عندما نتحدث عن التمارين الرياضية يكون هدفنا هو الجسم. ولكن المخ أيضاً في حاجة إلى التدريب. إنني أرى أثناء ممارستى الطبية أن الأشخاص الأصحاء الذين تقاعدوا عن العمل في الستينيات من عمرهم تجدهم بعد عام أو عامين ليسوا إلا أشباحاً لما كانوا عليه. ما الذي حدث في هذا الوقت ؟ هل أصبحوا معتلي الصحة بدنياً ؟ أم أنهم استسلموا للأمراض غير المتوقعة ؟ أبداً. إن ما حدث ليس إلا شيئاً بسيطاً بالفعل لقد توقفوا عن تدريب المخ، وممارسة الأنشطة العقلية.
إننا في كل مرة نتعلم شيئاً جديداً، نقوى الأربطة بين خلايا المخ، كما نخلق أربطة جديدة. وهذا يكون له أثر مفيد، لأننا في أواخر الحياة نفقد خلايا المخ، حيث إن المخ يستمر في أداء وظيفته بطريقة طبيعية. عندما أشرح ذلك للمرضى أحياناً أستخدم التمثيل بالقياس، فأضرب لهم مثلاً بمدينة مزدحمة ليس فيها سوى طريق واحد. فإذا حدثت كارثة على الطريق يتوقف كل شىء، ولكن إذا كان هناك العديد من الطرق عبر المدينة، فكل شىء يستمر في التدفق بطريقة معقولة ويكون التوقف في حده الأدنى.
لا يهم في الحقيقة ما تقوم باختيار أن تفعله طالما أنك تجده مثيراً عقلياً، ويثير فيك التحدى. إن كل الأجيال الحديثة تجسيد جيد لذلك ؛ لأنهم يقضون وقت فراغهم يعملون أي شىء يختارونه من خلال الإنترنت، ويستخدمون الحاسوب كأداة، أو وسيلة في نفس الوقت، ويحصدون الفوائد التي تفيد المخ. إن ألغاز الكلمات المتقاطعة، والأحاجى البسيطة، ومباريات الشطرنج، والقراءاة، والدورات التعليمية هى أمثلة على طرق شغل وقت الفراغ، والأمر كله متروك لك. والشىء الرئيسى هنا ألا تفترض أو تظن أنه عند بلوغك سن التقاعد لن يكون هناك إلا القليل الذي يمكنك أن تقوم به، فإن هذا شعور مخيف. إذا كان يتبقى لك عشرون أو ثلاثون عاماً من الحياة ؛ فهل ترغب أن تقضى هذه السنوات دون هدف ؟ لا أعتقد ذلك. إن طول العمر مرتبط إيجابياً بمستوى ثقافة الشخص، ومدى مشاركته في الأنشطة العقلية. عليك أن تستخدمها، وإلا فقدتها.
إن التدريبات العقلية تساوى في أهميتها التدريبات البدنية وهى تعزيز لطول العمر. لا تجعل الشيخوخة عذراً لعدم التعلم، أو تنشيط قدرتك الفكرية والعقلية.