لا تنجح هذه الحميات؛ لأنها تحتوي على كميات ضئيلة من الدهون الجيدة، وكميات ضخمة من الكربوهيدرات.
وقد رأيت كثيرًا ممن يتأرجحون بين فقدان الوزن واكتسابه من جديد عند اتباع حميات ضئيلة السعرات الحرارية؛ لأنهم يتناولون كميات كبيرة من السكر أو المُحليات الصناعية التي تحتوي عليها الأطعمة في هذه الحميات، مثل الزبادي المحلى قليل الدهون.
وقد يحدث فقدان مؤقت للوزن؛ بسبب قلة السعرات الحرارية اليومية، لكن هذا القدر الضئيل من السعرات الحرارية يسبب بطء معدل الأيض؛ وعندما تتوقف عن اتباع هذه الحمية، سيستمر بطء الأيض لديك، وبمجرد أن تبدأ تناول الطعام بصورة طبيعية وتزيد من استهلاك السعرات الحرارية، سوف يزيد وزنك أسرع من ذي قبل.
إن البروتين والدهون لا يتطلبان كمية كبيرة من الأنسولين لمعالجتهما، وعلى العكس من ذلك تحتاج الكربوهيدرات إلى الكثير من الأنسولين، ومن ثم، ستؤدي الحمية التي تعتمد بالدرجة الأولى على الكربوهيدرات قليلة الدهون ومرتفعة المؤشر السكري إلى ارتفاع مستويات الأنسولين لديك، وتذكر أن زيادة معدل الأنسولين هي التي تجعلك سمينًا!
ومن المعتاد أن تسبب الحميات قليلة الدهون والسعرات الحرارية اضطرابًا في مستويات الجلوكوز في الدم، ويصاحب هذا شعور بالإعياء والرغبة في تناول مزيد من الكربوهيدرات، وهذا الإعياء وتلك الرغبة سيفسدان جهودك لتناول الطعام بصورة صحية.
وقد كانت إحدى المريضات لديَّ، تحاول إنقاص وزنها طوال ٢٥ عامًا عن طريق حميات قليلة السعرات الحرارية، وتعد نموذجًا على المتأرجحين بين فقدان الوزن واكتسابه من جديد، فلم تكن تتحمل متابعة أية حمية أكثر من أسبوعين؛ بسبب شعورها بالإعياء الشديد والرغبة في تناول الطعام؛ الأمر الذي جعلها من المهووسين بالأطعمة الحلوة، فقد كانت تخفي الأطعمة في أماكن لا تستطيع الوصول إليها، وكانت تتجنب التواصل الاجتماعي، وتقبَّلت مريضتي هذا الإعياء المزمن كأسلوب حياة، وفقدت الأمل في أن تصبح ممشوقة القوام، أو أن تتمتع بصحة جيدة.
بدأت مريضتي في اتباع برنامجي الغذائي، وهكذا فقدت رغبتها الشديدة في تناول الطعام، وشعرت بالطاقة بشكل لم تعهده منذ سنوات، وكذلك بدأت تفقد قدرًا من الوزن الزائد المتراكم حول منطقة البطن، وقل شعورها بالترهل؛ الشيء الذي أعاد إليها الأمل، وبعد عدة أسابيع استردت ثقتها بنفسها، وقامت بحضور مؤتمر ما في إحدى عطلات نهاية الأسبوع، وقد قررت مريضتي أن تستمتع بالغداء عالي الكربوهيدرات المقدم في المؤتمر، متوقعةً أن وجبة واحدة من الكربوهيدرات والأطعمة المكررة لن تتسبب لها في أية مشكلة. وفي منتصف اليوم، هبط جلوكوز الدم لديها في أثناء عرض تقديمي خلال محاضرة، وأيقظتها السيدة الجالسة بجوارها؛ لأن صوت غطيطها العالي كان يشوش على الحاضرين خلال الاستماع إلى المحاضر. وشعرت المريضة بالخجل الشديد، وأدركت أن عملية التمثيل الغذائي لديها قد تأثرت كثيرًا بما تناولته. إذا كانت هذه السيدة قد تمكنت من تناول أطعمة بروتينية، مثل اللحم الطازج، والبيض، والمكسرات، والحبوب، والبذور مع الخضراوات والسلطة، لاستمتعت بالمحاضرة، وتجنبت هذا الإحراج الشديد.
هل تنجح الحميات عالية البروتين؟
لا تنجح معظم هذه الحميات؛ لأنها لا تركز على تحسين وظيفة الكبد، ما يعني أن فاعليتها لن تستمر على المدى الطويل في التحكم في الوزن والتمتع بصحة أفضل.
إن الحميات عالية البروتين والدهون (مع قدر ضئيل جدًّا من الكربوهيدرات) سوف تساعدك على إنقاص وزنك في البداية؛ لأنها تقلل نسب الجلوكوز والأنسولين، ومن ثم تساعدك على الدخول في حالة كيتوزية (حرق الدهون المخزنة)، لكنها لا تحتوي على خضراوات كافية، لذلك قد تتسبب في مشكلات في عملية التمثيل الغذائي.
وتتلخص أسباب ذلك فيما يلي:
– إنهاك الكبد والكلى؛ نتيجة معالجة كميات كبيرة من البروتين والتخلص منها، حيث يتم تكسير البروتين الغذائي إلى أمونيا وتقوم الكبد بمعالجتها وتحويلها إلى مادتي اليوريا والكرياتينين، وهما من مخلفات عملية الأيض. ولا بد من أن تتخلص الكلى من اليوريا والكرياتينين عن طريق البول. هل لاحظت قبل ذلك ظهور رائحة قوية للبول تشبه رائحة الأمونيا بعد مرور يوم على تناولك وجبة تحتوي على كمية كبيرة من البروتين الحيواني؟ السبب في هذا هو زيادة نسبة الأمونيا واليوريا والكرياتينين في البول؛ بعد تناول الكثير من البروتين دفعة واحدة.
إن إنقاص الوزن لا يتعلق بالسرعة فقط، بل بفقدان الوزن والمحافظة عليه أيضًا، وبالإضافة إلى ذلك، نحاول تحسين الصحة العامة، حتى نتمتع بصحة جيدة طوال حياتنا، ولكي نحقق ذلك، لا بد من أن تعمل الكبد والكلى بكفاءة عالية، ولهذا السبب يصبح تحقيق التوازن ضروريًّا، وسوف تحقق خطتي الغذائية التوازن الصحيح للعناصر الغذائية من أجل تحفيز حرق الدهون.
وثمة حميات كثيرة عالية البروتين تسمح بتناول كميات كبيرة من اللحوم الدهنية المحفوظة، أو المعالجة، واللحوم المقلية في زيت كثيف، وتحتوي على دهون تالفة. وهذه ليست وسيلة صحية لتناول الطعام، إذا كنت تهدف إلى الحفاظ على صحتك.
يفضل في الخطة الغذائية تناول كميات معتدلة من الدهون المشبعة من أطعمة معينة، ما دامت طازجة وغير مقلية في زيت غزير، أو معالجة، وتذكر أن المخ يحتوي على كثير من الدهون المشبعة؛ ويشكل الكوليسترول الخالص ٢٥٪ من وزن المخ.