التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد الذهاب لرؤية جدته

عندما يطلب الأهل من ولدهم ابن الخمس سنوات أن يرافقهم لزيارة قريب مسنٍّ لهم، فقد يكون عندئذٍ لتعاونه معهم أهميّة زائدة في أذهانهم. فيتعيّن على الأهل في هذه الحالة أن يتذكروا أن الولد في هذه السنّ لا يعي أهميّة مرافقته أهله لزيارة جدّته؛ لذا يفترض بهم هنا أن يستغلوا هذه الفرصة ليعبّروا له عن مشاعرهم فيدرك هذا الأخير أنّه يتعيّن عليه أن يتعهّد بمعاملة أسرته معاملة تفضيلية مدى الحياة.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل أن يظهروا لولدهم مدى عنايتهم وطيبتهم وتعاطفهم مع الأجداد كما ومع سائر أفراد مجتمعهم المسنّين.

●    ينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان التذمّر أمام ولدهم من ضرورة زيارتهم بعض الأصدقاء أو الأقرباء المسنين أو من الظروف المعيشية السيئة والسائدة في دور العجزة إجمالاً.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“سوف تكرهني أمي إن لم أحضر معي إبني لزيارتها في دار العجزة”.

ينبغي على الأهل ألا يفترضوا أنّ رفض ولدهم التعاون معهم قد يجعل شخصاً ما يغضب منهم، إذ إنّ طريقة تفكيرهم هذه ستحثّهم على الضغط على ولدهم لكي يتعاون معهم؛ وهذا كله غير ضروريّ على الإطلاق.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“لا يمكنني إعتبار ولدي ولداً فظاً فقط لأنه لا يريد الذهاب معي”.

ينبغي على الأهل أن يدركوا في هذه الحالة أن مقاومة ومعارضة ولدهم لهم قد تكون ناجمة عن عوامل عديدة ومختلفة كقلقه بشأن مظهر جدّته أو بشأن كثرة نسيانها أو أيضاً بشأن سلوكها المفاجئ والذي لا يمكن توقّعه.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“ما هو الخطأ الذي من المحتمل أن أكون قد ارتكبته في تربيتي لولدي؟ فهو لا يكترث لجدّته ولا يقلق أبداً عليها”.

ينبغي على الأهل ألا يعتبروا ولدهم ولداً قليل العناية بالغير، كما وينبغي عليهم ألا يعتبروا أنفسهم مسؤولين عن عدم تعاطفه مع الآخرين، إذ إن أفكارهم هذه لن تؤدي سوى إلى زيادة استيائهم. لذا يفترض بنا هنا أن نعود ونذكّرهم بأنه لا يمكنهم التحكّم بمشاعر ولدهم، إذ إنه وحده قادر على ذلك.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“هدفي هو أن أعلّم ولدي على التعاطف مع الآخرين والشعور بالشفقة حيالهم”.

إنه في الواقع من واجب الأهل أن ينمّوا ويعززوا طبيعة ولدهم الحنونة والعطوفة، وذلك من خلال الفرص المتعددة التي قد تُتاح أمامهم في الحياة؛ كما ويفترض بهم أيضاً أن يثبتوا على هدفهم البعيد الأمد هذا، وذلك لكي يتمكّنوا من معالجة المسائل في الحالات التي يرفض فيها ولدهم التعاون معهم.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“أنا أشعر حقاً بالذنب عندما يرفض ولدي أن يذهب معي لزيارة جدّه”.

إن شعور الأهل بالذنب يشير إلى ارتكابهم خطأ ما؛ ولكنهم في الواقع لا هم ولا الولد مسؤولين عن معارضة ومقاومة هذا الأخير لهم، إذ إن كلاًّ منهم مسؤول عن مشاعره، ومشاعره فقط.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“بإمكاني تفهّم معارضة ولدي لفكرة الذهاب لزيارة جدّه، إذ إني أنا نفسي لا أرغب في ذلك أحياناً”.

إن تعاطف الأهل مع ولدهم قد يخوّلهم إيجاد الطرق الملائمة والفعّالة التي قد تحثّ هذا الأخير على التعاون معهم. وهنا يفترض بنا أن نعود ونذكّر الأهل بالقاعدة الذهبية التي تقول إنه يفترض بهم أن يعاملوا ولدهم مثلما يريدونه أن يعاملهم.

حديث الأهل لأولادهم

ينبغي على الأهل ألا يذنّبوا ولدهم بقولهم:

“ما الذي تعنيه بقولك إنك لا تريد أن تأتي معي؟ ألا تخاف على جدّتك وتقلق عليها؟

إن الأهل وبلجوئهم إلى أسلوب التذنيب بهدف حثّه على التعاون معهم لن يساعدوه على تنمية قدرات تعاطفه مع الآخرين وقلقه عليهم، إنما سيلمّحون له على العكس أنه مخطئ بشأن بعض مشاعره.

إنما يفترض بهم أن يتعاطفوا معه بقولهم:

“أنا أعلم أنك لا تريد أن تأتي معي لزيارة جدّتك ولكنها تحبّ أن تراك وأنا واثقة من أنها ستسرّ كثيراً بزيارتك لها”.

إن الأهل وبمساعدة ولدهم على التفكير بمشاعر الآخرين قد يوقظون فيه طبيعته الحنونة والعطوفة. لذا ينبغي عليهم هنا أن يمنحوه بعض الوقت لكي يفكّر بالسعادة التي قد تغمره عندما سيدرك أنه قام بشيء يُسعد الآخرين ويُفرحهم.

ينبغي على الأهل ألا يجعلوا ولدهم يشعر بالخجل من نفسه بقولهم:

“ستغضب منك جدّتك كثيراً إن لم تأتِ معي لزيارتها”.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لولدهم إن رفضه الذهاب معهم سيُغضب جدّته، إذ إنهم بذلك سيخففون من قدرته على التعاطف معها. وعلاوةً على ذلك، فهو في الواقع قد يستاء من فكرة أن تعبيره الصريح عن مشاعره الحقيقية من شأنه أن يُغضب الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يدعوه إلى التغذية الإسترجاعية بقولهم:

“قل لي من فضلك لماذا لا تريد أن تأتي معي. ساعدني على فهم مشاعرك حيال هذا الموضوع”.

إن الأهل وبحثّ ولدهم على التعبير عن آرائه ومشاعره يحصلون على معلومات مهمّة من شأنها أن تساعدهم على حلّ المشكلة. فهو ربّما لا يحبّ الذهاب إلى دار العجزة لأنه يستاء من المناظر، والأصوات، والروائح هناك. وفي حال كان هذا السبب الفعلي لرفضه الذهاب إلى هناك، فينبغي على الأهل عندئذٍ أن يقترحوا عليه فكرة أن يأخذ لجدته الأزهار أو بعض المستحضرات التجميلية أو الطبية أو إحدى رسوماته لكي يساهم في تلطيف الأجواء هناك.

ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:

“إن ذهبت معي إلى دار العجزة فسأشتري لك عندئذٍ بعض البيتزا ونحن في طريق العودة إلى المنزل”.

إن الأهل وبرشوة ولدهم يعلّمونه أن يتوقّع مكافأة ما لقاء قيامه بما يطلبونه منه؛ وهو بهذه الطريقة لن يتعلّم الدرس الهام الذي يقول إن العناية بالغير هي بحدّ ذاتها مكافأة.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه صفقة بقولهم:

“إن أتيت معي لزيارة جدّتك فقد يصبح بإمكاننا عندئذٍ المرور بالحديقة العامة ونحن في طريق عودتنا إلى المنزل”.

إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدة يعلّمون ولدهم أنه من المفترض به أن يقوم بواجباته أولاً لكي يتمكّن من تحقيق رغباته – وهذا في الواقع درس سيعلّمه أولاً كيفيّة إعطاء الأولويّة في حياته لواجباته ومسؤوليّاته، كما سيعلمه كيفيّة السيطرة على حياته، وهذا في الواقع هدف يحلم بتحقيقه منذ ولادته.

ينبغي على الأهل ألا يلجأوا مع ولدهم إلى الغضب بقولهم:

“لقد سئمت عدم رغبتك في زيارة جدّتك. إصعد إلى السيارة حالاً!”

يمكن لغضب الأهل أن يجعل الولد أكثر خوفاً وقلقاً. فهم في الواقع وبجعل حبّهم لولدهم مشروطاً يلمحون له أنه من المفترض به أن يطيع أوامرهم لكي يتمكنوا من الاعتناء به- وهذا في الواقع أمر مخيف بالنسبة له.

إنما يفترض بهم أن يعرضوا عليه فوائد طاعته بقولهم:

“فلنأخذ إلى جدتك الرسمة التي رسمتها هذا الصباح. فهي ستسرّ كثيراً عند رؤيتها”.

إن الأهل وبتركيز انتباه ولدهم على كيفيّة إسعاده جدّته سيتمكّنون من إيقاظ طبيعته الحنونة والعطوفة؛ وأيضاً فإنهم وبإشارتهم إلى مدى إعجاب جدّته بعمله الفنيّ هذا قد يوطّدون علاقتهما ببعضهما البعض.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل