أتذكرون الخوف الذي كان ينتابكم في صغركم عندما كنتم تعلمون أنكم ستأخذون حقنة أو ستخضعون لعمليّة تقطيب؟ لذا ينبغي عليكم كأهل أن تحتفظوا بتلك الذكريات في أذهانكم وأنت تتعاطون بحب وهدوء مع إحتجاجات ولدكم. صحيح أنه قد لا يكون لدى الولد في هذه الحالة أي خيار أو قرار في المسألة، إلا أنه يمكن في الواقع لأهله أن يتعاطفوا مع مخاوفه من خلال طمأنته وتشجيعه. وبالإضافة إلى ذلك، يتعيّن على الأهل أن يسألوا طبيب ولدهم أو ممرّضته إن كان بإمكانهم أن يبنّجوه بنجاً موضعيّاً ليخدّروا بشرته قبل أن يعطوه الحقنة. أمّا في ما يتعلّق بالإعتقاد السائد والقائل بأن الألم يقوّي الشخصيّة فليس سوى مجرّد اعتقاد خاطئ تماماً؛ فقد أثبت آخر الأبحاث والدراسات أنّ الألم الجسدي الذي يتعرّض له الإنسان في صغره من شأنه أن يجعل الولد يبالغ في ردود فعله حيال الحقن أو سواها من الإجراءات الطبية المؤلمة.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يختاروا طبيباً أو ممرّضة تجيد القيام بتلك الإجراءات وتحسن معاملة الأولاد.
● ينبغي على الأهل ألا يرعبوا أولادهم بقصصهم في حال كانوا قد اضطرّوا في طفولتهم إلى أخذ حقنٍ ما أو إلى الخضوع لعمليات تقطيب، إنما يفترض بهم أن يكونوا صادقين معهم بشأن الآلام التي شعروا بها لدى خضوعهم لتلك الإجراءات الطبية. فيتعيّن عليهم في الواقع ألاّ يقضوا على ثقة أولادهم بهم بقولهم لهم إن هكذا إجراءات ليست مؤلمة.
● ينبغي على الأهل أن يسألوا الطبيب إن كان بإمكانهم أن يلهوا ولدهم ببعض الأمور المسلية فيما هو يأخذ الحقنة أو يخضع للتقطيب.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا المسؤولة عن فدغ ولدي رأسه. فقد كان من المفترض بي أن أراقبه عن كثب وأنتبه إليه أكثر”.
إن الأهل وبلوم أنفسهم على الحادثة التي تعرّض لها ولدهم يعجزون عن مساعدة هذا الأخير للتغلّب على خوفه من الخضوع لعمليّة التقطيب.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا لا أحب رؤية ولدي وهو يتألّم، ولكن ثمّة أحيان حيث لا يكون هناك أيّ إمكانية للفرار من ذلك فمن واجبي أن أساعده لكي يتمكن من التغلّب على مخاوفه”.
إن الأهل وبإدراكهم أنه قد يكون من الضروري على الإنسان أحياناً أن يحتمل الآلام البسيطة تفادياً منه التعرّض للآلام الكبيرة فقد يتمكنون من الحفاظ على هدوئهم وبرودة أعصابهم وهم يطمئنون ولدهم ويخففون من روعه.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أتألم كثيراً لدى مشاهدة ولدي وهو يأخذ حقنة؛ ولا يمكنني أن أبقى في هذه الحالة بجانبه لطمئنته ومواساته في محنته”.
إن الأهل وبتشديدهم على خوفهم من الحقن يؤكّدون عجزهم عن مساعدة ولدهم في الأوقات التي قد يكون فيها هذا الأخير بأمسّ الحاجة إليهم، كما وأنهم قد يعلّمونه بذلك أيضاً على الهروب من مصاعب الحياة وتحدياتها.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يتعيّن عليّ أن أتغلّب أولاً على خوفي من الحقن لكي أتمكّن من مساعدة ولدي على التغلّب بدوره على خوفه منها”.
ينبغي على الأهل أن يذكّروا أنفسهم بأن الألم ناجم في معظمه عن استباقهم للأمور، لا عن الحقنة بحدّ ذاتها.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“هذا مريع! لا يمكنني أن أدع ولدي يتعذّب كل هذا العذاب!”
إن الأهل وبتعظيمهم آلام ولدهم قد يزيدون من كربهم، الأمر الذي قد يحول دون تمكّنهم من القيام بما يفترض بهم القيام به من أجل سلامة ولدهم. فليس في الواقع من صالح الولد أن يتهرّب من الحقنة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إنها من مسؤوليتنا كأهل أن نساعد ولدنا لكي يتغلّب على خوفه من الحقنة”.
إنه في الواقع من واجب الأهل أن يساعدوا ولدهم في التغلب على مخاوفه، كما وأنه من واجبهم أيضاً أن يطمئنوه ويواسوه ويجعلوه يشعر بوجودهم الدائم إلى جانبه.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يجعلوا ولدهم يشعر بالذنب بقولهم:
“إفعل ذلك من أجل ماما”.
إن الأهل وبلجوئهم إلى أسلوب التذنيب هذا قد يعلّمون ولدهم على القيام بواجباته فقط من أجل إسعادهم أو أيضاً لكي لا يتسبب لهم بالغضب أو الإستياء؛ في حين أنه من المفترض به أن يتعاون معهم من أجل صحّته وسلامته، لا لأنه لا يريد أن يجرح مشاعرهم.
إنما يفترض بهم أن يحافظوا معه على موقفهم الإيجابي بقولهم:
“أنا أعلم أنك لا تريد أن تأخذ الحقنة، ولكنها ضروريّة جدّاً لصحتك وسلامتك”.
ينبغي على الأهل أن يلفتوا انتباه ولدهم إلى فوائد الحقنة أو القطب.
ينبغي على الأهل ألا يحطّموا ولدهم بقولهم:
“لا تكن جباناً كأبيك”.
إن الأهل وبانتقادهم زوجهم أو زوجتهم قد يدفعون ولدهم على الإختيار في ما بينهما، إذ إنه سيقول لنفسه عندئذٍ: “أنا لا أريد أن أكون مثل أبي!” وهو سيتعاون معهم فقط لكي يبقى من طرفهم.
إنما يفترض بهم أن يثنوا عليه بقولهم:
“أنا أعلم أنك ولد قويّ وشجاع وأنه بإمكانك أن تخضع للحقنة حفاظاً منك على صحّتك وعافيتك”.
إن الأهل وبتأكيدهم قوّة ولدهم وشجاعته سيحثونه على التغلّب على مخاوفه.
ينبغي على الأهل ألا يكذبوا على ولدهم بقولهم:
“إن الحقن لا تؤلم. فلا أعلم لم تثير كل هذه الجلبة”.
إن الأهل وبكذبهم على ولدهم وتقليلهم من شأن مخاوفه فقد يتسببون له بمشكلة مزدوجة: أولاً، إنهم يقضون على ثقته بهم، وثانياً فإنهم يلمحون له بذلك إنهم لا يأبهون لمخاوفه.
إنما يفترض بهم أن يكونوا معه بمنتهى الصدق والصراحة بقولهم:
“أنا أعلم أن الحقن مؤلمة بعض الشيء، ولكن سرعان ما قد يزول ألمها. فلننفخ معاً بعض الفقاقيع وأنت تأخذ الحقنة وسترى كيف أن ألمك سيزول في لحظة”.
ينبغي على الأهل أن يحيطوا ولدهم علماً بحقيقة التجربة التي سيمرّ بها إنما بطريقة لطيفة وودودة. في الواقع، إن دعمهم العاطفي والجسدي لولدهم من شأنه مساعدة هذا الأخيرعلى الإعتقاد بأنهم سيقولون له دائماً الحقيقة وبأنهم سيكونون دائماً إلى جانبه عندما يحتاجهم.
ينبغي على الأهل أن يدركوا أنّ تربية الأولاد هي من أكثر مسائل الحياة تحدّياً ومكافأةً في آنٍ معاً. في الواقع، إن كل عمل يقومون به وكل كلمة يتفوّهون بها من شأنها المساهمة في بناء مستقبل أولادهم أكثر من أيّ عامل آخر.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل