التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد أن يتكلم مع والده على الهاتف

إن هذه الحالة مؤلمة حقاً. أنتم تريدون فعلاً من ولدكم ابن الأربع سنوات أن يتكلّم إلى زوجكم (أو زوجتكم) السابق على الهاتف، إلاّ أنه يرفض ذلك رفضاً قاطعاً. لذا فقد يكون من الضروري على الأهل في هكذا حالة أن يضعوا أنفسهم مكان ولدهم. فهو ربّما قد يكون غاضباً أو قلقاً أو مستاءً لأنّ أمه وأبوه منفصلان ويعيش كلّ منهما في منزل على حدة أو أنه ربما يشعر بأن والديه قد تخلّيا عنه أو ربما يشعر بالإرتباك بشأن ما ينبغي عليه أن يقوله لأمّه أو أبيه عندما يتّصلان به، فيفضّل ألاّ يتكلّم إليهما على الإطلاق. في الواقع يأتي الأولاد إلى هذا العالم وهم يحملون في داخلهم القدرة على حبّ الآخرين والتعاطف معهم، إلا أنه من واجب الأهل هنا أن ينمّوا فيهم هذه المقدرة ويعزّزوها، وسيرون كيف أنّ أولادهم سيصبحون قادرين مع الوقت على وضع أنفسهم في مثل حالتهم والتعاون معهم بطريقة أفضل.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل التأكد إن كان ولدهم قد اكتسب المهارات اللاّزمة للمشاركة في مكالمة هاتفيّة.

●    ينبغي على الأهل أن يحاولوا الإتصال بزوجهم أو زوجتهم السابقة في الأوقات التي يكون فيها ولدهم ميّالاً إلى التحدث (أي بعد أن يكون قد أخذ قيلولة أو تناول وجبته أو في الصباح أو ما إلى ذلك).

●    ينبغي على الأهل أن يطلعوا ولدهم على أهميّة التعاطف مع الآخرين والتعاطي معهم بلطف وعنايّة، فيدرك مدى تأثير سلوكه على الآخرين.

●    ينبغي على الأهل أخيراً أن يشجّعوا ولدهم على التحدّث والفضفضة عن مشاعره، إذ إن هذا تمرين من شأنه أن يعزّز طبيعته التعاطفيّة. وهنا يمكنهم مثلاً وفيما هم يلعبون معه بالدّمى أن يجعلوا تلك الدمى تتحدّث إلى بعضها البعض بشأن مشاعرها ليروا ما الذي قد يقوله ولدهم عن مشاعر دميته.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:

“أكره عندما يتسبّب لي بمشكلة مع زوجي (أو زوجتي) السابق”.

يتعيّن على الأهل هنا ألاّ يلقوا اللوم على ولدهم في نزاعاتهم مع أزواجهم السابقين، إذ إن رفض ولدهم التحدّث إلى أبيه أو أمّه على الهاتف ناجم أصلاً عن تشتّت شمل عائلته. لذا وعوض أن يلقي الأهل اللوم على ولدهم، يفترض بهم أن يجعلوا حياته هنيئة هادئة في المنزلين.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يتعيّن عليّ أن أشرح لولدي الشعور الذي قد يخالجني في حال رفض التحدثّ إليّ على الهاتف”.

ينبغي على الأهل هنا أن يعززوا طبيعة ولدهم التعاطفيّة عوض أن يسحقوا سلوكه الفظّ، إذ إنهم قد يعلّمونه بذلك كيف يفكّر بمشاعر الآخرين عندما يكون في صدد اتّخاذ قرار ما في حياته.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“ما هي مشكلته يا ترى؟ لا شكّ في أنني أرتكب في معاملته خطأ ما يحثّه على التصرف بهذه الطريقة”.

إن الأهل وبإلقائهم اللوم على أنفسهم لسلوك ولدهم يفترضون بذلك أنه يتعيّن عليهم أن يتحكّموا بتصرّفات ولدهم ويضبطوها، إلا أنه في الواقع شخص مستقلّ يريد أن يتّخذ قراراته بنفسه.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“ليست الغلطة غلطتي إن لم يكن ولدي يريد التحدث إلى أبيه (أو أمه) على الهاتف”.

لا يمكن للأهل أن يضبطوا سلوك ولدهم، إنما يمكنهم أن يؤثّروا عليه ليس إلاّ؛ لذا يفترض بهم هنا أن يعززوا طبيعة ولدهم الحنونة والعطوفة من خلال تعليمه كيف يعامل الآخرين باحترام ووقار.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لقد سئمت الشجار مع ولدي لكي أجبره على التحدّث إلى الناس على الهاتف. فأنا في الواقع لم أعد آبه إن تكلّم إلى أحد أو لم يتكلّم”.

إن الأهل وباستسلامهم أمام حالات كهذه يظهرون لولدهم أنهم غير مهتمّين لإيجاد حلّ أو تسويّة ما لمشكلتهم تلك، وأنه لا بأس إن استسلموا. فهم بهذه الطريقة يظهرون له أنهم لا يتمتّعون بقدرة كبيرة على احتمال الإحباط، هذا إضافة إلى كونهم لا يعلّمونه كيفيّة التعاطف مع الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“أنا قلقة بشأن علاقته بأبيه (أو أمه) وأريده أن يقدّر مدى أهميّة تحدّثه إليه على الهاتف”.

يتعيّن على الأهل أن يفكّروا بإجابة موضوعيّة عندما يرفض ولدهم التعاون معهم والتحدّث إلى أحد والديه على الهاتف. ففي الواقع، إن هدفهم البعيد الأمد هو تعزيز طبيعة ولدهم اللطيفة والعطوفة في سلوكه مع الآخرين.

حديث الأهل إلى ولدهم

ينبغي على الأهل ألاّ يقلّلوا من شأن ولدهم بقولهم:

“ماذا دهاك؟ ألا تعلم أنه من الفظاظة أن ترفض التحدّث إلى والدك على الهاتف؟”

ينبغي على الأهل ألاّ يشيروا لولدهم بأنه يعاني من خطب أو خلل ما في شخصيّته كونه يرفض التحدّث إلى والده على الهاتف، فلربما يحاول الولد بطريقته هذه أن يقول لهم إنه بحاجة إلى بعض المساعدة في مشاعره أو إنه ربما قد لا يكون مستعداً للتحدّث إلى أحد في هذا الوقت بالتحديد. لذا فإن غضب الأهل هنا قد لا يحثّ الولد على التعبير عن مشاعره.

إنما يفترض بهم أن يتعاطفوا معه بقولهم:

” أنا أعلم أنك لا تريد التحدّث إلى والدك الآن. غير أن أبيك يتحرّق شوقاً إلى مكالمتك، وهو يشعر ببعض الإحباط كونك لا تريد أن تتكلّم إليه. إلا أنه يتفهّم الوضع وسيكون مستعداً لمكالمتك ساعة تشاء”.

إن الأهل وبحثّ ولدهم على التفكير بمشاعر أبيه أو أمه سيساعدونه على التفكير بما كان سيشعر لو كان محلّ أبيه، كما قد يساعدونه أيضاً على التفكير بكيفيّة تأثير قراراته على الآخرين.

ينبغي على الأهل ألاّ يجعلوا حبّهم لولدهم مشروطاً بقولهم:

“لن يحبّك والدك بعد الآن إن لم تتكلّم معه على الهاتف”.

إن الأبوين وبتهديدهما الولد بخسارة حبّ والده (أو والدته) له يعلمانه أنه لن يكون محبوباً إلا عندما يطيعهما. وهذه في الواقع رسالة خطيرة ومؤذيّة إذ إنها تعلّم الولد أنه ولكي يكون محبوباً من والديه، عليه أن ينفّذ لهما مطالبهما.

إنما يفترض بهما أن يكونا أكثر تفهّماً معه بقولهما:

“قل لي بماذا تفكّر عندما تقول إنك لا تريد أن تتحدّث إلى والدك. ساعدني على تفسير قرارك”.

عندما يسأل الأهل ولدهم عن آرائه فهم بذلك يفتحون معه حواراً من شأنه أن يقودهم نحو حلٍّّ إيجابيّ وفعّال لمشكلتهم، كما وأنهم قد يعلّمونه أيضاً بأسلوبهم هذا على التعاطف مع الآخرين والعنايّة بأحاسيسهم ومشاعرهم، وهما في الواقع طريقتين إيجابيّتين في التعاطي مع الآخرين.

ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن لم تتكلّم مع والدك على الهاتف ستضطرّني عندئذٍ إلى إبقائك في غرفتك كل اليوم”

إن الأهل وبتهديد ولدهم بعزله في غرفته لن يعلّموه تنفيذ مطالبهم بداعي التعاطف معهم أو مع أبيه أو أمه.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“إن تكلّمت مع والدك على الهاتف فقد يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تذهب للّعب خارجاً”.

يمكن لقاعدة الجدّة أن تمدّ الولد بالحافز الذي يحتاجه والذي قد يدفعه إلى التحدّث إلى والده. وعلاوةً على هذا كله، فإن الأهل وباتّباعهم هذه القاعدة من شأنهم أن يشددوا على أهميّة قيام ولدهم بما ينبغي عليه القيام به قبل أن يتمكّن من فعل ما يريد فعله.

ينبغي على الأهل ألاّ يصنّفوا ولدهم بقوله:

“أنا أعلم أنك خجول، إلا أنه يتعيّن عليك حقاً أن تتحدّث إلى والدك عندما يتّصل بك هاتفياً”.

عندما يقول الأهل لولدهم إنه خجول يجعلون من الخجل جزءًا لا يتجزّأ من شخصيّته، مما قد يحثّه على المضيّ قدماً في سلوكه هذا.

إنما يفترض بهم أن يقدموا له الدعم الذي يحتاجه بقولهم:

“سيتّصل بك بابا اليوم. فلنتمرّن معاً على بعض الأمور التي يمكنك أن تقولها له لأنه يحب أن يتحدّث إليك على الهاتف”.

ينبغي على الأهل أن يقترحوا على ولدهم بعض الطرق والأساليب التي من شأنها أن تجعله يشعر بشيء من الإرتياح وهو يقوم بالأعمال التي تتطلّب منه الكثير من الجرأة والشجاعة كأن يتحدّث مع والده على الهاتف مثلاً. فالتمرين المسبَق على الحديث سيجعل الولد يشعر بارتياح أكبر حيال هذه التجربة.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل