قد يحب بعض الأولاد فكرة ممارسة رياضة أو نشاط ما، في حين أن بعضهم الآخر لا يحب ذلك. لذا وفي حال كان الولد يرفض فكرة ممارسة رياضة ما رفضاً دائماً وقاطعاً، فقد لا يكون المدرّب أو النشاط الرياضي الذي يقوم به ملائماً له. أما في حال كان رفضه أو نفوره من هذه الرياضة عرضياً، فمن المحتمل عندئذٍ أنه يواجه مشاكل ما في بعض المسائل المحددة كمسألة المهارة، ومسألة العمل الجماعي، ومسألة الروح الرياضيّة التي ينبغي عليه أن يتحلى بها في هكذا حالة.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل، وقبل أن يسجّلوا ولدهم في أي نشاط رياضي كان، أن يتحققوا من أن هذا الأخير مهتم بهذا النوع من الرياضة ومن أنه يتمتّع بالمهارة الجسديّة اللازمة لذلك. لذا ينبغي على الأهل في هكذا حالة أن يتمرّنوا مع ولدهم في المنزل ليتحققوا بأنفسهم من أن ولدهم يتمتّع بتلك الشروط والمتطلبات الأساسيّة والمهمّة أم لا.
● ينبغي على الأهل التأكد من أن ولدهم قادر على التركيز والإنتباه وفهم التعليمات الموجّهة إليه، كما ويفترض بهم أيضاً التأكد من أنه قادر على تحمّل المجهود الجسدي الذي يتطلبه هذا النشاط الرياضي.
● ينبغي على الأهل التأكد من أن الأشخاص القيمين على هذا النشاط، كالأساتذة والمدرّبين مثلاً، يشاركونهم أساليبهم وفلسفاتهم التربويّة والتأديبية، كما وينبغي عليهم أيضاً التحقق من أنهم يتواصلون مع الأولاد ويتعاملون معهم بلطف وفعّاليّة.
● ينبغي على الأهل أخيراً أن يأخذوا بعين الإعتبار الشروط التي يفرضونها على ولدهم لدى انخراطه في نشاط رياضي ما، كأن يفكّروا مثلاً بالمدة التي سيمضيها ولدهم في ممارسة هذه الرياضة وبالخيارات المطروحة عليه في حال انسحابه منها، وأيضاً ما هي نسبة الدعم التي يمكنه أن يتوقّعها منهم في هذا المجال.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“إنه يعلم أني لطالما أردته أن يكون لاعب كرة قدم ماهر. لذا لا يمكنني أن أصدّق أنه يخيّب أملي بهذه الطريقة”.
لا يتعلق الامر هنا بخيبة أمل الأهل وحدهم بل إنه خطير بالنسبة للأهل والأولاد على حدّ سواء. لذا ينبغي هنا على الأهل أن يعتبروا نفور ولدهم من فكرة الذهاب إلى التمرين إشارة منه على أنه متعب أو على وجود شيء لا يعجبه.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أعلم أن لعبة كرة القدم هي حلمي، لا حلمه”.
إن فصل الأهل رغباتهم عن رغبات ولدهم من شأنه أن يساعدهم على التركيز على فهم ومعرفة الأسباب التي تحول دون رغبته في الذهاب إلى التمرين.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“ما الذي سيظنّه سائر الأهل في حال لم يحضر ولدي إلى التمرين؟”
إن قلق الأهل بشأن ما قد يقوله أو يفكّر به الآخرين من شأنه أن يحول دون تمكّنهم من التركيز على ولدهم. لذا يفترض بالأهل ألا يستنفدوا طاقتهم كلها على أمور لا يمكنهم التحكّم بها.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“من الضروري أن أطلِع ولدي على العلاقة ما بين التمرين والمهارة”.
ينبغي على الأهل أن يعلّموا ولدهم أنه يتعيّن على الواحد منا أن يتمرّن كثيراً لكي يصبح ماهراً في ما يفعله.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لن يصبح ولدي أبداً ذا شعبيّة إن لم يلعب بمهارة. لذا ينبغي عليه أن يتمرّن”.
ليست الحياة مباراة في الشعبيّة. في الواقع، سيصبح لكل ولد أصدقاء، سواء أكان ماهراً في رياضة ما أم لا. وبالتالي فإن استخدام الأهل عبارات مثل “أبداً” من شأنه أن يولّد لدى الطفل موقف ضعف ويأس، وهو موقف غير سليم وغير فعّال على الإطلاق.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يتعين عليّ أن أعلّم ولدي أن العمل الشاقّ يزيد من فرص النجاح”.
إن تركيز الأهل على هدفهم البعيد الأمد، ألا وهو أن يصبح ولدهم ماهراً في ممارسة رياضة ما (إن كان هذا ما يريده الولد طبعاً)، من شأنه مساعدة هذا الأخير على إدراك أهميّة التمرين. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يحثّوه على التعاون معهم بهدف تحقيقه هدفه، لا بهدف التأثير في نفوس الآخرين.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لا يمكنني تحمّل رؤيّة الأولاد الكسولين والبدينين، وسيصبح ولدي واحداً منهم إن لم يتمرّن”.
من غير المنطقي على الإطلاق أن يسرع الأهل إلى تكوين آراء خطيرة ورهيبة حول مصير أولادهم، إذ إن ذلك قد يشكّل ضغطاً على الولد هو بغنى عنه، كما وأنه بهذه الطريقة لن يتعلم كيفيّة إتمام واجباته ومسؤولياته. وعلاوة على ذلك كله، فإن تركيز الأهل انتباههم على وزن ولدهم ومظهره الخارجي من شأنه أن يولّد لدى هذا الأخير مشاكل نفسيّة حول مظهره.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“هدفي هو مساعدة ولدي على اكتساب عادات صحيّة وسليمة”.
يمكن للعادات التي يكتسبها الولد في السنوات السابقة لسنواته المدرسيّة أن تلازمه مدى حياته.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يدعوا ولدهم يشعر بالخجل من نفسه بقولهم مثلاً:
“لقد خاب أملي فيك. عندما تكبر لن تكون سوى مجرّد متسكّع كسول”.
إن الأهل وبجعل ولدهم يخجل من نفسه يدفعونه إلى النظر إلى نفسه نظرة احتقار وازدراء. أما في حال حثّه كلامهم على التعاون معهم، فلا يكون ذلك إلا لإرضائهم، لا لكي يحقق الحلم الذي لطالما راوده حول ممارسته الرياضة التي يحب.
إنما يفترض بهم مثلاً دعوته إلى التغذيّة الإسترجاعيّة بقولهم مثلاً:
“قل لي ما الذي لا يعجبك في مسألة الذهاب إلى التمرين”.
إن اكتشف الأهل أن ولدهم لا يحب الذهاب إلى التمرين لأن الطريقة التي يعاملونه بها هناك لا تعجبه فيمكنهم عندئذ اتّخاذ الخطوات والتدابير اللازمة لمعالجة هذا الوضع. أما في حال لم يكن ولدهم يحب الذهاب إلى التمرين لأنه بنظره أمر مملّ ولأنه لا يحب التكرار، فينبغي على الأهل عندئذ أن يعلّموه بعض الطرق التي من شأنها أن تساعده على التغلّب على ضجره هذا. في الواقع، ينبغي على الأهل في هكذا حالة أن يساعدوه على البقاء مغرماً بالرياضة التي يزاولها، حتى ولو كان لا يحب صرامة التمارين وقساوتها.
ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:
“إن لم تستعدّ لتمرين كرة القدم في الحال يا أستاذ، لن أسمح لك بمشاهدة التلفزيون طيلة الأسبوع”.
إن هذا النوع من التهديدات لن يحث الولد لا على حبّ لعبة كرة القدم ولا أيضاً على التعاون مع أهله في المستقبل. ففي الواقع، إن أسلوب التهديد هذا لن يؤدي سوى إلى المزيد من الصراعات بين الأهل وولدهم، خصوصاً عندما يريد هذا الأخير مشاهدة التلفزيون.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يتعاطفوا مع ولدهم ويحاولوا تفهّمه بقولهم مثلاً:
“أنا أعلم أنك لا تريد الذهاب إلى التمرين، إنما ينبغي علينا أحياناً القيام بأمور صعبة وشاقّة بهدف الإستمتاع بأمور أخرى في ما بعد”.
يتعيّن على الأهل أن يساعدوا ولدهم على معرفة أن التمرين قد لا يجعل منه شخصاً مثالياً، إلا أنه قد يساعده على الشعور بارتياح أكبر وهو يستخدم المضرب أو الكرة أو سواها من المعدات الرياضيّة. فينبغي إذن على الأهل في هذه الحالة أن يعملوا مع المدرِّب على تعليم ولدهم أن المثابرة والمواظبة أمران ضروريان له إن كان يريد أن يبلغ أهدافه ويحققها.
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
” إن ذهبت اليوم إلى التمرين سأشتري لك تلك اللعبة الجديدة التي طلبتها مني”.
إن الأهل وبرشوة ولدهم بهدف حثّه على القيام بما يطلبونه منه لا يعلّمونه سوى توقّع مكافأة خارجيّة ما في كل مرة يطلبون منه طلباً معيناً. لذا ينبغي على الأهل عوضاً عن ذلك أن يحثّوه على القيام بأمر ما لما يجلبه له هذا الأخير من سعادة ورضا ذاتيّين؛ الأمر الذي سيعلّم الولد تقدير قيمة التعاون بطريقة أكثر فعّاليّة.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يعقدوا معه اتّفاقاً بقولهم مثلاً:
“إن ذهبت إلى التمرين وعملت بجدًّ وجهد، سنتمكّن عندئذ من العمل معاً على بناء عرزالك تماماً كما كنت تريد”.
إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدّة يعلمون ولدهم أنه يتعيّن عليه القيام بالأمور الضروريّة قبل تمكّنه من القيام بما يريد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن لجوء الأهل إلى قاعدة الجدة يعلّم الولد أن جدول أعماله مهمّ شأنه شأن جدول أعمال أهله.
ينبغي على الأهل ألاّ يصنّفوا ولدهم بقولهم:
“حسناً، أظن أنك لست سوى مجرّد فتى فاشل تماماً كابن عمّك سامر. فهو لا يمكنه حتى أن يمشي من دون أن يتعثّر”.
إن تصنيف الأهل ولدهم على أنه عديم الفائدة لن يؤدي الا إلى أن ينظر إلى نفسه وقدراته نظرة احتقار وازدراء.
ما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يساعدوه بقولهم مثلاً:
“لنضع جدولاً خاصاً بالتمارين”.
إن الأهل وبوضعهم جدولاً يظهر كيفيّة تحسّن مهارات ولدهم يحثّونه على المثابرة والمواظبة في تمارينه. فيمكنهم مثلاً أن يسجلوا على هذا الجدول عدد المرات التي سجّل فيها ولدهم هدفاً في تمارين كرة القدم أو عدد المرات التي ردّ فيها الكرة في تمارين كرة المضرب.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل