ماذا كنتم لتشعروا لو كان من المفترض بكم أن تظلوا طوال الوقت مسمّرين على كرسيّ ما من دون أن تعرفوا السبب. لما كان لديكم في هكذا حالة ولا أي رغبة في التعاون! لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة أن يتفهّموا ولدهم الذي يشعر وكأنه محبوس عندما يضعونه في كرسيّه الخاص بالسيارة، ويفترض بهم أيضاً أن يشرحوا له بلطفٍ إنما بحزمٍ أهميّة جلوس الجميع بأمان في السيارة، إذ إنهم بذلك يعلمونه أنه سيضطرّ في المستقبل إلى الخضوع لبعض الأنظمة والقوانين غير القابلة للتفاوض، كأن يجلس في كرسيّه الخاص بالسيارة مثلاً.
بعض النصائح المفيدة
● يتعيّن على الأهل وضع قوانين خاصة بالرحلات التي قد يقومون بها في السيارة، كأن يجلس كل واحد في مقعده ويضع حزام الأمان إلى أن يبلغوا المكان المقصود.
● يتعين على الأهل أن يضعوا دائماً حزام الأمان لدى ركوبهم السيارة، فيتحمّس بالتالي أولادهم على تقليد عاداتهم تلك التي تضمن أمانهم وسلامتهم العامّة.
● ينبغي على الأهل أن يحتفظوا بألعاب وكتب خاصّة بالسيارة، فيتمكّنوا من تسليّة ولدهم في الرحلات الطويلة وتحويل إنتباهه عن كرسيّه الخاص بالسيارة.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
” أنا لا أهتم إن كان ولدي يضع حزام الأمان فأنا أقود بهدوء”.
إن تقديم الأهل هذا النوع من الأعذار والتبريرات من شأنه أن يضع سلامة الأولاد في خطر كبير. لذا ينبغي على مقاومة الأولاد ألا تُضعف الأهل وتثبّط عزيمتهم إزاء العادات السليمة ومسألة الأمان.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“هدفي هو التأكّد من أن ولدي بأمان، حتى ولو كان لا يدرك الخطر الذي يحدق به”.
إن الأهل وبتذكّرهم الدائم لأهدافهم يحثون أولادهم على اعتبار مسألة الأمان المسألة الأولى التي ينبغي عليهم مراعاتها.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لماذا يحاول أولادنا دائماً أن يتحدونا هكذا؟ لا شك في أننا أهل غير صالحين”.
إن لوم الأهل أنفسهم على سلوك أولادهم لن يساعدهم على حل المشكلة. فهم لا يمكنهم أن يضبطوا سلوك أولادهم، إذ إن الأولاد وحدهم قادرون على ذلك؛ إنما يمكنهم أن يضبطوا ردود فعلهم حيال سلوك أولادهم وتصرفاتهم.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أظنّ أنني لو كنت في مكانه لما أحببت أيضاً فكرة الجلوس باستمرار في كرسي كهذا. لا شكّ في أن هذه الجلسة تولّد فيه شعوراً بالضعف”.
إن تعاطف الأهل مع وضع أولادهم يساعدهم على تفهّم مشاعرهم، الأمر الذي قد يحثّ الولد بدوره على التعاون مع أهله.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لطالما كانت أمي تقول لي إن ولدي سيكون متمرّداً”.
ليس من الصالح ولا المنطقي إلقاء اللوم في ما يختصّ بسلوك أولادنا على توقّعات أهلنا. فهذا لا يسلب الأهل مسؤوليتهم في تعليم أولادهم السلوك الصالح فحسب، إنما قد يسم الأولاد أيضاً بسمةٍ من شأنها أن تتحوّل إلى حقيقة.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“هدفي هو مساعدة ولدي على تعلّم كيفيّة القيام بالأمور التي لا يريد القيام بها”.
إن الأهل، ومن خلال مساعدة أولادهم على فهم السبب الذي ينبغي عليهم من أجله أن يلزموا كرسيّهم، يعلمونهم أن التعاون سيساعدهم على البقاء بأمان.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يعاقبوا أولادهم بقولهم:
“إن لم تجلس في كرسيّك الخاص بالسيارة سأضربك”.
إن الأهل وبتهديد أولادهم بالعقاب الجسدي لا يعلمونهم سوى أنهم أكبر وأكثر قوّة منهم وأنهم قادرون على إيذائهم في حال لم يتعاونوا معهم. لذا، وعوض أن يعمد الأهل إلى أساليب التهديد والعنف مع أولادهم، يُفترض بهم التعاون والتعاطف معهم، وذلك من خلال مساعدتهم على فهم أنهم يحترمون مشاعرهم، ولكن وعلى الرغم من ذلك، يفترض بهم القيام بالأشياء التي تضمن سلامتهم.
إنما يُفترض بهم أن يطرحوا عليهم الأسئلة كأن يقولوا مثلاً:
“لماذا لا تحب الجلوس في كرسيّك الخاص بالسيارة؟”
عندما يسأل الأهل أولادهم حول الأمور التي بسببها لا يحبون الجلوس في كرسيهم الخاص بالسيارة، يظهرون تفهماً لمشاعرهم ويعلّمونهم أيضاً التعاطف مع الآخرين. وقد يكتشف الأهل عندئذٍ أن ولدهم يحبّ أن ينظر إلى الخارج من نافذته، غير أن كرسيّه منخفض جداً؛ الأمر الذي يحول دون تمكّنه من القيام بذلك. أو أنهم يكتشفون أيضاً أنّ إبزيم كرسيّه يقرصه أو يضغط عليه بشكل موجع عند المنعطفات. وهكذا يصبح بإمكان الأهل حلّ تلك المشاكل وتأمين المزيد من الراحة لأولادهم أثناء القيادة.
ينبغي على الأهل ألاّ يسيئوا استخدام السلطة الابوية بقولهم:
“إن لم تلزم كرسيّك الخاص بالسيارة، سيضطر ضابط الشرطة إلى اعتقالك”.
يتعيّن على الأهل ألا يهدّدوا أولادهم بالشرطة لكي يحثّوهم على التعاون معهم، إذ إنه من المفترض بهم أن يعلّموهم أنّ ضباط الشرطة هم بمثابة أصدقاء لا أعداء. والجدير بالذكر هنا أنه من المحتمل أن يقوم ضابط الشرطة باعتقال الأهل في حال كانوا يقودون سيارتهم من دون أن يضعوا أحزمة الأمان لأولادهم.
إنما ينبغي عليهم عوضاً عن ذلك أن يذكّروهم بنظام السير بقولهم:
“يفرض نظام السير على الأولاد الجلوس في مقاعدهم الخاصة بالسيارة؛ وبالتالي فلا يمكننا السير إلا عندما تلتزم بهذا النظام”.
إن الأهل وبإلقائهم المسؤوليّة على النظام أو القانون يضعون أنفسهم وأولادهم في فريق واحد، الأمر الذي من شأنه أن يخفّف من الشجارات بين الأهل وأولادهم أولاً، وأن يلقّن الأولاد درساً هاماً، ألا وهو أن القانون فوق الجميع.
ينبغي على الأهل ألاّ يغضبوا ويقولوا لأولادهم:
” إجلس الآن في كرسيّك! فأنت لا تريدني أن أغضب صحيح؟”
عندما يقول الأهل لأولادهم إنهم سبب غضبهم، يولّدون فيهم شعوراً بالذنب ويقضون على رغبتهم في التعاطف معهم. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يمدّهم هذا بشعور السلطة على مشاعر أهلهم، وهذا في الواقع شعور غير صالح وغير مرغوب فيه.
إنما يُفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يلجأوا معهم إلى المديح والإطراء قائلين لهم،
“شكراً لأنك جلست بلطف في كرسيّك من دون أن تعذبني. أنا أقدّر لك تعاونك معي”.
إن ثناء الأهل على سلوك أولادهم يعلّمهم أن التعاون يؤدي إلى تقدير أهلهم لهم، وهذا أمر يبعث بالحماسة في نفوسنا جميعاً.
ينبغي على الأهل ألاّ يغروا أولادهم ويرشوهم بالأشياء التي يحبونها بقولهم مثلاً:
” إن جلست في كرسيّك سأعطيك شيئاً طيّباً ولذيذاً”.
إن الأهل وبإغراء أولادهم بغيّة حثّهم على اتباع الأنظمة والقوانين يعلّمونهم أنه ينبغي عليهم أن يحصلوا على مكافأة لقاء قيامهم بما ينبغي عليهم القيام به.
إنما يُفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يعقدوا معهم إتفاقيّة ما كأن يقولوا لهم مثلاً:
“عندما تجلس في كرسيّك الخاص سنضع لك الأغنيّة التي تحب”.
إن هذا المثال على قاعدة الجدّة يعلّم الولد أن التعاون يؤدي إلى نتائج إيجابيّة للجميع.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل