تفرز غدة البنكرياس هرمون الأنسولين، ويتم إفراز هذا الهرمون كاستجابة لارتفاع السكر في الدم (الجلوكوز)، وبعد سريانه في الدم لمدة من ٦ إلى ١٠ دقائق, يتصل الأنسولين بمستقبلات معينة على غشاء الخلية، حتى ينتقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا؛ لذا يعتبر هرمون الأنسولين مهمًّا جدًّا؛ لأنه يتحكم بشكل كبير في معالجة الجلوكوز في الدم.
يتم امتصاص جميع الأشياء التي تتناولها أو تشربها من الأمعاء الدقيقة، ثم تمر من خلال الوريد البابي, الذي يقوم بتوصيل العناصر الغذائية إلى الكبد مباشرةً، ويتم تكسير الدهون إلى جليسرول وأحماض دهنية, بينما يتم تكسير البروتين إلى أحماض أمينية, وتقوم الكبد بمعالجة جميع هذه العناصر الغذائية، ويتم امتصاص الكربوهيدرات من الأمعاء كسكريات بسيطة سريعًا ما تتحول إلى جلوكوز في الدم.
وإذا كنت تتناول قدرًا كبيرًا من الكربوهيدرات, فسوف يترتب على ذلك مرور كمية كبيرة من الجلوكوز في مجرى الدم، والجلوكوز عبارة عن طاقة خالصة, ومن ثم على جسدك أن يقرر مقدار كمية الجلوكوز التي سيستخدمها لاحتياجاته الحالية من الطاقة, وكذلك كمية الجلوكوز التي سيقوم بتخزينها لاحتياجاته المستقبلية من الطاقة، وهرمون الأنسولين القوي هو الذي يتخذ هذا القرار، ثم يقوم بإرسال الجلوكوز إلى المناطق المناسبة في الجسم، حيث يسهل الوصول إليها عند الحاجة، فبعد كل وجبة, وبينما يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم, يقوم البنكرياس بضخ الأنسولين, الذي يقوم بتحويل بعض جلوكوز الدم إلى نشاء، يسمى بالجليكوجين, الذي يتم تخزينه في العضلات وخلايا الكبد لاستخدامه في المستقبل، وبمجرد أن تمتلئ مخازن الجليكوجين, يقوم الأنسولين بتحويل جلوكوز الدم الزائد إلى دهون، تسمى الدهون الثلاثية، ومن ثم يتم حمل تلك الدهون الثلاثية من خلال الدم إلى الأنسجة الدهنية؛ حيث يتم تخزينها هناك كدهون زائدة؛ لذلك يمكننا أن نقول إن الأنسولين يشجع عملية تخزين الدهون, ولهذا السبب يطلق عليه هرمون إفراز الدهون.
إذا لم يكن هناك قدر كافٍ من الأنسولين, كما هي الحال في النوع الأول من مرض السكري, لا يمكن أن يتحول جلوكوز الدم إلى جليكوجين أو دهون, وترتفع مستويات الجلوكوز في الدم إلى درجة خطيرة، أما إذا كان هناك قدر أكبر من المطلوب من الأنسولين, فإن مستويات الجلوكوز بالدم تصبح غير مستقرة، وقد تتأرجح بين مستويات مرتفعة جدًّا وأخرى منخفضة جدًّا، وإذا انخفضت مستويات السكر في الدم بشكل كبير, بحيث لا يتوافر قدر كافٍ منه لإمداد العقل بالطاقة, فإن ذلك يتسبب في إرسال إشارات طارئة إلى النظام الهرموني, الذي يستجيب لهذه الإشارات عن طريق إفراز هرمونات، مثل الأدرينالين (الإبينيفرين) والكورتيزول والجلوكاجون حتى يتم إفراز بعض الجلوكوز في الدم بصورة عاجلة.
ولهذا تؤثر أنواع الأطعمة التي تتناولها بشكل كبير في كمية الأنسولين الموجودة في مجرى الدم لديك، فإذا كنت تتناول وجبات تحتوي على كمية كبيرة من الكربوهيدرات المكررة, مثل الدقيق والسكر, فإن مستوى جلوكوز الدم سيرتفع بسرعة ما يسبب ارتفاعًا سريعًا في مستويات الأنسولين، أما إذا احتوت وجباتك على قدر كبير من الدهون والبروتين, بالإضافة إلى كمية ضئيلة من الكربوهيدرات, فإنها لا تسبب ارتفاعًا كبيرًا في مستوى الجلوكوز بالدم, ومن ثم لا تتطلب قدرًا كبيرًا من الأنسولين، فالأطعمة البروتينية تتطلب كمية ضئيلة من الأنسولين, بينما لا تتطلب الأطعمة الدهنية أية كمية تقريبًا من الأنسولين في أثناء عملية الهضم.
اختلال توازن التمثيل الغذائي
يرجع السبب في اختلال توازن عملية التمثيل الغذائي إلى متلازمة إكس، ويمثل هذا الاختلال مشكلة في التمثيل الغذائي للسكر والدهون، وتعرف متلازمة إكس أيضًا باسم مقاومة التمثيل الغذائي، أو متلازمة التمثيل الغذائي.
لقد كان العامل الرئيسي في هذه المشكلة خفيًّا وغامضًا, حتى وصفه الأستاذ “جيرالد ريفن” لأول مرة عام ١٩٨٨، وقد أطلق على هذه الحالة متلازمة إكس ؛ لأنها لم تكن معروفة، ولم يتم الاعتراف في ذلك الوقت بأنها عامل رئيسي في حدوث ذلك المرض، والسمنة كذلك.
أما اليوم, فمعروف على نطاق واسع في الأوساط الطبية أن مقاومة الأنسولين هي أحد أكبر أسباب أمراض القلب، والنوع الثاني من مرض السكري، لكن للأسف لا يُنظر إلى مقاومة الأنسولين بشكل كبير كأحد أسباب السمنة.
إن سبب مقاومة الأنسولين هو اضطراب في وظيفة هذا الهرمون, وهذا هو السبب الجذري للمشكلة، ففي حالة مقاومة الأنسولين, يصبح الجسد مقاومًا لوظيفة الأنسولين, وحتى يتم تعويض ذلك, يقوم البنكرياس بإفراز أنسولين بما يزيد على حاجة الجسم، ويؤدي الاضطراب في وظيفة الأنسولين إلى جميع أعراض متلازمة إكس؛ والأمر يشبه مقاولًا قام باستئجار عمال لبناء بيت، فإذا كان العمال كسالى وغير أكفاء, فعلى المقاول أن يستأجر المزيد من العمال لتعويض كسل العمال السابقين وعدم كفاءتهم، وإلا فلن يتم إنجاز العمل في الوقت المتفق عليه، وهذا بالضبط ما يحدث في جسمك إذا كنت مصابًا بمتلازمة إكس؛ فالأنسولين الموجود في جسمك كسول وغير فعَّال, وحتى يعوض البنكرياس هذا, يقوم بإفراز المزيد من الأنسولين. فيزداد مستوى الأنسولين في جسمك بصورة كبيرة للغاية.
دائمًا ما أصف متلازمة إكس بأنها الاختلال الكيميائي الذي يجعلك بدينًا، فمتلازمة إكس هي أكثر الأسباب الطبية شيوعًا وأكثرها قوةً لعدم قدرة الناس على إنقاص أوزانهم، وبالطبع، تصبح عملية إنقاص الوزن شبه مستحيلة، إذا كان الشخص مريضًا بمتلازمة إكس, إلا إذا تمت معالجة هذا الخلل بشكل خاص.
وتعد متلازمة إكس مجموعة من الأعراض والعلامات الطبية، وقد تشمل:
– مقاومة الأنسولين (حيث لا تستجيب خلايا جسدك للأنسولين)
– ارتفاع مستويات هرمون الأنسولين في الدم
– زيادة الوزن خاصةً في منطقة البطن
– الكبد الدهنية
– الرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات
– النهم الشديد
– اضطرابات في دهون الدم
– مجموعة من الاضطرابات في جلوكوز الدم
– قد يحدث ارتفاع في مستويات حمض اليوريك في الدم
– قد يحدث ارتفاع في ضغط الدم
– الشعور بالإجهاد، حيث إنه لا يتم حرق الكربوهيدرات وتحويلها إلى طاقة، بل يتم تخزينها في صورة دهون
لقد أدرك فريق أبحاث البروفيسور “ريفن” أولًا أن المصابين بمقاومة الأنسولين يتعرضون لخطر الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب بشكل كبير، واكتشف “ريفن” أيضًا أن الحمية التي تحتوي على قدر كبير من الكربوهيدرات قد تتسبب في ارتفاع مستويات الأنسولين في الدم، وبذلك يصبح هذا الشخص أكثر عرضة لأمراض القلب، وعلى الرغم من أن متلازمة إكس دائمًا ما ترتبط بزيادة الوزن, فقد تم اكتشاف أنها قد تصيب أيضًا من لا يعانون السمنة أو مرض السكري، إذا كان لديهم سوء تغذية.
مقاومة الأنسولين
يعني هذا المصطلح أن الجسم يقاوم تأثير هرمون الأنسولين, ومن ثم يفقد قدرته على الاستجابة له، وخلايا جسمك حين تقاوم الأنسولين، يضطر البنكرياس إلى إفراز قدر أكبر منه لمواجهة تأثير عدم الاستجابة له، حيث لا يستطيع الأنسولين – عند المصابين بمقاومة الأنسولين – نقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا بشكل فعَّال. وهذا يتسبب في ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم تدريجيًّا على مر السنوات.
والسبب في مقاومة الأنسولين هو حدوث خلل في حساسية خلايا الجسم للأنسولين، بسبب عدم اتصال المستقبلات الموجودة على سطح الخلايا بالأنسولين بشكل فعَّال.
ويبدو الأمر كأن المستقبلات اعتادت المستويات المرتفعة من الأنسولين، ومن ثم ضعفت حساسيتها تجاهه، مثلما حدث مع الولد الذي تظاهر كثيرًا بالغرق حتى لم يعد هناك من يصدقه.
ما أسباب مقاومة الأنسولين؟
في مجتمعاتنا الصناعية الحديثة, لا يتمكن نحو ٤٠٪ من السكان من القيام بعملية التمثيل الغذائي للكربوهيدرات بشكل فعَّال، ويعود السبب في ذلك إلى مزيج من الجينات والأغذية المصنعة، وتناول قدر كبير من الكربوهيدرات، وعدم ممارسة الرياضة.
وقد تتسبب زيادة الوزن في مقاومة الأنسولين التي تعد من السمات المميزة للسمنة، كما أن تناول قدر كبير من الكربوهيدرات المكررة هو الذي يتسبب في إفراز مستويات مرتفعة من الأنسولين, مع عدم استجابة خلايا الجسم له، وفي حالة الإصابة بمقاومة الأنسولين, تقل فاعلية الأنسولين في تحويل الجلوكوز إلى طاقة خلوية بشكل كبير, ويتم نقل كميات أكبر من هذا الجلوكوز إلى مخازن الدهون، ونجد أن معظم من يعانون السمنة يعانون هذه المستويات العالية من إفراز الأنسولين ومقاومته.
ومع أن الأنسولين لا يستطيع نقل الجلوكوز عند المصابين بمقاومة الأنسولين , إلى الخلايا بشكل فعال, فإنه يستطيع أداء بعض الوظائف الأخرى، مثل:
– تحويل الكربوهيدرات إلى دهون في الجسم، ودهون في الكبد
– كبح عملية حرق الدهون المخزنة
أما الشخص الذي تتم عنده عملية التمثيل الغذائي بشكل طبيعي, فيتم تحويل نحو ٤٠٪ من الكربوهيدرات الغذائية إلى دهون, بينما ترتفع هذه النسبة بشكل كبير عند المصابين بمقاومة الأنسولين. ولذلك لا يناسب المصابين بمقاومة الأنسولين تناول كمية الكربوهيدرات الموجودة في الأنظمة الغذائية الحديثة في البلاد الغنية المتقدمة.
إن من تتم عندهم عملية التمثيل الغذائي بشكل طبيعي لا تقاوم خلايا أجسامهم عمل الأنسولين، ويتطلب هذا كمية صغيرة من الأنسولين للتحكم في مستويات الجلوكوز بالدم، وهؤلاء الأشخاص لا يعانون زيادة الوزن؛ حيث لا يتم لديهم إفراز كميات كبيرة من هرمون الأنسولين المنتج للدهون، كما أن مستويات الجلوكوز في الدم عادةً ما تكون أكثر استقرارًا؛ لذلك لا يشعرون برغبة شديدة في تناول الكربوهيدرات كما يشعر بها المصابون بمقاومة الأنسولين، وهؤلاء الأشخاص يستطيعون تناول قدر أكبر من الكربوهيدرات دون مشكلات في التمثيل الغذائي.
أما عند المصابين بمقاومة الأنسولين, فتحدث عادةً أعراض، مثل الشعور بالإجهاد، والتشوش، وتقلب المزاج، والارتجاف، والنهم المستمر لتناول الكربوهيدرات، والسبب في ذلك هو أن الجلوكوز لا ينفذ إلى الخلايا؛ ومن ثم لا تتمكن الخلايا من إنتاج الطاقة الكافية للقيام بأي نشاط؛ لذلك لا تشعر بتوافر الطاقة الكافية لممارسة الرياضة, ما يجعل إنقاص الوزن أكثر صعوبة.
وفي حالة مقاومة الأنسولين, قد يحدث أيضًا أن تتأخر الخلايا في الاستجابة للأنسولين؛ لذلك لا تعمل الكميات المرتفعة منه منذ البداية، وفي النهاية بعد عدة ساعات من تناول الطعام, يبدأ الأنسولين العمل, ما يسبب انخفاضًا كبيرًا في الجلوكوز في الدم, وهكذا تعاني نقص السكر في الدم، ما يجعلك تشعر بالتعب الشديد، وعدم القدرة على بذل أي جهد جسدي أو عقلي، وهذا يسبب لديك رغبة مفاجئة في تناول المزيد من الكربوهيدرات؛ ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع في مستويات الأنسولين مرةً أخرى, وهكذا يتحول الجلوكوز إلى دهون.
كل هذا يسبب لك شعورًا بأنك عالق في حلقة مفرغة، وتعتقد أنك لا تمتلك الإرادة الكافية. حسنًا, توقف عن الشعور بالذنب؛ لأنك ضحية ذلك الخلل الكيميائي.
أنت ضحية وجود مشكلة في التمثيل الغذائي تجعلك بدينًا أكثر وأكثر!
مستويات مرتفعة من هرمون الأنسولين
في متلازمة إكس, تزداد مستويات الأنسولين في الدم؛ لأن الجسم يحتاج إلى كميات أكبر بشكل متزايد من الأنسولين للتحكم في مستويات الجلوكوز بالدم.
إن ارتفاع مستوى الأنسولين يدمر صحتك، لعدة أسباب:
– يسبب خللًا في التمثيل الغذائي للدهون، خاصةً دهون الجسم المسماة بالدهون الثلاثية، ويزداد الكوليسترول الضار منخفض الكثافة، ويقل الكوليسترول النافع عالي الكثافة.
– يسبب زيادة في اللويحات الدهنية في الشرايين (تصلب الشرايين).
– يؤدي إلى الكبد الدهنية.
– يزيد من احتباس الأملاح والماء، ويحفز نمو الخلايا العضلية الملساء في الشرايين, ما يتسبب في ارتفاع ضغط الدم.
– قد يؤثر في كيمياء المخ (الناقلات العصبية)؛ ما يسبب اضطرابات المزاج والأرق.
– يقوم بكبح مستويات هرموني إنقاص الوزن المهمين بجسمك، وهما:
– الجلوكاجون، الذي يحفز حرق السكر والدهون.
– هرمون النمو، الذي تحتاج إليه لبناء كتلة عضلية جديدة.
– يعزز تحوُّل جلوكوز الدم إلى دهون ثلاثية، ومن ثم يشجع عملية تخزين الدهون في الجسم، بعبارة أخرى يميل هرمون الأنسولين إلى جعلك زائد الوزن.
ويمكنك أن ترى كيف تتسبب المستويات المرتفعة من الأنسولين في زيادة عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولأن السمنة ومستويات الأنسولين المرتفعة أمران متلازمان, يمكننا أن نفهم أن السمنة هي أحد أكبر عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، وإذا تمكنت من إيقاف الحلقة المفرغة لمقاومة الأنسولين ومستوياته المرتفعة, فإنك لن تكون قد امتلكت سلاحًا فعالًا لإنقاص وزنك فحسب, بل ستتمكن أيضًا من تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، ومرض السكري، وهكذا ستتحسن حياتك بشكل جيد (عبارة بديلة: ستعيش حياة أكثر صحة).
إن متلازمة إكس شائعة جدًّا, وقد تجد واحدًا من كل ثلاثة أشخاص مصابًا بها, أو بنسبة ٣٣٪ من الأشخاص غير المصابين بمرض السكري.
وإذا استمر الخلل الكيميائي لمتلازمة إكس, فقد يصاب المريض بمرض السكري الذي يحدث عندما تكون الخلايا شديدة المقاومة للأنسولين, فيستمر ارتفاع جلوكوز الدم بصورة غير طبيعية، ويظل يرتفع بشكل مستمر، ولهذا يشيع مرض السكري للغاية بين من يعانون زيادة الوزن، ويعتبر السكري الآن أحد أمراض العصر الحديث في الدول الغنية.
وفي النهاية, قد تختل عملية إنتاج الأنسولين في الجسم؛ لأن خلايا البنكرياس المسئولة عن إنتاجه تصاب بالإجهاد، وهكذا يصبح البنكرياس منهكًا، ولا يتمكن من الاستمرار في إنتاج هذه الكميات الضخمة من الأنسولين التي يتطلبها الجسم من أجل التحكم في مستويات الجلوكوز بالدم، ويطلق على هذه الحالة إنهاك البنكرياس، وهذا يتطلب أن يصف الطبيب للمريض علاجًا بالأنسولين، وهكذا يتحول مريض السكري من النوع الأول إلى النوع الثاني، ويحتاج إلى العلاج بالأنسولين.
لماذا لا يُنظر بعين الاعتبار إلى متلازمة إكس عادةً؟
عادةً لا يتم التعامل مع متلازمة إكس بصورة صحيحة؛ لأن هناك ميلًا عامًّا إلى معالجة أعراض هذا الخلل الكيميائي, بدلًا من التصدي لأسباب مقاومة الأنسولين، ويتناول المصابون بمقاومة الأنسولين في الغالب أدوية كثيرة، مثل أدوية خفض الكوليسترول، ومضادات التجلط، وأدوية ارتفاع ضغط الدم، وأدوية خفض سكر الدم، وتخيل الجهد الذي تبذله الكبد الدهنية للمرضى من أجل تكسير كل هذه الأدوية! إن إنهاك الكبد بهذه الطريقة يؤدي عادةً إلى اكتساب وزن زائد؛ لأن طاقة الكبد تُستنفد في استخلاص هذه الأدوية، ولا تبقى في الكبد طاقة كافية لحرق الدهون… يا إلهي! تخيل الحلقة المفرغة التي قد نزج بأنفسنا فيها إذا تعاملنا مع الأعراض فقط!
هناك عدد من الباحثين يشبِّهون متلازمة إكس بجبل جليدي تختفي أسبابه تحت سطح المحيط، وفي قمة الجبل الجليد ي يمكننا أن نرى القمم الثلجية التي تمثل الأعراض، وتتلخص هذه الأعراض في السمنة، ودهون الدم غير الطبيعية، وارتفاع ضغط الدم، واضطراب مستويات الجلوكوز في الدم. وما يفعله الأطباء هو معالجة هذه الأعراض عن طريق الأدوية, وبالفعل قد يحتاج المريض إلى هذه الأدوية، ولكننا نأمل ألا يحتاج إليها إلى الأبد، إذا استطعنا معالجة اضطراب الأنسولين، الذي يسبب هذه الأعراض.
وتعد زيادة الدهون في الجسم من أعراض متلازمة إكس أيضًا, وعادةً ما تتم معالجتها من خلال حمية قليلة الدهون، لكنَّ هذا النوع من الحميات لا يقلل مستوى الأنسولين المرتفع, الذي يسبب السمنة في الأساس. إننا نحتاج إلى خطة تغذية، وبرنامج مكملات غذائية، لإعادة عملية التمثيل الغذائي للأنسولين إلى طبيعتها، وحينها فقط يمكننا التغلب على مشكلة الوزن الزائد وغيرها من أعراض متلازمة إكس.
ولا تُعد متلازمة إكس سببًا طبيًّا رئيسيًّا للسمنة فحسب, بل هي السبب الرئيسي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أيضًا.
السمنة في منطقة البطن
إذا كانت الدهون الزائدة لديك تتركز في منطقة البطن, وإذا كنت تجد صعوبة في إنقاص وزنك, فمن المحتمل بشكل كبير أن تكون مصابًا بمتلازمة إكس؛ فللأنسولين أثر قوي في الخلايا الدهنية في منطقة البطن, وسوف تتسبب مستويات الأنسولين المرتفعة في تخزين الدهون بطريقة أكثر يُسرًا في منطقة البطن، والجزء العلوي من الجسم، وسمنة منطقة البطن دائمًا ما ترتبط بمستويات الأنسولين المرتفعة, ولهذا ترتبط بالمخاطر الأخرى للأنسولين مرتفع المستوى, مثل دهون الدم غير الطبيعية، وارتفاع ضغط الدم، وخطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
وتعد مناطق تخزين الدهون الزائدة في جسمك أكثر أهمية، فيما يتعلق بصحتك، من وزنك الإجمالي، فإذا كانت الدهون الزائدة يتم تخزينها في منطقة البطن, فمن الضروري أن تفهم أين تستقر هذه الدهون الزائدة بالتحديد؛ لأن هذه الدهون الزائدة لا تتراكم تحت جلد جدار البطن فقط, بل تتراكم أيضًا داخل تجويف البطن، وحول الأحشاء الداخلية، ففي المراحل المبكرة, تتراكم الدهون حول الكبد، والمعدة، والبنكرياس، والأمعاء، والكُلى، وفي المراحل التالية لمتلازمة إكس, يبدأ تراكم الدهون الزائدة حول القلب, وتبدأ هذه الدهون في التسرب، ثم تجتاح بقية أعضاء الجسم؛ لذا قد تصاب بالبنكرياس الدهني، أو الأسوأ من ذلك الكبد الدهنية.
وتعد السمنة في منطقة البطن أكثر شيوعًا بين الرجال والنساء ذوات نمط الجسم العضلي (شكل التفاحة), لكنها قد تحدث لأي شخص مصاب بمتلازمة إكس, إذا ظلت عملية تراكم الدهون مستمرة بشكل متزايد.
وتعمل مستويات الأنسولين المرتفعة على تعزيز تخزين الدهون في مناطق الجسم المختلفة، لكن إذا كانت معظم الدهون الزائدة تتركز في منطقة الأليتين والأرداف والأفخاذ, وليس حول منطقة البطن, فأنت أقل عرضةً لخطر أمراض القلب والسكري التي ترتبط دائمًا بسمنة البطن. والسبب في هذا هو أن منطقة الأفخاذ والأرداف لا تحتوي على فجوات أو أعضاء حيوية قد تتسلل إليها الدهون، وما يحدث فقط هو أن الدهون الزائدة تتراكم في الطبقات الموجودة بين العضلات والجلد, وهذا يسبب مظهرًا غير أملس، أو ظهور السيلولايت على سطح الأليتين، أو الأرداف، أو الأفخاذ، فإذا استمرت المرأة ذات الجسم الذي يشبه الكمثرى (النمط الأنثوي) في اكتساب المزيد من الدهون الزائدة, فقد ينتهي بها المطاف إلى تراكم هذه الدهون في منطقة البطن, وسوف تصبح ضحية لمتلازمة إكس، وليس من النادر أن تجد مثل هذه المرأة ذات الجسم الكمثري، التي تتركز دهونها الزائدة لسنوات في منطقة الأفخاذ أو الأرداف دون أية مشكلات في عملية التمثيل الغذائي, تجدها وقد اكتسبت فجأةً وزنًا زائدًا في منطقة البطن خلال الأعوام التي تسبق انقطاع الطمث.