ربّما كرهتم تنظيف أسنانكم عندما كنتم صغاراً – وربما ما زلتم تكرهون ذلك حتى الآن! لذا وإن كان ولدكم أيضاً يكره ويرفض فكرة تنظيف أسنانه، فينبغي عليكم عندئذٍ ألا تكتفوا بالبحث له عن فرشاة لأسنانه ذات لون جميل وجذاب أو عن معجون لأسنانه طعمه لذيذ فحسب، إنما يفترض بكم أن تبحثوا عن السبب الأساسي الكامن وراء مشكلته هذه: حاجته إلى السيطرة والتحكّم بعالمه الخاص. وبالتالي فيتعيّن على الأهل هنا أن يدعوا ولدهم يشعر بشيء من السلطة والسيطرة (كما وينبغي عليهم أيضاً أن يعلّموه كيف يمكن لاعتنائه بأسنانه ولثّته أن يكون أمراً مسلّياً) وذلك من خلال سماحهم له باختيار فرشاة ومعجون أسنانه بنفسه.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يحاولوا قدر الإمكان تنظيف أسنانهم أمام ولدهم فيتعلّم هذا الأخير كيف يفترض به أن ينظف أسنانه ويتحمّس لذلك.
● يتعيّن على الأهل البحث عن طبيب للأسنان لطيف وودود وخاص بالأطفال فيتمكن هذا الأخير من مساعدتهم في حثّهم ولدهم على الإعتناء بأسنانه اعتناءً حسناً، كما ويتعيّن عليهم أيضاً أن يقابلوا بعض أطبّاء الأسنان ليروا كيف يعملون مع الأولاد الصغار.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“يغضبني ولدي كثيراً عندما يرفض القيام بما هو مفيد له”.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم أن لولدهم سلطة على مشاعرهم؛ فهذا يخفّف من قدرتهم على تمالك أعصابهم ويضع المسؤوليّة على الولد عوض أن يضعها عليهم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لن أغضب وأستاء من معارضته هذه، اذ إن غضبي لن يساعد في تعليمه التعاون”.
إن تشديد الأهل على رغبتهم في الحفاظ على هدوئهم وبرودة أعصابهم في وجه عدائيّة ولدهم، قد يمدّهم بالطاقة والإبداع اللذين هم بحاجة إليهما لحلّ المشكلة. في الواقع، يتطلّب الوضع هنا الكثير من اللهو، والمرح، وروح الفكاهة، وهذه كلها أمور من الصعب أن تأتي عندما نكون غاضبين. غير أن القليل من الفكاهة قد يساعد الأهل كثيراً لكي يحافظوا على إيجابيّة مشاعرهم وهم يحثّون ولدهم على التعاون معهم.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لماذا لا يمكنه التعاون معي؟ إنه ولد عنيد حقاً”.
ينبغي على الأهل ألا يعمدوا إلى تصنيف ولدهم ونعته نعوتاً جارحة ومؤذيّة، إذ إنهم عندما ينعتون ولدهم بالعنيد مثلاً، تصبح معارضته لهم جزءًا منه عوض أن تكون مجرّد مشكلة عابرة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لن أتعارك معه بسبب مسألة تنظيف أسنانه، اذ إن هذا كله لن يؤدي إلا لزيادة الطين بلّة”.
إن التقاتل بسبب أمور سخيفة وتافهة من شأنه أن يحوّل المنزل إلى ساحة عراك لا رابح فيها. لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة أن يعتبروا مسألة فرك الأسنان عادةً يوميّة ينبغي على الولد أن يعتاد على القيام بها تماماً كما اعتاد على أن يغسل يديه قبل تناوله الطعام أو تماماً كما اعتاد على تسريح شعره قبل الذهاب إلى المدرسة.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“آخر همّ عندي إن تسوّست أسنانه. فأنا لا يمكنني أن أتشاجر معه كل يوم بسبب أسنانه”.
إن هروب الأهل من المشكلة سيّء لصحّة الولد ولا يعلّمه على التعاون. لذا يتعيّن على الأهل هنا أن يركّزوا على الهدف لا على عصيان ولدهم أوامرهم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
” يتعيّن عليّ أن أبقي الهدف نصب عينيّ”.
إن الأهل وبإعطائهم الأولويّة لهدفهم البعيد الأمد، ألا وهو تعليم ولدهم الإعتناء بنظافة وسلامة أسنانه قد يتمكّنون من عدم إيلاء المعارك الصغيرة والتافهة أهميّة كبرى. في الواقع إن سلوك الأهل الإيجابي قد يساعد الولد بدوره على اتخاذ موقف إيجابي إزاء الأمور التي تزعجه. وعلاوةً على ذلك، فلا يمكن لمعارضة الولد أن توهن الأهل وتجعلهم يتخلّون عن دورهم التعليمي الواجب عليهم تأديته مع أولادهم. ففي النهايّة، هم وحدهم قادرين على اتّخاذ هكذا قرار.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يغضبوا ويقولوا لولدهم:
“سئمت عدم رغبتك في فرك أسنانك. فادخل الآن إلى الحمام ولا تخرج منه إلا بعد أن تكون قد فركت أسنانك”.
إن الأهل وبتوجيه أمر التعاون لولدهم يحثّونه على التعارك معهم عوض أن يعلموه كيف يكون أكثر تعاوناً وإيجابيّة. في الواقع إن إرغام الولد على الشيء لا يؤدي سوى إلى تأزيم الأمور وزيادة حدة المعارضة؛ في الوقت الذي يتعيّن على الأهل أن يسعوا وراء السلم، لا وراء الحرب!
إنما يفترض بهم أن يعرضوا عليه الخيارات المختلفة بقولهم:
“أنا أعلم أنك لا تحب تنظيف أسنانك، ولكنه من الضروري أن تحافظ على نظافة أسنانك وسلامتها. أتريدني أن أساعدك في تنظيفها، أم أنك تريد أن تفركها بنفسك؟”
يمكن للأهل وبأسلوب المساعد والداعِم هذا أن يليّنوا معارضة ولدهم. في الواقع إن الأهل وبعملهم مع ولدهم يمكنهم أن يحققوا هدفهم (حثّ ولدهم على فرك أسنانه) كما ويمكن لولدهم أيضاً أن يحقق مبتغاه (أن يكون لديه بعض السلطة والنفوذ).
ينبغي على الأهل ألا يحطّموا ولدهم بقولهم:
“أنت عنيد حقاً. لا أعلم ما الذي يفترض بي أن أفعله معك”.
إن الأهل وبتصنيف ولدهم ونعته بنعوت جارحة كهذه يساوون سلوكه بما هو عليه، مساهمين في إعطائه صورة سلبيّة عن نفسه. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يفصلوا الولد عن سلوكه ليدرك هذا الأخير في النهايّة أن بإمكانه أن يتصرّف من حين لآخر بطرق غير مرغوب فيها، إلا أن هذا لن يؤثّر على حبّهم له وسيظلّ هو بالنسبة لهم ذاك الولد اللطيف والرائع حتى ولو لم يكن سلوكه كذلك.
إنما يفترض بهم أن يدعوه إلى التغذيّة الإسترجاعيّة بقولهم:
قل لي ما الذي لا يعجبك في مسألة تنظيف الأسنان هذه. فأنا أودّ فعلاً مساعدتك”.
عندما يسأل الأهل ولدهم عن رأيه يظهرون له مدى تقديرهم لشخصه وآرائه كما ويحصلون أيضاً على معلومات قد تفيدهم لحلّ هذه المشكلة.
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
“إن نظفت أسنانك فسأسمح لك بتناول بعض المشروبات الغازيّة”.
إن الأهل وبتقديمهم لولدهم مكافأة ما لقاء قيامه بما كانوا قد طلبوه منه يعلّمونه على التعاون معهم من أجل الحصول على مكافأته، لا من أجل العمل الجماعي بحدّ ذاته. كما أن المشروبات والمأكولات السكريّة تبطِل الهدف الرئيس من عمليّة تنظيف الأسنان.
إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:
“إن نظفت أسنانك، سأخبرك قصّة قبل أن تنام”.
إن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدّة يعلّمون ولدهم أنه، ولكي يتمكّن من فعل ما يشاء، ينبغي عليه أولاً أن ينفّذ الواجبات المفروضة عليه. وعلاوةً على ذلك، فإن هذا الدرس المهم من شأنه أن يجعل الولد يدرك الهدف الرئيس من التعاون: نتيجة رابحة بجميع الحالات.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل