التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد أن يمسح أنفه

لن تصدّقوا أذنيكم. لماذا مسألة مسح الأنف هي من بين الأمور التي يرفض الولد الذي في الثالثة من عمره القيام بها يا تُرى؟ فقد يقول لكم ولدكم إنه أمر مخيف (“يمكن لأنفي أن يُقتلَع من مكانه!”) أو إنه أمر مقرف (“يا له من أمر فظّ وغير مهذّب!) أو إنه أمر مزعج (أيّ! هذا مؤلم!). على أيّ حال، وأياً كان ردّ فعل الولد، فإنه من واجب الأهل هنا أن يشجّعوه بلطف على اكتساب مهارة أخرى جديدة، ولا بدّ من أن يزول خوفه مع الوقت.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل التحقق من نعومة المناديل.

●    ينبغي على الأهل ألا يضعوا المناديل في أماكن بعيدة إنما في متناول ولدهم فيتمكّن هذا الأخير عند الحاجة من أخذ منديل وتنظيف أنفه بمفرده ومن دون أن يطلب المساعدة من أهله.

●    ينبغي على الأهل أن ينظفوا أنفهم أمام ولدهم فيعلّموه كيف يفعل ذلك بطريقة صحيحة ونظيفة ومهذّبة.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“أين الصعوبة في مسألة تنظيف الأنف؟”

إن عدم قدرة أو عدم رغبة الأهل في النظر إلى العالم من وجهة نظر ولدهم قد تحول دون تمكّنهم من تعليمه كيفيّة التعاون مع الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“أنا أتفهّم امتناع ولدي عن تنظيف أنفه، سيّما وإن كان هذا الأخير شديد الإحمرار والتقرّح”.

ينبغي على الأهل أن يتعاطفوا مع ولدهم ويتفهّموا مشاعره وهو سيكون أكثر ميلاً لاتّباع تعليماتهم.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“آخر همّي إن كان المخاط يسيل على وجهه. فقد سئمت التعارك معه حول مسألة تنظيفه أنفه”.

يمكن للأهل إما أن ينظروا إلى مسألة تربيتهم أولادهم على أنها دوّامة أو سلسلة لا متناهيّة من الأمور المزعجة والمتفاقمة وإما أن ينظروا إليها على أنها سلسلة من الدروس المثيرة للإهتمام في السلوك البشري. فقد تفيدهم وجهة نظرهم الأخيرة هذه أكثر في مسألة تعليم ولدهم كيفيّة التعاون مع الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يتعيّن عليّ أن أحصر تركيزي بالهدف البعيد الأمد لمساعدة ولدي على اكتساب العادات الحميدة المفضِيّة إلى الصحة والنظافة”.

إن إعادة تذكير الأهل أنفسهم بهدفهم الرئيس قد تحول دون استيائهم من أبسط المناوشات وأصغرها. في الواقع، إن هدف الأهل الرئيس هو مساعدة ولدهم على تعلّم فنّ تنظيف الانف؛ في حين أن هدف الولد الرئيس هو تفادي أي شيء قد يتسبب له بالألم أو الإزعاج. وبالتالي فإن عمل الأهل مع أولادهم ووقوفهم إلى جانبهم قد يخوّل كلا الطرفين تحقيق أهدافه.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“ما الذي سيقوله الناس عني عندما يرون المخاط يسيل على وجه ولدي؟”

ينبغي على الأهل أن يحصروا تركيزهم بما هو مهمّ لولدهم لا بما قد يظنّه الناس عنهم. فإن كان أنف الولد يسيل بكثافة وسرعة أكبر من قدرته على مسحه، فليكن. في الواقع، ينبغي على الأهل ألا يكونوا شديدي الشك والإرتياب في آراء الآخرين بهم وبعائلتهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يتعيّن عليّ ألا آبه لما قد يقوله الناس عني”.

إن عدم اكتراث الأهل لآراء الناس بهم قد يحول دون شعورهم بالضغط والتوتّر. وفي حال عرفوا كيف يحافظون على هدوء وبرودة أعصابهم فقد يتمكّنون من تعليم ولدهم تعليماً أفضل كما وقد يكون هذا الأخير حينئذٍ أكثر هدوءاً واستيعاباً.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألا يدعوا ولدهم يشعر بالخجل من نفسه بقولهم:

“أنفك مقرف للغايّة. أحضر منديلاً على الفور ونظّف أنفك”.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لولدهم أن أنفه يشعرهم بالقرف والإشمئزاز، حتى ولو كان فعلاً كذلك؛ إذ إنه من الضروري أن يحتفظوا بتعليقاتهم السلبيّة لأنفسهم، لكي لا يجرحوا مشاعر ولدهم. في الواقع، إن لجوء الأهل إلى الكلام المؤذي والجارح لن يعلّم الولد سوى السلوك السيء، كما وأنه لن يساعدهم أيضاً على تحقيق هدفهم.

إنما يفترض بهم أن يتعاطفوا معه بقولهم:

“أنا أعلم أنك لا تحب أن تنظف أنفك؛ ولكن عندما يكون أنفك في حالة سيلان دائمة فيمكنك عندئذٍ أن تنشر الجراثيم هنا وهناك، كما ويمكن أيضاً لشفاهك أن تتقرّح من جراء ذلك”.

ليس هناك من داعٍ لأن يكون بين الأهل والولد نزاع على السلطة. في الواقع، إن كل ما ينبغي على الأهل فعله هو الإحتفاظ بعلبة المناديل في متناول ولدهم والإستمرار في مساعدته على تنظيف أنفه والتخلّص بعد ذلك من المناديل المتّسخة. وبهذه الطريقة سيكون الجميع بأفضل حال.

ينبغي على الأهل ألا يتذمّروا من ولدهم بقولهم:

“كم مرّة يفترض بي أن أطلب منك أن تمسح أنفك؟ أدخل حالاً وافعل ما أقوله لك!”

صحيح أن شعور الأهل بالإحباط قد يدفعهم أحياناً إلى طرح هكذا أسئلة على ولدهم، ولكن وعلى الرغم من هذا كله، يجدر بهم ألاّ يفعلوا ذلك، لأنهم بهذه الطريقة قد يلمّحون لولدهم بأنه يشكّل عبء عليهم ولن يعلّموه كيفيّة التعاون مع الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يساعدوه على اكتساب هذه المهارة بقولهم:

“دعني أريك كيف يفترض بك أن تنظف أنفك بلطف لكي لا يحمرّ ويتقرّح أكثر ممّا هو متقرّح”.

ينبغي على الأهل أن يركّزوا على الحلّ عوض تركيزهم على المشكلة. ففي الواقع، إن الأهل وبطلبهم من ولدهم أن يكون حذراً وبإدراكهم مدى تقرّح أنفه قد يظهرون له مدى خوفهم عليه وقلقهم على مشاعره.

ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:

“ستندم إن اضطررتني إلى المجيء إليك لكي أنظّف لك أنفك بنفسي”.

ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بهدف حثّه على الإعتناء بنفسه، إذ إنهم قد يدفعونه إلى محاولة تحدّيهم، الأمر الذي قد يرغم الأهل عندئذٍ على المضيّ قدماً في تهديداتهم حتى النهايّة مهما كانت عواقب هذه التهديدات وخيمة وسلبيّة. في الواقع، إن أكثر ما يريده الولد هو أن يلفت انتباه أهله إليه – سواء أكان ذلك بطريقة إيجابيّة أو سلبيّة – لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة ألا يحثّوا ولدهم على عدم التعاون معهم فقط لكي يتمكّن من لفت انتباههم إليه.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:

“عندما تمسح أنفك يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تعود إلى اللعب”.

لا يحبّ الأولاد أن يقاطعهم أحد وهم يلعبون؛ لذا يمكن للأهل هنا أن يعدوا ولدهم بأنه يمكنه أن يعود ويفعل ما يريد فعله، إنما بعدَ أن يفعل ما يريدونه أن يفعل.

ينبغي على الأهل ألاّ يخيفوا ولدهم بقولهم:

“لن يحبّك أحد إن كان أنفك راشحاً”.

ينبغي على الأهل ألا يصدموا ولدهم ويكذبوا عليه لكي يحثّوه على التعاون معهم، إذ إنهم قد يعلّمونه بذلك أنه بإمكانه أن يضخّم الأمور بهدف لفت انتباه الآخرين إليه. في الواقع إن الأهل وبتهديد ولدهم بالتهميش الإجتماعي لن يحثّوه على تطبيق العادات المفضيّة إلى النظافة تطبيقاً جيداً وصحيحاً.

إنما يفترض بهم أن يثنوا على سلوكه التعاوني معهم بقولهم:

“شكراً لأنك أحضرت منديلاً. سترى كيف أنك ستشعر بتحسّن أكبر عندما تنظّف أنفك”.

إن الأهل وبثنائهم على ولدهم لتعاونه قد يحثّونه على المضيّ قدماً في سلوكه الحميد هذا؛ الأمر الذي قد يدفعه إلى التفاخر بنفسه وبإنجازاته.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل