التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد أخذ الدواء

لا شكّ في أن الأهل يعلمون أن دواء ولدهم مقرف من حيث رائحته ومظهره كما ومن حيث مذاقه طبعاً. فما الذي يمكنهم فعله في هكذا حالة يا تُرى؟ في الواقع، إنهم قد ينزعون أحياناً إلى الكذب على ولدهم بقولهم إن الدواء لذيذ الطعم، إلا أنه قد يكون من المستحسن لو أنهم يخففون من عذاب ولدهم من خلال تقديمهم له مشروبات لذيذة المذاق أو بعض اللعقات من السكاكر بين الجرعة والأخرى. في الواقع، يضع الأهل نفسهم في صف الولد عندما يكونون جزءاً من الحل، ولا شكّ في أن التعاون سيكون حصيلة هذا التحالف السعيد والسارّ.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل أن يضعوا دائماً نفسهم محلّ ولدهم لكي يتمكنوا من تفهّم مشاعره، كما وينبغي عليهم أيضاً ألا ينسوا أن يقدموا له الكثير من العطف والحنان وهو يأخذ الدواء.

●    ينبغي على الأهل أن يسألوا الصيدلي إن كان الدواء الموصوف لولدهم يأتي بنكهات لذيذة أو بشكل يسهل تناولُه.

●    ينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان التذمّر أمام ولدهم من تناولهم أدويتهم.

●    في حال كان الولد يجد صعوبة في ابتلاع الدواء أو في حال كان يتقيّأ عند محاولته ابتلاعه، فيمكن للأهل عندئذٍ أن يسهّلوا عليه تلك العملية إما من خلال مزجهم له الدواء بالطعام (هذا طبعاً في حال كان هذا الحلّ مقبولاً طبياً) وإما من خلال إعطائهم إياه بواسطة ملعقة خاصّة وإما من خلال أخذهم الأمور معه باللعب وإما أخيراً من خلال استخدامهم حقنة للفم. وتجدر الإشارة هنا إلى وجوب استشارة الأهل الطبيب أو الصيدلي في حال كانت لديهم أي أسئلة حول الطريقة التي يتعيّن على ولدهم أن يتناول الدواء بواسطتها.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لن أجبره على تناول شيءٍ لا يحبّه”.

إن الأهل وبرفضهم اتّباع العلاج الذي يكون الطبيب قد وصفه لولدهم فقد يعرّضون صحّته للخطر، كما وقد يجعلونه أيضاً يعتاد على عدم اتباع الإرشادات الطبية؛ الأمر الذي قد يعرّض حياته للخطر.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“من واجبي أن أساعد ولدي على اتّباع الإرشادات الطبيّة”.

ينبغي على الأهل أن يركزوا على صحة ولدهم وسلامته وهم يعلّمونه كيفيّة التغلّب على مصاعب الحياة وتحدّياتها.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“يتعيّن عليّ أن أعطيه الدواء حتى ولو اضطررت إلى تثبيته وصب الدواء دفعةً واحدة في حلقه”.

إن الأهل وبلجوئهم إلى القوّة لن يعلّموا ولدهم على التعاون إنما سيقنعونه على العكس أن العنف هو أسلوب مقبول لحثّ الآخرين على التعاون معنا. في الواقع، إن مسألة تناول الدواء بحدّ ذاتها هي مسألة كريهة وبغيضة بالنسبة إلى الأولاد، فكيف بالأحرى إن زدنا من قباحتها تلك بلجوئنا إلى القوّة.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“أنا لا أحب أن يكون ولدي مضطراً لتناول دواء كريه كهذا، ولكني أعلم أنّه من الضروري عليه أحياناً أن يحتمل بعض الأمور المزعجة”.

لا شكّ في أن الأهل يريدون أن يحموا ولدهم ويوفّروا عليه بعض العذاب، ولكنهم إن كانوا فعلاً يتحلّون بحسّ المسؤولية فينبغي عليهم عندئذٍ أن يعلّموه كيفيّة التغلّب على مشاكل الحياة ومصائبها.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألاّ يوشوا بولدهم بقولهم:

“أتريدني أن أخبر الطبيب بأنك ترفض تناول الدواء؟”

إن الأهل وبتهديدهم هذا يجعلون ولدهم يخاف من الطبيب.

إنما يفترض بهم أن يأخذوا الأمور معه باللعب بقولهم:

“أنا أعلم أنك لا تحبّ طعم هذا الدواء، ولكنه من المفترض بك أن تتناوله. فلنعدّ إذن إلى الثلاثة ونأخذه. جاهز؟ واحد، إثنان، ثلاثة، وها هو ينزلق في حنجرتك”.

ينبغي على الأهل أن يشددوا على أهميّة تناول ولدهم للدواء، كما وينبغي عليهم أيضاً أن يجعلوا من مسألة تناوله مسألة مسلّية.

ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن عدت وبصقت الدواء فسأضربك. فابتلعه إذن حالاً”.

إن الأهل وبتهديد الولد بضربه قد يتمكنون ربما من تحقيق بعض النتائج القصيرة الأمد، إلا أنهم قد يعلّمونه أيضاً أنه يحقّ له بأن يعنّف الآخرين بهدف حثّهم على التعاون معه. وعلاوة على هذا كله، فإن الولد وبإدراكه أن لا سلطة ولا رأي لديه في هذا الموضوع فقد يشعر باليأس والإحباط.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“عندما تأخذ الدواء يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تشرب بعض الحليب”.

إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدة يعلّمون ولدهم كيفيّة تحمل الأمور المزعجة والبغيضة كما وكيفيّة إرجائه موعد حصوله على مبتغاه. في الواقع، إن الولد وبإدراكه أنه سيستعيض عن المذاق الكريه بمذاق آخر لذيذ فقد يشعر بأنه يمسك بزمام الأمور.

ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بتجريده من بعض امتيازاته:بقولهم،

“إن لم تتناول الدواء فلن تتمكّن من مشاهدة التلفزيون”.

إن الأهل وبمنعهم الولد من مشاهدة التلفزيون لن يعلّموه كيفيّة التعاون مع الآخرين فيتمكّن بالتالي من الإعتناء بنفسه، إنما سيعدّون الساحة للتعارك معه في حال أصرّ على مشاهدة التلفزيون.

إنما يفترض بهم أن يركّزوا معه على الإيجابيات بقولهم:

“سيساعدك هذا الدواء على استعادة صحّتك وعافيتك. في الواقع، إنك في كل مرّة تأخذه ستشعر بتحسّن أكثر من المرّة السابقة”.

إن الأهل وبتشديدهم على أهمية ربط الصحّة بالدواء سيتمكنون من حثّ ولدهم على التعاون معهم، كما وأنهم قد يتمكنون أيضاً من تعليمه أن بإمكانه أن يحافظ بنفسه على صحّته وعافيته.

ينبغي على الأهل ألا يقللوا من شأن ولدهم بقولهم:

“يا لك من ولد فهيم حقاً. خذ الدواء حالاً”.

إن الأهل وبتلميحهم للولد أن غباءه هو الذي يحول دون تعاونه معهم يتسببون بمشاكل ثلاثة: أولاً، سيشعر الولد بالاستياء لأن أهله يظنون أنه غبي؛ وثانياً سيقللون من ثقة الولد بنفسه؛ وثالثاً سيزيدون من معارضة هذا الأخير فكرة تناوله الدواء.

إنما يفترض بهم أن يؤكّدوا قدرته في التغلّب على مشكلته تلك:بقولهم،

“أنا آسفة لأنك لا تحب طعم هذا الدواء، ولكنك ولد قويّ وشجاع وأنا واثقة من قدرتك على ابتلاعه”.

إن الأهل وبتأكيدهم قوّة ولدهم وشجاعته يساعدونه لكي يثبت لهم ولنفسه أنه يتحلّى فعلاً بهذه الميزات. وهذا في الواقع حلّ مفيد للجميع، إذ إن الأهل سيتمكنون بذلك من حثّ ولدهم على تناول الدواء من جهة؛ والولد ستزداد ثقته وعزّة نفسه من جهة أخرى.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل