على الرغم من أنه من الجيد أن يشمل نظامك الغذائي بعضًا من لحم البقر والغنم الخالي من الدهون، فمن الأفضل أن تعتمد أكثر على الدواجن والأسماك والألبان والمكسرات والبقوليات لتحظى بنصيب الأسد في احتياجاتك للبروتين.
قد اكتشفت دراسات متنوعة أن الأشخاص الذين يتناولون الكثير من اللحوم يميلون إلى التمتع بصحة أقل ممن يتناولون لحومًا أقل. على سبيل المثال، في دراسة أجريت بجامعة هارفارد نشرت في 2012 في دورية Archives of Internal Medicine، اكتشف الباحثون أن استهلاك اللحوم الحمراء مرتبط بالموت بسبب أمراض القلب والسرطان وأسباب أخرى. ووضحت الدراسة أيضًا أن استبدال مصادر بروتينية صحية أخرى بها مثل الأسماك والدواجن والمكسرات والبقوليات مرتبط بانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض المحتملة المميتة.
اكتشفت الدراسة، التي تتبعت 120000 رجل وامرأة لمدة 28 عامًا، أن تناول حصة يومية من اللحوم الحمراء غير المعالجة (بحجم ورقة اللعب) كان مرتبطًا بزيادة مخاطر الوفاة بنسبة 13 % خلال فترة الدراسة، كما أن حصة يومية من اللحوم الحمراء المعالجة كانت مرتبطة بزيادة مخاطر الوفاة بنسبة 20%.
اكتشفت دراسات أخرى وجود علاقة بين استهلاك اللحوم الحمراء وبين النوع الثاني لمرض السكري.
فما السبب في ذلك؟ طبقًا للباحثين، وجد أن اللحوم الحمراء، خصوصًا المعالجة، تحتوي على مكونات ترتبط بارتفاع خطورة الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض الأوعية الدموية والسرطان؛ وتشمل الحديد (خاصة نوعًا يُدعى حديد ” heme “) ودهونًا مشبعة وصوديوم ونتريت وبعض المواد المسرطنة التي تتكون في أثناء الطهي.
ولكن انتظر – قد يكون هناك أكثر من ذلك.
فالسؤال عما إذا كانت اللحوم الحمراء “جيدة” بالنسبة لنا أم لا معقدة تمامًا. نعم، فالدراسات التي تبحث عن مقدار اللحوم السابق ذكرها، مثل دراسة هارفارد، تقترح وجود علاقة قوية بين اللحوم الحمراء والإصابة بالأمراض. ولكن، عندما تفكر في كيفية تربية الماشية التي أخذت منها هذه اللحوم في تلك الدراسات، يجب أن تتعجب. فأكبر مشكلة بالنسبة للحوم الحمراء قد لا تكون الكمية التي نتناولها، بل في الغذاء الذي تتغذى عليه الحيوانات التي نستهلكها.
في المعتاد، كانت الأبقار والأغنام وغيرها من حيوانات المزارع تأكل الأعشاب. ولكن في العقود القليلة الماضية، على الرغم من ذلك، كان يتم صنع غذاء الماشية أساسًا من الذرة. وفي الواقع، تتغذى الكثير من الماشية أيضًا على مخلفات المنتجات المتبقية من تصنيع طعام الإنسان. وقد يشمل ذلك مخلفات المخابز وبقايا معالجة البطاطس والنشويات غير المُعالجة والمكرونة وحتى الحلوى. هذا النوع من الطعام يسمن الحيوانات بسرعة كبيرة لأنه يوجد في بعض هذه الأطعمة المُعالجة نسبة عالية من السكر ونسبة منخفضة من إجمالي العناصر الغذائية. فأنا أعتقد أن الحيوانات التي تتغذى على طعام معالج بدرجة عالية ينتج لحومًا قد تساهم في الإصابة بأمراض مزمنة ترتبط بالطعام يعاني منها الأمريكيون اليوم.
فعندما تأكل الحيوانات طعامًا كهذا، سنجد بالتأكيد أن الأشخاص الذين يأكلون لحوم تلك الحيوانات ترتفع نسب إصابتهم بالأمراض.أنا أنصحك بألا تعتمد كثيرًا على الأطعمة المعالجة أو المخبوزة أو المكرونة البيضاء أو الحلوى – لذا، أليس من المنطقي ألا تستهلك الحيوانات التي نأكلها مثل تلك الأطعمة أيضًا؟
لحوم الحيوانات البرية؛ وهي اللحوم التي تتغذى على طعام طبيعي بدلًا من الحبوب المعالجة – تبدو أفضل بالنسبة لنا من اللحوم التي تربى بالطريقة المعتادة. مثل الحيوانات التي تغذت على العشب، والحيوانات البرية مثل الغزال والظبي التي تناولت مجموعة ضخمة من الأطعمة غير المُعالجة على الإطلاق.
إني أتفق مع العلماء وخبراء التغذية الذين يقولون إن اللحوم البرية ولحوم حيوانات المزارع التي تتغذى على العشب صحية لنا أكثر من لحوم الحيوانات التي تتغذى على الأطعمة المعالجة. وهذا كلام منطقي بالنسبة لي: فعلى عكس حيوان مجبر على تناول طعام غير صحي، فإن الحيوان الذي يأكل العشب في المراعى يستمد مجموعة أكبر من العناصر الغذائية من الخضرة.
ماذا يقول العلماء
يدعم عدد متزايد من الدراسات تغذية المواشي على الأعشاب. فعلى سبيل المثال، اكتشفت دراسة أجريت عام 2011 ونُشرت في دورية التغذية البريطانية أن الأشخاص الذين يتناولون لحوم حيوانات تغذت على العشب لمدة أربعة أسابيع فقط زادت لديهم مستويات أحماض أوميجا 3 الدهنية وانخفضت لديهم مستويات الأحماض الدهنية المؤدية للالتهابات. في المعتاد، لا نفكر في اللحوم كمصدر للأوميجا 3، ولكن عندما تتغذى الحيوانات على العشب فإنها تحصل على كمية أكبر من أحماض الأوميجا 3 في نظامها الغذائي.
في 2009، قام باحثون بجامعة كليمسون ووزارة الزراعة الأمريكية بفحص دقيق لمعرفة آثار تناول لحوم الأبقار التي تربت على العشب على صحة الإنسان. واكتشفت الدراسة،التي نُشرت في دورية العلوم الحيوانية، أن لحوم الأبقار التي تربت على العشب صحية أكثر من لحوم الأبقار التي تربت بالطريقة المعتادة. لست معتادًا على قراءة دراسات في مجلات العلوم الحيوانية، ولكن صدقني، هذه الدراسة أثارت اهتمامي. حيث اكتشفت الدراسة أنه بالمقارنة بلحوم الأبقار التي تربت بالطريقة المعتادة فإن لحوم الأبقار التي تربت على العشب:
• أقل في إجمالي الدهون
• أعلى في نسبة البيتا كاروتين (مضاد للأكسدة موجود في الخضراوات)
• أعلى في نسبة فيتامين ﻫ
• أعلى في نسبة فيتامينات ب كالثيامين والريبوفلافين
• أعلى في نسبة الكالسيوم والماغنسيوم والبوتاسيوم
• أعلى في إجمالي نسبة الأوميجا 3
• أعلى في نسبة حمض اللينوليك المترافق؛ وهو حمض دهني قد يقاوم المرض
• أقل في نسبة الدهون المشبعة المرتبطة بأمراض القلب
ولكن انتظر – قبل أن تنطلق وتأكل اللحوم الحمراء ثلاث مرات في اليوم، ما زلت أشعر بأنه ما زال لدينا الكثير لنتعلمه عن اللحوم الحمراء قبل أن نفهم تمامًا تأثيرها على صحة الانسان. فلدينا دراسات تقترح أن لحوم المواشي التي تربت على العشب صحية أكثر، ولكننا ما زلنا لا نعلم ما إذا ما كانت تلك الفوائد سوف تقلل معدل الإصابة بالأمراض.
إلى أن تكتمل الصورة لدينا عن هذه القصة المتطورة، فأنا أقترح عليك أن تلتزم بمقدار قليل من وجبات اللحوم الحمراء أسبوعيًّا. عندما تختار اللحوم الحمراء فاذهب إلى الحيوانات التي تربت على العشب أو البرية لو أمكن، وقلل من حصتك من اللحوم المصنعة.
ولكي نكون واضحين، فإن اللحوم المصنعة هي لحوم تم حفظها بالتدخين أو المعالجة أو التمليح أو بإضافة المواد الحافظة. فمثلا أنا أحب اللحم البقري المقدد مثل أي شخص آخر، ولكن نادرًا ما آكله. كما أستمتع أيضا بالسجق، ولكن نادرًا ما تراه في طبقي أيضًا. وتنطبق مثل هذه الحالة أيضا على البسطرمة والسلامي والببروني والهوت دوج. صحيح أن مذاقها لذيذ، ولكن في رأيي، لا تستحق المخاطرة بتناولها.
لماذا؟ لأن العلاقة بين سرطان القولون والمستقيم وتناول اللحوم المصنعة “قوية للغاية” طبقًا لمعهد أبحاث السرطان الأمريكي. فعندما يتم تعديل ومعالجة وتدخين وحفظ اللحوم، يمكن أن تتكون عناصر مسببة للسرطان.
يبتسم محبو اللحوم من فكرة تناول شريحة لحم مشوي بطريقة مثالية، قطعة دجاج مشوية لذيذة، كباب لذيذ مشوي بصلصة. أنا أحب تلك الأكلات مثل أي شاب أو فتاة، ولكن لسوء الحظ، تلك الطرق في الطهي ليست الطرق الآمنة.
فعندما يتم طهي اللحوم والدواجن والأطعمة البحرية وتفحيمها على درجات حرارة عالية، كما يحدث لها في أثناء الشواء، تتفاعل الحرارة مع مكونات اللحم لتنتج مركبات مسرطنة معروفة باسم الأمينات الحلقية غير المتجانسة (HCAs) والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs). وعندما يتم استهلاكها، فإنه من الممكن أن يقوم (HCAs) و(PAHs) بتدمير الحمض النووي، وتطور سرطان القولون والمعدة.
هذا يجعلني لا أحبذ شواء اللحم. أعتقد أنه بإمكانك أن تشوي اللحوم من وقت لآخر، ولكن لا أنصح أبدًا بجعل الشواء طريقتك اليومية في تناول الطعام. بينما يبدو أن طهي اللحوم في الفرن وسلقها وتشويحها وطهيها البطيء خيارات صحية أكثر.
إلا أنه يمكنك شواء الفاكهة والخضراوات؛ فالمركبات الموجودة في اللحوم والتي قد تؤدي إلى تكوين مركبات مسرطنة غير موجودة في الأطعمة النباتية. وسوف تندهش من المذاق الرائع للفاكهة والخضراوات المشوية!