التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد قول شكراً

يستاء الكثير من الأهل عندما يرفض ابن الثلاث سنوات أن يقول شكراً لأحد أصدقائه بعد أن يكون هذا الأخير قد قدّم له هديّة أو لجدّه أو جدّته بعد أن تكون قد قدّمت له كعكة محلاّة. لذا فإنه من واجب الأهل هنا أن يعلّموا ولدهم على العادات الحميدة؛ في حين أنه من واجب الطفل تطبيق تلك العادات إلى أن تصبح هذه الأخيرة بالنسبة له أمراً عاديّاً وتلقائياً. كما ينبغي على الأهل في هذه الحالة، وفيما هم يعلّمون ولدهم قواعد التحدّث إلى الآخرين بأدب واحترام، أن يكونوا بمثابة مثاله الأعلى ويسلكوا أمامه السلوك الحسن الذي يريدونه أن يسلكه. ولكي يتمكّن الأهل إذن من حثّ ولدهم على اتّباع سلوك لطيف ومؤدّب في عالمنا هذا المليء بالفظاظة وقلّة التهذيب والإحترام، يفترض بهم أن يطلبوا منه أن يردّد لهم قواعد العادات الحميدة والسلوك الحسن وأن يثنوا عليه لاتباعه تلك القواعد وتطبيقها.

بعض النصائح المفيدة

●    إن الأهل وباتّباعهم سلوكاً حسناً ومحترَماً أمام ولدهم لا يظهرون له مدى فعّاليّة هذا السلوك فحسب، إنما يشدّدون بهذه الطريقة على أهميته أيضاً.

●    إن الأهل وبوضعهم قواعد صارمة ومحدّدة بشأن السلوك الحسن والعادات الحميدة قد يضعون بالتالي لولدهم خطوطاً توجيهيّة إيجابيّة يمكنه اتّباعها في تعامله مع الآخرين.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“إنه ولد في غايّة الفظاظة. أخشى ألاّ يكون محبوباً من الناس”.

ينبغي على الأهل ألا يصنّفوا ولدهم وينعتوه بالفظّ لمجرّد أنه لم يبدأ بعد باتّباع سلوك حسن وعادات حميدة، إنما يفترض بهم على العكس أن يستمروا في تشجيعه على اتّباع السلوك الحسن وأن يتحقّقوا من كونهم هم أنفسهم يتّبعون قدر الإمكان أمامه هذا النوع من السلوك المؤدّب والمحترَم في تعاملهم مع الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن نسي أن يقول من فضلك وشكراً فهذا لا يعني أنه سيكون شخصاً فظاً في المستقبل عندما يكبر”.

ينبغي على الأهل أن يدركوا أن ولدهم لا يزال صغيراً وأنه لا يزال يتعلّم دروساً هامّة في الحياة، كما ويفترض بهم أيضاً أن يتّخذوا موقفاً إيجابياً حيال المستقبل وألاّ يفترضوا بالتالي أن سلوك ولدهم في سنّ الثالثة سيظلّ على ما هو عليه عندما يصبح هذا الأخير في الثالثة والعشرين من عمره.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لن يتعلّم ولدي أبداً أن يقول من فضلك وشكراً كسائر الأولاد”.

من الخطير أن يقارن الأهل ولدهم بسائر الأولاد، إلا في حال كانوا يتفحّصون جداول معدّلات النموّ. وأيضاً فإن تضخيمهم مسألة افتقار ولدهم إلى العادات الحميدة من خلال قولهم إنه لن يتمكّن أبداً من تعلّمها – وشعورهم بالتالي بالإحراج لعدم اكتسابها – أمران قد يحولان دون تمكّنهم من حلّ هذه المسألة ومعالجتها معالجة إيجابيّة وفعّالة.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن رفض ولدي اتّباع العادات الحميدة في سلوكه يعني أني ما زلت بحاجة إلى العمل معه على ذلك”.

في الواقع من واجب الأهل مساعدة ولدهم على اكتساب العادات الحميدة. ولكن في حال امتناع الولد عن اتّباع تلك العادات فينبغي على الأهل عندئذٍ اكتشاف الأفكار والآراء والمشاعر التي تؤثّر سلباً على سلوك ولدهم.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“أنا أشعر حقاً بالإحراج عندما يتصرّف ولدي بفظاظة هكذا. كم مرّة يتعيّن عليّ أن أقول له إنه من المفترض به إلقاء التحية على جيراننا؟

عندما يقول الأهل لأنفسهم إن سلوك ولدهم الفظّ يشعِرهم بالإحراج سيزداد شعورهم بالذنب، الأمر الذي قد يحول دون تمكّنهم من إيجاد سبل إيجابيّة وفعّالة لتعليمه هذه الدروس المهمّة والضروريّة في الحياة. ففي الواقع، يشعر الأهل بالإحراج لأنهم يعتقدون أن افتقار سلوك ولدهم إلى العادات الحميدة ينعكس سلباً عليهم كأهل. غير أنه يجدر بالذكر هنا أن الأهل لا يمكنهم سوى تعليم ولدهم تلك الدروس؛ وهو في النهايّة المسؤول الوحيد عن اتّباعها وتطبيقها.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يتفهّم الناس إجمالاً الصعوبة التي يجدها الأطفال والأولاد الصغار في تذكّر قول من فضلك وشكراً”.

ينبغي على الأهل أن يتذكروا دائماً أن تجربتهم ليست فريدة من نوعها، فيتمكّنوا بالتالي من تعزيّة أنفسهم بواقع أن تعليم الأولاد الصغار على السلوك الحسن والمؤدّب هو بمثابة مهمّة صعبة بالنسبة لكافة الأهل. لذا يتعيّن على الأهل أن يذكّروا ولدهم باستمرار بأن اتّباعه العادات الحميدة من شأنه أن يلفت انتباه عائلته وأصدقائه الإيجابيّ إليه.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألا يصنّفوا ولدهم بقولهم:

“لماذا أنتَ بهذه الفظاظة؟”

فمن المحتمل جداً ألا تكون لدى الولد أدنى فكرة عن معنى كلمة فظاظة. أما في حال كان يعرف معنى هذه الكلمة، فإن تحدّثَ أهله إليه بهذه الطريقة قد يجعله يعتقد أن فظاظته هذه هي ناحيّة من شخصيّته لن يتمكّن أبداً من تغييرها.

إنما يفترض بهم الثَّناء عليه بقوله:

“لقد كنت في غايّة التهذيب عندما تقدّمت من صديقك بالشكر وأنا واثقة من أنه قدّر لك ذلك كثيراً”.

إن الأهل وبثنائهم على ولدهم لاتّباعه العادات الحميدة قد يزيدون من فرص اتّباعه هكذا سلوك حسن. ويتعيّن على الأهل هنا ألا ينسوا التنويه بمدى تقدير الناس للأشخاص الذين يتمتّعون بأخلاق عاليّة وعادات حميدة.

ينبغي على الأهل ألاّ يجعلوا ولدهم يشعر بالذنب من خلال قولهم:

“لقد أحرجتني عندما لم تقل مرحباً للسيّدة ناديا. ما الذي يفترض بي أن أفعله بك؟

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لولدهم بأنه قد أحرجهم، إذ إنهم بذلك وكأنهم يقولون له إنه يسيطر على مشاعرهم ويتحكّم بها مثلما يشاء.

إنما يفترض بهم أن يمرّنوه على السلوك الحسن بقولهم:

“ماذا نقول عندما يقدّم لنا أحدهم شيئاً؟ هيّا بنا نتمرّن على ذلك قبل أن نذهب إلى جدّتك. فهي غالباً ما تقدّم لك الكعك عندما نكون عندها وأنت في الواقع تعجبها كثيراً عندما تقول لها شكراً”.

عندما يسأل الأهل ولدهم عن القاعدة ويتمرّنون معه عليها مسبقاً يساعدونه بذلك لكي تبقى تلك العادات الحميدة حاضرة في ذهنه فيتمكّن بالتالي من استخدامها عندما تستدعي الحاجة.

ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن لم تقل شكراً لجدّتك عندما تقدّم لك الكعك فسأضطرّ عندئذٍ إلى ضربك ومنعك عن اللعب. تذكّر هذا”.

إن تهديد الولد بمعاقبته وتعنيفه جسدياً لن يعلّمه استخدام العادات الحميدة، إنما سيعلّمه على العكس أنه إن كان أكبر من الآخرين وأكثر منهم قوّة فيمكنه عندئذٍ أن يخيفهم ويكرههم على فعل ما يريد من خلال تهديدهم.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“عندما تقول من فضلك يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تحصل على كعكة”.

إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدّة يعلّمون ولدهم أنه عندما يتّبع السلوك الحسن والعادات الحميدة يحصل على النتائج التي يريد.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل