التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

لا أريد الذهاب إلى الحضانة: كيف تتصرف مع الطفل

يمكن لمقياس الذنب عند الأهل أن يرتفع فجأة عند قولهم لولدهم إن موعد الذهاب إلى الحضانة قد حان، فيصرخ ولدهم البالغ من العمر ثلاث سنوات قائلاً، “أريد البقاء معك في المنزل!” في هذه الحالة يتعين على الأهل التحقق من عدم وجود أشخاص أو حالات أو إجراءات تخيف ولدهم في الحضانة. وبعد تأكدّهم من عدم وجود أي مشكلة هناك، يصبح بإمكانهم عندئذ أن يركزوا على مشكلة ولدهم مع فكرة الإنفصال عن أهله، وهي مشكلة غالباً ما يعاني منها الأولاد الصغار.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل، وقبل أن يبدأ ولدهم بالذهاب إلى الحضانة بانتظام، أن يمرّنوه على فكرة الابتعاد عنهم وأن يعلّموه أنهم سيعودون دائماً إليه بعد ذلك، وهذا من خلال اصطحابه إلى الحضانة أو تركه مع الحاضنة المختصة بضع مرّات في الأسبوع ولمدة ساعة أو اثنتين في كل مرة.

●    يتعيّن على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان التذمّر من عملهم أو التعبير عن مدى كرههم لفكرة ترك ولدهم في الحضانة، إذ إن سلبيّة الأهل معديّة.

●    ينبغي على لحظات الوداع أن تكون قصيرة ولطيفة في آنٍ معاً، وذلك بغيّة مساعدة الولد على الإنتقال إلى بيئته الجديدة إنتقالاً سريعاً، ولطيفاً، وهادئاً.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“يفترض أن أكون مع ولدي آلان. أتمنى لو كان بإمكاني ألا أذهب إلى العمل فأبقى في المنزل معه”.

إن شعور الأهل بالذنب حيال حاجتهم إلى العمل (أو رغبتهم فيه) يفترض وكأنهم قد ارتكبوا خطأ فادحاً بوضع ولدهم في الحضانة. لذا ينبغي دائماً على الأهل أن يذكّروا أنفسهم بأنهم يفعلون ما ينبغي عليهم فعله لصالحهم وصالح ولدهم أيضاً. فالحضانة تتيح أمام ولدهم فرصة الإختلاط مع سواه من الأولاد، في حين أن عملهم يخوّلهم إعالة عائلتهم.

إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقولوا لأنفسهم:

“أنا أفعل الأفضل لعائلتي”.

ينبغي على الأهل التحقق من كون الجوّ في الحضانة آمن وصالح، ومن كون الحاضنات سيدات ودودات، ومسؤولات ويشاركنهم الأسلوب والمعتقدات التربويّة نفسها.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

” أنا أستاء كثيراً لدى رؤيتي ولدي غير راغب في الذهاب إلى الحضانة”.

إن شعور الأهل بالأسف أمر غير مجد وغير فعّال، وهو غالباً ما قد يؤدي إلى الإحباط والإكتئاب والشعور بالذنب. في الواقع، وحدهم الأهل يمكنهم التحكم بمشاعرهم، لا أولادهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن رفض ولدي لفكرة الذهاب إلى الحضانة ربما هو الطريقة الوحيدة التي يمكنه أن يقول لي من خلالها إنه يواجه الآن مشكلة كبيرة مع فكرة انفصاله عني”.

إن الصراع مع فكرة الإنفصال عن الأهل هو أمر طبيعي جداً بالنسبة إلى الأولاد الصغار. لذا فمن واجب الأهل مساعدة ولدهم على التمرّن على فكرة الإنفصال عنهم وتعليمه كيفيّة العمل واللعب مع الآخرين.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لو لم يطلّقني زوجي لما كنت الآن مضطرّة للعمل ولكنت مع ولدي في المنزل”.

إن لوم الأم زوجها السابق لاضطرارها إلى العمل لا يؤدي سوى إلى زيادة حدّة التوتر بينها وبينه، كما وأنه من المحتمل أن يؤدي أيضاً إلى إبعاد الولد عن أبيه.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن حاجتي إلى إرسال ولدي إلى الحضانة لا تجعل مني أو من زوجي السابق أهلاً غير صالحين”.

إن تفادي لعبة الملامات تلك يبقي الأم وزوجها السابق وولدها ضمن حلقة واحدة متكاملة ومتضامنة، فيما يعملون معاً بهدف تأمين الأفضل لهم ولأسرتهم.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا ولدهم بقولهم:

“توقّف عن الصياح وابقَ جامداً إلى أن أنتهي من إلباسك ثيابك، وإلاّ فسأضربك!”

إن الأهل وبتهديد ولدهم يحثّونه على الإستمرار في رفضه ومقاومته فكرة الذهاب إلى الحضانة ليمتحنهم ويرى إن كانوا سينفّذون تهديدهم. وأيضاً فإن هذا الأسلوب يعلم الولد أنه يمكن للأشخاص الأقوى والأكبر سناً أن يلجأوا إلى العنف بهدف الحصول على مبتغاهم.

إنما يفترض بهم أن يثنوا على سلوكه التعاوني بقولهم مثلاً:

“شكراً لأنك سمحت لي أن ألبسك جواربك. لقد ساعدتني كثيراً بتعاونك هذا معي. هكذا سنكون وفي وقت قصير جداً مستعدين للذهاب إلى الحضانة”.

قد يكون من الصعب حقاً على الأهل أن يوجهوا إلى ولدهم أي إطراء أو ثناء عندما يحاول مقاومتهم وتحدّيهم في كل حركة يقومون بها، إنما ينبغي هنا على الأهل أن يبذلوا قصارى جهودهم بهدف الحصول ولو على ذرّة تعاون منه. فيمكنهم مثلاً أن يقولوا له في هكذا حالة، “أنت تتناول فطورك بطريقة لطيفة ومهذّبة، مما يعني أنك ستتمتّع بالكثير من الحيويّة والطاقة اليوم!” أو يمكنهم أيضاً أن يقولوا له، “شكراً لإخباري عن الأمور التي تحب في الحضانة. فعندما تتحدث عن الأمور التي تحب أعلم أنك بأفضل حالاتك!”

ينبغي على الأهل ألا يطلقوا على ولدهم الألقاب السلبيّة بقولهم مثلاً:

“يا لك من ولد مزعج. إخرس حالاً واصعد في السيارة!”

ليس من الجيد ولا الفعّال أن يخيف الأهل أولادهم من خلال إطلاق تسميات سلبيّة وسيئة عليهم، إذ يمكن لهذه التسميات أن تتحوّل إلى حقيقة، كون الولد يتعلّم بهذه الطريقة كيفيّة التعايش مع لقبه هذا.

إنما يفترض بهم أن يقدموا له الدعم الذي يحتاجه بقولهم مثلاً:

“سأتحدّث إلى الآنسة سارة في الحضانة لكي أتأكد من أن كل شيء على ما يرام”.

من الحكمة أن يحاول الأهل قدر الإمكان الإطلاع على كل ما يجري في الحضانة، سيّما وإن كان ولدهم يرفض فكرة الذهاب إليها. لذا ينبغي على الأهل في هكذا حالة أن يسألوا الحاضنة عن سلوك ولدهم بعد ذهابهم، كما ويفترض بهم أيضاً أن يسألوها عن الأولاد الذين يلعب معهم وإن كانت ثمةّ أمور جديدة تحصل عندهم، وإن كان لديها أخيراً بعض الإقتراحات التي من شأنها أن تخفّف من انزعاج ولدهم.

ينبغي على الأهل ألاّ يصنفوا ولدهم بقولهم:

“أنا أعلم يا عزيزي أنك خجول ولا تحب الإختلاط مع سائر الأولاد، ولكن ماما بحاجة لأن تذهب إلى عملها”.

إن تصنيف الولد ونعته بالخجول قد يجعل من هذا النعت جزءًا دائماً من شخصيته. فكأنهم بذلك يقولون له إنه لا يمكنه اللعب مع سواه من الأولاد لأن هذا هو طبعه.

إنما ينبغي عليهم أن يؤمنوا له الدعم العاطفي الذي يحتاجه بقولهم:

“أتريد أن تأخذ معك دبدوبك إلى الحضانة اليوم؟ فهو يجعلك دائماً تشعر بارتياح كبير عندما تضمّه إلى صدرك”.

يحب الأولاد أحياناً أن يأخذوا معهم شيئاً عزيزاً على قلبهم عندما لا يشعرون برغبة في الذهاب إلى مكان معيّن. ويمكن في الواقع لهذا الشيء العزيز أن يهدّئ من روع الولد في غياب أهله.

ينبغي على الأهل عدم رشوة أولادهم بقولهم:

“إن توقفت عن الصياح وصعدت إلى السيارة، سأشتري لك ونحن في طريقنا إلى الحضانة كعكة مقليّة محشوة بالهلام. فأنت تحب كثيراً الكعك المحشو بالهلام، أليس كذلك؟”

إن الأهل وبرشوة ولدهم لا يعلّمونه سوى توقّع مكافأة منهم في كل مرة يعذبهم فيها. وأيضاً، فإن استخدامهم الطعام كمكافأة سيجعل الولد يربط الأكل بحب أهله ورعايتهم له؛ الأمر الذي قد يتسبب له بمشاكل في نظام أكله.

إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يلجأوا إلى قاعدة الجدة بقولهم:

“إن ذهبت إلى الحضانة من دون أن تعذبني سأصحبك بعد الظهر إلى الحديقة العامة”.

إن قاعدة الجدة تعلّم الولد أنه إن تعاون مع أهله ونفّذ مطالبهم فيمكنه بعد ذلك أن يفعل كل ما يحلو له.

ينبغي على الأهل ألا يلوموا ولدهم ويجعلوه يشعر بالذنب بقولهم:

“أنت تعلم أنه ينبغي عليّ أن أعمل لكي أتمكن من أن أشتري لك الثياب واللعب! فلا تدعني أتأخر على عملي مرّة أخرى!”

إن لجوء الأهل إلى اللوم والإحساس بالذنب لن يحث ولدهم على التعاون معهم ولن يعلّمه كيف يتأقلم مع فكرة انفصاله عنهم، إنما سيعلمه على العكس أنه مسؤول عن خيارات أهله، كاختيار ذهابهم إلى العمل مثلاً.

إنما يفترض بهم أن يحوّلوا تركيزه وانتباهه بأن يقولوا مثلاً:

“سنذهب أنا إلى عملي وأنت إلى عملك، لنعود ونلتقي بعد ذلك في المنزل عند موعد العشاء!”

إن شرح الأهل لولدهم أن انفصالهم عن بعض سيكون مؤقت سيركزون انتباهه على فكرة أنه سيكون معهم في ما بعد، وبذلك يمكنهم أن يساعدوه على التأقلم مع فكرة ذهابه إلى الحضانة.

ينبغي على الأهل ألا يستسلموا لرغبة ولدهم بقولهم مثلاً:

“حسناً، إن كنت لا تريد الذهاب إلى الحضانة فسأبقى معك في المنزل”.

قد يشعر الأهل أحياناً برغبة في التخلّي عن واجباتهم بهدف البقاء في المنزل مع ولدهم، غير أن استسلامهم لن يعلّم الولد سوى أن مقاومة أهله ستخوّله الحصول على كل ما يريد.

إنما يفترض بهم أن يعلّموه الصبر وتأجيل حصوله على ما يرضيه ويسرّه بقولهم:

“اليوم هم يوم عمل بالنسبة لي ويوم ذهاب إلى الحضانة بالنسبة لك. فلنعدّ الأيام المتبقّيّة لعطلة نهايّة الأسبوع”.

إن الأهل وبمساعدة ولدهم في التركيز على أمر مستقبلي مرغوب ومنتظر يعلمونه على مهارة مهمة، ألا وهي الصبر وتأجيل حصوله على ما يرضيه ويسرّه. لذا ينبغي على الأهل أن يستغلوا هذه الفرصة ليمرنوا ولدهم ويجعلوه يعتاد على فكرة انفصاله عنهم.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل