معك بشكل أفضل، وهذا يعنى أن تعثر على وظيفة يمكنك أن تستخدم فيها مواهبك وقدراتك الطبيعية على أعلى مستوى؛ فواجبك تجاه نفسك هو العمل على شىء يمنحك البهجة والإشباع. يجب أن تعمل بوظيفة تبرز أفضل ما لديك، وتحفزك لأن تصبح رائعًا فيما تفعله.
الماضي هو “تكلفة متناقصة”
فى المحاسبة، تُعرف التكلفة المتناقصة بأنها أى مبلغ من المال تم إنفاقه فى الماضى ولم يعد له المزيد من القيمة؛ فربما يكون قد تم إنفاقه فى آلة قد كسرت ولم تعد قابلة للإصلاح، أو عفا عليها الزمن، أو أصبحت عديمة الفائدة تمامًا. ومن الممكن أن يكون عبارة عن الدولارات التى أنفقت فى العام الماضى فقط فى الإعلانات؛ فإن المال الذى تم إنفاقه على هذه الأشياء يكون قد ذهب إلى الأبد، وليس من الممكن استرداده أبدًا.
وأولى القواعد بشأن التكلفة المتناقصة هو أنك يجب ألا تنفق أية أموال إضافية لاسترداد أو استخراج بعض القيمة منها، بل يجب أن تدونها على أنها خسارة وأن تركز على المستقبل، ويجب أن تركز على ما تبقى من حياتك العملية.
وفى حياتك المهنية، تتعرض لتكلفة متناقصة أيضًا؛ وهذه هى الوظائف التى تستغرق أسابيع أو شهور، أو حتى سنوات لتعلمها، والتى تكتسب منها خبرة كبيرة، ولكنها لم تعد ذات قيمة فى السوق اليوم. وقد تواجه تكلفة متناقصة فى التعليم الجامعى أو فى الدورات التعليمية والتدريبية التى تحصل عليها لتطوير المعارف والمهارات التى لم تعد مستخدمة. فإن معظم ما فعلت فى الماضى فى حياتك المهنية يعتبر تكلفة متناقصة من نوع أو آخر؛ حيث يعد له قيمة حالية أو مستقبلية.
وأحد أسوأ عوامل إهدار الوقت هو محاولة استرداد تكلفة متناقصة. فكثير من الناس يحصلون على درجة جامعية فى موضوع يتضح فيما بعد أنه لا قيمة له فى السوق عندما يتركون الدراسة، فيقضون أشهر، وحتى سنوات، ويكدحون فى طرق الأبواب واحدًا وراء الآخر، فى محاولة للعثور على شخص يوظفهم ويدفع لهم راتبًا نظير المعارف المكتسبة التى لم يعد لديها أية قيمة اقتصادية تذكر. وإن عاجلًا أو آجلًا، يدركون أنهم تلقوا الدورات الخطأ أو تعلموا المهارات الخطأ. والآن، ليس لديهم خيار سوى أن يتعلموا المهارات الجديدة التى لها قيمة فى السوق.
كن مستعدًّا لتقليل خسائرك
أحد أسباب إهدار الوقت بشكل هائل، والفشل فى الحياة ، هو عدم القدرة أو عدم الرغبة فى خفض الخسائر الخاصة بك. وبدلًا من ذلك، ينبغى أن تذكر نفسك باستمرار: لا يهم المكان الذى تأتى منه، ولكن المهم حقًّا هو المكان الذى تذهب إليه.
وأحد العوامل الرئيسية لإهدار الوقت هو الاستثمار فى غرورك؛ فإنك تتخذ قرارًا، أو التزامًا بالوقت أو المال، أو العاطفة، ولكنه ليس ناجحًا. وعندئذ، وبسبب الأنا الخاصة بك، فإنك لا ترغب فى أن تعترف بأنك ارتكبت خطأ، وأنك كنت على خطأ، وأنه اتضح أن قرارك كان خطأ. وعندئذ تستثمر قدرًا هائلًا من الوقت، والعاطفة، والمال فى كثير من الأحيان لتغطية حقيقة أنك ارتكبت خطأ. فتتعلل وتبرر، وترفض مواجهة الحقائق، وغالبًا ما تتسبب لنفسك فى المرض.
تعلم كيفية السيطرة على الأنا الخاصة بك، بدلًا من تركها هى التى تتحكم فيك، وتقبل حقيقة أنك لست مثاليًّا؛ فمعظم الأشياء التى تجربها فى الحياة لن تنجح من المرة الأولى على أية حال. عليك فقط أن تقول عبارة: “إننى أرتكب أخطاء”، واعترف بأنك اتخذت قرارًا سيئًا، واعترف أنه لو واتتك الفرصة لفعل ذلك مرة أخرى، فإنك ستفعله بشكل مختلف تمامًا؛ فإن عدم الرغبة فى الاعتراف بالخطأ تجعل الناس منغلقين فى مواقف غير سعيدة وغير مشبعة عامًا بعد عام.
وبمجرد أن تعترف بأى خطأ، فإنك لا تكون بحاجة إلى تفسير أو تبرير نفسك، ويمكنك مواصلة باقى حياتك، ويمكنك اتخاذ قرارات واتجاهات جديدة، ويمكنك التركيز مواهبك وقدراتك الخاصة على فعل الأشياء التى يمكن أن يكون لها مستقبل عظيم بالنسبة لك.
ضع حياتك كلها فى الاعتبار
ضع حياتك الحالية، واستثماراتك الماضية، وتكاليفك المتناقصة فى تعليمك وحياتك المهنية فى منظورها الصحيح. واطرح هذا السؤال: ما طول المدة التى أنوى أن أعيشها؟ فإن طرح هذا السؤال والإجابة عنه يطيل على الفور من منظور الوقت الخاص بك.
لا يقرر معظم الناس مطلقًا المدة التى ينوون العيش خلالها. فيقولون: “إننى سأعيش مائة عام” لكنهم فى الحقيقة ليسوا جادين لأنه ليس لديهم خطط واضحة للوصول إلى هذه السن.
إن متوسط العمر المتوقع اليوم هو 76 عامًا للرجال و 79 عامًا للنساء؛ وهذا يعنى أن نصف السكان سيموتون بعد وصولهم إلى تلك الأعمار، والنصف الآخر من السكان سيموتون قبل الوصول إليها.
والمعادلة التى تستخدمها شركات التأمين للتنبؤ بعمرك هى أنها تأخذ ثلثى عدد السنوات بين عمرك الحالى، وعمر 100 عام، ثم تضيفه إلى عمرك الحالى. وهذا قد يقدر متوسط عمرك المتوقع لأغراض التامين والمحاسبات. فإذا كان عمرك 40 عامًا، فإن 2 / 3 × (100-40) = 40. ولذا، فإن متوسط عمرك المحسوب أو المتوقع هو 80 عامًا. وتكتب شركات التأمين الكبرى بوالص التأمين على أساس هذه التوقعات طوال اليوم، ونادرًا ما تخطئ.
أضف عشر سنوات لحياتك
لا يزال معظم الناس عالقين فى نموذج القرن العشرين الخاص بالتقاعد فى سن 65 عامًا. وقد تم وضع هذه السن للتقاعد فى عام 1935، عندما تم إدخال نظام الضمان الاجتماعى ومعاشات التقاعد لأول مرة. فى ذلك الوقت، كان متوسط العمر المتوقع للعامل الأمريكى العادى هو 62 عامًا، وكانت معظم الوظائف التى يؤديها الناس حينئذ تتطلب عملًا بدنيًّا، لتحريك ونقل الآلات والأشياء. وبحلول الوقت الذي يصل فيه العمال لسن 62 أو 65، فإنهم كانوا يصبحون مثل آلة مهترئة. وكان متوسط العمر المتوقع حوالى 2.7 سنوات بعد التقاعد.
ولكن اليوم، تغير كل شىء؛ فمعظم الناس هم عمال معرفة. وهم يعملون بعقولهم، بدلًا من مع عضلاتهم؛ وبذلك يصبحون أكثر يقظة وذكاء مع التقدم فى العمر والخبرة. فكلما تقدموا فى السن، أصبح ذلك أفضل. وفى نفس الوقت، فإن ازدهار الاختراعات والابتكارات والاكتشافات فى مجال الطب والدواء قد عزز من متوسط العمر المتوقع للناس فى العالم الصناعى بما يقرب من ثلاثين عامًا فى القرن الماضى وحده.
إن هذا يعنى، فى أبسط الأحوال، أن ما يعادل سن 65 للتقاعد فى عام 1935 هو سن 75 للتقاعد فى القرن الحادى والعشرين. فعندما تصل إلى سن 60 أو 65، ستكون مازلت على قمة اللعبة الخاصة بك، وسوف تكون حاد الذهن ومتيقظًا وممتلكًا لجميع الصلاحيات والقدرات. وسوف تكون مشرقًا، ومبدعًا، ومتمتعًا بمستويات عالية من الطاقة البدنية والعقلية والعاطفية، وما من سبيل لأن ترغب فى التقاعد والجلوس على كرسى هزاز والتسكع والتكاسل لأكثر من عشرين أو خمسة وعشرين عامًا.
من هذا اليوم فصاعدًا، تأمل نفسك وأنت تؤدى عملًا مثمرًا حتى سن الخامسة والسبعين. وبطبيعة الحال، بمجرد أن تصبح مستقلاًّ ماليًّا، لن تعمل لأنك مضطر للعمل، ولكن لأن تريد أن تعمل. وسوف تعمل فى وظائف مختلفة، وتفعل أشياء مختلفة تمكنك من أن تتخصص فى تلك المهام والأنشطة التى تستمتع بها كثيرًا. لكن ليس من المرجح أن تتقاعد مطلقًا. وحتى لو فعلت ذلك، سيكون لديك عشر سنوات إضافية من العمل النشط قبل أن تتوقف.
معظم حياتك يكمن فى المستقبل
من منظور وظيفتك الحالية، والتكاليف المتناقصة فى الماضى، ما الذى تريد فعله حقًّا بحياتك فى السنوات القادمة؟ تطلع إلى المستقبل وتخيل أن أمامك عدة عقود من الحياة المثمرة من العمل فى انتظارك. فإذا كان من الممكن أن تعمل فى أى وظيفة، فماذا ستكون؟ ولو كنت تعمل فى أى صناعة، أو فى أى جزء من البلاد، والقيام بأى جزء معين من أى وظيفة، وأنت حر فى الاختيار، فما الذى قد تختاره لنفسك؟ كل هذه الخيارات متاحة لك اليوم.
وإليك قصة رائعة قرأتها فى إحدى الصحف مؤخرًا: هذه القصة عن امرأة كانت قد أتت من عائلة ذات خلفية ثقافية محدودة وأنهت تعليمها الثانوى فقط، وكانت وظيفتها الأولى هى ممرضة مساعدة. لكنها كانت طموحة ومثابرة. فمن خلال العمل الجاد والدراسة فى فترات المساء وعطلات نهاية الأسبوع، أصبحت فى النهاية ممرضة مسجلة، وأخذت دورات إضافية، وتمت ترقيتها. وفى النهاية، أصبحت رئيسة الممرضات فى المستشفى المحلى بمدينتها. وفى غضون ذلك، تزوجت وأنجبت طفلين.
وعندما كان عمرها أربعين عامًا، تبين لها أنها من الممكن أن تصبح طبيبة، إذا ركزت على ذلك؛ حيث أقنعها تعاملها مع الأطباء الآخرين بأنهم لم يكونوا أكثر ذكاء منها. فجلست مع عائلتها وأخبرتهم بحلمها. وقد دعمها زوجها وأطفالها الذين كانوا فى سن المراهقة تمامًا. ومنذ ذلك اليوم، تحمل أفراد العائلة جميع المسئوليات حتى تتمكن من العودة إلى المدرسة، واستكمال الدورات اللازمة، حتى أصبحت طبيبة.
وفى سن الثامنة والأربعين، كانت قد تخرجت مع مرتبة الشرف وحصلت على شهادة فى طب الأطفال. وبحلول الوقت الذى كانت تبلغ فيه سن الخمسين، تم تسجيلها فى الممارسة الطبية مع الأطفال. وكانت تستمد الكثير من الفرح والإشباع من حياتها وعملها أكثر مما كانت تعتقد على الإطلاق.
فكر فى مستقبلك
اليوم، ليس من غير المألوف أن نرى الرجال والنساء يعودون إلى كلية أو جامعة فى الأربعينات والخمسينات من عمرهم. فهم يقضون عدة سنوات فى نيل درجات علمية متقدمة ثم الاستقرار فى ممارسة تخصصهم للسنوات العشر أو العشرين التالية – وهذا أمر ممكن بالنسبة لك أنت أيضًا.
مهما كان ما تفعله أو فشلت فى فعله فى الماضى، من الممكن أن يكون مستقبلك غير محدود. يمكنك أن تقرر، الآن، أن تعمل على نفسك وتعد نفسك لفعل هذا النوع من العمل الذى تحب القيام به، وأنك ستؤدى العمل الذى يغمرك بأعظم مشاعر البهجة والإشباع الممكنة. وعندئذ حدده على أنه هدف لك، وضع خطة له، وابدأ العمل، وافعل شيئًا ما كل يوم لزيادة معرفتك وتطوير مهاراتك، بما يحركك بشكل أسرع نحو القيام بالعمل الذى كنت تريد أن تؤديه فى المجال المثالى بالنسبة لك.
فى بعض الأحيان، يشتكى الناس من أن الأمر قد يستغرق عدة سنوات لتحقيق مستوى المعرفة والمهارة التى من شأنها أن تمكنهم من فعل ما يحبون القيام به. ولكن، كما قلت سابقًا، فإن “الوقت سيمر على أية حال!”، فبعد خمس سنوات من الآن، ستكون أكبر فى العمر بمقدار خمس سنوات. وبعد عشر سنوات من الآن، ستكون أكبر فى العمر بمقدار عشر سنوات. فإذا كان هناك ما تود حقًّا أن تفعله ويتطلب سنوات من الإعداد المسبق، فإن أفضل وقت للبدء هو الآن – فالوقت سيمر على أية حال.
وبسبب الطبيعة النشطة لسوق العمل، فإن الشخص العادى فى أمريكا سيكون لديه عشر وظائف كبرى بدوام كامل لعامين أو أكثر، ولديه ما بين أربع أو خمس وظائف مختلفة على مدى مسار حياته العملية. انظر إلى وظيفتك الحالية واسأل نفسك عما إذا كان هذا هو ما تريد القيام به حقًّا لباقى حياتك. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعندئذ اجلس وقرر ما تريد أن تفعله حقًّا، وما يجب عليك فعله للوصول إلى ذلك المنصب.
إن العمل فى الوظيفة الخطأ لا يهدر وقتك فقط، ولكن يهدر حياتك أيضًا. ويعد العمل فى الوظيفة المناسبة هو أحد أفضل السبل لعيش حياة طويلة من السعادة والإنجاز، بل إنه وسيلة لضمان أن تحصل على أكبر قيمة ممكنة من وقتك وحياتك.
ما قد يكون أكبر عوامل إهدار الوقت على الإطلاق
لعل أعظم عوامل إهدار الوقت فى الحياة على الإطلاق هو الدخول والاستمرار فى العلاقة الخطأ. ومن المدهش تمامًا كثرة عدد الأشخاص الذين يتزوجون فى وقت مبكر من الحياة، أو يبدأون العيش مع شخص فى العشرينات من العمر، ثم يظلون فى حالة من التعاسة المتزايدة عامًا بعد عام. إنهم لا يكفون عن التفكير فى أن هذه السنوات ولت إلى الأبد، وأنه لا يمكن استعادتها أبدًا.
ما الغرض من أية علاقة؟ الإجابة الأبسط عن هذا السؤال هى لكى تصبح أكثر سعادة مما تكون عليه لو لم تكن فى تلك العلاقة على الإطلاق، وهذا واضح جدًّا لدرجة أن الكثير من الناس يغفلون عنه.
إن أى فعل بشرى يهدف إلى تحسين حياتك بطريقة أو بأخرى، يعمل على زيادة مستوى السعادة لما هو أبعد مما تكون عليه لو لم تقم بهذا الفعل أو تتخذ ذلك القرار، ولذا فإن اختيار أية علاقة، يعد أحد أهم الاختيارات التى تتخذها فى الحياة؛ فإن اختيار العلاقة الصحيحة يمكن أن يكون له تأثير أكبر على سعادتك من أى شىء آخر تختار القيام به، كما أن الاختيار الخطأ لأية علاقة قد يدمر آمالك وأحلامك أكثر من أى خيار آخر.
كن أمينًا مع نفسك
طبق مسألة التفكير الصفرية: لو لم أكن قد دخلت فى هذه العلاقة أو الزواج، وكان لدىَّ من المعرفة ما أعرفه الآن، فما الذى قد أدخل فيه مرة أخرى لو كان علىَّّ القيام بهذا الأمر من جديد؟ إن طرح هذا السؤال والإجابة عنه يعد أحد أصعب الأمور – ولكنه فى نفس الوقت أهم الأمور – التى قد تفعلها على الإطلاق.
إذا وجدت أنك تعيس داخل العلاقة أكثر مما لو كنت خارجها، فإنك تدين لنفسك بالتفكير بجدية فى إجراء بعض التغييرات. فكر فى طول المدة التى تود أن تعيشها. فإذا كنت غير سعيد فى علاقتك اليوم، فهل أنت مستعد للتعايش مع هذا المستوى من التعاسة وعدم الرضا لبقية حياتك؟
الناس لا يتغيرون
هناك قاعدة أساسية فى العلاقات الإنسانية، وهى أن “الناس لا يتغيرون”. فأنت وكل شخص تلتقى به عبارة عن نتاج حياتهم بأكملها. وبدءًا من مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة، يتعرض الناس للمؤثرات التى تشكل تصرفاتهم. وبحلول أواخر سنوات المراهقة، يتم تثبيت قيمهم وشخصياتهم إلى حد كبير. ولو حدث أن حضرت حفلًا للم الشمل لمدرستك الثانوية بعد مضى عشر سنين، أو عشرين أو ثلاثين عامًا، فسوف تندهش لرؤية أن الناس، وبصرف النظر عن علامات التقدم فى العمر، شبوا على نفس المبادئ التى نشأوا عليها منذ عقود.
الناس لا يتغيرون. ويجب ألا تعلق آمالك من السعادة على إمكانية أن يتغير أى شخص ويصبح مختلفًا. وأنت نفسك لا تتغيير بشكل كامل فى حياتك الخاصة. وليس من المنطقى أن نتوقع أن الآخرين قد يتغيرون، حتى لو كانوا يريدون ذلك، أو وعدوا به. وفى الواقع، فإن الناس لا يتغيرون فقط، ولكنهم تحت الضغط، يتحولون من سيئ الى أسوأ – بل إنهم يصبحون أسوأ مما هم عليه بالفعل.
قيِّم خياراتك
إذا قررت أنك لن تدخل فى هذه العلاقة مرة أخرى، مع ما لديك من المعرفة الآن، فإن السؤال التالى هو: كيف يمكننى الخروج من هذا الموقف؟ وبأى سرعة؟
تذكر أن هدفك الرئيسى فى الحياة هو تحقيق سعادتك الخاصة وإشباع إمكانياتك الخاصة كإنسان. وأى شىء يعترض طريقك لتصبح شخصًا أفضل، ربما يكون بحاجة لدراسته بعناية، وإذا لزم الأمر، تغييره تمامًا.
إن إحدى أشهر المسرحيات التى تم تأليفها وتمثيلها على الإطلاق هى مسرحية Cyrano de Bergerac، التى ألفها “إدموند روستاند”. قرب نهاية المسرحية، يُسأل “سيرانو” عن السبب فى أنه أصبح أنانيًّا بشدة طوال حياته كلها، ولا يهتم بآراء وانتقادات الآخرين. فيرد بتلك الكلمات: “فى سن مبكرة، قرت أن أختار فى الحياة خط المقاومة الأقل، وأن أرضى، على الأقل، نفسى فى كل شىء”.
هذه ملاحظة عميقة. فنحن نسعى طوال حياتنا، لأن ننال استحسان الآخرين ونخاف من الرفض، ونُخضع شخصياتنا ونعدل سلوكياتنا حتى يحبنا الآخرون ويتقبلونا. ونحن نفكر باستمرار فيما يجب علينا القيام به لنكون محبوبين ومقبولين من الآخرين. وإذا لم نكن حذرين، فقد نخسر شخصياتنا ونصبح منشغلين بإرضاء الآخرين.
أسعد نفسك على الأقل
لكن هذا النوع من السلوك هو طريق مسدود، لأن حب الآخرين وكرههم يتغير باستمرار، وغالبًا فى لحظات. وليس من الممكن بالنسبة لك أن تفعل أو تصبح أو تقول كل الأشياء الصحيحة اللازمة لحمل الناس على حبك واحترامك وتقبلك. ومهما حاولت بجهد لتتوافق مع رغباتهم، فإنك دائمًا ستخطئ، وتثير استياءهم إذا لم تستطع موافقتهم، وينتهى بك الحال بالشعور بأنك أحمق.
سر السعادة هو أن “ترضى نفسك على الأقل فى جميع الأشياء”؛ وبهذه الطريقة، يمكنك أن تتأكد من أن هناك شخصًا واحدًا على الأقل سعيد بما تفعله وما تسير الأمور به. وحيث إنك لا تستطيع مطلقًا التنبؤ بما سيرضى الآخرين، فأرضِ نفسك على الأقل.
وإحدى علامات “الشخص الذى يعمل بكامل طاقته”، كما عرفه عالم النفس “كارل روجرز”، هو أنه لا يتأثر على نحو غير ملائم بآراء الآخرين. فالشخص الناضج، الكفء هو الذى يأخذ ما يحبه الآخرون وما يكرهونه وآراءهم فى الحسبان، ولكنه يتخذ قراراته الخاصة ويتصرف بطريقته الخاصة. وإذا لم يحب الآخرون تصرفاته أو يعجبون بها، فإنه يتجاهل ذلك ويستمر دون الالتفات لأحد.
والسر هو ألا تقلق بشأن ما قد يعتقده الناس فيك؛ فالحقيقة هى أن الناس لا يفكرون حقًّا فيك على الإطلاق. ومعظم الناس مشغولون جدًّا بمشاكلهم ومخاوفهم الخاصة لدرجة أنه ليس لديهم الوقت للتفكير فى حياة أو تصرفات الآخرين. لذا فهيئ أشرعتك الخاصة، والعب اللعبة بطريقتك الخاصة، وحدد مستقبلك بنفسك. وافعل ما يبدو لك أنه الشىء المناسب الذى ينبغى عليك فعله فى هذه اللحظة – أى أسعد نفسك، وتجاهل الآخرين.
وقتك وحياتك ثمينان
كن أنانيًّا عندما يتعلق الأمر بوقتك. وتذكر أن وقتك هو حياتك، وهذه الحياة ليست بروفة لشىء آخر. قل “لا” للطلبات التى تضغط على وقتك والتى لا تحركك نحو أهدافك وطموحاتك الشخصية. وعندما تقول “لا”، فإن الناس فى كثير من الأحيان يعربون لك عن القليل من الاستياء أو حتى يحاولون إشعارك بالذنب. ومع ذلك، ينبغى أن تتمسك بأسلحتك، لأن رفضهم الضحل سيستمر فقط لبضع ثوان، وبعد ذلك سيتوجهون لشخص آخر يطلبون منه التبرع بوقته أو ماله. وبذلك سوف تكون حرًّا.
وعند اكتساب فلسفة لإدارة الوقت، تعامل مع وقتك مثلما تتعامل مع مالك: خصص وقتك حسب معدل كل ساعة، واستخدم هذا المعدل كأداة قياس لكل ما لديك.
ركز جهودك على المهام ذات القيمة العالية – وهى المهام التى يمكن أن تحقق لك ما تريد ربحه. فإذا كنت تريد أن تربح 25 دولارًا فى الساعة الواحدة، اسأل نفسك باستمرار: “هل ما أقوم به الآن هو نوع العمل الذى يحقق لى 25 دولارًا أو أكثر فى الساعة؟”. فإذا لم يكن كذلك، فاضبط نفسك على التوقف عن فعله على الفور، واضبط نفسك فقط للقيام بالعمل الذى يحقق لك ما كنت تريد أن تربحه حقًّا.
ما يجعلك متميزًا
إنك تمثل أكثر أصولك قيمة. والجزء الذى يجعلك متميزًا وفريدًا هو عقلك. وقدرتك على التفكير والتصرف. فطوال حياتك، يجب أن تعمل على رفع مستوى نوعية تفكيرك وتحسين مهاراتك لتفعل معظم الأشياء المهمة التى تقوم بها فى عملك وفى حياتك.
استثمر بانتظام فى تحسنك الذاتى وتطورك الشخصى والمهنى. وابحث باستمرار عن طرق لزيادة قيمة إسهامك للأشخاص الذين يعتمدون عليك. وكرس نفسك للتعلم مدى الحياة، لأن تطوير خبرتك ومهاراتك من خلال العمل الجاد والدراسة يمكن أن يفعل لك المزيد لمضاعفة قيمتك، وقدرتك على الربح، أكثر من أى شىء آخر تقريبًا يمكنك القيام به.
ويعد التطوير الشخصى والمهنى هو الاستخدام الأمثل لوقتك. ومن الممكن أن يكون الأثر المستقبلى لدراسة الذات هائلًا لدرجة أنه لا يمكن قياسه. وعند تطوير أية مهارة إضافية فى الوقت المناسب، يمكنك فى الغالب الانتقال بحياتك المهنية إلى مستويات أعلى من ذلك بكثير؛ فيمكنك تخطى خمس سنوات مستقبلية بأن تصبح جيدًا للغاية فى إحدى المهارات الرئيسية المطلوبة إلى حد كبير فى الوقت الراهن.
انظر إلى نفسك على أنك قدوة للآخرين
عند تطوير فلسفتك فى إدارة الوقت والحياة، انظر إلى نفسك على أنك نموذج يحتذى به الآخرون، واضبط نفسك على أن تكون مثالًا إيجابيًّا للكفاءة الشخصية لموظفيك، وزملائك، ورؤسائك فى العمل، وكذلك لعائلتك وأطفالك.
تخيل أن الآخرين ينظرون إليك على أنك نموذج لهم فى الكفاءة الشخصية، وتخيل أنك الذى يضع معايير إدارة الوقت والفعالية الشخصية فى مؤسستك. ففى كل شىء تفعله، تصرف كما لو كان الآخرون يراقبونك بعناية؛ فهذا سيجبرك على أن تكون أكثر انضباطًا وحزمًا فى تصرفاتك اليومية عما لو كنت تعتقد أنه لا يوجد من يراقبك.
حافظ على التوازن فى حياتك
لعل أهم جزء من كل من سيكولوجية وفلسفة إدارة الوقت هو رغبتك وقدرتك على الحفاظ على التوازن فى حياتك. استخدم كفاءتك وإنتاجيتك المتزايدتين لتوفير المزيد من الوقت الذى يمكن أن تقضيه مع الأشخاص الذين تهتم بهم كثيرًا.
إن المصادر الرئيسية للبهجة فى الحياة تتمثل فى العلاقات التى تكونها مع الأشخاص الآخرين الذين تحبهم وتهتم لأمرهم. فحافظ على التوازن فى حياتك بأن تسأل نفسك بانتظام: “كيف أود أن أقضى وقتى لو كان أمامى ستة أشهر فقط باقية فى حياتى؟”.
وعندما تقرر الطريقة التى قد تقضى بها الأشهر الستة الأخيرة لك فى الدنيا، يمكنك عندئذ أن تسأل نفسك: “كيف يمكن أن أقضى وقتى إذا لم يكن لدىَّ سوى ستة أسابيع باقية لى فى حياتى؟”.
كيف تود أن تقضى وقتك إذا كان لديك ستة أيام فقط لتعيشها؟ أو ست ساعات؟ وأخيرًا، ما الذى قد تفعله، ومن الذى تريد أن تتحدث معه، وما الذى تود قوله لو وجدت أن أمامك ستين دقيقة فقط على وجه الأرض؟
لو كانت أمامك فترة قصيرة لتحياها، فإن الشىء الوحيد الذى قد تفكر فيه قد يكون أهم الأشخاص الموجودين فى حياتك. فإذا لم يكن أمامك سوى وقت قصير لتحياه، فلن يكون هناك شىء أهم بالنسبة لك من أن تصل إليهم وتتواصل معهم بطريقة أو بأخرى. ومهما كان ما قد تفعله لو كان لديك وقت قصير جدًّا لتحياه، تأكد من إدراج هذه الكلمات والأنشطة فى حياتك اليومية؛ فأنت لا تعرف أبدًا متى ستموت.
فكر فى قيمك
للحفاظ على التوازن فى حياتك، عليك باستمرار مراجعة قيمك والأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لك. وسوف تشعر دائمًا بأنك أكثر سعادة، وتستمتع بأعلى مستويات الثقة بالنفس، عندما تكون أهدافك وأنشطتك اليومية منسجمة مع قيمك الخاصة، وعندما يكون ما تفعله فى العالم الخارجى متطابقًا تمامًا مع أفضل صفاتك الشخصية من الداخل – وبذلك فإنك ستشعر دائمًا شعورًا أفضل مما كنت عليه فى أى وقت آخر.
عرف وحدد أسلوب حياتك المثالى. فلو كنت مستقلًّا ماليًّا وتستطيع تنظيم حياتك بأى شكل تريده، فما الذى قد تود فعله بشكل مختلف عما تفعله اليوم؟ تخيل أنك تضع التقويم المثالى الخاص بك، أسبوعًا بأسبوع، وشهرًا بشهر. فإذا كان بإمكانك تصميم عامك من 1 يناير إلى 31 ديسمبر، فكيف تود أن تقضى كل يوم وكل أسبوع؟ وإلى أين تود أن تذهب؟ وأى نوع من الإجازات تود الحصول عليه مع عائلتك؟ ولو كانت حياتك مثالية، فما الوقت الذى قد تذهب فيه إلى الفراش والوقت الذى ستستيقظ فيه؟ ولو كنت حرًّا تمامًا فى اختياراتك، فما التغييرات التى قد تحدثها فى أسلوب حياتك بدءًا من اليوم؟
وكلما كنت أكثر وضوحًا بشأن أسلوب حياتك المثالى، أصبح من الأسهل بالنسبة عليك أن تتخذ قرارات على المدى القصير تضمن لك تحقيق هذا الأسلوب فى وقت ما فى المستقبل؛ فالوضوح هو كل شىء.
أربع طرق لتغيير حياتك
هناك أربع طرق فقط يمكن أن تغير حياتك: أولًا، يمكنك أن تفعل المزيد من بعض الأشياء المعينة، وهى الأشياء التى تعمل معك بشكل جيد. ثانيًا، يمكنك أن تفعل القليل من أشياء أخرى، وهى تلك الأشياء التى لا تجدى فى عملك وحياتك الشخصية. ثالثًا، يمكنك البدء فى فعل شىء لا تفعله اليوم. ورابعًا، يمكنك التوقف عن شىء معين تمامًا.
وعند العمل على تحقيق توازن أفضل فى حياتك، فإن أول الأسئلة التى يجب أن تطرحها هى: “ما الذى ينبغى أن أفعل المزيد – أو القليل – منه لتحسين جودة حياتى؟”. وفى كل الأحوال تقريبًا، سوف تقرر أنك تحتاج إلى المزيد من العمل بكفاءة حتى يمكنك قضاء المزيد من الوقت، بشكل شخصى، مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم كثيرًا.
وعندئذ اسأل نفسك: “ما الذى ينبغى أن أبدأ فى فعله ولا أفعله فى الوقت الحالى، لو كنت أرغب فى تحسين جودة حياتى؟”. وأخيرًا، يجب عليك أن تسأل: “ما الذى ينبغى أن أتوقف عن فعله تمامًا، لو كنت أريد المزيد من الوقت لفعل المزيد من الأشياء الأهم بالنسبة لحياتى وأهدافى؟”.
اجلس مع زوجتك وأطفالك، واسألهم: “ما الذى تودون منى أن أفعله بشكل أكبر، أو أقل؟ وما الذى تودون منى أن أبدأ بفعله، أو أتوقف عنه؟”، فإنهم سيمنحونك الأفكار والآراء التى يمكن أن يكون لها تأثير عميق على جودة العلاقات داخل عائلتك.
قسِّم حياتك إلى جزءين
قسم حياتك إلى جزءين رئيسيين: العمل والأسرة. وضع جميع الأنشطة الأخرى تقريبًا على أنها أولويات ثانوية لهذين الجزءين الرئيسيين. وبدلًا من القيام بعملك الخاص، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من الأنشطة الأخرى، وبعد منح عائلتك الفتات الذى تم تركه، ضع عائلتك وعلاقاتك فى محور حياتك، ونظم عملك وجميع أنشطتك الأخرى حولهما.
وعندما تعمل، اعمل طوال الوقت المخصص لك فى العمل، ولا تضيع الوقت، ولا تدردش مع زملائك فى العمل أو تجلس لشرب القهوة وقراءة الصحف، ولا تتصفح الإنترنت، ولا تأخذ فترات غداء واستراحات طويلة، ولا تبدأ العمل فى وقت متأخر وتنتهى فى وقت مبكر. وعندما تعمل، اعمل بجد! واحرص على أن تكرر لنفسك: “لأعد إلى العمل! لأعد إلى العمل! لأعد إلى العمل!”.
وعندما تكون مع عائلتك، كن معهم بكامل انتباهك وبنسبة 100 % من الوقت. لا تقرأ الصحف، أو تتصفح قنوات التليفزيون، أو تتحدث عبر الهاتف، أو تلعب بجهاز الكمبيوتر. وبدلًا من ذلك، اقض المزيد من الوقت فى الجلوس مع الأشخاص الأكثر أهمية فى حياتك.
الوقت هو مقياس القيمة
إن جودة أية علاقة تتحدد إلى حد كبير بمقدار الوقت الذى تستثمره فى تلك العلاقة. فيمكنك فقط زيادة قيمة أية علاقة بالنسبة لك، وأيضًا زيادة قيمة نفسك فى هذه العلاقة، من خلال قضاء المزيد من الوقت مع ذلك الشخص. وهذا صحيح فى العمل مع العملاء كما هو الحال مع زوجتك وأطفالك. فكلما زاد الوقت الذى تستثمره فيهم، زاد عمق وثراء جودة علاقتك. لذا، فليس هناك بديل عن الوقت.
هدفك الأسمى
تعد راحة البال هى أعظم مصلحة للإنسان، وهدف كل نشاط بشرى. وينبغى عليك أن تختار راحة البال على أنها هدفك الأسمى، وأن تنظم حياتك كلها حولها. وهى ممكنة فقط عندما تكون حياتك متزنة تمامًا؛ فإنك تجرب السكينة والطمأنينة عندما تقوم بفعل ما يفترض بك القيام به، مع الأشخاص الذين من المفترض أن تفعل ذلك معهم. إنك تجرب راحة البال عندما يكون بمقدورك أن تشعر بأن حياتك كلها تتحت سيطرتك وتنسجم مع قيمك وأهدافك.
ولتحقيق المزيد من راحة البال، استمع إلى حدسك، وثق فى صوت ضميرك الداخلى. وكلما استمعت إلى “الصوت الصغير” الذى لا يزال بداخلك، أصبح التوجيه الذى تتلقاه أفضل وأكثر دقة. وبينما تتبع هذه التوجيهات الصادرة لك من هذا الصوت الداخلى وهذه القوة العليا، يكون قد تم توجيهك، ودفعك للقيام بالأشياء المناسبة بالطريقة المناسبة وفى الوقت المناسب؛ فالرجال والنساء يصبحون أعظم شأنًا عندما يبدأون بالثقة فى ضميرهم الداخلى.
نوعان من الوقت
يتطلب كل من العمل والأسرة نوعين مختلفين من الوقت: إن عملك يتطلب وقتًا يركز على الكيف؛ فهذا هو المكان الذى ينبغى أن تضع فيه أولوياتك وأن تضبط نفسك على التركيز على استخدام وقتك بأعلى قيمة، والهدف من العمل هو تحقيق نتائج ملموسة وقابلة للقياس لنفسك وللآخرين.
أما العلاقات، فإنها تتطلب وقتًا يركز على الكم؛ فإنها تتطلب فترات طويلة، وكتل زمنية تبلغ ثلاثين، أو ستين أو تسعين دقيقة أو حتى فترات أطول، حيث يمكنك أن تسمح بمتسع للعلاقة لتتكشف وتتطور. ولا يمكنك الاندفاع فى أية علاقة مهمة؛ فليس هناك شىء قد يساوى فعالية الحياة الأسرية.
ولإنجاز أكبر قدر ممكن فى العمل، يجب عليك تحديد أهداف وغايات واضحة، وأن تنظم أولويات واضحة، وأن تتغلب على التسويف، وأن تعمل على المهام الأكثر قيمة بالنسبة لك، وأن تستمر حتى إنهاء وإنجاز هذه المهام.
ولتحقيق أقصى استفادة من العائلة والعلاقات، يجب عليك تخصيص فترات طويلة من الوقت الوئيد، حيث يمكن أن تكون هذه اللحظات ممتعة والشيقة بشكل غير متوقع.
اعتنِ بنفسك
حافظ على التوازن فى حياتك من خلال استثمار الوقت فى اللياقة البدنية، سواء كان ذلك فى المشى أو الجرى، أو السباحة، أو لعب الجولف؛ فكل جزء من جسدك ينبغى أن يتدرب ويعمل بنشاط كل يوم. وينبغى تدريب كل العضلات على المرونة والتمدد كل يوم. وينبغى أن تشارك فى تدريبات الأيروبكس ثلاث مرات أسبوعيًّا للحفاظ على أقصى مستويات اللياقة البدنية، والأداء بأفضل ما لديك.
ولو حدث أن كنت تشعر بأنك مشغول جدًّا لدرجة تعوقك عن أداء التدريبات الرياضية، فهذا يعنى أن حياتك غير متزنة. وعندما تشعر بأنك فى حلقة مفرغة لا يمكنك الخروج منها لأن لديك الكثير مما يجب القيام به، فهذا يعنى أنك تقترب من نقطة الانهيار. وعندما تشعر أنك لا تستطيع أن تتوقف، فإن الطبيعة تخبرك بأنك يجب أن تتوقف فى أقرب وقت ممكن.
خلال يوم العمل، خذ فترات راحة متكررة للتمدد، والتمشية، وتغيير وضعية جسدك؛ فإن الخروج للمشى أثناء اليوم سوف يحقق لك المزيد لتضمن أنك فى حالة تأهب وإنتاجية فى فترة ما بعد الظهر عن أى نشاط آخر تقريبًا.
حافظ على مستويات عالية من الطاقة الذهنية
فى ولاية تكساس يقولون: “لا يهم حجم الكلب فى المعركة، ولكن المهم هو حجم المعركة لدى الكلب”. وعند الرغبة فى الحفاظ على التوازن فى حياتك، فإن إعادة صياغة هذه الجملة قد يكون: “لا يهم عدد الساعات التى تعملها، ولكن المهم هو جودة التفكير واليقظة التى تضعها فى تلك الساعات”.
إن القرارات التى تتخذها، مثل الذهاب الى الفراش فى وقت مبكر والحصول على نوم جيد بالليل، لها تأثير مفرط على جودة يومك. فعندما تكون مستريحًا تمامًا، فإنك تنتج عملًا أعلى جودة مما تنتجه عندما تكون متعبًا بسبب حصولك على قسط كاف من النوم. وعندما تكون مستريحًا تمامًا، فإنك تتخذ قرارات أفضل، مما يؤدى إلى نتائج أفضل. وعندما تكون متعبًا، فإنك فى الغالب تتخذ قرارات سيئة تؤدى إلى الأخطاء وسوء الفهم يجب التعامل معه أو علاجه، وغالبًا ما تكون مكلفة. فالتعب عامل رئيسى لإهدار الوقت.
كُلْ جيدًا للحصول على مستويات عالية من الطاقة
إن ما تأكله، والوقت الذى تتناول فيه الطعام، يمكن أن يكون له تأثير كبير على مستويات الطاقة الخاصة بك. فعندما تتناول وجبتى إفطار وغداء ذواتى جودة عالية، فإنك ستكون أكثر إشراقًا ويقظة على مدار اليوم. وسوف تكون أحدَّ ذهنًا ومفعمًا بالمزيد من الطاقة. وسوف تكون أكثر إبداعًا وثقة. وسوف تتخذ قرارات أفضل وتحصل على نتائج أفضل عندما تحصل على تغذية سليمة. إن ممارسة تناول وجبات خفيفة، وتجنب السكريات، والأملاح، والأطعمة الدسمة سوف يضمن لك التمتع بطاقة ذهنية أعلى، وستصبح أكثر فعالية عما لو كنت تتناول الأطعمة غير الجيدة، ولا سيما بالنسبة لك.
علم أطفالك قوة الوقت
اجعل من إدارة الوقت بشكل جيد جزءًا من حياتك العائلية. علم أطفالك عادات العمل الجيد من خلال مساعدتهم فى أداء واجباتهم المنزلية والإصرار على أدائها بسرعة، قبل أن يفعلوا أى شىء آخر. ففى أكثر من 8000 دراسة عن الرجال والنساء الذين أصبحوا متفوقين فى وقت مبكر من حياتهم، فإن أحد العوامل الثابتة لديهم كان يتمثل فى اهتمام والديهم بواجباتهم المدرسية والانخراط فيها. فكلما زاد اعتقاد الأطفال بأن والديهم يهتمان بأداء الواجبات المنزلية فى الوقت المحدد، أصبحوا أكثر التزامًا فى أداء الأعمال المدرسية بشكل جيد. وعندئذ فإن هذه العادة المتمثلة فى القيام بعمل جيد، والقيام به على الفور، تمتد لتستمر معهم وهم بالغون.
احصل على إجازة للراحة والاسترخاء
عند الحفاظ على التوازن فى حياتك، يعد الاسترخاء غالبًا هو الاستخدام الأكثر قيمة لوقتك. وفى بعض الأحيان، يكون أهم شىء يمكن القيام به هو ألا تفعل شيئًا. خذ على الأقل يومًا أو يومين كإجازة من العمل كل أسبوع، وصمم على عدم القيام بأى شىء متصل بالعمل فى تلك الأيام – خصص هذا الوقت للاستمتاع فقط.
اخرج فى نزهة مع زوجتك أو أطفالك، أو أصدقائك. وخذ بعض الوقت للاسترخاء، والتفكير والتأمل، وضبط أهدافك وأولوياتك. وتأكد من أن أنشطتك اليومية متسقة مع أعمق قناعاتك. وتأكد من أن أهدافك وأولوياتك منسجمة مع قيمك.
استغرق بعض الوقت للتفكير بشكل منتظم فيما هو مهم فعلًا بالنسبة لك، وتأكد من أن الجوانب الخارجية لحياتك متسقة ومتناغمة مع الجوانب الداخلية.
يمكنك إدارة نفسك فقط
وأخيرًا، فعند تطوير فلسفتك الخاصة بإدارة الوقت، ذكر نفسك باستمرار بأنك لا تستطيع إدارة الوقت، ولكنك تستطيع إدارة نفسك فقط؛ فإدارة الوقت هى إدارة للحياة. وتتطلب إدارة الوقت التحكم فى النفس، والبراعة الذاتية، والانضباط الذاتى. وتعتبر السلوكيات وطرق إدارة الوقت مهارات يمكن أن تتعلمها من خلال الممارسة والتكرار. وفى النهاية، فإن قدرتك على إدارة نفسك وحياتك سوف تصبح أمرًا تلقائيًّا وسهلًا.
وتعتبر إدارة الوقت أسلوب حياة يجب ممارسته كل ساعة، وكل يوم، وطوال حياتك، لأنها العادة الوحيدة، والمنهج الوحيد الذى لا غنى عنه لأى شىء آخر تريد تحقيقه. فمع مهارات وممارسات إدارة الوقت الرائعة، لا توجد حدود.
“إن الحياة ليست سهلة لأى واحد منا، ولكن ماذا فى ذلك؟ يجب علينا المثابرة، وقبل كل شىء، الثقة فى أنفسنا. ويجب علينا أن نعرف أننا موهوبون لتحقيق شىء معين، وأنه لابد من تحقيق هذا الشىء مهما كان الثمن”.
تدريبات عملية
1. فكر على المدى الطويل، وتصور خمس وعشر سنوات مستقبلية، وصمم حياتك بشكل مثالى فى كل مجال. فكيف ستبدو؟
2. ضع خطة مفصلة اليوم لتحقيق الاستقلال المالى فى وقت محدد فى المستقبل. فكم ستحتاج من المال؟
3. افعل ما تحب القيام به، وحدد نوع العمل الذى من شأنه أن يجعلك أكثر سعادة، وعندئذ نظم حياتك لفعله بطريقة ممتازة. فما هو؟
4. تحقق من علاقاتك، وتأكد من أنك ستكون سعيدًا بما أنت عليه لبقية حياتك. وإذا لم تكن كذلك، فما التغييرات التى ستتخذها؟
5. اعتن بشكل رائع بصحتك البدنية، وتناول الطعام، ومارس التدريبات الرياضية، واسترح، وتصرف كما كنت ستعيش حتى سن التسعين أو أكبر. ما التغييرات التى ينبغى أن تجريها فى أسلوب حياتك؟
6. غير حياتك من خلال فعل المزيد، أو القليل، أو بدء، أو وقف أشياء معينة فى حياتك لتحسين نتائجك، وزد مستوى إشباعك عمومًا. ما التغييرات التى ستتخذها على الفور؟
7. حافظ على التوازن فى حياتك من خلال وضع عائلتك فى مركز أى قرار، ونظم كل شىء آخر حولها. ما الذى يمكن أن تفعله، أو تتوقف عن فعله، على الفور لتحسين جودة حياتك العائلية؟