تظهر كل يوم تقريباً أبحاث تتعلق بفوائد العناصر الغذائية، وكذلك مكملات الدعم الغذائي Supplements، والأعشاب، ودور كل هذه الأشياء في المحافظة على الصحة. لا يوجد أدنى شك في أن مكملات الدعم الغذائي تؤدي إلى مساهمة ضرورية من أجل صحة وسلامة مُثلى. ولكن محاولة الاختبار للطيف الواسع من هذه المنتجات المعروضة قد يسبب التشوش.
تقدير احتياجاتك من مكملات الدعم الغذائي
أولاً، يجب أن تطرحي السؤال على نفسك، هل أنا فعلاً في حاجة إلى أي مكملات للدعم الغذائي؟ إذا لم تكوني في بيئة نقية وفطرية، تأكلين ما تخرجه الأرض من خيرات متوازنة طبيعية، وتمارسين الرياضة المناسبة، وتُعطين لجسمك ما يحتاجه من راحة، ولا تطحَنك الشدائد. إذا لم يكن كل ذلك متوفراً لكِ، فالإجابة على السؤال. نعم. إن استعمال مكملات الدعم الغذائي فكرة صائبة.
إننا نعيش في عصر ازدادت فيه السموم الكيميائية إلى حدودٍ لم يعرفها تاريخ البشرية. فالهواء الذي نستنشقه، والأرض التي نعيش فوقها، والماء الذي نشربه، كل شيء عرضة لأخطار شديدة. وبشكل عام فإن ما يحتويه الطعام من عناصر غذائية قد تدنَّى، لأننا لم نعد نستهلك ما تخرجه لنا الأرض مباشرةً، لم نعد نستهلك شيئاً طازجاً، بل ينقل من مكان إلى مكان بعيد، وأحياناً عبر الحدود. وأثناء تعبئته، وتصنيعه وتعليبه، يفقد الكثير من عناصره الغذائية.
إن معظمنا لا يستهلك حتى المقننات الضئيلة الممثلة في خمس حصص في اليوم من الفاكهة الطازجة والخضروات التي أوصت بها المؤسسات المختصة من أجل الوقاية من الأمراض. في واقع الأمر هذه المقننات أقل من توصيات الخبراء التي تقترح أن يكون تناولنا من الفواكه والخضروات على أقل تقدير 10-9 حصص من أجل الحفاظ على الصحة المُثلى. وفي حين يخطط معظمنا لتناول غذاء صحي، إلا أن الأكثرية من الناس يفشلون في تحقيق ذلك، على الأقل في بعض الأحيان. هنا يجب أن تلعب المكملات الغذائية الداعمة دورها في تعويض النقص بأن تؤمن للجسم العناصر الغذائية التي تحتاج إليها من أجل أن يقوم الجسم بأداء وظائفه بشكل مثالي، ومن أجل السلامة والصحة.
أحد الأسس الرئيسية لبرنامج جيد من المكملات الغذائية الداعمة هو احتواؤها على مجموعة من الفيتامينات فائقة القدرة بالإضافة إلى المعادن الضرورية، مثل هذه التركيبات المتوازنة ستوفر للجسم المتطلبات الأساسية التي يحتاجها. وبعد ذلك يمكنك أن تضيفي بعض الأشياء الخاصة بكِ والتي تلبي احتياجاتك الشخصية. ولكن عليك أن تعرفي أن أي مكملات غذائية داعمة ليست على الإطلاق بديلاً عن الغذاء الطبيعي الصحي والمتوازن ولا اعوض عن نمط حياة سليم. لا يمكن لأي مكملات غذائية داعمة أن تعوض الأرق وعدم أخذ كفايتك من النوم، أو أن تعوضك عما تجنيه من ممارسة الرياضة، أو أن تزيل الأذية التي تعود عليك من التدخين، أو معاقرة المشروبات الكحولية. ولكن إذا اتبعتِ توصيات الحصول على التغذية الصحية المتوازنة، مع التقيد بتعليمات النمط الصحي لسلوكيات الحياة، ومن ثم أخذ المكملات الغذائية الداعمة، عندها تكونين قد خطوت بكل تأكيد، نحو تأمين كل ما يحتاجه جسمك من أجل صحة مثالية.
لأن الناس يختلفون من ناحية مقدار احتياجاتهم من العناصر الغذائية، فيجب أن تعلمي أن الإرشادات بهذا الخصوص ما هي إلا إرشادات تقديرية فقط. ورغم ذلك فإن التوصيات الموجودة وضعت بناء على آخر ما قررته الدراسات المختلفة، وتكون آمنة إذا استهلكت بالكميات المقترحة. من ناحية أخرى قد تحتاجين إلى كميات أكثر أو أقل من العناصر الغذائية، وكل ذلك يعتمد على عمرك، وتكوينك الحيوي، وعوامل الوراثة، ونمط حياتك، ووضعك الصحي الآني، حتى تقدري ما هو المثالي بالنسبة لك، ربما يكون من الأفضل أن تستشيري طبيبك إذا كان ذا خبرة في وصف المكملات الغذائية الداعمة والأعشاب.
كيف تتناولين المكملات الغذائية الداعمة
تناول المكملات الغذائية الداعمة ليس مجرد ابتلاعها مع كوب من الماء وينتهي الأمر. معظم المكملات الغذائية تستثمر من قبل الجسم بشكل أفضل إذا أخذت مع أو بعد الوجبة الغذائية مباشرة. ينطبق هذا الموضوع بشكل خاص على المكملات الغذائية التي تمتص بشكل أفضل إذا كانت الوجبة الغذائية تحتوي على بعض الدهون، مثل فيتامين (أ A)، و (د D)، و (هـ E) والعامل كيو 10. وجود بعض البروتينات في الطعام يساعد امتصاص المعادن أيضاً. كما أن أخذ المكملات الغذائية الداعم في وسط تناولك وجبة غذائية يساعد في منع بعض الاضطرابات المعدية التي تحدث أحياناً إذا أخذت على معدة خاوية. من ناحية أخرى إذا كنتِ تتناولين نوعاً من الأعشاب في شكل محلول، فيفضل أن يؤخذ والمعدة خاوية لأن ذلك يساعد عملية الامتصاص. يمكن أن تتناولي هذا المحلول قبل الطعام بعدة دقائق. وخففي جرعة المحلول بتناول كمية من الماء أو العصير لجعل محلول العشب ذا مذاق طيب.
من المستحسن أيضاً أن لا تؤخذ الجرعة كاملة، ولكن يفضل أن تجزأ على مرتين أو ثلاث مرات في اليوم. بهذا الشكل توفرين لجسمك إمداداً متواصلاً من تلك العناصر الغذائية. على مدى اليوم بكامله، كما أنه يحسن من الامتصاص، ويقلل من كمية المواد المطروحة. على سبيل المثال، إذا أخذنا أحد العناصر الغذائية مثل الكالسيوم، فإن الجسم لا يستطيع أن يمتص أكثر من 500 مغ في وقت واحد.
لا ينبغي أن تتملككِ فكرة أنه كلما ازداد تناولكِ لأحد العناصر الغذائية كان أحسن. فليس هذا بالضرورة حقيقي، فعلى سبيل المثال إذا أخذ من فيتامين (أ A) أو (د D) أكثر مما يحتاجه الجسم فإنه يضر بالصحة. حتى بالنسبة لمضادات الأكسدة التي لا يمكن الاستغناء عنها حيث تحمي الخلايا من الأذية، إذا أُخذ منها أكثر من اللازم فإنها قد تؤذي الجسم وتسبب الوهن والتعب ـ يجب أن تتقيدي بالمقادير وبالتوصيات أو راجعي طبيبك واستشيريه إذا اعتقدت أنك ربما تستفيدين إذا تناولت كميات أكبر مما جاء في الموضوع.
بعض المكملات الغذائية الداعمة، مثل بعض منتجات الأعشاب، تميل إلى الاختلاف بشكل كبير في كفاءة فاعليتها. إذا كنت غير متأكدة من مقدار ما يجب أن تأخذي، فمن الأمان أن تتبعي الإرشادات التي يضعها المصنع لهذه المنتجات. كما أنه من التعقل أن تواظبي على تلقي كل المعلومات التي تفيد صحتك. هناك الكثير من الكتب الممتازة التي يمكن أن تدلك على أفضل الاختيارات
شراء وتخزين المكملات الغذائية الداعمة
إذا ألقيتِ نظرة على أرفع محلات بيع الأغذية الطبيعية، أو المخازن، أو الصيدليات، فإنك ستدهشين من كمية وأنواع المواد الغذائية، والمكملات الداعمة من الأعشاب. إذا دخلت أحد هذه المحلات وأنت تعرفين ما تريدينه، فإنك في الحقيقة محظوظة جداً. لا ينبغي أن تعتمدي على ما قدمه لك البائع من نصائح. بالرغم من أن بعضهم قد يكون ملماً بما يقدمه. إن أفضل شيء هو أن تكوني أنتِ نفسك عالمة بالمكملات الغذائية المناسبة لحالتك الخاصة والتي تلبي طلبات جسمك وتحقق أهدافك. هناك مراجع رائعة موجودة في المكتبات ومكتوبة من قبل خبراء، وممارسين مميزين، وآراؤهم فقط هي التي يمكن أن ترشدك إلى الاتجاه القويم. من ناحية أخرى يمكن الرجوع دائماً إلى طبيبك الخاص لتستشيريه وتطلبي منه النصح.
حينما تضطرين إلى اختيار نوع ما من المكملات الغذائية الداعمة من بين العديد من المنتجات المُسوّقة من شركات مختلفة، والتي ستشاهدينها في تلك المحلات. ليس بالضرورة أن يكون النوع الأعلى سعراً هو الأفضل بينها. ولكن بشكل عام، وككل الخيارات من المشتريات الأخرى، هناك عادة علاقة ارتباطية ما بين السعر والجودة، بمعنى آخر فأنت غالباً تحصلين على ثمن ما تدفعين من أجله. المنتجات الأفضل من ناحية الجودة والتحضير، والتي تحتوي على حافظات preservatives أو سكر أو ملونات، غالباً تكون الأغلى.
أما بالنسبة للتساؤل عما هو أفضل، الأشياء الطبيعية أم المصنعة. ففي الحقيقة ليس هناك أي فرق. فمعظم المنتجات تمر غالباً في خطوات تصنيعية من أجل تركيزها في صورة محفظة أو حبة. ولكن يوصي دائماً أن يؤخذ فيتامين (هـ E) في شكله الطبيعي لأن النوع المصنع منه ليست له نفس الفاعلية. يُعرف فيتامين (هـ E) على أنه -d ألفا توكوفيرول d-alpha-tocopherol (وغالباً يوضع معه خليط من التوكوفيرولات الأخرى). أما فيتامين (هـ E) المصنع فهو -dl ألفا توكوفيرول dl-alpha tocopherol.
من المهم أيضاً أن تشتري المكملات الغذائية الداعمة التي تروق لذوقكِ الخاص. فبعض الناس، على سبيل المثال، لا يحبون ابتلاع حبوب الفيتامينات الكبيرة، كما أن بعض حبوب الفيتامينات الصلبة يصعب هضمها، ويفضل البعض المحافظ التي تحتوي على مسحوق المكملات الغذائية أو المحافظ الهلامية الرقيقة، وسهلة الهضم.
حتى تُبقي على فاعلية المكملات الغذائية دون أن تفقد من قيمتها الغذائية، يفضل أن تخزينها في مكان بارد ومظلم مثل خزينة المطبخ، وتكون بعيدة عن مصدر اللهب أو الحرارة. يجب ألا تحتفظي بها في الحمام، لأن النسبة العالية من الرطوبة تقلل من فعاليتها. كثير من المكملات الغذائية لا تتطلب وضعها في البراد، فيما عدا المحافظ الهلامية أو المكملات الغذائية ذات الأساس الزيتي مثل فيتامين (هـ E) والعامل كيو 10 وكذلك زيت زهرة الربيع المسائية evening primrose.
حتى تحصلي على أقصى منفعة من المكملات الغذائية الداعمة، يجب عليك أن تأخذيها بدون انقطاع. أما إذا تركتها على أرفف خزانتك فلن يفيدك ذلك شيئاً. وحتى تستطيعي تذكر تناول هذه المكملات، ضعي لنفسك وقتاً خاصاً (على سبيل المثال بعد الأكل مباشرة). وتذكري أنك ربما لن تلاحظي نتيجة لتناولك هذه المكملات الغذائية قبل شهر أو شهرين من تناولها، وبالنسبة لكثير من الأعشاب قد يحتاج الأمر إلى ثلاثة أشهر أو أكثر.
من المهم أن تعطي وقتاً كافياً لاستعمالك للمكملات الغذائية قبل أن تلاحظي آثارها، ولكن من المهم أيضاً أن تراجعي ما تأخذينه بين الحين والآخر حتى تتأكدي من أنها تلبي الحاجة التي من أجلها تُستعمل، وذلك كل ستة أشهر على أقل تقدير. بهذه الطريقة يمكنك دائماً أن تُحدِّثي من نوعية المكملات الغذائية التي تتناولينها، وتحذفي ما ترين أنه لم يعد له أهمية لاحتياجات جسمك، وتضيفي ما ترين أن جسمك في حاجة إليه في الوقت الحاضر.