هذه فرصة جديدة وممتازة للأهل لكي ينمّوا قدرة ولدهم الفطريّة على التعاطف مع الآخرين. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يقولوا لولدهم إنهم يعلمون أنه قد يكون من الصعب عليه أن يلعب بهدوء عندما يكون متحمّساً ومسروراً بلعبِه من جهة، ولكنه يفترض أن يشرحوا له من جهة أخرى وبكل هدوء أنّ تصرّفه اللطيف مع الآخرين ومراعاته لمشاعرهم وأحاسيسهم قد يجعلانه يشعر بسعادة عارمة أيضاً. فيتعيّن على الأهل تعليم ولدهم أن اللطف سحريّ: كلّما أغدقنا به على الناس كلّما ارتدّ علينا أطناناً أطناناً.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يضعوا لولدهم قوانين محدّدة وصارمة بشأن ضرورة اللعب بهدوء عندما يكون الطفل نائماً. وهنا يفترض أن يعلموه مسبقاً أنهم بعد خمس دقائق مثلاً سيجعلون الطفل يخلد إلى النوم، وسيبدأ وقت الهدوء.
● ينبغي على الأهل استخدام جهاز المراقبة الخاص بالأطفال لكي يسمعوا كل ما يدور في غرفة نوم طفلهم فيما هم يلعبون في الغرفة الأخرى مع ولدهم الأكبر سنّاً، فلا يضطروا إلى إسكات هذا الأخير باستمرار للتأكد من أن الطفل لا يبكي.
● ينبغي على الأهل أن يشرحوا لولدهم ما الذي يقصدونه بالضبط عندما يطلبون منه أن يلعب بهدوء، إذ إنه من المحتمل لهذا الأخير أن يظنّ أنه ممنوع عليه الكلام أو التحرّك! فيتعيّن إذن على الأهل في هذه الحالة أن يُسمعوا ولدهم النبرة الصوتيّة التي يريدونه أن يتكلّم بها، كما ويتعيّن عليهم أيضاً حثّه على تفادي إصدار أي أصوات فجائيّة وعاليّة.
● الأولاد بطبيعتهم يثيرون الكثير من الجلبة والضوضاء؛ لذا ينبغي على الأهل هنا أن يكونوا دائماً مستعدّين لأن يصدر ولدهم من حين لآخر ضجّة أو صرخة حادّة. ولحسن الحظ هنا أن الأطفال باستطاعتهم في أثناء نومهم تحمّل نسبة معيّنة من الضجيج دون أن يستيقظوا.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“ماذا دهاها؟ ألا تأبه للطفل؟ كيف لا تفهم أنه يفترض بها أن تلعب بهدوء عندما يكون هذا الأخير نائماً؟ ”
ينبغي على الأهل ألا يقولوا عن ولدهم أنه لا يأبه للآخرين فقط لأنه لا يمكنه أن يظلّ متذكّراً القاعدة المرتبطة بضرورة اللعب بهدوء. في الواقع، إن المواليد الجدد يغيّرون نمط عيش العائلة، وقد يستغرق تأقلم الولد مع هذا التغيير بعض الوقت.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“من واجبي أن أعلّم ولدي ضرورة الحفاظ على الهدوء عندما يكون الطفل نائماً”.
ينبغي على الأهل أن ينظروا إلى الوضع من وجهة نظر جديدة بهدف تعليم ولدهم التعاطف مع الآخرين، إذ إنهم بأسلوبهم الجديد هذا قد يحثّون هذا الأخير على التعاون في الاعتناء بالمولود الجديد. ويفترض بالأهل هنا أن يثنوا على تعاون ولدهم كلّما سنحت الفرصة بذلك، وذلك بغيّة حثّه على المضي قدماً في سلوكه الحميد هذا.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا لم أعد أحتمل كل هذا الضجيج. فأنا بحاجة إلى بعض الهدوء، وكذلك الطفل أيضاً”.
إن قول الأهل لأنفسهم إنهم عاجزون عن احتمال شيىء معيّن يحول دون قدرتهم على التغلّب على هذا الشيء.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا لا أحب الضجة التي تثيرها إبنتي، ولكن باستطاعتي تحمّلها”.
ينبغي على الأهل أن يقولوا لأنفسهم أنهم يودّون لو أن ولدهم يتّبع نظام المحافظة على الهدوء، إلا أنها لن تكون نهايّة العالم في حال نسي أن يتّبعه من حين لآخر. وبسماحهم لولدهم بارتكاب بعض الأخطاء يظهرون له مدى تعاطفهم معه وتسامحهم وتفهّمهم كما ومدى حبّهم غير المشروط له.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“سأرغمها على المحافظة على الهدوء، حتى ولو كان هذا آخر شيء أفعله في حياتي”.
إن الأهل وبجعل مسألة تعاون ولدهم مسألة موت أو حياة يضخّمون المشكلة ويجعلونها غير قابلة للحلّ. فهم لا يمكنهم في الواقع التحكّم بالضجة التي يثيرها ولدهم، إنما يمكنهم التحكّك بردّ فعلهم حيال هذا الضجيج.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يمكنني أن أكون أكثر تفهّماً في حال غابت عن بال ولدي قاعدة وجوب المحافظة على الهدوء”.
إن الأهل وبمحاولتهم عدم تضخيم مسألة ارتكاب ولدهم الأكبر سنّاً بعض الأخطاء يحولون دون تأزم الوضع وتفاقمه وتحوّله إلى نزاع على السلطة. والجدير بالذكر هنا أن الأحداث كلها محايدة، إنما نحن الذين نصنّفها بالسلبيّة أو بالإيجابيّة.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يستخفوا بولدهم ويقللوا من شأنه بقولهم:
“ماذا دهاك؟ لقد طلبت منك المحافظة على الهدوء!”
لا يعاني الولد هنا من أي عيب أو خلل، إنما هو مجرد ولد طبيعي يريد أن يتكلم ويغني ويرقص ويلفت انتباه الجميع إليه. لذا فإنه من واجب الأهل في هذه الحالة أن يعلّموه كيف يضع نفسه محلّ الآخرين.
إنما يفترض بهم أن يلعبوا معه لعبة المحافظة على الهدوء بهمسهم له:
“لقد حان الآن وقت الهدوء. لنرى مدى قدرتنا على المحافظة عليه. هسس. أيمكنك أن تصغي إلى تكّات الساعة؟ أليس الهدوء جميلاً؟ عندما يستيقظ الطفل من نومه ينتهي وقت الهدوء. فتعال نستمتع إذن بهذا الوقت قدر ما نستطيع”.
يتعيّن على الأهل أن يشيروا لولدهم إلى قيمة وقت الهدوء وأهميّته وذلك لكي يتعلّم هذا الأخير كيفيّة الإستمتاع به. في الواقع، إن موقف الأهل الإيجابي حيال هذا الموضوع من شأنه أن يحثّ الولد على اتّباع تعليماتهم فيما يلعبون معه لعبة المحافظة على الهدوء تلك.
ينبغي على الأهل ألاّ يلجأوا مع ولدهم إلى الغضب بقولهم:
“لماذا لا يمكنك أن تبقى هادئاً مثلما طلبت منك؟ أنت تثير غضبي!”
ينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان طرح الأسئلة التي يستهلّونها بكلمة “لماذا” والتي تدفع بالتالي الولد تلقائياً إلى اتّخاذ موقف دفاعيّ منهم، إذ إنهم بذلك قد يثنونه عن فعل ما يطلبونه منه. في الواقع إن مهاجمة الأهل ولدهم لمجرّد رغبته في اللهو والتسليّة من شأنها أن تجعله ينفر منهم عوض أن تحثّه على التعاون معهم.
إنما يفترض بهم أن يعتمدوا أسلوب ربط الساعة معه بقولهم:
سيحين موعد قيلولة الطفل بعد خمس دقائق. عندما ترنّ الساعة يكون وقت الهدوء قد بدأ. فلنستعدّ لذلك إذاً”.
إن الأهل وبإطلاع ولدهم مسبقاً على ما سيحدث يمهلونه بعض الوقت لكي يستعدّ نفسيّاً للإنتقال والتحوّل إلى نظام الهدوء. وعلاوةً على هذا كله فإن استخدامهم الساعة لضبط الوضع من شأنه أن يسهّل عليهم مسألة المحافظة على الهدوء، كما ومن شأنه أن يساعدهم أيضاً على تفادي نشوب أي خلاف أو نزاع بينهم وبين ولدهم.
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
“إن بقيت هادئاً فيما الطفل نائم، سأقدّم لك بعض البوظة عندما يستيقظ”.
إن الأهل وبرشوة ولدهم بالطعام يحملونه على التفكير بأن لتعاونه ثمنٌ عوض أن يعلّموه أنه وباتّباعه التعليمات الموجَّهة إليه قد يشعر بالرضى والسعادة كونه يساعد الطفل على النوم.
إنما يفترض بهم الثناء على سلوكه التعاوني بقولهم:
“أنت تلعب بهدوء تام. شكراً لاتّباعك نظام المحافظة على الهدوء ومساعدتك الطفل على النوم نوماً هنيئاً؛ فالأطفال بحاجة ماسّة إلى النوم”.
ينبغي على الأهل أن يثنوا على ولدهم كونه يلعب بهدوء رابطين سلوكه هذا بطبيعته العطوفة والحنونة، إذ إنهم بذلك قد يحثّونه على التعاون معهم ويعزّزون قدرته على التعاطف مع الآخرين.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل