جهازك المناعي هو سطحك البيني مع البيئة. فإن كان صحيحا، ويؤدي عمله بالشكل السليم؛ سوف تتعرض للجراثيم، ولن تصاب بأي مرض، وسوف تتعرض لمسببات الحساسية بدون أن تصاب بالحساسية، وكذلك مع المواد المسرطنة بدون أن تصاب بالسرطان. إن المناعة الجيدة هي حجر زاوية الصحة الجيدة بشكل عام.
تنقسم مشاكل المناعة إلى قسمين: تراجع نشاط المناعة إلى أقل من المعدل الطبيعي، بمعنی خمول المناعة مما يجعلك عرضة للأمراض والسرطان؛ أو فرط النشاط المناعي مما يجعلك عرضة لأنواع الحساسية، وأمراض المناعة الذاتية. وبالرغم من أن ظهور مرض الإيدز وتفشيه قد جعلنا نلتفت بشكل جيد إلى المناعة، وأوجه قصورها، فإن معظم الأشخاص الذين أقابلهم لا يملكون صورة واضحة عن المناعة. إنني كثيرا ما أسمع أشخاصا يطلقون اسم “جهاز المناعة الذاتية” على المناعة. ليس هناك ما يدعى بجهاز المناعة الذاتية؛ لأن المناعة الذاتية هي مرض يشرع فيه جهاز المناعة في مهاجمة أنسجته الذاتية.
يعتبر الجهاز المناعي من الأشياء التي يصعب استيعابها وفهمها لعدة أسباب:
أولا: لأنه لم يعرف حتى وقت متأخر كون الجهاز المناعي يعد وحدة وظيفية داخل الجسم. ولعل من بين الحقائق المحزنة في تاريخ الطب الحديث أن الأطباء كانوا يعمدون إلى وصف كل الأعضاء التابعة للجهاز المناعي بأنها أعضاء “غير وظيفية”، وهو ما حدث على مدى هذا القرن، ودفع الأطباء إلى منح رخصة للجراحين باستئصال مثل هذه الأعضاء بدون تردد؛ حيث أقدم الأطباء على استئصال وتدمير عدد لا حصر له من اللوزتين، والغدانيات (أشباه الغدد) والزوائد الدودية، والغدد التيموسية والطحال اعتقادا منهم بأن هذه الأعضاء كانت عديمة الجدوى، ولا تستحق حتى المساحة التي تشغلها داخل الجسم.
ثانياً: إن مكونات الجهاز المناعي غير مرتبطة ببعضها البعض وفق أي ترتيب منظم يجعل من السهل الجمع بينها في صورة واحدة على النحو الذي نتصور به الجهاز الهضمي أو الوعائي.
ثالثاً: تعتبر عمليات الجهاز المناعي من الأمور بالغة الغموض.
دعني أحاول أن أخفف من تعقيد الأمر، وأسعى لإخبارك بما أعتقد أنك بحاجة إلى معرفته لكي تحمي خطك الدفاعي.
يحتوي الجهاز المناعي على اللوزتين، والغدانيات، والغدة التيموسية، والعقد الليمفاوية في كل أنحاء الجسم، والنخاع العظمي، وكرات الدم البيضاء، والخلايا الأخرى التي تترك الأوعية الدموية، وتنتقل في الجسم عبر نظام الأنسجة، والدورة الليمفاوية، والطحال، والزائدة الدودية، وبعض مواضع من الأنسجة الليمفاوية داخل الأمعاء. تتمثل الوظيفة الأساسية لكل هذه الأعضاء في التمييز بين كل ما هو ذاتي، أي يخص الجسم، وبين ما هو غير ذاتي أو دخيل على الجسم؛ مهمة تلك الأعضاء هي التعرف على ما أشرنا إليه، واتخاذ الإجراء المناسب ضد أي مادة دخيلة يمكن أن تتواجد في الجسم بما في ذلك كل المركبات غير الطبيعية أو المسببة للضرر. يمكن أن تعمل هذه الأعضاء على سبيل المثال على البحث عن الجراثيم المسببة للأمراض وتدميرها، والخلايا المصابة بهذه الجراثيم، كما أنها تملك أيضا القدرة على التعرف على الخلايا المسببة للأورام والقضاء عليها.
أثناء سعى الجهاز المناعي للتمييز بين ما ينتمي للجسم وبين ما لا ينتمي إليه؛ فإنه ينتبه بشكل خاص إلى التكوين الكيميائي للبروتين؛ لأنه هو العنصر الأكثر تميزا وتخصصا بين كل الجزيئات المشكلة للكائنات الحية.
وتماما مثل الجهاز العصبي؛ فإن الجهاز المناعي يملك القدرة على التعلم. فهو يحلل تجاربه، ويتذكرها، وينقلها إلى أجيال مستقبلية من الخلايا. ونظرا لأن أنسجة الجهاز المناعي تتسم بنشاطها البالغ، ودورها في معالجة المعلومات؛ فإن خلاياها تنقسم بمعدل سريع، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بسبب أنواع الطاقة والمادة، وهو الأمر الذي يمكن أن يحدث طفرات في حمضها النووي.
إليك النصائح والإرشادات:
قاوم العدوى ولا تسمح ببقائها
من بين أعظم الأضرار التي يمكن أن تقوض المناعة هي العدوى التي تعجز عن التخلص منها. إياك أن تتجاهل أية أعراض، وتغفل عنها كأن تكون حمى أو سخونة غير معروفة السبب، أو تعرق ليلي أو ليونة أو تورم في الغدد الليمفاوية، فقد تكون إشارة إلى وجود مرض أو عدوى خفية.
من بين المناطق التي يمكن أن تبقى فيها العدوی مستترة؛ الفم. إن جيوب الجراثيم التي تتشكل في اللثة والأسنان يمكن أن تسبب لك بعض الأعراض القليلة فقط، ومع ذلك فسوف تستنفد موارد الجهاز المناعی بدرجة كبيرة. من الضروري أن تحافظ على نظافة فمك، وتعتني به جيدا، وأن تحرص على فحص الأسنان واللثة بشكل منتظم التتبع أي مرض أو عدوی.
إن الأمراض الجنسية قد تبقى أيضا بدون أن تلاحظ إلى أن تسلب الجهاز المناعي حيويته. التزم بالعادات الجنسية الصحية، وصحة نظافة الأعضاء التناسلية. واحرص على أن يفعل شريك حياتك نفس الشيء.
لا تستخدم المضادات الحيوية بلا داع
كلما نجح الجهاز المناعي في التعامل بنجاح مع العدو فإنه يخرج من التجربة وقد ازداد قوة، وأكثر قدرة على مواجهة تهديدات مماثلة في المستقبل.
تكتسب مناعتنا قوتها من المعارك. فإن دأبت علی تعاطي المضادات الحيوية مع أول إشارة ظهور للمرض، فهذا يعني أنك لا تمنح مناعتك فرصة لاختبار نفسها، واكتساب المزيد من القوة. هناك طرق أقل وطأة يجب أن تجربها أولا عند الإصابة بأي عدوى عادية، لا يجب أن تخرج كل ما في جعبتك من أسلحة ثقيلة ما لم تفشل باقي الطرق البسيطة.
تعتبر المضادات الحيوية عقاقير قوية يجب أن يقتصر استهلاكها على الحالات التي تفرض استخدامها، عندما تعجز المناعة على سبيل المثال عن احتواء عدوى بكتيرية، أو عندما تستقر العدوى البكتيرية في أحد الأعضاء الحيوية مثل القلب، أو الرئة، أو المخ.
هناك سبب قوى آخر يدفعنا إلى وجوب الاحتراس من الإفراط في تعاطي المضادات الحيوية، وهو احتمال نمو أجيال جديدة من البكتيريا القادرة على التصدي لأثر المضاد الحيوي، أي أنواع البكتيريا الأكثر ضراوة. حتی الأشخاص الذين يدركون هذا الخطر نادرا ما يلتفتون إلى كون الاستخدام المتكرر للمضادات يمكن على المدى الطويل أن يضعف المناعة.
تجنب العقاقير التي تثبط المناعة
من بين العقاقير الكابحة للمناعة نذكر الأدوية المستخدمة في العلاج الكيميائي لمرض السرطان، والعقاقير المستخدمة لكبح رفض الجسم العضو المزروع أثناء زراعة الأعضاء. هناك فئة دوائية أخرى تملك نفس التأثير، ويجدر الالتفات إليها بدرجة أكبر؛ حيث إنها تعتبر من الأدوية شائعة الاستخدام. إنها عقاقير الكورتیکوسترويد أو الستيرويد؛ من مشتقات وأقارب الكورتيزون، والتي يشيع استخدامها لعلاج الحساسية، وأمراض المناعة الذاتية وحالات الالتهاب. إنني أرى أنها عقاقير خطيرة؛ لم تحظ بعد بتقدير كاف بخطورتها مما يدفع الكثيرين إلى الإفراط في تعاطيها، والإفراط في صرفها للمرضى.
الكورتيزون هو هرمون تفرزه الطبقة الخارجية (قشرة) للغدة الكظرية. وهو يتميز بتركيبة جزيئية خاصة يطلق عليها اسم نواة الستيرويد، والتي لا يشترك فيها معها سوى عدد قليل من الهرمونات الطبيعية الأخرى، والعديد من العقاقير المخلقة ذات التأثير القوى على التمثيل الغذائي. يطلق على هذه المواد مجتمعة اسم الستيرويد. يستخدم الستيرويد المخلق مثل البريدنيزون على نطاق واسع في الطب التقليدي اليوم، حيث يصفه الأطباء في أشكال مختلفة مثل الحبوب، والحقن، والمستنشقات، وأنواع الكريمات الموضعية.
يؤدي الستيرويد إلى اختفاء الالتهاب والحساسية كما لو كان سحراً. إن هذا السحر لا يعدو كونه إحباطا مباشرة لوظائف المناعة. ليس لدي اعتراض على وصف هذه العقاقير لعلاج الحالات القوية مثل الأمراض الخطيرة التي تهدد الحياة، ولكن حتى في هذه الحالة أعتقد أنها يجب أن تستخدم بحرص ولفترة محدودة، أي لفترة لا تتعدى أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. إنني أستنكر كل من يصف، أو يتناول السيترويد لعلاج الحالات المرضية البسيطة، إلى المعتدلة، أو لشهور، أو سنوات دفعة واحدة. لقد سبق وشهدت حالات يمنح فيها المريض السيترويد لعلاج تسمم بسيط، أو طفح جلدي ناتج عن استخدام الحفاضات لدى الرضع والبالغين المصابين بآلام في الظهر والإجهاد. إن السيترويد سام بدرجة كبيرة، كما أنه يمكن أن يصيب المريض بالإدمان، وهو أيضا يقمع المرض بدلا من أن يعالجه ويقلل من فرص نجاح الوسائل الطبيعية في تحقيق الشفاء. وفضلا عن كل هذا فهو يضعف المناعة.
حتى السيترويد الموضعي يعتبر خطيراً من وجهة نظري. إن مهنة الطب تجهل بدرجة كبيرة مخاطر هذه العقاقير التي يسمح ببيعها في شکل مراهم وكريمات بدون وصفة طبية. هناك العديد من الأشخاص الذين يستخدمونها على أساس يومي لعلاج الطفح الجلدي، أو التهيج الذي يمكن علاجه ببساطة باستخدام عقاقير خفيفة. تمتص كل هذه المنتجات عن طريق الجلد بدرجة أو أخرى، ويمكن جميعها أن تعمل على قمع نشاط الغدة التيموسية، والعقد الليمفاوية، وخلايا الدم البيضاء.
والخلاصة هي: لا تستخدم العقاقير التي تحتوي على السيترويد في أي شكل من الأشكال ما لم تستنفد كل طرق العلاج الأخرى الممكنة. إن وجدت أنه لا مفر من تعاطيها لعلاج مشكلة حادة؛ يجب أن تقصر استخدام العقار على أسابيع قليلة كحد أقصى.
تجنب نقل الدم
إن نقل وحقن الدم يمكن أن ينقل الأمراض الفيروسية – وخاصة الالتهاب الكبدي الوبائي – غير القابلة للعلاج. كما أنها تجهد المناعة من خلال ضخ بروتينات دخيلة داخل الجسم. بالطبع هناك حالات طوارئ لا يمكن تجنب نقل الدم فيها. إن كنت تعلم مسبقا أنك ستجرى جراحة؛ اطلب سحب كمية من دمك، واحتفظ بها لكي تستخدم عند الضرورة.
تجنب التعرض للإشعاع
احترس من الخطر الخاص الذي يمكن أن يهدد المناعة جراء أي علاج إشعاعي (الذي يستخدم عادة في علاج مرض السرطان) وكذلك أشعة إكس التي تسلط على الرقبة والرأس أو الصدر. تتسم الغدة التيموسية التي تقع خلف القفص الصدري بأنها شديدة الحساسية. يجب أن تصر على حمايتها باستخدام سترة مصنوعة من الرصاص عند تعرضك لأي علاج باستخدام الأشعة. إن لم يوافق المعالج؛ يجب أن تصر على رفض العلاج. يصر العديد من الأطباء على مواصلة الاعتقاد بأن الغدة التيموسية لا تؤدى أي وظيفة في سن النضج، ولكن العكس هو الصحيح؛ حيث إنها تشكل جزءا أساسا لا يتجزأ من الجهاز المناعي في الجسم.
تجنب التعرض للمواد الكيميائية الضارة
كل المواد الكيميائية التي تسبب السرطان يمكن أن تتلف الجهاز المناعي. أرجوك احرص على اتباع التوصيات الخاصة بكيفية التعامل مع المواد الكيميائية الضارة.
تناول غذاء صحياً
اتبع الإرشادات الغذائية التالية:
• تجنب الزيوت النباتية العديدة غير المشبعة والمنتجات المصنوعة منها. إنها تحفز تشكل الجذور الحرة، مما يجعلها تشكل خطرا على خلايا الجهاز المناعی.
• قلل مقدار ما تتناوله من البروتين؛ لأن بقايا البروتين الناجمة عن التمثيل الغذائي يمكن أن تهيج الجهاز المناعي، وخاصة لدى الأشخاص المعرضين للحساسية وأمراض المناعة الذاتية. إن اتباع نظام غذائي قليل البروتين؛ مرتفع الكربوهيدرات مع الإكثار من تناول الفاكهة والخضر والألياف سوف يفيد المناعة، وكذلك الصحة العامة.
• لا تكثر من تناول الأطعمة ذات الأصل الحيواني مثل اللحوم، والطيور، ومنتجات الألبان التي تحمل في العادة بقايا مضادات حيوية وهرمونات السيترويد التي يمكن أن تقوض المناعة.
• الحد من استهلاكك للحليب، ومنتجات الألبان إلى أقصى درجة، وخاصة إن كنت عرضة للحساسية، وأمراض المناعة الذاتية. يعتبر بروتين اللبن من بين المهيجات المعروفة للمناعة.
تناول المكملات المضادة للتأكسد
إن تناول جرعات البتيا كاروتين، فيتامين هـ E، فيتامين ج C، السيلينيوم سوف تحمي الجهاز المناعي، وتقلل من احتمال الإصابة بالسرطان.
تعرف على أنواع الطعام، والأعشاب التي تدعم المناعة
يعرف الأطباء طرق عديدة للإضرار بالمناعة، ولكن لا يعرفون سوی القليل فقط من الطرق لعلاجها. لقد ظهرت في متاجر الطعام الصحي العديد من المنتجات التي تزعم بأنها تقوي المناعة استجابة للرغبة المتزايدة في التحصن ضد مرض الإيدز وغيره من أمراض المناعة الأكثر شيوعا التي تثير المخاوف. ومع ذلك فليس هناك في معظم الحالات دليل دامغ قائم على الأبحاث يدعم هذه الادعاءات في مقابل وجود بعض الأدلة في بعض الحالات.
إن فكرة دعم المناعة هي بالفعل فكرة جذابة، وخاصة إن كانت وسائل الدعم طبيعية غير سامة وفعالة. ونظرا للولع الذي ظهر منذ فترة طويلة بأنواع الفطر؛ فقد خلصت إلى أن هناك عدة أنواع من الفطر التي تزرع في الصين واليابان يمكنها أن تحقق النتائج المطلوبة. يرى الكثير من الأطباء التقليديين في هذه الدول أن الفطر يعد بمثابة غذاء ودواء في آن واحد. هناك بعض أنواع العلاج الشهيرة القوية في الطب الصيني التي تتمثل في أنواع معينة من الفطر تعمل كمقويات، ويرى أنها تزيد من قدرة الجسم على مقاومة كل أنواع الضغوط.
إن الطب الصيني التقليدي لم يكن يعرف أن المناعة هي عبارة عن مجموعة من الأعضاء والخلايا المتفاعلة، ولكنه كان يدرك مفهوم الوظيفة الدفاعية التي يقوم بها الجسم مما دفعه إلى الاعتقاد بأن دعم الوظيفة الدفاعية للجسم يعد بمثابة وسيلة نافعة لعلاج الأمراض. من بين الأنواع الأكثر أهمية وفاعلية نذكر بوليبوروس امبيلاتوس التي تمثل مصدرا لعلاج صینی تقليدي يطلق عليه اسم زو لينج. ينمو هذا الفطر من تلقاء ذاته فوق جذوع الأشجار في هذا البلد (بالرغم من أنه لا يكون شائعاً) كما يمكن أن يزرع. وهو يظهر فوق الأرض في شكل كتل كبيرة من الفطر المكتنز شهي المذاق. وهو ينتج تحت الأرض كتلا جامدة تشبه الدرنات من النسيج الفطري الذي يستخدم في الأغراض العلاجية. يباع هذا الفطر الصيني في شكل شرائح مجففة من الزو لينج؛ لكي تغلى في الماء، وتشرب في شكل شاي.
وقد أثبت علماء الطب في بیکن أن مستخلصات الزولينج أثبتت كفاءتها في التصدي للسرطان عند كل من الإنسان والحيوان. يعمل العلاج أيضا على تنشيط كفاءة وأثر كل من العلاج الكيميائي بدون أن يحدث آثارا سامة، ولكن الشيء المثير للاهتمام هو أن الفطر لم يحدث أثرا إلا في الأجهزة المناعية السليمة لدى الحيوانات. أي إن المستخرج لم يتفاعل بأي شكل ضد خلايا السرطان داخل الأنابيب المعملية، وقد خلص العلماء على أن الزو لينج يعمل من خلال حفز استجابة المناعة ضد الأورام.
هناك نوع آخر تربطه صلة قرابة بالزو لينج؛ إنه الجريفولا فروندوسوس؛ والذي يعرفه جامعو الفطر باسم دجاجة الغابات؛ وهو أحد الأنواع شهية المذاق. يعرفه اليابانيون باسم “ميتيك ” (أي الفطر الراقص) وقد توصل العلماء اليابانيون إلى طريقة زراعته على نطاق تجاری. يمكنك أن تشتري المايتاکی الطازج من أي سوق من الأسواق اليابانية، ولكن إلى الآن لم يتوافر إلا الشكل البري النادر هنا. وقد أشارت الدراسات اليابانية التي أجريت مؤخرا أن المايتاکي يملك قدرة بالغة على دعم وتقوية المناعة. يباع الشكل المجفف من الفطر الآن في المتاجر الصحية هنا مع مستخلصات في شكل أقراص وهي مستوردة من اليابان، وتكون عادة غالية الثمن، وقد عكف زارعو الفطر في هذا الجزء من المحيط الهادئ على زراعة المايتاکی لطرحه قريبا في الأسواق الأمريكية بحيث يصبح أكثر شيوعا. وتشير الأبحاث اليابانية إلى أن هناك أنواعا أخرى من الفطر يمكن أن تكون فعالة وهي الشيتاکی والإينوكيديك(فلامولينا فيلوتيب)؛ والذي يتميز كلاهما بأنه حلو المذاق، فضلا عن أنه أصبح متوافرة بدرجة أكبر.
هناك علاج عشبي آخر يحمل مواصفات مشابهة، مشتق من جذور أحد أنواع النبات من عائلة البازلاء، وهو الأستراجالوس میمبراسوس. يرتبط هذا النبات بصلة قرابة ب “نبتة الجنون” التي نعرفها هنا، وهو نبات سام للماشية. ولكن النوع الصيني ليس ساماً، وهو مصدر أحد أنواع العقاقير الشعبية الشهيرة التي يطلق عليها اسم هوانج کی الذي يمكنك شراؤه من أي متجر عقاقير صيني لاستخدامه في علاج نزلات البرد والأنفلونزا، وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي، وتؤكد الدراسات التي أجريت مؤخرا في الغرب على أثر العقار المضاد للفيروسات، وأثره الحافز للمناعة، وقد أصبحت مستحضرات الأستراجالوس متوافرة الآن في المتاجر الصحية.
وقد منحنا الطب الهندي الأمریکي نباتاً نافعاً أمریکي المنشأ يعمل هو الآخر على حفز المناعة، إنه الردبكية بنفسجية اللون، أو الإكيناسيا والفئات ذات الصلة بها. ينظر إلى جذور هذا النبات الذي يستخدم في أغراض الزينة بعين الاعتبار من قبل خبراء الأعشاب والأطباء الطبيعيين والعديد من الأشخاص بسبب تأثيره الذي يشبه المضاد الحيوي، وخصائصه الحافزة لجهاز المناعة. يمكنك أن تشتري منتجات الإكيناسيا من أي متجر من المتاجر الصحية في شكل محلول، أو كبسولات، أو أقراص، أو مستخرجات من جذور طازجة أو مجففة. بالرغم من أنه لا يوجد سوى عدد قليل من الأطباء في امریکا ممن يعرفون الإكيناسيا، فقد أجريت الكثير من الأبحاث على هذا النبات في ألمانيا وقد أصبح استخدامه شائع الاستخدام كعلاج منزلي في أوربا وأمريكا.
يشترك الزو لنج والمائتاکي Maitake والشيتاکي Shiitake والأكيناسيا Echinacea والأستراجالوس Astragalus في بعض السمات الكيميائية، فكل هذه النباتات تحتوى على السكر العديد (البولساکاراید) الذي هو عبارة عن سلسلة طويلة من الجزيئيات المؤلفة من وحدات السكر، والتي يرى أنها هي التي تقف وراء الأثر الحافز للمناعة. لم يثر السكر العديد أبدا اهتماما واسع النطاق لدى العلماء الذين يسعون دائما للبحث عن عقاقير جديدة. إن السكر العديد يعد أحد المكونات الأساسية في العديد من الكائنات، كما أنه ليس من نوعية الجزيئيات ذات الأثر البيولوجي، ومع ذلك فقد وجد الباحثون أنه يتوافر في العديد من أنواع كثيرة من النباتات، وأنواع الفطر التي تتمتع بقدرة على حفز المناعة. هناك احتمال يرى بأنها تتشابه مع المكونات المشكلة لجدران خلايا البكتيريا مما يجعلها قادرة على حفز استجابة المناعة نظرا لهذا التشابه.
وبغض النظر عن كيفية تأثيرها، من الجيد أن نعرف أن هناك منتجات طبيعية أصبحت الآن متوافرة، وسوف تساعدنا أثناء فترات تراجع مستوى المقاومة. لا أعتقد أنك بحاجة إلى استخدامها إن کنت تتمتع بصحة جيدة، ولكن إن كنت تصاب بنوبات برد متكررة، أو غير ذلك من الأمراض، أو إن کنت من النوع الذي يلتقط أي عدوى، وإن بدت مقاومتك بطيئة ضعيفة يمكنك أن تفكر في تعاطي واحد أو أكثر من هذه المواد الحافزة للمناعة.
اسع لتحسين صحتك الذهنية والعاطفية
على مدى سنوات ظل الاعتقاد السائد بين خبراء المناعة أن جهاز المناعة هو الجهاز المستقل الوحيد في الجسم؛ والذي يعمل منفصلاً عن كل العوامل والمؤثرات الخارجية، ولكن الفكرة في ذاتها فكرة سخيفة. ليس هناك جهاز أو عضو في الجسم يعمل باستقلالية منفصلاً عن باقی الأعضاء والأجهزة؛ فكل الأعضاء متصلة ببعضها البعض وخاصة مع الجهاز العصبي، فضلا عن أن التجربة الإكلينيكية للأطباء الذين عملوا في مجال أمراض المناعة تؤكد على أن هناك علاقة وثيقة تربط بين الحالة المرضية، والحالة النفسية للمريض. من بين الصور المعروفة المرض التهاب المفاصل الروماتيزمی انتشار المرض في جسم المرأة الشابة في عدد من المفاصل داخل الجسم في غضون ساعات من تعرضها لصدمة عاطفية أو نفسية.
يشير علم المناعة العصبي النفسي الحديث إلى أن هناك علاقة قوية تربط ما بين العقل والجهاز العصبي والمناعة. تكون هذه العلاقات في الكثير من الحالات علاقة كيميائية تعمل فيها جزيئات البروتين الصغيرة المسماة بالببتيد كناقلات رسائل تعمل على نقل المعلومات من خلية إلى أخرى. وقد أصبح من الواضح أن هناك تواصلا کیمیائیا حيويا لا ينقطع ما بين الجهاز العصبي والمناعي والغدد الصماء وذلك من خلال شبكة من هرمونات الببتيد. وكلما وجدت الأعصاب فهذا يعني إمكانية انتقال النشاط الناتج من العقل.
وقد بدا من الواضح أيضا أن الحالات العاطفية أو النفسية مثل الحزن والإحباط يمكن أن تتداخل مع المناعة تماما مثلما تعمل حالة الحب على رفع كفاءة المناعة. أنت لست بحاجة لمعرفة المزيد في هذا الصدد؛ لكي تسعى لتحسين صحتك العاطفية والنفسية. لا تسع لدحض، أو مقاومة الحالات الذهنية السلبية، وإنما اسع بدلا من ذلك لبذل طاقتك لخلق حالة إيجابية سوف تعمل من تلقاء ذاتها على التصدي للحالة السلبية.