التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

كيف تتعامل مع الناس إلى أن يزول الخجل؟

حسناً، أنت تقول :”أعرف أن خجلى هذا لن يتبخر فى الهواء.

هل يتوجب علىّ أن أستمر فى المعاناة حتى أطبق جميع تمارين التغلب على الخجل؟”.

مثل أى هدف يستحق العناء لتحقيقه، سوف يتطلب هذا الأمر منك وقتاً حتى تكتسب الثقة الكاملة، لكن إليك بعض الأخبار الجيدة : سيكون لديك قريبا أربع طرق للتعامل مع الناس الآن ( وثلاث طرق للتعامل مع نفسك )، وهى كفيلة بإزالة الألم الناتج عن خجلك.

هل يجب أن أخبر الناس أننى خجول؟

“هل أنت خجول؟ لابد أنك تمزح!”

إنه أمر يحدث لنا جميعاً. بعض أفراد الأسرة أو الأصدقاء ذوى النوايا الحسنة يقولون ببساطة وتلقائية :”حسناً، لماذا لا تخبر الناس أنك خجول؟ بعدها ستشعر براحة أكبر في التعامل معهم”.

إذا فكرت في الأمر بهذا الشكل فإنك ستتخيل في عقلك سيناريوهات مختلفة :

إذا أخبرتهم، هل سيقولون :”أوه، مسكين يا عزيزي، هل أنت خجول؟ إننى أفهم، يا له من شعور مريع. حسناً، أنا بالتأكيد أريد أن أصبح صديقك وأساعدك في التغلب على ذلك”.

لا أعتقد ذلك.

إذا بحت بهذا السر لشريك حياة محتمل، فهل سيقول :”أوه، هذا رائع، إننى أرى الناس الخجولين أناساً جذابين للغاية. دعنا نخرج في موعد غرامى لتخبرنى بكل شىء عن ذلك”.

هذا غير محتمل.

لذا، تقرر ألا تخبر أحداً؟

اختيار حكيم! لأنك لو أخبرتهم فأنا أعرف من التجربة بالضبط ما ستسمعه. سيضحك الناس فقط ويقولون شيئاً مثل :”أوه، ليس أنت! لابد أنك تمزح. أنت لست خجولاً، أقصد أنك شخص لطيف وودود للغاية”، وهذا يحدث طوال الوقت.

دعنى أُضِف ملاحظة مهمة هنا. إذا شجعك معالجك النفسى على أن تكشف عن خجلك، فاتبع مشورته، واعلم أن أى اقتراح يقدمه لك معالجك النفسى، يُبطل أى نصيحة أقدمها لك؛ فلكل خجول سماته المميزة، مما يجعل علاج الخجل يختلف من شخص لآخر.

أشق طريقى بنجاح كمدرسة بإحدى المدارس العليا، وظاهرياً لا أبدو شخصية خجولة، لكن جُبنى مؤلم لدرجة تجعلنى أتحاشى أى شخص ما لكى لا أضطر للتحدث إليه. وفى أى حوار جماعى، ترانى أجلس منصتة إلى الحوار ولا أبدى رأياً أبداً، وأحياناً أخبر الناس أننى خجولة، فيضحكون مما أقول، ولا يصدقون كلامى. إنهم لا يعلمون كم أعانى من داخلى.

ــ إنجيلا. بى، هوب، اركانساس

اليوم الذي كشفت فيه “سرّي”

فى المدرسة الثانوية، كانت أمي قلقة من قلة تقديرى لذاتى وعدم وجود أصدقاء من حولى. وفى إحدى أمسيات يوم الأحد ـ وبعد تناول العشاء، أوصتنى أمى أن أخبر الفتيات الأخريات أننى خجولة.

أخبرهم بماذا؟ إن هذا الأمر يشبه إخبار الملاكم أن ينحنى في اتجاه اللكمة ( الشىء المضحك أن ذلك يجدى في الملاكمة ) لكن إخبار الناس أننى خجولة سيعنى هزيمتى بالضربة القاضية.

“عدينى أنك سوف تفعلين ذلك يا ليلى؟”.

“لا أستطيع يا أمى”، فبدت عليها خيبة الأمل.

“أعدك يا أمى”.

بقيت تلك الليلة مستيقظة، أحدق في السقف وأمسح دموعى الغزيرة وأخطط كيف ومتى أفشى”سري المخزى”.

اقترب الوقت بشدة، وبينما كنت أسير متجهة نحو حصة الألعاب الرياضية في اليوم التالى، قلت لنفسى”إما أن أتكلم الآن أو لن أتكلم أبداً”، وبمجرد دخولى حجرة خزانات الملابس ( يوم إفشاء السر )، كانت الفتاة الأكثر شعبية بالمدرسة موجودة هناك بالفعل. وعندما شرعنا في ارتداء القمصان والسراويل الرياضية، بدأت”بينلوبى”فى ممارسة لعبتها المفضلة ـ الثرثرة والنميمة، ولقد كان مستواى في هذه اللعبة ضعيفاً جداً.

الاعتراف الكبير

“حسناً يا ليلى، هل استمتعت بعطلة نهاية الأسبوع؟”.

انخرط عقلى في حوار داخلى محموم. هل أخبرها بحقيقة أننى قد بقيت بالمنزل بمفردى؟ أم أتظاهر بالسعادة :”لقد قضيت وقتاً رائعاً”؟ كلا، هذه ليست استراتيجية جيدة لأنها قد ترد بهجوم مضاد وتسألنى عما فعلته في الإجازة.

فى ذلك الحين، كان الوقت المتاح للإجابة ـ أية إجابة ـ قد انتهى. ولذلك تصديت لهجومها المباشر بدفاع غير منتظم قائلة :”أوه، بالطبع”.

لكنها ـ وبكل تأكيد ـ أطلقت نحوى لكمتها القاضية عندما سألتنى :”ماذا فعلت؟”.

عندها صرت أواجه هزيمة مؤكدة، وصار لدىَّ خياران لا ثالث لهما، فإما أن أناور، أو أعترف بالهزيمة. وعندما تذكرت وعدى لأمى اخترت الخيار الثانى.

نظرت إلى حذائى الرياضى وقلت دون تفكير :”أنا خجولة”، فبدت بينلوبى مندهشة، وردت بذلك الرد الذى توقعته :”ماذا؟ ليس أنت؟ أنت لست خجولة. لابد أنك تمزحين! أقصد أنه لا يبدو أنك تعانين من مشكلة في التحدث معى… أوه… حسناً، أراكِ لاحقا ً”، ثم عادت مسرعة إلى الفصل.

تساءلت في نفسى عما إذا كنت قد فعلت الشىء الصائب.

فحصلت على الإجابة بعد ذلك بأربع وعشرين ساعة بالضبط. عندما وصلت إلى حجرة خزانات الملابس في اليوم التالى كانت الفتيات يفتحن خزائنهن ويثرثرن كطيور العقعق، فصاحت إحداهن من وراء خزانتها :”أهلاً ليلى، سمعت أنك خجولة. هل هذا صحيح؟”.

كان تعليقها بمثابة قنبلة انفجرت في معدتى. وبينما كنت أترنح من تلك القذيفة، بادرتنى أخرى بهجوم أعنف قائلة :”مم تخجلين؟”.

عندما شعرت بالغثيان من تلك الثرثرة، انطلقت خارج حجرة خزانات الملابس ثم صعدت السلالم ودخلت فصلاً خالياً حتى أستطيع إخفاء دموعى. فاتنى الغداء، لكنى لم أهتم. فما كنت لأستطيع تناول الطعام بأية حال.

عندما أتذكر ذلك الحدث، أدرك أن مجموعة البنات في حجرة خزانات الملابس لم يقصدن أن يكُنَّ قاسيات، في الواقع أعتقد أنهن حاولن أن يجعلننى أشعر بارتياح لكنهن لم يكن ماهرات في التعامل مع الخجل، وقد يبدو ذلك أمراً صعب التصديق، لكنهن لو لم يعرفن بأمرى فلن يهتممن بخجلى على أية حال.

لا تخبر الغرباء

كقاعدة عامة، وإذا لم ينصحك متخصصو الصحة العقلية بخلاف ذلك، فلا تخبر الناس بأنك خجول. اكشف هذا السر للأشخاص المهمين بالنسبة لك، مثل الأقارب والأصدقاء المقربين فقط.

كيف يتجنب الخجولون الأذكياء موقفاً قد لا يستطيعون مواجهته بعد ذلك؟

قل نصف الحقيقة، ولا شىء غير نصف الحقيقة

كما أن لكل قاعدة استثناءات، فإن قاعدة”لا تخبر أحداً”لا تختلف عن أى قاعدة أخرى؛ فقد تتعرض لمواقف تشعر فيها بأنك مضطر لذكر مسألة خجلك لسبب أو لآخر.

فعلى سبيل المثال، افترضى أن صديقة قررت دعوة مجموعة كبيرة من الأشخاص إلى منزلها لمشاهدة حفلة توزيع جوائز الأوسكار، فقام أحدهم بشراء الجبن والبسكويت المملح، وأحضر آخر عدداً من الكراسى الإضافية، وأحضر آخرون المشروبات الغازية، ثم طلبت منك هذه الصديقة أن تتصلى ببعض الضيوف وتدعوهم.

لكنك خجولة جداً لدرجة تمنعك من التحدث مع أناس تعرفينهم بالكاد. لكنك صرت الآن فى مأزق. فهل من الأفضل أن”تعترفى”بأنك خجولة؟ أم أن عليك أن تجدى عذراً آخر للتملص من الطلب؟

فى الواقع، لا تتبعى أياً من الخيارين. خذى الطريق الوسط وأخبرى صديقتك بنصف الحقيقة، بالتلميح إلى خجلك بطريقة لا تجعلها تشعر بعدم الراحة، لكنها ستفهم بيت القصيد دون أن يبدو أنك ترفضين طلبها لمجرد عدم الرغبة فى تكبد المشقة.

فى مثل تلك المواقف انطلقى واستخدمى كلمة”خجول”كأمر واقعى. ألقى بالكلمة بسرعة وحسب. قولى شيئاً مثل :”حسناً، إن فتاة خجولة مثلى لا تستطيع التحدث إلى هذا العدد الكبير من الغرباء فى يوم واحد”، أو”لو كنتِ خجولة مثلى فستفضلين الموت على إجراء تلك المكالمات”، ثم اقترحى طريقة أخرى يمكنك أن تساعدى بها صديقتك.

أَلْمِحْ إلى خجلك بالضحك

قد تشعر أحياناً بأنك خجول جداً لدرجة تمنعك من معالجة موقف ما، فإذا كنت تخشى أن يعتقد الناس أنك تتهرب من واجب، أو أنك لئيم، فمن الأفضل حينئذ أن تخبرهم بنصف الحقيقة. ألق بها إليهم بسرعة وبابتسامة مرحة وتفسير مختصر. أخبرهم أن السبب فى عدم موافقتك هو أنك خجول. اجعل اعترافك قصيراً ولطيفاً ـ ولا تزد فى ذلك عن جملة واحدة.

«أنا خجول، فما المشكلة؟»

قد تجد نفسك فى موقف تعتقد فيه أنه من الأفضل أن تذكر خجلك صراحة. فربما يوكل إليك عمل فى مشروع مع زملاء أو أعضاء فريق عمل، وتظهر ظروف يكون من الأفضل عندها أن تخبر زملاءك بحقيقة خجلك. فى هذه الحالات، أوجد طريقة لعرض الموضوع دون أن تضايق أحداً منهم. يمكنك أن تسألهم ـ أثناء محادثة عرضية ـ مثلاً، عما إذا كانوا قد شعروا بالخجل الشديد من قبل، ثم أخبرهم أنك خجول، لكن افعل ذلك بابتسامة كبيرة قائلاً :”حسناً، ما المشكلة فى كون المرء خجولاً؟”.

أفش الحقيقة بابتهاج كما لو كنت تقول :” أشعر بأننى رائع اليوم”؛ فالناس تنتبه لنبرة صوتك ولغة جسدك أكثر من الانتباه لكلماتك، لكنك الآن تعرف ذلك بالفعل.

اذكر خجلك بأسلوب ضاحك

اعثر على الوقت المناسب أثناء المحادثة واذكر موضوع الأشخاص الخجولين، طارحاً مسألة خجلك بصفة عرضية، واعلم أن إخبارهم بالأمر بصورة مرحة قد تكون له فائدة عظيمة لاحقاً، فعندما يطلبون منك فعل شىء أو الذهاب إلى مكان ما، ذكرهم ضاحكاً :”بالله عليك، لقد أخبرتك أننى خجول”، وهذا أفضل من”لا أستطيع فعل ذلك فأنا خجول جداً”.

كيف تحارب احمرار الوجه والعرق وعلامات الخجل الأخرى؟

بعض الخجولين يتصببون عرقاً، أو تحمر وجوههم خجلاً، أو تصدر عنهم علامات خجل واضحة، لذلك يحسبون أن عليهم إخبار الناس أنهم خجولون. إلا أن ذلك ليس ضرورياً كما قال “فرويد”، فأحياناً يكون العرق مجرد عرق والاحمرار مجرد احمرار.

وإذا أردت، فإنه يمكنك تحذير الناس بشأن مشكلة احمرار وجهك أو أى عرض آخر تعانى منه، لكن لا حاجة لأن تربطه بالخجل. الخجل! ما هو الخجل هذا؟

قل الشىء الصحيح مستخدماً الفكاهة

ليس الخجولون فقط هم الذين يعانون من ظاهرة تعرق اليدين، بل إن بعض الأشخاص الواثقين تحمر وجوههم، ويتصببون عرقاً، أو تعرق أيديهم أيضاً. فلدىَّ عميل يعمل مديراً تنفيذياً ناجحاً، وهو شديد الثقة بنفسه، إلا أن وجهه يحمر طوال الوقت.

وغالباً ما تدعو محطات التلفاز المحلى “برنارد” إلى التعليق على حالة الاقتصاد، والظهور في التلفاز موقف مثير للخجل بشدة، ويعلم “برنارد” أن وجهه سيصبح قرمزى اللون أثناء المقابلة التليفزيونية، لكن احمرار وجهه لا يسبب له أدنى مشكلة، بل إنه ـ على العكس تماماً ـ يبدو مستمتعاً بمشاكسة الناس له.

فى كل مرة يصل فيها إلى المحطة من أجل مقابلة تليفزيونية، ينطلق صوت موظف الاستقبال عبر نظام الاتصال الداخلى قائلاً :”استدعوا كل فنانى الماكياج… استدعوا كل فنانى المكياج، يا فتيات، أحضرن بودرة الوجه و ( مساحيق تغطية عيوب الوجه ) لقد وصل برنارد ذو الوجه الأحمر”.

فيشاركهم برنارد الضحك بينما يحييه الناس في القاعة “أهلاً أيها الأحمر، كيف حالك أيها المتورد؟” وهم لا يشعرون بالحرج من ذلك لمعرفتهم أن برنارد لا يتضايق من ضحكاتهم. وكان برنارد قد سبق ـ وبطريقة غير مباشرة ـ أن حذر الناس من أن وجهه قد يحمر في أى وقت، وقد كان يضاحكهم قائلاً : “زوجتى تكره أن تنتابها نوبات إحمرار الوجه، لذا فهى تنتابنى بدلاً منها”.

يتباهى برنارد بذلك ويطلق على نفسه اسم “خبير العالم في الاحمرار”. وإليك بعض الحقائق الخفية التى قد تكون موضع اهتمام الذين ينتابهم الاحمرار : احمرار الوجه شىء وراثى في العائلات، لكن الأطفال الرضع لا تحمر وجوههم. واحد وخمسون بالمائة من الناس تحمر وجوههم، إلا أن الكثير منهم لا يخجل! تحمر وجوه النساء أكثر من الرجال. والناس بجميع ألوانهم تحمر وجوههم.

يتظاهر برنارد بأنه غيور من مديره المالى “جولان” ـ وهو رجل ينحدر من قبائل الهنود الحمر ـ قائلاً :”إن وجهه يحمر بصورة أسوأ منى، ولكن لا أحد يلاحظ!”.

هل تمثل راحتا يديك المتعرقتان مشكلة لك؟ قبل المصافحة، يمكنك أن تمزح قائلاً :”انتظر دقيقة. دعنى أجفف يدى أولاً، وإلا فإنك لن تشعر بارتياح عندما تصافحنى “أو يمكنك أن تقول : “صافح يدى على مسئوليتك، فيدى دائماً مبللة”مع التأكيد على كلمة “دائمًا”، ومن ثم فلن يربطها أحد بالخجل.

تنبيه إلى علاج يمكن ممارسته في المنزل : عندما تخوفت من أن تعرق يداى بغزارة وضعت مزيلاً للعرق وبعض المسحوق على يدىّ. ويكفى أن تضع مقداراً ضئيلاً ( ولكن لا تخبر الناس بما تضعه على يديك ).

اضحك من الأعراض، لا من الخجل

إذا عرفت أن بعض الأعراض الجسدية لخجلك سوف تظهر، فحذر الناس بشكل ضاحك من الاحمرار العرضى، أو الأيدى الرطبة، أو الاحمرار الذى يصاحبه تصبب العرق، دون الحاجة لأن تذكر أن الخجل مرتبط به.

كيف تتحدث إلى نفسك عن خجلك؟

التصنيف أمر مميت

أنت لن تحتاج لأن تكتب “أنا خجول” على لوحة إعلانية ثقيلة وتحملها وأنت تتجول في أنحاء المدينة، فكشف خجلك للعديد من الناس سيضعفك، بالإضافة إلى ذلك، فإن تصنيف نفسك كخجول هو تصنيف غير دقيق، فأنت مزيج معقد من الصفات التى لا يمكن قياسها. واختيارك لصفة واحدة فقط يصنع تأكيداً، لا ضرورة له، على تلك الصفة.

إن اعتبار نفسك خجولاً من الممكن أن يكون نبوءة ممكنة التحقيق، عندما تخبر الناس بأنك خجول، فإنك بذلك لا تخبر الآخرين فقط، بل أيضاً، تخبر نفسك. وأنت الشخص الذى يهم في الواقع.

عندما أبعدني التصنيف عن الموسيقى

لا أعتقد أنه كان مقدراً لى أن أكون مغنية كبيرة، ومع ذلك فقد أوقفنى شخص ما عن الغناء عندما كنت في الصف السابع، ولم تخرج نغمة موزونة من فمى منذ ذلك الحين.

فى الصف السابع، غنيت في فرقة الغناء بالمكتبة، وذات ظهيرة ـ وأثناء بروفة صعبة ـ نظر قائد الفرقة تجاهى بوجهه العابس وقال : “شخص ما يغنى نغمة نشازاً، وأنا أريد من هذا الشخص أن يغنى الكلمات فقط”. لم يكن هناك خطأ بشأن الشخص الذى يغنى النغمة النشاز. ومن هذا اليوم فصاعداً أصبحت أغنى كنعيق الغراب، ومنذ تلك اللحظة، وإلى هذا اليوم صرت أقول بصوت صامت وبإحراج شديد “عيد ميلاد سعيد”.

منذ سنوات قليلة، كنت أستمع إلى المذياع مع زميلة دراسة قديمة ممن يعرفون أن الموسيقى تمثل تحدياً قاسياً بالنسبة لى، حيث كانت المحطة تذيع أشهر أربعين أغنية ظهرت عندما كنت في الصف السادس. ومن أجل المرح، بدأت الغناء مع المذياع، وعندما انتهيت قالت صديقتى :

“ليلى، هذا رائع!”.

“ماذا تقصدين بكلمة رائع؟”.

“كانت نغمة صوتك رائعة”.

“لا يمكن”.

“بل كانت رائعة”.

فحاولت، على سبيل التجربة، غناء أغانى مرحلة ما قبل الصف السابع. واندهش كل منا لكونى قد تمكنت من اتباع النغمة الموزونة. لكنى عندما تذكرت ما حدث لى مع قائد الفرقة، في ذلك اليوم المشئوم، لم أستطع أن أغنى بعد ذلك أبداً.

لقد صنفنى قائد الغرفة على أننى غير قادرة على التمييز بين النغمات الموسيقية، لذلك أصبحت لدىّ نبوءة ذاتية التحقق.

أنا فقط أحمل عبئاً إضافياً

لم تدع الرابطة الأمريكية لذوى الاحتياجات الخاصة أعضاءها يَصمُون أنفسهم بلقب “معاقين” وقد أعلنوا ـ بقرارهم الحكيم ـ أنهم لا يعتبرون الشخص الجالس على كرسى متحرك “معاقاً” أو “عاجزاً” بل يعتبرونه شخصاً قوياً، مثل بقية الأصحاء، إلا أنه فقط يحمل عبئاً إضافياً ألا وهو إعاقته، وبعض الأعضاء يطلبون من الناس عدم استخدام كلمة “معاق” في حضورهم.

لا تطلق على نفسك لقب “خجول”. فكر في نفسك كشخص واثق من نفسه يحمل عبئاً إضافياً، عبئاً سوف تتخلص منه قريباً…. عبئاً يسمى “الخجل”.

لا تذكر كلمة “الخجل” أثناء الحديث عن نفسك

لدينا جميعاً أصوات داخلية، قد تكون رديئة، لكنها قوية، وباستطاعتها تدمير تقديرك لذاتك عن طريق توجيه الشتائم إليك. اقض عليهم فوراً، ولا تقل لنفسك “إنني خجول”، وبدلاً من ذلك قل :”سأستعمل مضادات الخجل، وسأصبح واثقاً من نفسى في القريب العاجل”.

لا تذكر كلمة خجول أمامي

إن سماعك الناس وهم يشيرون إليك كخجول لا يكون مدمراً في مرحلة الطفولة فحسب، بل هو لكمة قاسية توجه إلى ثقتك بذاتك في أى مرحلة سيئة. فكر في الأمر، وسترى أنه إذا نادى الناس أجمل رجل على وجه الأرض بلقب “القبيح” فسوف يبدأ تدريجياً في تصديق ذلك.

وليست أصواتك الداخلية هى التى يتوجب عليك إسكاتها فحسب، بل أيضاً، الأصوات الخارجية التى تسمعها يومياً من والدتك، ووالدك، وأخواتك البنات، وإخوتك البنين، والأطفال، وأولاد الأخ، وأولاد الأخت، وأبناء العم والخال والأصدقاء، فلا تدعهم يدعونك بلقب “خجول” أمامك، أو من وراء ظهرك.

امنع الأسرة والأصدقاء من مناداتك “بالخجول”

فى كل مرة يقول فيها شخص ما :”لا تكن خجولاً” أو يسأل “لماذا أنت خجول؟” فإنهم يقولون، وأحياناً يعتقدون أنهم يساعدونك عندما يقولون : “ليس لديك ما تخجل منه”.

مستحيل. إنهم بذلك لا يقدمون إليك أى معروف. والأسوأ من ذلك حين تسمعهم يخبرون شخصاً آخر بأنك خجول. امنع كلمة “خجول” في منزلك بأقصى قوة تستطيعها!

عندما تصعُب الأمور

اعثر على طريقة للتحايل على الخجل

على الرغم من أننى كنت قد تخلصت من خجلى بحلول الوقت الذى توصلت فيه إلى ذلك الاكتشاف الكبير بأن صوتى لا يصلح للغناء ـ والذى تسبب فى تحطيم كل ذرة من قدراتى الموسيقية على يد قائد الفرقة ـ فإننى مازلت أشعر بعدم الأمان عند التواجد مع فرقة غناء جماعى.

ولأننى قررت إبعاد الألم عن نفسى بسبب الأغانى التى كنت أشدو بها، فقد جلست ممسكة قلماً وورقة، ووضعت قائمة بالصفات الإيجابية التى قد تساعدنى فى التغلب على صوتى الذى يشبه صوت غراب مصاب بالسعال.

يستخدم الممثلون فى المسرح الغنائى مصطلح »يبيع أغنية» عند الإشارة إلى موسيقيين لا يتميزون بأصوات جميلة لكنهم يجعلون الأغنية محط إعجاب الجمهور بإظهار الثقة واستخدام إيماءات حركية مثيرة.

اعتقدت ـ كفتاة خجول شفيت من خجلها ـ أن باستطاعتى فعل ذلك. إننى أستطيع التواصل مع الناس. أنا لا أمانع فى أن ينظر الناس إلىّ باعتبارى خجولة. فأنا الآن لدىّ الشجاعة لأن أكون مرحة ( وتلك علامة جيدة على شفائى ) حتى إننى أستمتع بالاستعراض من حين لآخر، بمعنى آخر أستطيع أن »أبيع الأغنية»، وأنا أسمى ذلك »التغلب على عدم الأمان الموسيقى».

اقتربت لحظة اختبار تلك التقنية. فقد كنت فى عشاء عيد ميلاد صديقة حميمة، وعندما خفتت أنوار المطعم، وجاء رئيس طهاة الفطائر المحلاة بنفسه مرتدياً قبعة طويلة، وحاملاً كعكة كبيرة، قفزنا جميعاً على أقدامنا، وبدأنا غناء»عيد ميلاد سعيد».

يا للروعة! هل بالغت فى حركاتى! لقد فتحت فمى على اتساعه وابتسمت لكل شخص بينما كنت »أغنى» وأقوم بإيماءات قائد فرقة موسيقية. لا أحد كان بإمكانه حتى أن يتخيل أن الصوت الصادر من فمى الكبير… كان صمتاً.

أظهر صفاتك الجيدة

افترض أن عليك حضور حفلة، لكن موجة من الخجل غمرتك. فلكى تقلل من توترك بشأن هذه الحفلة، أمسك قلماً وورقة، وضع قائمة بصفاتك الإيجابية، وسوف تبدو قائمتك على هذا الشكل :

1. لدىَّ ذوق ممتاز فى اختيار الملابس.

2. أحب الأفلام وشاهدت، على وجه الخصوص، أحدثها.

3. أنا أجيد ركوب الخيل.

4. يقول الناس إن لدىّ أسناناً جميلة.

عندما تنتهي القائمة، تخيل الطرق الإيجابية التى تستطيع بها توظيف كل صفة فى مكانها المناسب. فعلى سبيل المثال :

1. ذوقي فى الملابس : سوف أرتدى سترة جديدة وأبدو رائع المظهر.

2. معرفتى بالأفلام : سوف أفتح موضوعاً للمناقشة بسؤال الناس عما إذا كان بإمكانهم أن يرشحوا لى أفلام حديثة.

3. مهاراتى فى ركوب الخيل : سوف أسأل الناس عن الأنشطة أو الرياضة التى يستمتعون بها ثم أدير دفة الحديث نحو رياضة ركوب الخيل.

4. أسنانى الجميلة : سوف أبتسم كثيراً.

إن تخيل طرق لاستعراض صفاتك الإيجابية هو سلاح فعال لمحاربة الخوف.

اكتب قائمة لـ ” التحايل على الخجل “

يضع السياسيون ورجال المبيعات طرقاً لتحويل مسار موضوع أى مناقشة إلى مناطق اهتماماتهم. فى المرة القادمة التى تجد فيها نفسك قلقاً بشأن موقف قادم، ضع قائمة بصفاتك الإيجابية، وعندما تنتهى من قائمتك، خطط بالفعل لكيفية استخدامها لصالحك.