إن الأطفال الذين يبلغون الثانيّة من العمر والقادرين على المشي غالباً ما يجدون المخازن الكبرى ومحال البقالة مليئةً بالأشياء الفاتنة والساحرة ويعتبرون يدَ الأم أو الأب الممدودة للإمساك بهم قيداً لحرّيتهم. في الواقع، إنه لأمر طبيعي أن يرغب الولد بالركض بحريّة في هكذا أماكن، إذ إنها تحتوي على الكثير من الأمور الساحرة التي قد يودّ رؤيتها أو القيام بها. لذا، ولكي يتفادى الأهل قمع فضوليّة ولدهم، يُفترض بهم إلزامه، إنما بمهارة مبدِعة، بقواعد محددة تفرض عليه البقاء قريباً منهم.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان التسوّق خلال مواعيد أكل ولدهم أو نومه (أو حتى قبل تلك المواعيد بفترة قصيرة).
● ينبغي على الأهل أن يُجلسوا أطفالهم الصغار في عرباتهم لكي يتمكنوا من التركيز على مسألة تعليم أولادهم الأكبر سناً على البقاء بقربهم.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“لا أدري ما يجب أن افعل عندما يرفض ولدي الإمساك بيدي. فأنا لا أكون أبداً واثقة من أنّ ما أفعله هو الصواب”.
من غير المنطقي أن يتوقع الأهل حلاًّ صحيحاً لكل مشكلة يواجهونها مع أولادهم. في الواقع، لا يكون الحلّ مناسباً إلا عندما يتلاءم ونظرة الأهل والأولاد إلى الأمور، وأيضاً عندما يتلاءم وشخصيّة كلٍّ منهم ومستوى الراحة لديه.
إنما يُفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقولوا لأنفسهم:
“يمكنني أن أحلّ هذه المسألة. فهدفي هو أن أعلّم ولدي الإمساك بيدي عندما نكون في المخازن الكبرى”.
ينبغي على الأهل أن يقدروا فضوليّة ولدهم إزاء العالم، إنما ليس على حساب سلامته. فإن استمرّ الولد في رفض الإمساك بيد أهله، فينبغي عندئذٍ على الأهل ألا يصحبوه معهم للتسوّق لفترة.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“أخاف أن يضيع ولدي مني، ولكني في الوقت نفسه لا أريده أن يغضب مني”.
ينبغي على الأهل أن يكونوا قادةَ أولادهم لا أصدقاءهم. فالولد قد لا يعجبه دائماً كل ما يقوله أو يفعله أهله، كما وأن الأهل أيضاً قد لا يعجبهم دائماً كل ما يقوله أو يفعله ولدهم. لذا يتعين على الأهل أن يركزوا على سلامة أولادهم عوض أن يركزوا على مسألة إرضائهم.
إنما يتعيّن عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن قواعد الأمان مهمّة جداً، لذا ينبغي علينا اتّباعها”.
إن الأهل وبحرصهم على مسألة سلامة أولادهم سيثبتون على مواقفهم عندما يحاول أولادهم خرق الأنظمة.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
” يجب أن أظهر لولدي أني غاضبة منه وإلا فلن يدرك مدى أهميّة إمساكه بيدي”.
إن الأهل وبلجوئهم إلى الغضب كوسيلة لحثّ ولدهم على التعاون معهم من شأنهم أن يخففوا من قدرة هذا الأخير على الشعور بالعطف حيالهم، كما وأنهم قد يعلمونه السلوك السيء.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
” إن غضبي منه لن يؤدي إلا إلى زيادة الوضع سوءًا”.
يحول الغضب دون تمكن الأهل من التفكير بالمشكلة ملياً وإيجاد الطرق المناسبة لحلّها.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يهددوا أولادهم بقولهم:
“عد إلى هنا وامسك بيدي وإلا فسأضربك”.
إن تهديد الأولاد بالعقاب الجسدي لا يؤدي سوى إلى زيادة رغبتهم في البقاء بعيداً عن أهلهم. وصحيح أنهم ربما قد يذعنون في النهايّة لرغبة أهلهم، غير أن إذعانهم هذا لن يكون سوى بداعي الخوف لكي لا يضربهم أهلهم، لا لاقتناعهم بأن هذا جيد لسلامتهم.
إنما ينبغي عليهم عوضاً عن ذلك أن يذكروهم بالنظام قولهم:
“تذكرّ أن النظام يقول إنه يتعين عليك أن تمسك بيدي من وقت ترجّلنا من السيارة وإلى حين عودتنا إليها. ينبغي علينا إذن أن نتّبع النظام لكي نحافظ على سلامتنا”.
إن الأهل وبتذكير ولدهم بالنظام يضعون النظام نفسه موضع “الشخص البغيض” عوضاً عنهم. وبهذه الطريقة يحثّون الولد على تركيز انتباهه على المهمات الواجب عليه تعلّمها كالبقاء بأمان واتّباع تعليمات والديه.
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
“إن أمسكت بيدي ونحن نتسوّق فسأشتري لك لعبة جديدة”.
ينبغي على الأهل ألا يقدموا لولدهم الهدايا لقاء قيامه بما يطلب منه. فهم يريدون من ولدهم أن يمسك بيدهم من أجل سلامته، لا لكي يحصل على هديّة. وعلاوة على ذلك، فالرشوة تحوّل انتباه الولد عن الأمور التي يريد أهله تعليمه إياها ألا وهي: كيفيّة الحفاظ على سلامته وكيفيّة التعاون مع الآخرين.
إنما يتعين عليهم أن يتمرّنوا معه على مسألة مسك اليد قبل مغادرتهم المنزل بقولهم مثلاً:
“بعدَ الظهر، سنذهب للتسوق. فلنتمرّن إذن على كيف ستمسك بيدي، إذ يمكن لكل منا بهذه الطريقة أن يحافظ على سلامة الآخر”.
إن التمرين يتيح للولد فرصة التكيّف مع الأنظمة السلوكيّة المفروضة عليه؛ فبهذه الطريقة يتعلّم الولد كيفيّة القيام تلقائياً بما هو مطلوب منه.
ينبغي على الأهل ألاّ يعاقبوا ولدهم بقولهم مثلاً:
“إن لم تمسك بيدي فلن أدعك تشاهد التلفزيون لدى عودتنا إلى المنزل”.
إن تهديد الولد بسلبه بعضاً من حقوقه أو امتيازاته لن يعلّمه التعاون مع الآخرين، إنما سيعلّمه تهديد الآخرين لكي يحثّهم على القيام بما يطلبه منهم.
إنما يُفترض بهم أن يحاولوا تفهّمه والتعاطف معه بقولهم مثلاً:
“أنا أعلم أنه من الصعب عليك أن تظلّ مماسكاً بيدي عندما ترى الكثير من الأشياء التي تحب، غير أن القاعدة تقول إنه يتعين عليك أن تبقى قريباً مني، وهذا أمر في غايّة الأهميّة لأنه يحافظ على سلامتنا”.
ينبغي على الأهل أن يظهروا لولدهم أنهم يتعاطفون معه من خلال قولهم إنهم يتفهمون رغبته في اكتشاف العالم من حوله، إنما ينبغي عليهم أيضاً من جهة أخرى أن يذكّروه بأنه من المفروض اتّباع القاعدة.
ينبغي على الأهل ألاّ يصنّفوا ولدهم وينعتوه نعوتاً سلبيّة بقولهم:
“ماذا دهاك؟ ألا تعلم أنه من الخطير أن تفلت يدي وتبتعد عني؟ ما قمت به الآن أمر في غايّة الغباء!”
إن الأهل وبتحطيم ولدهم ونعته بنعوت سلبيّة فكأنهم يقولون له إنه يعاني من خلل ما في شخصيّته، كونه يريد أن يتّبع طبيعته الفضوليّة. فهذا ليس في الواقع الأسلوب الصحيح لتشجيع الولد على التعاون.
إنما يتعيّن عليهم أن يقدموا له خيارات أخرى كأن يقولوا مثلاً:
“يبدو أنك لا تشعر بالراحة عندما تمسك بيدي. فلماذا لا تتمسّك إذن بتنّورتي (أو بحزامي أو بحقيبة يدي أو بسروالي)؟ فبهذه الطريقة لن نضيّع بعضنا البعض أبداً”.
إن الأهل، وباقتراحهم على ولدهم الإمساك بأمور أخرى فيهم عوضاً عن إمساكه بيدهم، يحرّرون بالتالي أيديهم، الأمر الذي قد يخوّلهم القيام بأعمال أخرى. فهذا في الواقع حلّ مفيد للأهل والولد على حدّ سواء.
ينبغي على الأهل ألاّ يؤدوا دور المدير أو الرئيس بقولهم:
” لا تتجوّل في المخزن، ولا تلمس شيئاً!”
بهذه الإنذارات، لا يقول الأهل لولدهم سوى ما لا يُفترض به فعله؛ فهم بهذه الطريقة لا يذكّرونه بما يفترض به فعله ولماذا. وعلاوة على ذلك، فإن هذه التحذيرات غير عمليّة بالنسبة إلى ولد صغير يتحرّق شوقاً لاكتشاف العالم من حوله.
إنما يفترض بهم أن يستخدموا معه المديح بقولهم مثلاً:
“شكراً لإمساكك بيدي. فأنا أشعر حقاً بارتياح كبير عندما أعلم أننا معاً وأننا بأمان”.
إن مدح السلوك التعاوني يشجع الولد على الإستمرار بالعمل الجيد، ويظهر له أن اتباع النظام يخوّله استرعاء انتباه أهله الإيجابي إليه.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل