قد يقول البعض إن المال يحكم العالم؛ لكنه يجب ألا يحكمك.
. كيف يتسبب المال في الشعور بالتوتر
ليست إدارة المال مجرد دفع الفواتير وإبقاء القليل منه، أو تكوين محفظة من الأسهم والسندات المربحة؛ ولكننا واقعون تحت وطأة جميع أنواع المشاعر الخفية وغير الخفية إلى حد كبير، والعقبات ذات الطبيعة العاطفية والوساوس والأفكار الغريبة إلى حد ما. ربما تكون عبارة “المال يذهب ويجئ” قولاً تقوله أحيانًا، ربما لتبرر تكلفة كبيرة تتحملها أو لتجعل نفسك تشعر بالارتياح عندما لا يكون لديك أى مال، لكن القليلين منا صادقون في اعتقادهم أن هذه الأوراق النقدية هي “مجرد” شىء. المال مهم بالنسبة لنا. وهو مهم لثقافتنا، بل وقد يقول البعض إنه يحكم العالم؛ لكنه يجب ألا يحكمك.
. ألق نظرة على ماضيك
إن الذكريات المتعلقة بالمال من الطفولة يمكن أن تكشف كيف نشعر نحو المال الآن، حتى وإن كنا لا ندركه. ربما كان ذا مكانة عالية في أسرتك، أو لا ينال قدره من الأهمية نهائيًّا. ربما تعلمت إدارته، لكن الكثيرين منا لم يتعلموا تلك المهارة، وليس لدينا كبالغين أدنى معرفة بما نفعل بالمال الذي نكسبه أكثر من دفع الفواتير وشراء الطعام.
. لا تصدق الآراء الشائعة
لقد طُبعت في خبراتنا الشخصية الكثير من الآراء الشائعة، فبرامج التليفزيون والأفلام والكتب غالبًا ما تمثل الأثرياء كمتكبرين بلا قلوب، والفقراء كلصوص قذرين. إن البخلاء كبار السن الذين ادخروا ثرواتهم يجب أن يكونوا مجانين بعض الشىء، والأرواح الكريمة التي تمنح المال يجب أن تكون طيبة وطاهرة.
فى أمريكا، ظلت “الطبقة المتوسطة” تُصوَر على أنها المثالية، وقد كبرت حتى أصبح معظم الناس يعتبرون أنفسهم واقعين ضمنها. ومعظمنا ليس فقيرًا، لكننا أيضًا لن نقول على أنفسنا أغنياء. أليس ذلك هو سبب راحتنا؟ الجواب نعم؛ مع ذلك، فإننا نظل مهووسين بالمال… وبالثروة، والخوف من الفقر والأشياء المادية التي يمكن أن نشتريها.
. أزل الضغوط عن حياتك المالية
المال ليس مسألة سهلة، لكن هذا لا يعنى أنه يجب أن يكون أمرًا معقدًا بالنسبة لك، ولكى تزيل الضغوط عن حياتك، تحتاج إلى عدة أشياء:
• افهم بالضبط، ما تشعر به بالفعل نحو المال، بما يشمل الإجحاف والأفكار المتصورة سلفًا.
• استمر في إدراك أفكارك المتصورة سلفًا بيقظة حتى لا تتحكم فيك.
• يجب أن تكون لديك أهداف مالية محددة للغاية، للحاضر والمستقبل.
• يجب أن تكون لديك خطة محددة للوفاء بالأهداف المالية.
• اعرف بالضبط قدر الموارد وقدر النفقات.
• ابدأ في تكوين احتياطي مالي.
. اسأل نفسك بعض الأسئلة
إذا أردت أن تعرف ما تشعر به فعلاً نحو المال، أجب عن الأسئلة التالية في ورقة أو في مدونة الضغوط الخاصة بك.
1. بم تشعر على الصعيد العاطفي عندما تفكر بشأن موقفك المالي الآن؟
2. اختبر أية مشاعر سلبية لديك بشأن موقفك المالي. لِمَ تظن أن لديك هذه المشاعر السلبية؟
3. بم يشعر والداك نحو المال؟
4. عندما كنت طفلاً، ماذا كان موقف أسرتك من الأشخاص الذين لديهم مال أكثر منكم؟
5. عندما كنت طفلا، ماذا كان موقف أسرتك من الأشخاص الذين لديهم مال أقل منكم؟
6. صف واقعة من طفولتك تكشف موقف أسرتك من المال.
7. صف كتابًا أو فيلمًا أو برنامجًا تليفزيونيًّا محددًا أو أى مصدر آخر تظن أنه ربما أثر على مشاعرك بشأن المال بطريقة ما.
8. إذا أصبح لديك جميع المال الذي يمكن أن تنفقه وتظل ثريًّا بقية حياتك، فبم ستشعر؟
9. اذكر الأشياء التي تظن بصدق أنها أهم من المال في حياتك.
10. ما الذي يجب أن يتغير تحديدًا في حياتك حتى لا يصبح المال مصدرًا للتوتر؟
. حدد الأفكار المسبقة بشأن المال
راجع إجاباتك للبحث عن أية مفاتيح تكشف لك أفكارك المسبقة بشأن المال. اجعل هذه الأفكار حاضرة في اعتبارك بينما تعمل على تبسيط حياتك المالية. إذا كانت لديك فكرة مسبقة بأنه من الخطأ امتلاك المال، فربما كنت تحرم نفسك دون وعى من الأمان المالى. وربما تعتقد بشدة أن المال لا يجب أن يكون مهمًّا، لكن نقصه في حياتك يتحكم فيك، والآن – في ظل غيابه – أصبح المال أهم شىء في حياتك. ربما تعتقد أن القيمة الذاتية ترتبط بالقيمة المالية وأنك تشعر – دون المال – أنك لا تساوى الكثير. أيًّا كان ما تعتقده، اعرف أنك تعتقده، واستمر في فحص أفكارك المسبقة، حتى لا تخرب حياتك المالية.
. ضع أهدافًا مالية محددة
إذا كنت تعرف وجهتك المالية، فإن الضغوط في حياتك ستكون أقل. ضع قائمة بالأهداف المالية، بصرف النظر عن مدى احتمالية تحققها، سواء بنفسك أو بمساعدة مخطط مالى ماهر.
كم تحتاج من المال لتكون قادرًا على الإنفاق كل شهر؟ (معظم الناس يقدرون مبلغًا أقل من المطلوب فعلاً). وما مقدار ما تحتاج إلى ادخاره عند بلوغك سن التقاعد؟ هل تحتاج إلى قرض إلى التعليم الجامعى لأبنائك؟ أو مقدم شراء منزل؟ هل تحب أن تكون قادرًا على امتلاك فائض مالى من أجل الاستثمار؟ ما قدر ما تحتاج إليه من مدخرات لتغطية نفقات ستة شهور إذا أصبحت غير قادر على العمل؟
. ضع خطة
لا يكفى أن تكون لديك أهداف وحسب، بل يجب أيضًا أن تكون لديك خطة قابلة للتنفيذ للوفاء بهذه الأهداف. إذا كان ذلك يبدو أمرًا مهولاً بالنسبة لك، فاطلب مساعدة مخطط مالى ماهر.
قد يكون جزء من أهدافك المالية مركزًا على كيفية الحياة مع إنفاق أقل بدلاً من كيفية تحقيق المزيد. إن توجهات تخفيض النفقات مثل البساطة والعيش الاقتصادى أصبحت شائعة في العقد الأخير مع تزايد إدراك الناس أنهم كانوا يحققون الكثير من المال دون الحصول على مردود مناسب على المستوى الروحى، والكتب ومواقع الإنترنت والرسائل البريدية والمصادر الأخرى غنية بالمعلومات في هذا الاتجاه.
. اجعل حاجاتك المالية أبسط ما يمكن
تعرف على متعة الحياة البسيطة وحريتها! ففيما يلى بعض الإرشادات البسيطة لتقليل التوتر في حياتك المالية بتبسيط حاجاتك المالية:
• قبل أن تنفق المال توقف للحظة، وخذ نفسًا عميقًا، واسأل نفسك قائلًا: “هل هذا الشىء يستحق الوقت الذي اقتطعته من حياتى من أجل كسب المال الذي سأشتريه به؟”.
• إذا قررت أن شيئًا ما يستحق فعلاً المال الذي ستدفعه فيه، حتى إذا كان يبدو تافهًا بالنسبة لشخص آخر (العشاء في مطعم عندما لا تطيق إعداد الطعام بنفسك، أو شراء حذاء مريح)، فربما يقلل شراؤه من التوتر التي ستشعر به لو تركته.
• ضع قائمة بالأشياء التي يمكن أن تقوم بها مع الأسرة / أو الأصدقاء دون أن تكلف نفسك مالاً. كن مبدعًا!
• قلل من قيادة السيارة، وأكثر من المشى أو ركوب الدراجة أو استقل وسائل المواصلات العامة.
• هل تحتاج فعلاً إلى كل هذه القنوات التي تعرض الأفلام؟ ألن تكون خدمة القنوات الفضائية الأساسية كافية؟
• يمكن أن يكون الطهى فرصة للمرح، والوجبات التي يتم إعدادها في المنزل أقل تكلفة من العشاء الجاهز.
• ما معدل ذهابك إلى صالة اللياقة البدنية؟ هل تهدر المال بالذهاب إلى صالة اللياقة البدنية في حين أنه يمكنك أن تستعيض عن ذلك بالمشى أو العدو أو ركوب الدراجات مجانًا؟
• ركز طاقتك على التخلص من الأشياء التي لا تحتاج إليها، بدلاً من إضافة المزيد منها.
. راقب أحوالك المالية عن كثب
ليس من السهل تعقب كل قرش يدخل إلى مواردك وكل قرش يخرج منها. مع ذلك، فإذا لم تفعل ذلك على الأقل لمدة أسبوع أو اثنين من كل شهر، فلن تعرف أبدًا أين يذهب مالك، ومثل أى شىء آخر، فإن تعقب المال هو مسألة تعود، وهو من العادات التي يحبذ المواظبة عليها. علاوة على ذلك، فإن تسجيل كل قرش تنفقه كل يوم له أثر مفاجئ آخر: إنه أداة فعالة للتخلص من التوتر، فمجرد معرفة أين يذهب هذا القرش يمنحك الهدوء بشكل لا يصدق.
. كوّن احتياطيًّا ماليًّا
تنشأ الضغوط المالية غالبًا عن معرفتك أنك لا تملك مالاً كافيًا في البنك إذا واجهت أية حالة طارئة. ماذا لو تعطلت سيارتك أو احتجت إلى نفقات كبيرة للعلاج؟ عندما تقع أحداث مثل هذه، فإن مستوى الشعور بالتوتر من المرجح أن يرتفع؛ لكن إذا كان لديك احتياطى مالى – يوصى كثير من الخبراء أن يعادل قيمة ستة أشهر من الدخل الشهرى تستقطع جانبًا في رصيد ادخار أو حساب سوق يسهل الوصول إليه – فسوف تكون أكثر راحة لمجرد أن تعرف أن هذا المال موجود، ومتى احتجت للسحب من هذا الحساب، فاجعل تسديد ما سحبته أولى الأولويات.
. ابدأ اليوم
كيف تكوّن هذا الاحتياطى؟ يقول البارعون في الادخار إنهم يضعون 10% أو أكثر من كل مبلغ يكسبونه في رصيد الادخار قبل أن تأتى فرصة لإنفاقه. إن وضع نظام تقتطع فيه 10% من راتبك بشكل أتوماتيكى للادخار أسهل بكثير. إذا تعودت على فعل ذلك، فلن تفتقد المال أبدًا. اجعل هذا الأمر على رأس الأولويات – إنه طريقة سهلة لتمنح نفسك السكينة من جانب المال.
. حدد هدفًا لهذا الاحتياطى
حدد ما تحتاج إليه كل شهر، ثم اضرب هذا العدد في ستة. هذا هو مقدار الاحتياطى المستهدف. ضع 10% من راتبك القادم في صندوق الاحتياطى هذا.
إذا وضعت فقط 10% كل شهر، فسوف يكتمل احتياطى ستة أشهر في خمس سنوات إذا لم تستخدمه أبدًا طوال هذه المدة، ولكى يكتمل هذا الاحتياطى في مدة أقل، ضع نسبة أكبر في صندوق الاحتياط متى وجد – ولتكن من هدايا الإجازات والمكاسب غير المتوقعة، إلخ. أو ضع 10% هذا العام و20% في العام التالى… وبعض الناس يجعلون هدفهم أن يعيشوا على نسبة 50% من دخلهم الشهرى لادخار الباقى.
. اقض على ديونك
اجعل على رأس أولوياتك الإسراع في سداد الديون عالية الفائدة. ربما لن تكون الديون شيئًا ملموسًا تستطيع إمساكه في يدك، لكن هذا ما ينطبق أيضًا على كثير من الأشياء التي تسبب لك ضغوطًا مزمنة. إن مجرد معرفة أنك تواجه دينًا ضخمًا هو أمر كاف لتنشيط استجابة التوتر لدى بعض الناس. أولاً، تخلص من الديون، ثم ابدأ في الادخار. ربما تكون عالقًا في رهن المنزل وأقساط السيارة. فيما عدا هذين، سدد ديونك، سددها كلها، وتنفس بحرية.
. بسِّط أمورك المالية
ضع نظامًا بسيطًا للإدارة المالية. أجر جميع تعاملاتك المالية من خلال بنك واحد، وقدر الإمكان اجعل راتبك يدخل أوتوماتيكيًّا إلى رصيدك في البنك، واجعل سداد المصاريف يتم أوتوماتيكيًّا أو عبر الإنترنت حتى لا تضطر إلى زيارة البنك كل وقت. إذا كنت تدير استثمارًا، فاستثمر من خلال شركة واحدة، وإذا كانت فكرة الاستثمار تضعك تحت ضغوط، فلا داعى لها.
. خطط من أجل المستقبل
اهتم بالادخار اهتمامًا كبيرًا؛ حيث إن التضحية قصيرة المدى بعدم شراء شىء لا تحتاج إليه فعلاً وربما لن تستخدمه كثيرًا، والقرار بعدم التغيير المكلف للديكور أو عدم شراء السيارة الرياضية الجديدة، وقرار الانتقال إلى منزل أصغر وأسهل في الإدارة، والتوقف عن تناول الطعام خارج المنزل بكثرة، وقضاء وقت أكثر في المنزل من أجل الادخار، كلها أمور تستحق فعلها لأسباب عديدة، فحياتك ستصبح أبسط، وستكون أسهل، وستتكون لديك ثروة صغيرة ترعاها، وكل ذلك يؤدى في النهاية إلى تقليل التوتر بشدة.