من الأمور الجديرة بالملاحظة عند الأولاد كيفيّة نموّ كل منهم وفقاً لجدوله وبرنامجه الخاص. فبعض الأولاد يدركون مفهوم المشاركة في سنّ الثانيّة، في حين أن بعضهم الآخر قد لا يدركه قبل بلوغهم الرابعة أو حتى الخامسة من العمر. لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة أن يحثّوا ولدهم على المشاركة أيّاً كان عمره، إذ إن المشاركة كنايّة في الواقع عن مهارة من الواجب عليهم تعزيزها وتنميتها فيه باستمرار. والجدير بالذكر هنا، أنّ الكبار أيضاً يحتاجون بدورهم إلى مَن يعود ويذكّرهم بهذه المهارة من حينٍ لآخر.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يضعوا لولدهم أنظمة خاصّة بالمشاركة كأن يقولوا له مثلاً، “عندما تضع لعبةً ما على الأرض يصبح بإمكان أيٍّ كان أن يلعب بها. أما في حال كنت تمسك بها بين يديك فيمكنك عندئذٍ أن تحتفظ بها لنفسك”.
● ينبغي على الأهل أن يقدّموا لولدهم أمثلة على المشاركة فيتعلّم هذا الأخير كيف يدع الآخرين يشاركونه ألعابه وأغراضه: فيمكنهم مثلاً أن يقسموا قسماً من شطيرتهم ويعطوه إياه، كما ويمكنهم أيضاً أن يسمحوا له بانتعال أحذيتهم في حال كان يلعب لعبة التنكّر.
● ينبغي على الأهل أن يسمحوا لولدهم بأن يوضّب ويخبّئ بعض ألعابه المفضّلة قبل وصول أصدقائه.
● ينبغي على الأهل أن يباشروا برنامج المشاركة هذا من خلال جمع كل الألعاب والثياب التي لم يعودوا بحاجة إليها ووهبها إلى الفقراء والمعوزين.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“في حال كان لا يستطيع أن يدع الآخرين يشاركونه ألعابه، فأنا لن أعود وأشتري له أيّ ألعاب جديدة بعد الآن”.
إن الأهل وبامتناعهم عن شراء أي ألعاب جديدة لولدهم لن يعلّموه بذلك المشاركة، إنما سينمّون فيه عقليّة غير سليمة وقاسيّة ومؤذيّة. لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة أن يبحثوا عن سبلٍ للتسويّة عوض أن يضعوا لولدهم أنظمة تسلبه أيّ أملٍ بالحصول على مبتغاه.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أعلم أنه من الصعب على ولدي أن يتخلّى عن مقتنياته وأغراضه الثمينة والعزيزة على قلبه، وإن لفترة وجيزة”.
يتعيّن على الأهل أن يظهروا لولدهم أنهم يتعاطفون معه ويتفهّمون رغبته بعدم مشاركة أغراضه مع أحد.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“لا بأس إن لم يكن يريد أن يشاركه أحد أغراضه. على أيّ حال، سيحطّم له الأولاد ألعابه، أليس كذلكّ”.
ينبغي على الأهل ألاّ يبرّروا أنانيّة ولدهم من خلال جعله ضحيّة سلوك سائر الأولاد التدميريّ والمخرِّب، إذ إنهم بذلك لن يعلّموه على العمل واللعب مع الآخرين بطريقة لائقة ومحترَمة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“من المهمّ أن أشرح لولدي شعور الآخرين عندما يرفض السماح لهم بمشاركته ألعابه”.
من واجب الأهل هنا أن يعلّموا ولدهم التفكير بالآخرين ومشاعرهم تماماً كما يفكّرهو بنفسه وبمشاعره الخاصة.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إن ولدي مزعج وأناني حقّاً إذ إنه يرفض أن يتشارك أغراضه مع أحد”.
إن الأهل وبأسلوبهم ونعوتهم الجارحة والمؤذيّة تلك، لا يحمّلون ولدهم مسؤوليّة سلوكه العاطل هذا فحسب، إنما يمكنهم أن يجعلوا من نعوتهم هذه توقّعاتٍ ذاتيّة التحقيق. فهم إن كانوا يعتبرون ولدهم ولداً مزعجاً فمن المحتمل جدّاً أن يتصرف هذا الأخير على هذا الأساس.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“ولدي يتصرف تماماً كسائر الأولاد في سنّه”.
إن إدراك الأهل لطبيعة الأولاد الأنانيّة قد يخوّلهم معرفة أنه من الطبيعي ألاّ يرغبوا في أن يشاركهم أحد ألعابهم ومقتنياتهم. فطريقة تفكيرهم هذه قد تساعدهم لكي لا يغضبوا أو يستاؤوا من سلوك ولدهم.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يذلّوا ولدهم ويحطّموه بقولهم:
“أنت ولد أنانيّ حقاً، وأنانيّتك هذه لن تجعل أحداً يحبّ اللعب معك”.
إن الأهل وبتوقّعهم تهميش ولدهم الإجتماعي لن يعلّموه بذلك المشاركة، إنما قد يصبح توقّعهم هذا على العكس ذاتيّ التحقيق.
إنما يفترض بهم أن يعودوا ويذكّروه بالنظام بقولهم:
“تذكّر أنه عندما يحمل صديقك لعبة ما في يده يتعيّن عليك عندئذٍ أن تنتظر إلى أن يعود ويضعها على الأرض قبل أن تتمكّن من اللعب بها”.
إن الأهل وبتذكيرهم ولدهم بالنظام قد يساعدونه على إعادة تذكّره وربطه بالوضع الحالي. في الواقع إن تركيز الأهل على ما يريدون من ولدهم أن يتعلّم هو أسلوب أكثر فعّاليّة من تركيزهم على سلوكه السلبي.
ينبغي على الأهل ألا يطرحوا على ولدهم أسئلة لا يمكنه الإجابة عليها، كأن يقولوا له مثلاً:
“لماذا لا يمكنك أن تدع الآخرين يشاركونك ألعابك؟”
عندما يطلب الأهل من ولدهم أن يشرح لهم لماذا لا يمكنه أن يسمح للآخرين بأن يشاركوه ألعابه فكأنهم يطلبون من طفل صغير أن يشرح لهم لماذا لا يمكنه أن يدبدب.
إنما يُفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقدّموا له الدعم الذي يحتاجه بقولهم:
“أعلم أنه من الصعب عليك أحياناً أن تدع الآخرين يشاركونك أغراضك؛ لذا سأبقى معك ومع صديقك فيما تلعبان فأعلّمكما كيف تلعبان مع بعضكما البعض وتتشاركان الألعاب”.
يا له من أمرٍ لطيفٍ أن يكون لدينا مدرِّب يدرّبنا على اكتساب مهارةٍ صعبة! في الواقع، إن اعتماد الأهل هكذا أسلوب من شأنه أن يضعهم وولدهم في الفريق نفسه. وأيضاً فإن إشراف الأهل على لعب ولدهم قد يتيح أمامهم فرصة الثناء على مشاركته ألعابه مع صديقه، كما وفرصة وضعهم حدّاً للشجارات قبل نشوئها.
ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:
“إن لم تسمح لأصدقائك بمشاركتك ألعابك فسأرميها كلها في سلة القُمامة”.
إن هكذا تهديدات تافهة لن تعلّم الولد المشاركة، صحيح أنها قد تؤثّر فيه تأثيراً عميقاً عن طريق حثه على المشاركة في اللحظة نفسها، غير أنه في الواقع لن يفعل ذلك إلا خوفاً من أن يخسر ألعابه، لا محبّة بالمشاركة أو قلقاً منه على مشاعر الآخرين.
إنما يفترض بهم أن يلجأوا إلى أسلوب التعطيل المؤقّت عن اللعب بقولهم:
“أنا آسفة كونكما تتشاجران على هذه اللعبة؛ لذا سأضطر إلى منعكما عن اللعب بها لفترة”.
إن منع الأولاد ولفترة مؤقّتة عن اللعب بلعبة معينة يتنازعون عليها وتثير المشاكل في ما بينهم من شأنه أن يخفّف من الشجارات وذلك من دون أن يشعر أيّ من الأولاد بالخجل أو الإحراج. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الأسلوب المتّبع من قبل الأهل بهدف حلّ هذه المشكلة قد يتيح أمامهم فرصة تذكير الأولاد بالنظام.
ينبغي على الأهل ألا يتوسّلوا إلى ولدهم بقولهم:
” من فضلك دع أصدقاءك يشاركونك ألعابك. أرجوك أن تفعل هذا من أجل ماما!”
إن التوسّل لن يعلّم الولد المشاركة إلا خوفاً من أن يخسر حبّ أهله واستحسانهم له، لا لأنه يريد أن يعمل ويلعب مع الآخرين.
إنما يفترض بهم أن يلجأوا معه إلى أسلوب ربط الساعة بقولهم:
“سأربط لك الساعة ويمكنك أن تلعب بهذه اللعبة إلى أن ترنّ هذه الأخيرة؛ بعدها يكون الوقت قد حان لأخيك لكي يلعب بدوره بهذه اللعبة إلى أن تعود الساعة وترنّ من جديد. أليست هذه طريقة جيّدة للمشاركة؟”
إن اللجوء إلى الساعة أو المنبِّه لفرض نظام المشاركة يضع المنبِّه موضع المراقِب والمسيطِر على الوضع، لا الأهل، الأمر الذي قد يساعد هؤلاء على التركيز على مسألة حثّ ولدهم على اتّباع النظام.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل