التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد البقاء على مائدة الطعام

إن ظاهرة مغادرة مائدة الطعام هي ظاهرة عائليّة تقليديّة. فما أن يشعر الولد الذي في الرابعة من عمره بأنه قد شبع حتى لا يعود مهتمّاً بالحديث الذي يدور إجمالاً على المائدة، ويروح بالتالي يفكّر بأن الوقت قد حان لكي يذهب للّعب في مكان آخر. فليكن هنا الأهل إذن منطقيّين بشأن المدّة التي يتوقّعون من ولدهم أن يمضيها معهم في الأكل والثرثرة – وكم قد تبدو هذه المدّة طويلة بالنسبة إلى ولد صغير، قدرته على التركيز والإنتباه أقل بكثير من قدرتهم على ذلك.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل أن يغلقوا أجهزة الكومبيوتر والتلفزيون أثناء تناول الطعام، فلا تقوم هذه الأخيرة بإلهاء ولدهم عن أكله.

●    ينبغي على الأهل أن يعيّروا الساعة لولدهم ليقولوا له متى يصبح من الممكن له مغادرة مائدة الطعام.

●    يتعيّن على الأهل عند الضرورة، وقبل أن يسمحوا لولدهم بالإنصراف، التحقّق من وجود شخص آخر يشرف عليه بعد مغادرته المائدة فيطمئنّوا على سلامته فيما هم يُكملون طعامهم.

●    ينبغي على الأهل أن يتناولوا أكبر عدد ممكن من وجباتهم على مائدة الطعام، فيعتاد ولدهم على ذلك. كما ويفترض بهم أيضاً أن يمتنعوا قدر المستطاع عن الأكل في السيارة أو في أي مكان آخر.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“الآن وقد أصبحت مطلّقة، لن أتمكن أبداً من أن أعدّ لولدي الوجبات العائليّة الرائعة التي ما زلت حتى اليوم أحتفظ بذكريات جميلة عنها في ذاكرتي منذ طفولتي”.

إن الأهل وباستخدامهم كلمات مثل “أبداً” و”دائماً” قد يشعرون بالعجز عن تغيير ظروفهم الحياتيّة أو حتى عن إعادة تحديد نظرتهم إلى الأمور. في الواقع، إن كان الأهل مطلَّقين فهذا لا يعني أنه لا يمكنهم تناول وجبات عائليّة مع أولادهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن تناول ولدي وجباته معي وحدي يُعتبر أيضاً بمثابة تجربة عائليّة مفيدة”.

صحيح أنه في حالات الطلاق لا يمكن لكلا الوالدين أن يكونا حاضرين معاً على مائدة الطعام مع ولدهم، غير أن إدراك الأهل أهميّة تناول وجبة مع ولدهم من شأنه أن ينمّي ويعزّز لدى هذا الأخير حسّ لمّ شمل العائلة والتفافها على بعضها البعض. وهنا ينبغي على الأهل السعي لأن تكون هذه التجربة ممتعة ومسلّيّة، وذلك بعدم طلبهم من الولد البقاء إلى المائدة لفترة تفوق الفترة المنطقيّة والمعقولة.

ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:

“إن ولدي لا يحبّ رفقتي على المائدة”.

يتعيّن على الأهل ألاّ ينظروا إلى رغبة ولدهم في مغادرة المائدة على أنها موجّهة ضدّهم شخصياً، إنما يفترض بهم أن يتذكّروا عوضاً عن ذلك أن هدف ولدهم الأساسي هو النزول واللعب، لا البقاء جالساً إلى المائدة مع الكبار.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

” من الضروري أن أتحدّث إلى ولدي في أثناء تناولي وجبات الطعام معه، وإن لدقائق قليلة فقط”.

ينبغي على الأهل أن يقيّموا الوقت الذي يمضونه مع ولدهم عند مائدة الطعام وفقاً لنوعيّته، لا كميّته. فالمهمّ ليس طول المدّة التي نمضيها إلى المائدة مع أولادنا، إنما نسبة اللهو، والحب والمرح التي نتشاركها معهم.

ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:

“إن صراخ ولدي للمطالبة بالنزول عن المائدة سيزعجنا ويفسد علينا العشاء”.

إن الأهل وبقولهم لأنفسهم إنه لا يمكنهم أن يحتملوا صراخ ولدهم، سيعجزون فعلاً عن ذلك، كما وأنهم لن يعلّموه كيفيّة الإستمتاع بالإجتماعات العائليّة عند مواعيد الطعام. لذا يجدر بنا هنا إعادة تذكير الأهل بأن الأحداث كلها محايدة وبأن العشاء لن “يفسد” إلا إن أرادوا افساده بطريقة تفكيرهم السلبيّة تلك.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“صحيح أني متعبة بعد يوم طويل ومرهق من العمل، إلا أنه من الضروري أن يجتمع شمل العائلة حول مائدة الطعام”.

ينبغي على الأهل أن يركّزوا على مدى أهميّة الوجبات العائليّة بالنسبة لنموّ ولدهم وتطوّره. وبالتالي وحتى ولو كانت مواعيد العشاء تتّسم بالفوضى والضجيج إجمالاً في الوقت الذي قد يكونون هم فيه بأمسّ الحاجة إلى الهدوء والسكينة بعد يوم طويل من العمل الشاق، إلا أن الإجتماعات العائليّة تلك ضروريّة وأساسيّة لتعزيز الروابط العائليّة.

حديث الأهل إلى ولدهم

ينبغي على الأهل ألا يهدّدوا ولدهم بقولهم مثلاً:

“إن لم تبقَ معنا إلى المائدة فستضطرّ عندئذٍ إلى الخلود للنوم وهذا ما لا تريده، أليس كذلك؟

إن الأهل وبلجوئهم إلى أسلوب التهديد هذا فقط لأن ولدهم يريد النزول واللعب لن يتمكنوا بالتالي من تعليمه كيفيّة الإستمتاع بالوجبات العائليّة، كما وأنهم قد يحثّونه بهذه الطريقة على ربط السرير أو النوم عموماً بالعقاب. وعلاوة على ذلك كله، فإن أسلوبهم هذا في التعاطي مع رفض ولدهم من شأنه حثّ هذا الأخير على تحدّي أهله ليرى ما الذي قد يفعلونه به في حال لم يبقَ إلى المائدة. هل سينفّذون فعلاً تهديدهم؟

إنما يفترض بهم أن يثنوا على سلوكه التعاوني بقولهم:

“شكراً لجلوسك هكذا بلطفٍ معنا إلى المائدة. فنحن نحب فعلاً رفقتك”.

من منّا لا يحبّ أن يكون محور إعجاب الآخرين وتقديرهم؟ لذا فإن الثّناء على صبر الولد من شأنه أن يشجّعه على التحلّي بقدرة أكبر على الصبر في المرّة المقبلة.

ينبغي على الأهل ألا يرغموا ولدهم على البقاء معهم إلى المائدة بقولهم مثلاً:

“ستبقى جالساً معناإلى أن تأكل صحنك كله”.

في الواقع، إن الأهل وبإرغامهم الولد على أكل محتوى صحنه بالكامل يعلمونه على الإستمرار في الأكل حتى بعد شعوره بالشبع؛ الأمر الذي قد يؤدي أحياناً إلى البدانة أو حتى إلى مشاكل خطيرة في الأكل. فإن أراد الأهل فعلاً تعليم ولدهم على التجاوب مع الإشارات التي يعطيه إياها جسمه للدلالة على الجوع، فيتعيّن عليهم إذن ألا يجبروه على الأكل حتى التخمة.

إنما يفترض بهم أن يأخذوا الأمور معه باللعب بقولهم مثلاً:

“لنلعب لعبة اليوم الجميل. يمكن لكل واحد منا أن يخبرنا عن أمر جميل حدث معه اليوم”.

ينبغي على الأهل أن يحثوا ولدهم على البقاء معهم إلى المائدة من خلال الطلب منه أن يخبرهم قصّة حول شيءٍ جميل أو مضحك حدث معه اليوم. وبهذه الطريقة لن يستمتع الولد بإخبار قصصه فحسب، إنما قد يستمتع أيضاً بالإستماع إلى قصص الآخرين.

ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:

” إن بقيت معنا على المائدة لمدّة أطول، فسنشتري لك البوظة”.

إن الأهل وبتقديمهم مكافأة ما لولدهم لقاء قيامه بما يطلبونه منه يعلّمونه أنّ لتعاونه معهم ثمن، تماماً كأي سلعة تُباع وتُشترى.

إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يذكّروه بالنظام بقولهم:

“أنا أعلم أنك تريد مغادرة المائدة، غير أن النظام يقول إنه لا يمكنك مغادرة مائدة الطعام إلا عندما يرنّ منبّه الساعة”.

إن الأهل وبتشديدهم على النظام وتعاطفهم مع ولدهم في آنٍ معاً سيزيدون من مرونة هذا الأخير كما وأنهم قد يساعدونه أيضاً على معرفة أن الأنظمة والقوانين هي التي تساعدنا على إدارة عالمنا إدارة صحيحة وفعّالة.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل