التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد أن تسرحي لي شعره

يبدأ النهار بتآلف وانسجام تام إلى أن تخبر الأم إبنتها التي في الثالثة من عمرها بأن الوقت قد حان لكي تسرّح لها شعرها. فتبداء عندئذٍ بالصراخ والهروب من أمها وتبداء المعركة! لذا يتعيّن على الأهل هنا أن يتفادوا هذا الصراع والنزاع على السلطة من خلال تعليم ولدهم كيفيّة اعتماده موقف جديد حيال مسألة تسريح شعره. ويمكن هنا للأهل أن يخبرونا كيف أن ابنتهم لا تحب أن تجلس جامدةً لكي يسرحوا لها شعرها أو كيف أنها لا تطيق الألم الناجم عن بكلة الشعر التي تستحكّها والتي تخز لها جلدة رأسها. هنا يتعيّن عليهم إيجاد الطرق الملائمة لمساعدة ابنتهم وجعلها تختار بكلات الشعر الملائمة لها والتي لا تسبب لها الألم، كما وينبغي عليهم مساعدتها وإرشادها على المكان الذي من المفترض بها وضع هذه البكلات فيه، وإن كان من المفترض بها أن تسرّح شعرها بالمشط أو الفرشاة وهلمّا جرّاً. فيتعيّن إذن على الأهل أن يكونوا حلفاء أولادهم لا أعداءهم.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل أن يضعوا لولدهم نظاماً يجبرونه من خلاله على تسريح شعره يوميّاً.

●    ينبغي على الأهل ألا يكونوا على عجلة من أمرهم وهم يسرّحون شعر ولدهم.

●    ينبغي على الأهل اختيار الفراشي والأمشاط السهلة الإستعمال.

●    ينبغي على الأهل أن يسمحوا لولدهم بالمشاركة وإبداء رأيه في القرارات المختصة بتسريحة شعره.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لا أريد من ولدي أن يغضب مني، لذا فلن أسرّح له شعره أبداً بعد الآن”.

من الجيّد أن يتعاطف الأهل مع ولدهم، ولكن ينبغي على تعاطفهم معه هذا ألا يتعارض ومصلحته العامة. لذا يتعيّن على الأهل في هكذا حالات أن يتفادوا قدر الإمكان المواقف المتطرّفة، إذ إن معارضة ولدهم ليست موجهة ضدهم شخصياً إنما ضدّ افتقاره إلى السلطة (أو ضدّ الفرشاة التي تؤلم رأسه).

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“لن أقيّم نفسي كأمّ من خلال استياء ولدي أو رضاه على القوانين والأنظمة التي أضعها له”.

ينبغي على الأهل ألا يربطوا تقييم أنفسهم بسلوك ولدهم، إذ إنهم بذلك سيوفّرون على أنفسهم الكثير من القلق الذي هم بغنى عنه، كما وأنهم سيتمكنون من المحافظة على هدوء وبرودة أعصابهم أثناء معالجة مشاكلهم مع الولد فقد لا يحب الولد الأنظمة والقوانين، إلا أنه يحبّ أهله حباً جمّاً.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“كان من الممكن لإبنتي أن تبدو في غايّة الجاذبيّة والجمال، فقط لو أنها تركتني أسرّح لها شعرها مثلما كانت أمي تسرّح لي شعري في صغري”.

من الجيّد أن يشجّع الأهل ولدهم لكي يسمح لهم بأن يسرّحوا له شعره تسريحة فاتنة، إنما يفترض بهم أيضاً أن يتفادوا قدر الإمكان مقارنة أنفسهم بولدهم. فما كان يروقّ لهم في صغرهم قد لا يروقّ لأولادهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن كنت أحبّ في صغري أن أربط شعري على شكل ذيل الفرس، فهذا لا يعني أنه من المفترض بابنتي أن تحبّ هذه التسريحة أيضاً”.

الأولاد مختلفون عن أهلهم ومن الطبيعي أن تكون أذواقهم وآراؤهم مختلفة عن أذواق وآراء أهلهم. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يعرضوا آراءهم على أولادهم إنما من دون أن يفرضوها عليهم، تاركين لهم حق اتخاذ القرارات الأنسب لهم.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لا يمكنني أن أدعها تذهب إلى المدرسة وشعرها هكذا”.

إنه من غير المجدي أن يقلق الأهل بشأن ما سيفكّر به أستاذ ولدهم. فالمهم هو رأي الولد بتسريحة شعره.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يتعيّن عليّ أن أعلّم ولدي أن يقرّر بنفسه كيف يريد أن يسرّح شعره”.

إن الأهل وبإدراكهم حاجة ولدهم إلى اتّخاذ قراراته بنفسه قد يتمكنون من تعليمه كيف يتخذ في المستقبل قرارات ذكيّة في حياته. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يصغوا قدر الإمكان إلى آراء ولدهم ويتّبعوها. ففي النهايّة إن المسألة مرتبطة بشعره لا شعرهم.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألا يجعلوا ولدهم يشعر بالذنب بقولهم:

“أنا لن أسمح لابنتي أن تثير الجلبة حول تسريحة شعرها مثلما تفعلين”.

إن التوقعات الجارحة والأليمة لن تعلّم الولد على التعاون مع أهله، إنما ستعلّمه أنه من المفترض بأعماله أن ترضي أهله دائماً.

إنما من المفترض بهم أن يذكروه بالنظام بقولهم:

“يقول النظام إنه يتعيّن عليك أن تسرّح شعرك قبل أن تذهب إلى أبيك”.

إن الأهل وبتشديدهم على النظام يجعلون ولدهم يركّز على النظام عوض أن يركّز عليهم.

ينبغي على الأهل ألا يعتبروا الأمور موجّهة ضدهم شخصياً بقولهم:

“أظن أنني عاجزة عن القيام بأي شيء على نحو صحيح”.

إن رفض الولد التعاون مع أهله لا يشير إلى سوء معاملة أهله له أو إلى ضعف مهارات أهله في تسريح الشعر، إنما يشير وبكل بساطة إلى رغبة الولد في أن يكون له بعض الرأي في تسريحة شعره.

إنما يفترض بهم أن يأخذوا الأمور مع ولدهم باللعب بقولهم:

“لنلعب معاً لعبة صالون الحلاقة. فأنت ستسرّحين لي شعري ثمّ سأقوم بتسريح شعرك”.

إن الأهل وبجعل مسألة تسريح الشعر مسألة مسلّيّة قد يخففون من النزاعات بينهم وبين ولدهم كما وقد يجعلونه أيضاً يشارك في هذه العمليّة ويعطي رأيه فيها.

ينبغي على الأهل ألا يستخفّوا بولدهم بقولهم:

“حسناً! ضعي هذه البكلة السخيفة. لم أعد آبه سواء بدوت سخيفة بها أم لا”.

ينبغي على الأهل ألا يستسلموا في أثناء محاولتهم مساعدة ولدهم على تحسين عاداته المرتبطة بمسألة تسريح شعره، إذ إنهم بأسلوبهم هذا قد يعلّمونه أنه لا بأس به إن استسلم في حال لم تجرِ الامور كما يريد.

إنما يفترض بهم الثناء على سلوكه التعاوني بقولهم:

“شكراً لبقائك جامداً وأنا أسرّح لك شعرك”.

إن الأهل وبثنائهم على انصياع ولدهم لأوامرهم يشجّعونه على التعاون معهم في المستقبل؛ فلا شيء في الواقع يحمّس الولد على التعاون مع الآخرين أكثر من استحسان أهله له وتعاونهم معه.

ينبغي على الأهل ألا يلجأوا إلى الغضب بقولهم لولدهم:

“توقّف عن الصراخ! أنت تفقدني صوابي حقاً!”

إن الأهل وبقولهم لولدهم إنه وبمقاومته مسؤول عن غضبهم يخففون من قدرته على التعاطف مع الآخرين. فهو في الواقع لن يتفهّم موقفهم لأنه سيحاول طبعاً الدفاع عن نفسه من خلال إلقاء اللوم عليهم كونهم قد أذوه أساساً. لذا نحن نعود في هذا الصدد ونذكّر الأهل أنهم المسؤولون الوحيدون سواء عن غضبهم أو عن عدم غضبهم.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“عندما ننتهي من تسريح شعرك، يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تلعب بألعابك”.

إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدّة يعلمون ولدهم أنه من المفترض به أن يقوم بالأمور الضروريّة قبل أن يقوم بما يريد القيام به، كما وأنهم يعلمونه بذلك أيضاً أن التعاون كنايّة عن حلّ رابح ومفيد للجميع؛ وهذا في الواقع درس قد يستفيد منه مدى الحياة.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل