التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد أن يلعب وحده

هنا يكمن التناقض الأبرز في نموّ الولد وتطوّره: ففيما يفضّل من جهة البقاء مع أهله على أيّ شيء آخر، إلا أنه قد يحاول أيضاً من جهة أخرى الإنفصال عنهم وبناء شخصيته الخاصة والمستقلّة. لذا يجدر بالأهل هنا تشجيع ولدهم وطمأنته ودعم إستقلاليته وهو يتعلّم كيفيّة قيادة العالم تماماً مثلهم- إذ إنهم بمثابة مثاله الأعلى.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل أن يتفهّموا حاجة ولدهم بالبقاء إلى جانبهم أثناء نموّه وتطوّره في الحياة لكي يطمئنّ إلى وجودهم بقربه.

●    ينبغي على الأهل أن يدعوا ولدهم يلعب بالقرب منهم بينما يكونون منهمكين بأمور أخرى كالتكلّم على الهاتف مثلاً، فيتمكّن هذا الأخير من رؤيتهم والإستماع إليهم فيما هو يلعب وحده.

●    يتعيّن على الأهل أن يشجعوا ولدهم على اللعب وحده من خلال تقديمهم له ألعاباً تتطلّب منه مشاركة ومهارة يدويّة بارعة.

●    ينبغي على الأهل أن يحدّدوا كل يوم وقتاً يخصّصونه فقط للّعب مع ولدهم فيدرك أنه سيكون لديه وقتٌ له وحده مع أهله.

●    ينبغي على الأهل أن يتأكدوا من أن مكان اللعب آمن ومريح وجذّاب.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:

“لماذا لا يمكنها أن ترى أني منهمكة بحيث لا أستطيع اللعب معها؟”

ليس لدى الولد أي علم لا بالمسؤوليات الملقاة على عاتق أهله ولا بالوقت الذي تتطلّبه هذه الأخيرة منهم. في الواقع، إن كل ما يريده الولد هو وجود أمّه بجانبه. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يحوّلوا نبرتهم الغاضبة إلى نبرة صبورة وهادئة وذلك من خلال تعاطفهم مع ولدهم وتفهّمهم رغبته في البقاء معهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“أنا أتفهّم رغبة ولدي في البقاء بجانبي سيّما وأنه كان طيلة اليوم بعيداً عني”.

إن تفهّم الأهل لحاجة ولدهم للتواصل معهم والإرتباط بهم من شأنه أن يذكّرهم بحاجتهم أيضاً إلى البقاء على اتصال بأولادهم. لذا يجدر بالأهل في هكذا حالة أن يضعوا واجباتهم ومسؤولياتهم الأخرى جانباً لبعض الوقت، ولا يفترض بهم أن يجدوا سبلاً يجعلون من خلالها ولدهم يساعدهم في أعمالهم المنزليّة اليوميّة.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“أشعر بالذنب عندما أعود إلى المنزل وأجد أنّ الأطباق مكدّسة في المجلى بحيث يتعذر عليّ اللعب مع ولدي”.

إن الشعور بالذنب هذا ناجم عن قول الأهل لأنفسهم إنهم قد ارتكبوا خطأ ما، وهذا في الواقع تصرّف مؤذٍ وضارّ لأنه قد يدفع بهم نحو الإفراط في تدليل ولدهم بهدف إعادة اكتساب حبّه والتعويض له عن الوقت الذي لم يتمكّنوا من قضائه معه.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“بإمكاني أن أرسله للّعب بمفرده حتى ولو بكى وانتحب”.

يضطرّ الأهل أحياناً، وفي بعض الحالات والظروف القاهرة، إلى الإهتمام ببعض الأمور المهمّة والمستعجلة قبل اهتمامهم بولدهم. لذا ينبغي عليهم في هكذا حالات أن يتحلّوا بالقوّة اللازمة لكي يفرضوا كلمتهم على ولدهم من دون أن يخالجهم أي شعور بالذنب أو الغضب. ويجدير بالذكر هنا أننا وحدنا مسؤولون عن مشاعرنا وعن شعورنا بالذنب.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“كل الأهل يمكنهم أن يجبروا أولادهم على اللعب بمفردهم. فلماذا لا يمكنني فعل ذلك إذن؟”

ليس من المثمر ولا الفعّال أن يقارن الأهل أنفسهم بسواهم. وعلاوةً على ذلك فإنهم وبقوله إنهم أهل غيرً صالحين يسيئون إلى قدرتهم على حلّ المشكلة. في الواقع إن علاقة كلّ أهل بولدهم فريدة من نوعها بحيث أنه يتعيّن على كلّ أبٍ وأمٍّ أن يتعاطوا مع أولادهم بطريقة خاصّة ومميّزة وفقاً للشروط المفروضة عليهم بموجب هذه العلاقة.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن طريقة ولدنا في التفكير مميزة وفريدة، فمقاومته لنا لا تعني أننا أهل غير صالحين”.

ينبغي على الأهل أن يدركوا أنه يمكن أن يكون لأولادهم طبيعة إستقلاليّة عنيفة بصرف النظر عن طريقة تربيتهم لهم. لذا يتعيّن على الأهل لدى ملاحظتهم أن برنامجهم لا يتلاءم وبرنامج ولدهم أن يعلّموه كيفية العمل الجماعي والقبول بالتسويات.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألا يجعلوا ولدهم يشعر بالذنب بقولهم:

“كفّ عن المطالبة بأحد للّعب معك! كم مرّة ينبغي عليّ أن أقول لك أني مشغولة لا أستطيع أن ألعب معك اليوم؟”

إن استخدام الأهل عبارة “كم مرّة ينبغي عليّ أن…” لن يؤدي الا لزيادة استياء الولد وامتعاضه؛ في الواقع إن أسلوب التأنيب هذا لا يعلّم الولد كيف يمكنه أن يلهي نفسه بنفسه، كما وأن الكلام الجارح والمؤذي لا يعلّمه سوى على استخدامه مع الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“أنا أعلم أنك تريدني أن ألعب معك، ولكني بحاجة لأن أتكلّم على الهاتف الآن. سأعيّر لك عشر دقائق تلعب فيها وحدك. عندما ترنّ الساعة يصبح بإمكاننا عندئذٍ أن نلعب معاً”.

ينبغي على الأهل أن يلجأوا إلى الساعة لكي يعلّموا ولدهم كيف يلعب وحده. ويمكنهم أيضاً في هذه الحالة أن يمرّنوا ولدهم مسبقاً على أسلوب اللعب المؤقّت هذا لكي يتحقّقوا من أنه قد فهمه جيداً.

ينبغي على الأهل ألا يستسلموا لرغبة ولدهم بقولهم:

“حسناً، كفاكِ نحيباً. سأتوقّف عن طوي الغسيل وآتي لألعب معك. لا آبه إن لم يعد لدينا ثياب نظيفة”.

إن استسلام الأهل أمام نحيب ولدهم لن يحثه في الواقع الا على المضيّ قدماً في استراتيجيته هذه للحصول على مبتغاه.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“إن لعبتِ وحدك لبعض الوقت إلى أن أنتهي من توضيب الغسيل يمكننا بعد ذلك أن نلعب معاً بالدمى إلى أن يحين موعد العشاء”.

يمكن لقاعدة الجدة أن تعلّم الولد التسويّة كما وتعلمه إرجاء موعد حصوله على مصدر سعادته بهدف حصوله في النهايّة على مبتغاه- وهو في هذه الحالة تمضية بعض الوقت مع أهله.

ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن لم تكف عن النحيب لانك لا تريد أن تلعب وحدك لبعض الوقت سأحتجزك في غرفتك طيلة اليوم؛ فربّما تتعلّم كيف تلهي نفسك بنفسك”.

ينبغي على الأهل ألاّ يعاقبوا ولدهم لعجزه عن إلهاء نفسه بنفسه، إذ بأسلوبهم هذا لن يعلّموه كيفيّة تحقيق هذا الهدف، إنما سيثنوه عن الإفصاح لهم عمّا يريد بطريقة ملائمة وصحيحة.

إنما يفترض بهم أن يقدّموا له خيارات أخرى كأن يقولوا مثلاً:

“يمكنك إما أن تبقى هنا وتلعب بجانبي إلى أن أنتهي من غسل الأطباق وإما أن تلعب في غرفتك إلى أن أنتهي من عملي. قرّر بنفسك ماذا تريد”.

ينبغي على الأهل، وعوض أن يعاقبوا ولدهم لمحاولته لفت انتباههم، أن يقترحوا عليه البقاء بجانبهم فيما هم ينجزون أعمالهم المنزليّة. في الواقع، إن هكذا حلّ يعلّم الولد أنه يمكن للتسويّة أن تساعده على تحقيق هدفه.

ينبغي على الأهل ألاّ يلجأوا مع ولدهم إلى الغضب بقولهم:

“سئمت نحيبك الدائم سعياً وراء انتباهي. أتظنّ أن لا عمل لدي الا اللعب معك؟”

ينبغي على الأهل ألاّ يلجأوا إلى الغضب في محاولاتهم حثّ إستقلاليّة ولدهم، إذ إنهم بذلك قد يقضون على حبّ هذا الأخير لهم، كما وأنهم قد يعلّمونه أن رغبته في البقاء معهم ليست مهمّة بالنسبة لهم- وهذه في الواقع رسالة جارحة ومؤذيّة.

إنما يفترض بهم أن يكونوا أكثر امتناناً حياله بقولهم:

“يسرّني جداً أنك تريد اللعب معي. وأنا أيضاً أريد أللعب معك. لذا عندما أنتهي من عملي وتنتهي من لعبتك هذه يمكننا عندئذٍ اللعب معاً”.

إن امتنان الأهل لولدهم لأنه يرغب في البقاء معهم، يظهرون له أنه مهمّ جداً بالنسبة لهم. كما أنهم يمكن أن يعززوا من قدرة هذا الأخير على اللعب بمفرده من خلال تقديم بعض الوقت والانتباه له.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل