أيّاً كان عمرنا، فإن الثياب المفضّلة لدينا هي تماماً كأعزّ الأصدقاء إلى قلوبنا. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يحترموا رغبة ولدهم الذي لا يزال في الرابعة من عمره بارتداء الثياب نفسها يوماً بعد يوم، إنما دون تراجع عن قاعدة ارتداء الملابس النظيفة. ويفترض بهم أن يدعوا ولدهم يعرف أنّ الغسالة لن تفرّقه عن ثيابه المفضّلة إلاّ لفترة قصيرة فقط.
بعض النصائح المفيدة
● يتعيّن على الأهل وضع نظامٍ خاص بارتداء الملابس النظيفة، كما وينبغي عليهم أيضاً التحقّق من أن ولدهم يعرف معنى كلمة “متّسخ” من خلال قولهم له مثلاً، “نحن نرتدي الثياب الخاليّة من البقع والتي ليست لها رائحة قذرة”.
● ينبغي على الأهل أن يتحدّثوا مع ولدهم حول أهميّة النظافة، فيدرك لماذا هم بحاجة إلى غسل الثياب باستمرار.
● ينبغي على الأهل أن يسمحوا لولدهم بأن يساعدهم في عمليّة غسل الثياب فيتمكّن من رؤيّة الثياب تخرج نظيفة بعد مرورها بمرحلتي الغسيل والتنشيف.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“أعلم أنه يفترض بي عدم الإستسلام، إلا أنني في الواقع سئمت الشجار معه. فأنا لم أعد آبه لما يرتدي”.
إن الأهل وبعدم ثباتهم على مواقف يعلّمون ولدهم أنهم لا يعنون دائماً ما يقولون، وأن لا بأس إن استسلمنا في حال واجهتنا تحدّيات وصعوبات كثيرة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أودّ أن أعلّمه أنّه من الجيّد ارتداء الملابس النظيفة”.
إن نظرة الأهل إلى المشكلة على أنها فرصة متاحة أمامهم لكي يعلّموا ولدهم درساً مهمّاً في الحياة من شأنها أن تساعدهم على الثبات على موقفهم الإيجابي والفعّال حيال الهدف البعيد الأمد لمسألة ارتداء الثياب النظيفة.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“يُفترض به أن يعرف أنه لا يجدر به ارتداء ثياب متّسخة. فأنا لا أعرف حقاً ما الذي دهاه”.
ينبغي على الأهل ألاّ يحكموا على ولدهم على أساس ما يريد هذا الأخير ارتداؤه، إذ إن الحكم على الولد بهذه الطريقة من شأنه أن يعلّمه أن قراراته قد تخفّف أحياناً من شأنه؛ الأمر الذي قد يحثّه على محاولة التصرّف على أنه شخص مثاليّ، وذلك بهدف كسب حبّ والديه له. فجميعنا يرتكب الأخطاء، لذا يفترض بنا أن ننظر إلى أخطائنا تلك على أنها وسائل تخوّلنا تعلّم ما كنا نجهله في الماضي.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن رغبة ابنتي في ارتداء الفستان نفسه كل يوم ليست بمشكلة خطيرة”.
ينبغي على الأهل أن يدركوا أوّلاً أنّ الأولاد الصغار غالباً ما يحاولون مقاومة التغيير، لكي يتمكنوا بعد ذلك من تعليم ولدهم على التأقلم مع فكرة التغيير.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“ما الذي سيقوله الأساتذة عنا، إن ذهب ولدي إلى المدرسة كل يوم بالثياب نفسها؟”
عندما يلاحظ الأهل أنهم قد بدأوا يقلقون بشأن ما سيقوله أو يفكّر به الآخرين عنهم، يفترض بهم عندئذٍ أن يتذكّروا قاعدة العشرين، والأربعين، والستين: في سنّ العشرين نقلق بشأن ما سيقوله الآخرون عنا؛ وفي سنّ الأربعين، لا نأبه لما قد يقوله أو يفكّر به الآخرين بشأننا؛ أما في سنّ الستين فندرك أن ما من أحد كان ليفكّر بنا أساساً.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أعلم أنها تشعر بالراحة عندما ترتدي الفستان نفسه كل يوم. فأنا أيضاً أحبّ أن أفعل ذلك أحياناً”.
إن الأهل وبتعاطفهم مع ولدهم وتفهّمهم رغبته في ارتداء الثياب نفسها كل يوم سيساعدونه على معرفة أنهم يعلمون أنه خائف من احتمال أن يضيع منه ثوبه المفضّل.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:
” هياّ، إرتدِ هذا الثوب المتّسخ إن كنت تريد ذلك، إلا أن الناس لن يحبّوك إن كنت متّسخاً”.
لا يتأثّر الولد كثيراً بتهديد أهله بمسألة التهميش الإجتماعي. فهو وبكل بساطة يريد أن يفعل ما يحلو له. وعلاوة على ذلك، فالأهل يريدون من ولدهم أن يرتدي ثياباً نظيفة لكي يكتسب عادات حميدة، لا لأنهم يخافون أن يصبح ولدهم منبوذاً.
إنما يفترض بهم أن يقدموا له خيارات أخرى بقولهم مثلاً:
“أنا آسفة، ولكن هذا الفستان بحاجة للغسيل. سأغسله لكِ اليوم وستتمكّنين غداً من ارتدائه ثانيّة. فلنختر إذن الآن ثوباً آخر ترتدينه”.
يمكن للأهل، ومع حفاظهم على حزمهم وصرامتهم، أن يقدموا لولدهم خيارات متعددة، إذ إنهم بذلك يعلّمونه على المرونة والصبر بهدف الحصول على مبتغاه. وأيضاً فهم عندما يسمحون له باختيار ثياب أخرى يرتديها مؤقتاً، يشبعون رغبته في أن تكون لديه حرّيّة اختيار ملابسه بنفسه.
ينبغي على الأهل ألا يقللوا من شأن ولدهم بقولهم:
“ماذا دهاكِ؟ أنت لا تريدين إلا ارتداء هذا الثوب القديم والمتّسخ”.
إن الأهل وبتوبيخ ولدهم وتعنيفه يعلّمونه أنه قد يخسر حبّهم ودعمهم له فقط لأنه يريد أن يرتدي الثياب نفسها. لذا ينبغي على الأهل هنا ألاّ يخيّروا ولدهم بين ثيابه وحبّهم له.
إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم مثلاً:
“أنا أعلم أنك تريد أن ترتدي هذه الثياب نفسها اليوم أيضاً، ولكن هذا مستحيل، لأنها متّسخة. فلنختر إذن شيئاً آخر ترتديه اليوم. ثمّ إن ارتديت ثياباً مختلفة، سنتمكّن من مشاهدة برنامجك التلفزيوني المفضّل إلى أن يحين موعد الذهاب إلى المدرسة”.
إن لجوء الأهل إلى قاعدة الجدّة بهدف حثّ ولدهم على اختيار ثياب مختلفة من شأنه أن يعلّم هذا الأخير كيفيّة الإنتقال من حالة إلى أخرى. ففي الواقع، إن قاعدة الجدة تعلّم الولد أن قيامه بما ينبغي عليه القيام به يخوّله بعد ذلك فعل ما يريد.
ينبغي على الأهل ألاّ يتوسّلوا إلى الولد بقولهم:
“إلبس ثياباً نظيفة، من فضلك. أرجوك أن تفعل ذلك من أجل ماما”.
صحيح أن التوسل مغرٍ إلاّ أنه وعوض أن يعلّم الولد كيفيّة القيام بنفسه بالإختيارات الأنسب له، يعلّمه أن يقلق بشأن أهله إن كانوا سيستمرّون في حبّه في حال لم يتعاون معهم.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يحاولوا تفهّمه والتعاطف معه بقولهم مثلاً:
“أنا أعلم أنك تحبّ ثيابك المفضّلة. وأنا أيضاً أحب ثيابي المفضّلة. فلنغسلها إذن معاً لكي نتمكّن من ارتدائها عندما تصبح نظيفة”.
إن الأهل وبتفهّم رغبة ولدهم في ارتداء الثياب نفسها فكأنهم يقولون له إنهم في صفه. في الواقع، إن عمل الأهل مع ولدهم وكأنهم يشكّلون فريقاً واحداً يساعد الولد على تحقيق ما يريدون منه والحصول على النتائج التي لطالما كانوا يسعون إليها.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل