يطلب الأهل من ولدهم ابن الثلاث سنوات مراراً وتكراراً أن يحضر لهم حفاضاً لأخيه الصغير. وكلّما تجاهلهم كلما زاد من غيظهم وغضبهم. لذا ينبغي على الأهل هنا وعوض أن يتذمروا من عدم تعاون ولدهم معهم أن يستغلّوا هذه الفرصة لكي يتفهّموا وجهة نظره حول هذا الموضوع. أهو يشعر بالغيرة من الطفل الصغير؟ أهو عاجز عن سماعهم؟ هل هو قادر على فهم ما يطلبونه منه؟ أهو مشغول بنشاطاته الخاصة؟ ففي الواقع، إن الأهل وبتفهّم موقف ولدهم قد يدركون الطرق التي يمكنهم بواسطتها أن يعلموه كيف يكون متعاوناً وخدوماً مع الآخرين؛ وهاتان مهارتان من شأنهما أن تجعلاه يشعر بالسعادة والرضى حيال نفسه كما ومن شأنهما أيضاً أن تجعلا الآخرين أيضاً يشعرون بالرضى عليه.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يتعاطفوا مع الآخرين ويساعدوهم ويهتموا لأمرهم فيجعلوا ولدهم يقدّر أهميّة سلوكهم هذا.
● ينبغي على الأهل أن يثنوا على أيّ سلوك تعاوني يقدّمه ولدهم، وذلك لكي يشجّعوه على الإستمرار في سلوكه هذا.
● ينبغي على الأهل أن يأخذوا بعين الإعتبار ما يقوم به ولدهم البكر قبل أن يطلبوا منه أي خدمة أو مساعدة؛ فهو قد يكون مثلاً بحاجة إلى بعض الوقت لكي ينجز المشروع الذي بين يديه قبل أن يتمكّن من مساعدتهم.
حديث الأهل إلى أنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إنه لا يرغب أبداً في مساعدة الغير. فما هو الخطأ الذي من المحتمل أن أكون قد ارتكبته يا ترى في تربيتي له؟”
ينبغي على الأهل ألا يعظّموا الوضع من خلال استخدامهم كلمات كـ “أبداً”، كما وينبغي عليهم أيضاً ألا يلوموا أنفسهم على هذه المشكلة، إذ إنهم بأسلوبهم هذا قد يولّدون في داخلهم مشاعر سلبية قوية من شأنها أن تحول دون تمكنهم من حل المشكلة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أين المشكلة إن لم يكن يريد أن يساعدني؟ بإمكاني التغلّب على ذلك”.
إنّ نظرة الأهل الموضوعية إلى المشكلة قد تساعدهم على التركيز على الحلول المحتملة. فصحيح أن معارضة الولد ومقاومته أهله أمران يزيدان من إحباط الأهل وغضبهم، غير أنّ قولهم إنهم قادرون على التغلّب على هذه المشكلة هو بمثابة خطوتهم الأولى نحو النجاح.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لطالما كان ولدي أنانياً”.
إن الأهل وبنعت الولد بالأناني يجعلون من المشكلة مشكلة ثابتة؛ الأمر الذي قد يحول دون تمكّنهم من إيجاد حلّ لمشكلتهم هذه.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“من واجبي أن أعلّم ولدي كيف يكون شخصاً لطيفاً وخدوماً”.
ينبغي على الأهل أن يركزوا على هدفهم البعيد الأمد، وذلك لكي يتمكنوا من الحفاظ على حزمهم وثباتهم وهم يعلّمون ولدهم على التعاون مع الغير.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إنه يغضبني كثيراً عندما أطلب منه خدمة ما ويتجاهلني”.
ينبغي على الأهل ألا يغضبوا من ولدهم لمجرّد أنه لا يستجيب لطلبهم، إذ إنهم بأسلوبهم هذا قد يجعلون المشكلة أكثر صعوبة وتعقيداً.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يفترض بي ألا أغضب لمجرّد أنه لا يريد مساعدتي”.
إن الأهل وحدهم يمكنهم التحكّم بغضبهم؛ لذا ينبغي عليهم في هذه الحالة أن ينظروا إلى الوضع على أنه فرصة مُتاحَة أمامهم لكي يعلّموه على التعاون مع الآخرين وخدمتهم، لا على أنه لحظة أخرى من سلسلة اللحظات المحبِطة.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:
“لا تتجاهليني، يا فتاة! أدخلي إلى هنا وساعديني وإلا فسأعاقبك!”
ينبغي على الأهل ألا يحاولوا حث ولدهم على التعاون معهم من خلال إجباره على طاعتهم والانصياع لأوامرهم، إذ إنهم بأسلوبهم هذا لن يعلّموه على التعاطف مع الآخرين والقلق عليهم، وهذان في الواقع الحافزان الحقيقيان اللذين يحثّاننا على مساعدة الغير.
إنما يفترض بهم أن يثنوا عليه بقولهم:
“أنا بحاجة ماسّة إلى مساعدتك، وأنت تجيد المساعدة حقاً”.
إن الأهل وبقولهم للولد إنهم بحاجة ماسّة لمساعدته يظهرون له مدى تقييمهم وتقديرهم له كعضوٍ من العائلة.
ينبغي على الأهل ألا يجعلوا ولدهم يشعر بالذنب بقولهم:
“ماذا دهاك؟ أنا أفعل كل شيء من أجلك طوال النهار، وأنت لا تحاول حتى أن تقوم بأي شيء صغير من أجلي!”
إن ردّ فعل الأهل هذا يقلّل من قيمة الولد لنفسه كما ومن قدرته على تقبّل فكرة ارتكابه الأخطاء، هذا إضافةً إلى كونه يسيء إلى علاقة الأهل بولدهم. في الواقع، إن الأهل وبإظهارهم للولد أنه يعاني من خلل أو عيب ما فقد يبلّغونه رسالة خاطئة، ألا وهي أن سلوكه يحدّد شخصيته.
إنما يفترض بهم أن يدعوه إلى التغذية الإسترجاعية بقولهم:
“قل لي ما الذي تفكّر به عندما أطلب منك أن تحضر لي حفاضاً لأخيك الصغير”.
إنّ الأهل وبطلبهم المحترَم هذا قد يتمكّنون من تفهّم سلوك ولدهم؛ الأمر الذي قد يخوّلهم معرفة المنحى الذي من المفترض بهم أن يتّبعوه معه. وأيضاً فإنهم وبأسلوبهم هذا قد يساعدونه على اكتساب عادة سليمة وفعّالة، ألا وهي عادة تعبيره عن مشاعره وآرائه.
ينبغي على الأهل ألا يغضبوا من ولدهم بقولهم له:
“أنت تغضبني كثيراً عندما تتجاهلني؛ فادخل حالاً إلى هنا وساعدني!”
إن الأهل وبقولهم للولد إنه مسؤول عن غضبهم يقلّلون بذلك من قدرته على التعاطف معهم كما ويجعلونه يعتقد أن لديه سلطة عظمى على مشاعرهم – وهذا في الواقع أمر مخيف بالنسبة له. في الواقع، إن الأهل وحدهم يمكنهم أن يتحكّموا بمشاعرهم.
إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:
“إن أحضرت لي الحفاض فقد يصبح بإمكاننا عندئذٍ أن نقرأ الكتاب الذي كنت قد طلبت مني أن أقرأه لك”.
ينبغي على الأهل أن يفكّروا بالطريقة الواجب عليهم اتّباعها بغية مساعدة ولدهم على تحقيق مبتغاه، كما وينبغي عليهم أن يلجأوا إليها ليحثّوه على التعاون معهم. وهكذا نرى كيف أن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدة يعلّمون ولدهم أنه عندما يقوم بما هو مطلوب منه يصبح بإمكانهم عندئذٍ أن يساعدوه في القيام بما يريد القيام به.
ينبغي على الأهل ألا يولّدوا لدى الولد الشعور بالخوف بقولهم:
“أظنّ أنه يتعيّن عليّ أن أذهب وأبحث عن فتاة أخرى تساعدني مع أخيك الصغير”.
ينبغي على الأهل ألا يحاولوا أن يحثّوا ولدهم على التعاون معهم من خلال لجوئهم إلى أسلوب الترهيب! في الواقع، إن الأهل وبقولهم لولدهم إنهم سيتخلّون عنه ليستعيضوا عنه بولد آخر لن يعلّموه الرغبة في مساعدة الغير، إنما سيعلمونه على العكس أن حبّهم له مشروط- وأنه في ذهاب وإياب دائمين وفقاً لطبيعة سلوكه معهم ومع الغير. صحيح أن الأهل بأسلوبهم هذا قد يتمكنون في نهاية المطاف من حثّ ولدهم على التعاون، إلا أن تعاونه هذا لن يكون محبّة لهم أو لأخيه إنما حفاظاً منه على حبّ أهله له. وبالإضافة إلى هذا كله، فقد يتعلّم الولد بهذه الطريقة درساً خاطئاً وخطيراً ألا وهو أنّ أفعّاله هي التي تحدد هويّته.
إنما يفترض بهم أن يلجأوا معه إلى الإطراء والمديح بقولهم له:
“شكراً جزيلاً لمساعدتك. لا أعلم ماذا كنت لأفعل من دونك”.
إن الأهل وبقولهم لولدهم إنهم يعتمدون عليه قد يحثّونه على التعاون معهم. فالحب بالنسبة إلى الولد كناية عن إطراء ومديح.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل