عندما يرفض الولد البالغ من العمر ثلاث سنوات ارتداء ثيابه حتى بعد أن يكون أهله قد طلبوا منه ذلك مرّات عديدة، فهذا يعني أن لديه شيئاً محدداً يريد تنفيذه: فإما أنه يريد أن يقرر بنفسه ماذا يرتدي، وإما أنه يريد أن يتحكّم بموعد ارتداء الثياب، وإما أنه يريد متابعة ما هو في صدد فعله من دون أن يزعجه أو يقاطعه أحد. ويمكن لصراع القوى هذا أن ينتهي بكارثة إلا في حال حافظ الأهل على هدوئهم وركّزوا على هدفهم، ألا وهو الخروج من المنزل في الوقت الملائم ومن دون أي دموع.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل وقبل أن يطلبوا من ولدهم أن يرتدي ثيابه أن يسألوه عن نوع الثياب التي يود ارتداءها اليوم، إذ إنهم بهذه الطريقة سيحثّونه على التفكير بالروتين، كما وأنهم سيساعدونه أيضاً على اختيار ما هو ملائم له.
● ينبغي على الأهل التأكد من أن ولدهم قادر على ارتداء ثيابه بمفرده، كما ويفترض بهم أيضاً تشجيعه لكي يطلب منهم أن يساعدوه في المهمّات التي لا يمكنه أن يتدبّر فيها الامر بمفرده.
● ينبغي على الأهل أن يعطوا ولدهم ما يكفي من الوقت لكي يرتدي ثيابه بهدوء ومن دون أن يكون معرّضاً لأي ضغط هو بغنى عنه.
● ينبغي على الأهل أن يحدّدوا لولدهم وقتاً معيّناً يرتدي فيه ثيابه عند الصباح.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“إنه يؤخّرني كل يوم بسبب رفضه ارتداء ثيابه”.
إن الأهل وبإلقائهم اللوم على الولد في تأخرهم لن يعلّموه كيفيّة التعاون معهم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يمكنني أن أتدبّر مسألة رفض ولدي ارتداء ثيابه”.
إن تأكيد الأهل قدرتهم على التغلّب على مقاومة ولدهم من شأنه أن يمدّهم بالطاقة اللازمة لحلّ هذه المشكلة.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“لا يمكنني أن آخذه إلى المدرسة بثياب النوم، فقد تأخذ معلّمته فكرة سيّئة عني”.
إنّ قلق الأهل بشأن ما قد يفكّر به الآخرين من شأنه أن يحول دون تمكّنهم من حلّ المشكلة، كما ومن شأنه أيضاً أن يجعلهم دائماً يحاولون استباق الأمور بهدف إرضاء الآخرين.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أيضاً أشعر أحياناً برغبة في البقاء بثياب النوم طيلة النهار”.
لا يدرك الأولاد الصغار إجمالاً الهدف الاساسي الكامن وراء ارتدائهم الثياب، سيّما وأنهم يجدون ثياب نومهم مريحة إجمالاً. لذا فإن تعاطف الأهل مع ولدهم يساعدهم على النظر إلى الموضوع بإيجابيّة وعلى إيجاد سبل مبدعة لحثّ هذا الأخير على ارتداء ثيابه.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أعلم أن بإمكانه ارتداء ثيابه بمفرده، إلاّ أنه عنيد تماماً كوالده”.
إن وصف الأهل لولدهم بالعنيد من شأنه أن يتحوّل إلى حقيقة في المستقبل، كما وأن لوم سواهم على سلوك ولدهم من شأنه أيضاً أن يولّد نفوراً بينهم وبين هؤلاء الأشخاص.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“من المهمّ أن أتفادى قدر الإمكان الشجار مع ولدي حول مسألة ارتداء ثيابه”.
ينبغي على الأهل أن يكونوا بمثابة مساعدي أولادهم لا أعدائهم، إذ إنهم بذلك قد ينمّون المشاعر الإيجابيّة والبنّاءة في ما بينهم وهم يعملون معهم على إنجاز المهمّات الواجب عليهم إنجازها.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:
“إن عدت ووجدت أنك لم ترتدِ ثيابك بعد فسأضربك”.
إن الأهل وبتهديد أولادهم بضربهم يظهرون لهم أنهم أكبر وأكثر قوّة وأنهم قادرون على إيذائهم إن لم يفعلوا ما يريدونه منهم. صحيح أن التهديد من شأنه أن يحثّ الولد على التعاون مع أهله على المدى القصير، غير أنه يمكن للأهل في الواقع أن يحصلوا على نتائج بعيدة الأمد وأفضل في حال علّموا ولدهم على السلوك الإيجابي عوض معاقبته لعدم طاعتهم.
إنما يفترض بهم أن يأخذوا الأمور معه باللعب، من خلال قولهم مثلاً:
” لقد حان وقت ارتداء الثياب يا عزيزي. لنرَ إن كان بإمكانك أن ترتدي سروالك قبل أن ترنّ الساعة”.
إن هذا النوع من التباري يحمّس الولد وينمّي فيه طبيعته التنافسيّة. ففي الواقع، إن هذه الطريقة تحث الولد على لعب هذه اللعبة وتحطيم الوقت القياسي، وينسى بالتالي أن محور هذه اللعبة هو ارتداء الثياب.
ينبغي على الأهل ألاّ يلجأوا إلى الغضب بقولهم:
“لقد بدأت تثير غضبي حقاً، لذا فقد يكون من الأفضل لك أن ترتدي ثيابك قبل أن يجنّ جنوني”.
إن لجوء الأهل إلى الغضب بهدف حثّ ولدهم على التعاون معهم يعلّمه أن لديهم سلطة على مشاعره ويخففون بالتالي من قدرته على التعاطف معهم، كما ويفشلون أيضاً في تعليمه كيفيّة إنجاز المهمات المفروضة عليه.
إنما يفترض بهم أن يقدموا له الخيارات المتعددة بقولهم مثلاً:
“ينبغي عليك أن ترتدي ثيابك على الفور. أيمكنك أن تقوم بذلك وحدك، أم أنك تريد المساعدة؟”
إن هذا النوع من الإتفاقيات يظهر للولد أن مسألة ارتداء الثياب هي مسألة غير قابلة للنقاش أو الجدل، إلا أنه يقدم له في الوقت نفسه خيارات عدة حول الطرق التي يمكنه بواسطتها إنجاز هذه المهمّة. وبذلك يحقّق كل من الأهل والولد هدفه.
ينبغي على الأهل ألا يستخفّوا بولدهم ويقلّلوا من شأنه بقولهم مثلاً:
” ماذا دهاك؟ أنا لا أربيك لكي تكون كسولاً! إذهب الآن إلى غرفتك وارتدِ ثيابك!”
إنّ الأهل وبقولهم أن ولدهم يعاني من خلل ما في شخصيّته من شأنهم أن يجعلوا هذا الأخير يعتقد أنه عاجز عن تحقيق أهدافه وأنه لا يستحقّ حبّ والديه له وأنه عاجز عن تغيير سلوكه هذا.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يحاولوا مساعدته بقولهم مثلاً:
“إرتدِ سروالك وقميصك وسأساعدك في انتعال جواربك وحذائك”.
يمكن للأهل ومن خلال عرضهم على الولد مساعدته في إنجاز جزء من المهمّة المطلوبة منه أن يحثّوه على القيام بالجزء المتبقّي منها. وأيضاً فإنهم بهذه الطريقة يعلّمونه أنه يمكن للعمل الجماعي أن يكون مفيداً وفعّالاً.
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
“إن ارتديت ثيابك فسأشتري لك هديّة ونحن في طريقنا إلى المدرسة”.
تشجّع الرشوة الولد على ترقّب مكافأة ما قبل أن يتعاون مع أهله. وأيضاً فإن إعطاءه خيار “إن” قد يحمله على التفكير بما يلي، “وما الذي قد يحدث إن لم أرتدِ ثيابي؟” وبالتالي فإن الولد قد يرفض التعاون مع أهله فقط ليرى ما الذي قد يحدث في هكذا حالة.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يعقدوا معه إتفاقيّة ما بقولهم مثلاً:
“عندما ترتدي ثيابك يصبح بإمكاننا عندئذٍ أن نتناول الفطور معاً”.
من واجب الأهل أن يعلّموا ولدهم أنه ينبغي عليه القيام بالأمور الضروريّة أولاً، لكي يتمكّن فيما بعد من فعل ما يريد فعله. ونرى بالتالي كيف أن اللجوء إلى قاعدة الجدة سيحثّ الولد على التعاون مع أهله.
ينبغي على الأهل ألا يتذمروا باستمرار من ولدهم ويقولوا له:
“ها أنا أطلب منك وللمرّة الخامسة على التوالي أن ترتدي ثيابك ولكنك لم تفعل بعد. كم مرة ينبغي عليّ أن أطلب منك الشيء قبل أن تفعله؟”
إن الأهل وبتذمّرهم الدائم من ولدهم يعلّمونه أنه ليس من الضروري عليه طاعتهم كونهم لا يذهبون قدماً بالعواقب.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يذكّروه بالقاعدة بقولهم:
“تقول القاعدة إنه ينبغي علينا أن نرتدي ثيابنا قبل أن نبدأ باللعب”.
بهذه الطريقة، تصبح القاعدة هي التي تفرض على الولد ضرورة ارتداء ثيابه، الأمر الذي قد يتيح للأهل التصرف على أنهم مساعدي ولدهم، لا أعدائه.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل