قد يجد الأهل ولدهم ابن الأربع سنوات يتصرّف يوماً كمدير ماليّ مهمّ يجيد تدبّر أموره مع موظّفيه الأدنى منه مرتبة؛ في حين أنهم قد يجدونه يوماً آخرلا يريد مشاركة زملائه شيئاً على الإطلاق ولا حتى البقاء معهم في الصفّ نفسه. لذا يتعيّن على الأهل هنا ألا يدعوا مِزاجيّة ولدهم تثير ذهولهم وارتباكهم، إنما يفترض بهم أن يشرحوا له وبكل بساطة القوانين والأنظمة التي تخضع لها عمليّة توزيع التلامذة على الصفوف فيُدرك أنه قد تمّ وضعه في الصفّ الأنسب والأفضل له.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يطلبوا من معلّمة ولدهم أن تساعده على التأقلم مع صفّه الجديد.
● يتعيّن على الأهل التحقّق إن كانت النشاطات التي يقوم بها ولدهم محمِّسة وملائمة لقدراته.
حديث الأهل إلى أنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“سأتحدّث إلى الأشخاص المسؤولين عن هذا الموضوع، وسأطلب منهم أن ينقلوا ولدي إلى صف آخر”.
صحيح أن الأهل قد يشعرون أحياناً برغبة في انتشال ولدهم من “عذابه”، غير أنهم وبمحاربتهم الأنظمة والقوانين المدرسيّة لن يساعدوا ولدهم على تعلّم كيفيّة مواجهة مصاعب الحياة وتحدّياتها، إنما سيعلمونه على العكس أنهم لا يظنّونه قادراً على مواجهة تحديات الحياة ومعالجتها.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أفعل ما هو أفضل لصالح ولدي، سواء أكان يتفهّم ذلك أو لا”.
يفترض ألا يغيب عن بال الأهل أنه من واجبهم كأهل أن يمنحوا ولدهم الفرص التي من شأنها مساعدته لكي يصبح في المستقبل شخصاً متّزناً ومرناً وقادراً على حلّ مشاكله بنفسه. صحيح أن الولد قد يشعر بهذه الطريقة ببعض اليأس أو الإحباط الآن، إلا أنّ تعليمه كيفيّة التغلّب على مشاعره قد يفيده لاحقاً في حياته.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أكره أن يغضب ولدي مني؛ لذا سأسمح له بالبقاء في المنزل وحسب”.
ينبغي على الأهل أن يتذكّروا أولاً أنهم غير مسؤولين عن غضب ولدهم منهم، إذ إن هذا الأخير وحده قادر على ضبط مشاعره وأحاسيسه. وثانياً، فإن الأهل وباستسلامهم أمام تذمّرات ولدهم واحتجاجاته قد يعلّمونه أن كل ما ينبغي عليه فعله هو الإنتحاب والإحتجاج لكي يتمكن في النهايّة من الحصول على مبتغاه. وأخيراً فإن الأهل وبتراجعهم عن مطالبهم لن يعلّموا ولدهم كيفيّة القيام بالأمور التي تزعجه والتي لا يحب القيام بها.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“بإمكاني احتمال إنزعاج ولدي الآن، وأنا واثقة من أنه سيتأقلم مع الوضع في النهايّة”.
إن استياء الأهل لن يساعدهم على حلّ المشكلة، إذ إنهم سيعلّمون ولدهم بأسلوبهم هذا أن بإمكانه أن يغضب ويستاء كلّما لاحظ أنّ الأمور لا تسير بحسب ما يشتهي. فالأهل وبمعالجتهم الوضع بهدوء وتروٍّ قد يشجّعون بذلك ولدهم لكي يحذو حذوهم في الحياة.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أدمّر له حياته من خلال إصراري على بقائه في الغرفة نفسها مع الأطفال الصغار. من المحتمل أن يظلّ يكرهني بسبب ذلك إلى الأبد”.
ينبغي على الأهل ألا يعظّموا المشكلة. في الواقع إن حبّهم لولدهم لا يشرطه شرط، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حبّ ولدهم لهم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن بقاءه مع الأطفال الصغار ليس بهذه المشكلة العظيمة”.
يمكن للأهل أن يتغلّبوا على المشاكل التافهة والبسيطة في حال نظروا إليها وفقاً لأهميّتها النسبيّة. فنحن في الواقع عندما نحافظ على هدوئنا وبرودة أعصابنا تتفتّح أذهاننا على حلول خلاّقة ومبدِعة لمشاكلنا.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يحطّوا من قدر ولدهم بقولهم:
لا آبه سواء كنت تحب أو لا تحب الغرفة الخاصة بالأولاد الصغار؛ فمكانك هناك ولا يمكنك سوى التأقلم مع هذا الوضع”.
إن الأهل وبعدم تعاطفهم مع ولدهم قد يلمّحون له أنه لا يمكنه أن يتوقّع منهم أي دعم على الإطلاق. غير أن الولد الذي لا يدعمه أهله قد يشعر بالوحدة وبأنه غير محبوب وغير مرغوب فيه.
إنما يفترض بهم أن يعودوا ويذكروه بالنظام بقولهم:
أنا أعلم أنك لا تحب أن تكون في الغرفة نفسها مع الأولاد الصغار، غير أن النظام يقول إنه من المفترض بك أن تبقى هناك لبعض الوقت. فلنفكّر إذن معاً بالأمور المسليّة التي بإمكانك أن تقوم بها في أثناء بقائك هناك”.
ينبغي على الأهل أن يتفهموا حالة ولدهم ووضعه المأساوي في الوقت نفسه الذي يشرحون له فيه النظام. وعندما سيرى الولد مدى احترام أهله له ومدى قلقهم عليه فقد يتحمّس عندئذٍ على التعاون معهم.
ينبغي على الأهل ألا يعنّفوا ولدهم ويوبّخوه بقولهم:
“كفّ عن الإحتجاج على غرفة الأولاد الصغار. فأنا لم أعد أريد أن أسمع أي شيء عن هذا الموضوع”.
إن الأهل وبصرفهم النظر عن مقالق ولدهم وهمومه قد يلمّحون له أن مشاعره غير مهمّة بالنسبة لهم. صحيح أن الأهل قد لا يكونون أحياناً بمزاج يخوّلهم الإصغاء إلى احتجاجات ولدهم، إلا أنهم وبتحطيمه لن يحلّوا المشكلة، إنما سيزيدون على العكس من امتعاض ولدهم واستيائه وغضبه.
إنما يفترض بهم على العكس أن يكونوا معه أكثر مرونةً وعمليّة:بقولهم مثلاً،
“أخبرني عن الأمور المسليّة التي حصلت معك اليوم في الروضة”.
في حال كان الولد يتذمّر من صفه، فيتعيّن على أهله عندئذٍ أن يساعدوه على التركيز على النواحي الإيجابيّة للروضة، إذ إنهم قد يلمّحون له بذلك أن التذمّر ليس مسلياً بقدر ما هو التفكير بالأمور الجيدة والمضحكة. فيا له من درس مفيد حقاً!
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
“إن توقّفت عن التذمر من كونك في الغرفة نفسها مع الأولاد الصغار فسأشتري لك لعبة جديدة ونحن في طريق عودتنا إلى المنزل”.
إن الأهل وبرشوة ولدهم قد يعلّمونه أنه سيتلقّى مكافأة ما في حال تمكّن من كتم مشاعره. غير أن هدف الأهل الحقيقي هو تعليم ولدهم عكس ذلك تماماً: فهم يريدونه في الواقع أن يعلم أنه بإمكانه دائماً أن يلجأ إليهم في حال كان بحاجة لمن يشاركه مشاعره وأحاسيسه، وأنهم يريدونه بالتالي أن يفعل حقّاً ذلك.
إنما يفترض بهم أن يركّزوا معه على الإيجابيات بقولهم:
“أخبرني عن الأمور التي تفعلها مع أصدقائك في الروضة”.
ينبغي على الأهل أن يحثّوا ولدهم لكي يشاركهم مشاعره وأخباره الإيجابيّة حول صفّه فيعلّموه على البحث عن النواحي الإيجابيّة في الأمور عوض أن يركّز على النواحي السلبيّة فيها. فقد أثبتت في الواقع المشاعر الإيجابيّة قدرتها على تحسين سير الأمور مع الشخص والتخفيف من حدّة يأسه وإحباطه كما وتحسين صحّته وعافيته.
ينبغي على الأهل ألا يقلّلوا من شأن ولدهم بقولهم:
“إن كنت ستبكي بسبب هذا الموضوع تماماً كالأولاد الصغار، فأنت تستحقّ أن تكون إذن في صفّ الأولاد الصغار”.
إن الأهل وبإطلاقهم هكذا تسميات على ولدهم قد يظهرون له أنهم لا يهتمون لمشاعره. لذا يتعين على الأهل هنا أن يزيلوا ردود الفعل الجارحة والمؤذيّة هذه من قاموسهم.
إنما يفترض بهم الثناء على سلوكه التعاوني بقولهم:
“إنه سلوك بالغ منك حقاً أن تذهب إلى الروضة حتى ولو كنت لا تحب البقاء في صفّ الأولاد الصغار”.
إن الأهل وبثنائهم على ولدهم لتمكّنه من التأقلم مع الوضع الذي يزعجه قد يشجّعونه على التغلّب على يأسه وإحباطه. فهو في الواقع يريد أن يرضي أهله وقد يكون مستعدّاً لمعاودة سلوكه الإيجابي هذا فقط لكي يحظى برضاهم واستحسانهم له.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل