عندما يحتجّ ابن الخمس سنوات على فكرة تغييره ملابسه لارتداء ثياب رسميّة أو لارتداء الزي الخاص برياضة كرة القدم، فهو بذلك يريد أن يقول لنا إنه يعتقد أن له الحقّ بختيار ملابسه بنفسه. فهو يظن أن من حقه الإختيار في كافة المجالات! لذا ينبغي على الأهل في هكذا حالة أن يقرروا بأنفسهم متى ينبغي عليهم إلزام ولدهم بتطبيق القواعد الخاصة بالملبس (سواء لدواعي المناخ أو السلامة أو القبول الاجتماعي أو لدواعي النظافة أو الراحة)
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يُطلعوا ولدهم قدر الإمكان على أسباب تغيير ثيابهم فيعلّموه بالتالي متى يكون نوعاً معيّناً من الملبس ملائماً ولماذا.
● ينبغي على الأهل أن يخففوا قدر الإمكان من خيارات ولدهم في الثياب متفادين بالتالي أي نوبة غضب أو تشوّش أو حيرة. وهنا يمكنهم أن يقولوا له مثلاً، “بإمكانك أن تغيّر ثيابك وتختار ما بين سروال الجينز أو السروال الآخر قبل أن تذهب للّعب خارجاً”.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“لماذا لا يمكنه أن يفهم أنه ينبغي عليه تغيير ملابسه وارتداء ثياب اللعب قبل أن يذهب للّعب خارجاً مع أصدقائه؟”
إن ارتداء الثياب الملائمة ليس بمسألة مهمّة بالنسبة إلى الأولاد الصغار.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“وظيفتي هي تعليم ولدي ضرورة اتّباع الأنظمة والقوانين”.
إن الأهل وبمساعدة ولدهم على تعلّم متى ينبغي عليه أن يبدّل ملابسه ولماذا يشدّدون على الدرس الأكبر والأهم، ألا وهو أن الأنظمة هي التي تحدّد إطار السلوك الملائم والصحيح. يعطون الولد علماً بالأنظمة والقوانين مما يخفف من خوفه وقلقه بشأن عدم معرفته ما الذي ينبغي عليه فعله.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
” لقد سبق لأمي أن أنذرتني أن ولدي سيكون سيئاً، وقد تبيّن لي أنها كانت فعلاً محقّة في توقّعها”.
إنّ رفض الولد لفكرة تبديل ملابسه لا يجعل منه شخصاً عاطلاً أو سيّئاً. كما أن لجوء الأهل إلى تحذيرات والداتهم بهدف تبرير عدم تعاون أولادهم لن يؤدي سوى إلى زيادة إحباطهم، عوض مساعدتهم على حلّ المشكلة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“من الطبيعي أن يحتجّ ولدي على فكرة تغييره ملابسه. فأنا قادرة على معالجة هذه المسألة معه”.
عندما يحاول الأهل تفهّم سبب معارضة الأولاد – وحتى الكبار أحياناً – لفكرة تبديل ملابسهم يصبح بإمكانهم عندئذٍ إيجاد حلّ مفيد لهذا السلوك.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“إنه لا يطيعني على الإطلاق. لماذا لا يفعل ما أقوله له وحسب؟”
إن تضخيم الأهل الأمور باستخدام عبارات كـ “دائماً” أو “أبداً” من شأنه أن يحول دون تمكّنهم من تفهّم سلوك ولدهم وحلّ المشكلة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن مقاومته هذه لا تعني أنه لن يتعلّم أبداً أنه يتعيّن عليه إطاعتي”.
إن تعاطف الأهل مع حاجة ولدهم إلى التمتّع بشيء من السلطة والنفوذ على حياته، من شأنه أن يساعدهم في تعليمه كيف يتّخذ قراراته بنفسه.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يستخفوا بولدهم بقولهم:
“كلاّ، لا يمكنك أن ترتدي هذا! هل جُننت؟”
إن الأهل وبتلميحهم إلى أن ولدهم يعاني من مشكلة عقليّة ما لن يحثه على طاعتهم والإذعان لرغبتهم، إنما قد يفسح له المجال لكي يكوّن في ذهنه صورة سلبيّة عن نفسه كما وقد يعلّمه بالتالي أن يحكم على الآخرين ويصف سلوكهم باستخدامه كلمات قاسيّة وجارحة.
إنما يفترض بهم تذكيره بالنظام بقولهم:
“ماذا يقول النظام بشأن الزي الذي يفترض بك ارتداءه عندما نذهب إلى تمرين كرة القدم؟”
إن الأهل وبتذكير ولدهم بالنظام يجعلون هذا الأخير راسخاً في ذهنه ويجعلونه بالتالي هو المسؤول عن ضبط الوضع، بينما يبدون بمثابة مساعدي ولدهم لا أعدائه.
ينبغي على الأهل ألاّ يتوسّلوا إلى ولدهم بقولهم:
“لماذا لا تكوني فتاةً مطيعةً وحسب وتقومي بتبديل ملابسك؟”
إن الأهل وبتوسّلهم إلى الولد لكي يكون “ولداً صالحاً” يرتكبون خطأين فادحين: أوّلهما إنهم يشيرون إلى أنه يعاني من خلل ما في شخصيّته كونه لا يريد أن يبدّل ملابسه، وثانيهما إنهم بذلك لا يفصلون الولد عن سلوكه. إذاً، وبما أن سلوك الولد لا يحدّد شخصيّته، فينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان استخدام بعض العبارات كـ “فتاة مطيعة” و”فتاة مشاغبة”.
إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم مثلاً:
“عندما تغيّر ثيابك هذه وترتدي ثياب اللعب يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تخرج وتلعب مع سائر الأولاد”.
إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدّة فكأنهم يقولون لولدهم أنه يتمتّع بخيارات عدّة إنما لكل خيار يقوم به عواقبه. فهو حرّ ألاّ يغيّر ثيابه (وأن يتخلّى بالتالي عن فكرة اللعب مع أصدقائه) وإلا فبإمكانه تنفيذ ما طلبه أهله منه والحصول بالتالي على ما يريد.
ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:
“إن لم تبدّل ثيابك فسأغضب. وأنت لا تريدني أن أغضب، أليس كذلك؟”
يضع الأهل بهذه الطريقة ولدهم أمام خيارين غير مرغوب فيهما: إما أن يرفض التعاون مع أهله فقط ليراهم وهم ينفجرون غضباً، وإما أن يختار التعاون معهم بداعي الخوف.
إنما يفترض بهم أن يعيدوا وضع الحالة ضمن إطار جديد بقولهم مثلاً:
غداً يوم عطلة، ولن تضطرّ إذن إلى ارتداء ثياب المدرسة عندما تستيقظ صباحاً. غير أن اليوم يوم دراسيّ، لذا ينبغي عليك أن ترتدي ثياب المدرسة”.
إن الأهل وبتقديمهم لولدهم شيئاً يتحرّق شوقاً ولهفةً إلى تحقيقه قد يحوّلون بالتالي انتباهه عن عدم رغبته في تبديله ثيابه.
ينبغي على الأهل ألاّ يتذمّروا من ولدهم بقولهم:
“كم مرّةً يجب أن أطلب منك أن تغيّر ثيابك؟”
فالتذمّر لا يعلّم الولد على التعاون مع أهله كما وأنه لا يشجّعه أيضاً على اتّباع تعليماتهم.
إنما يفترض بهم أن يأخذوا الأمور معه باللعب كأن يقولوا مثلاً:
“لنرى إن كان بإمكانكِ أن تبدّلي ثيابك وترتدي فستانك قبل أن ترنّ الساعة”.
إن لجوء الأهل إلى طبيعة الولد التنافسيّة من شأنه أن يحوّل انتباه هذا الأخير عن روح المجابهة والتحدي وأن يحثّه بالتالي ومن خلال اللعب طبعاً على التعاون معهم.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل