التصنيفات
الطب البديل والتكميلي

ماكروبيوتيك | نمط غذائي صحي

المحتويات إخفاء

الماكروبيوتيك نمط غذائي صحي يساعدنا على التمتع بحالة روحية أفضل وبحياة متوازنة. إنها الحياة الشاملة، التي ترتكز ببساطة على تناول الحبوب بشكل أساسي، والأعشاب البحرية والبقول، وغيرها من الأطعمة التي تشكل أركان هذا النظام الغذائي الرحب.

الأغذية التي نتناولها من خلال “حمية الماكروبيوتيك” تؤمن لنا الطاقة الضرورية. فالماكروبيوتيك هو بمثابة فن المزج الدقيق العلمي للأطعمة المتنوعة. والاتجاهان الحاسمان في فلسفة “الماكروبيوتيك” هما “يين” و”يانغ” وتزاوجهما يؤكد التوازن النفسي والجسدي.

الماكروبيوتيك مدرسة في الطب الطبيعي الذي يضعه مؤسسوه في خدمة الصحة البشرية، انطلاقا من الرغبة الإنسانية الدفينة في البحث عن حياة أفضل ومنفتحة وأجمل وأكثر توازنا مع البيئة الخارجية.

وفي هذا الكتاب، سيكتشف القارئ، أهمية الغذاء الصحي كقوة للشفاء وكنموذج لتطبيق الحياة الطبيعية، وسيجد بأن الماكروبيوتيك، هو أسلوب حياتي شمولي، يضمن الهناء والسعادة والصحة ويشمل مقاربة غذائية، غايتها تكمن في تأمين بقاء العنصر البشري ومساعدة تطوره المستمر على هذا الكوكب.

لمحة عامة

“الماكروبيوتيك” دراسة وتطبيق لطريقة العيش التي تسمح بتأمين الصحة واختيار أسلوب الغذاء حسب نشاط الشخص المعني.

وهذه الطريقة يجب أن تتوافق مع احتياجاتنا الخاصة، تبعا للبيئة المحيطة بنا ونمط الحياة والنشاط الذي نختاره.

لقد وضعت المبادئ الأساسية والقوانين الطبيعية للماكروبيوتيك، في الغرب، من قبل “جورج أوشاوا” وتلاميذه وأنصاره خلال السنوات الخمسين الماضية.

مصدر وتاريخ الماكروبيوتيك

تعود جذور مصطلح “ماكروبيوتيك” إلى الأصل اليوناني، بحيث تعني كلمة “ماكرو”: كبير أو شامل وكلمة بيوتيك أو بيوس: الحياة. أي أن الماكروبيوتيك تعني الحياة بشموليتها أو “الطريق إلى طول العمر”. نجد منشأ هذا النظام الطبيعي في الفلسفة والطب التقليديين في الشرق والغرب. ظهرت كلمة “ماكروبيوتيك” لأول مرة في كتابات “أبوقراط” (أب الطب الحديث) الذي صاغها مع مجموعة من الفلاسفة، والذي لخص مسألة “الشفاء” في قوله الشهير: “الغذاء هو الدواء الرئيسي”. كما أن كبار الكتاب والمفكرين التقليديين مثل هيرودوتس وأرسطو وغالين وغيرهم استعملوا هذا المصطلح، كما استخدمه كذلك المفكرون اليهود والمسيحيون الأوائل.

خلال عصر النهضة، استخدم تعبير “الماكروبيوتيك” باحترام من قبل أشخاص ومجموعات عاشوا بتناغم مع الطبيعة، باستهلاكهم لأطعمة بسيطة وطبيعية تعتمد على الحبوب الغذائية (الزروع وهي كلمة شاملة تطلق على النباتات الموسمية التي تزرع لاستثمار حبوبها الغذائية وأهمها الحنطة والشعير والذرة والأرز)، وقد تمكنوا من العيش بحيوية ونشاط حتى مرحلة متقدمة من العمر.

في أواخر القرن الثامن عشر، أصدر الطبيب الألماني المعروف “كريستوف هوفيلاند” كتابا حول الغذاء والصحة بعنوان “الماكروبيوتيك أو فن إطالة الحياة”.

أما في الشرق الأقصى، فقد استمدت “الماكروبيوتيك” تعاليمها من كبار المفكرين مثل “فو هي”والممثل النموذجي للطب الداخلي في الإمبراطورية الصفراء “ني شينغ” و”إي شينغ” و”كونفوشيوس” و”لاو تسي”.

واستخدام “جوزف نيذام” مصطلح “ماكروبيوتيك” لوصف الفلسفة التحتية والغامضة لعلم وطب الشرق الأقصى وذلك في دراسته البحثية الشهيرة “العلم والحضارة في الصين”.

حديثا، وجدت “الماكروبيوتيك” المعاصرة، جذورها أو منبتها في تعاليم سلالة الأطباء والمربين والمعلمين اليابانيين والمصلحين الصحيين أمثال: “إيكيكين كايبارا” (1630 – 1716)، “ميزنو نامبوكو” (1757 – 1825)، الطبيب المعروف “ساغين إيشيزوكا” (1850 – 1910) و”جورج أوشاوا” (1893 – 1966)، الياباني الأصل الذي طور الماكروبيوتيك في النصف الأول من القرن العشرين، بحيث يتبع اليوم ملايين الناس في العالم قوانين الماكروبيوتيك، وقد نشرت فوائد هذا النظام في مجلات علمية وطبية عديدة.

في النصف الثاني من القرن العشرين، ظهر “ميشيو كوشي” (1926) كمعلم أساسي للماكروبيوتيك. وبعد إنهاء دراسته في الحقوق والعلاقات الدولية في جامعة طوكيو، ذهب “كوشي” عام 1949 إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث تبنى “الماكروبيوتيك” كحل أكثر عملية وملموسية لقضايا السلام في العالم.

نورد فيما يلي مقطعا من كتاب “عالم السلم” “لكوشي” و”أليكس جاك”: “اعتنقت الماكروبيوتيك، بمعناها الأصلي كطريق عالمية وشاملة للصحة وإطالة أمد الحياة، التي تتضمن النظرة الأكثر اتساعا” ليس فقط للغذاء وإنما لجميع أبعاد الحياة الإنسانية: النظام الطبيعي والتطور الكوني. تشمل الماكروبيوتيك: الفكر، السلوك، التنفس، التمارين الرياضية، العلاقات الإنسانية، العادات، التقاليد، الأفكار، الوعي، ومختلف أنماط الحياة الفردية والجماعية التي نصادفها في العالم أجمع”.

بهذا المعنى، ليست “الماكروبيوتيك” ببساطة عبارة عن نظام فقط، وإنما هي أيضا بمثابة طراز للحياة الشاملة والكونية، الذي تتطور بواسطته البشرية، بيولوجيا ونفسيا وروحيا. كما يؤمن هذا الأسلوب الحياتي، الصحة والحرية والسعادة. تشمل الماكروبيوتيك مقاربة غذائية، لكن غايتها تكمن في تأمين بقاء العنصر البشري ومساعدة تطوره على سطح كوكبنا.

ويقول “كوشي” بأنه اكتشف في “الماكروبيوتيك” (الحكمة الحدسية الطبيعية للشرق الأقصى والغرب والشمال والجنوب) الطب من أجل الإنسانية التي يبحث عنها.

في فرنسا، تطورت “الماكروبيوتيك” بعد الحرب العالمية الثانية، إثر مجيء “جورج أوشاوا” إليها. وقد أعطى الأخير الدروس التعليمية، إذ شكل مجموعات وأعد الأساتذة مثل “فرانسواز ريفيير” و”رينيه ليفي”، بهدف نشر فلسفة وطب الشرق الأقصى.

حاليا، توجد مراكز عديدة “للماكروبيوتيك” تعمل تحت شعار: “تعليم ونشر الماكروبيوتيك في جميع مجالات الفلسفة وفن الطبخ”. وفي سنة 1975، ومع مجيء “كوشي” اتخذ نظام الماكروبيوتيك منحى ودينامية أخرى، بحيث نظم الأخير حلقات ومؤتمرات دراسية سنوية حول الماكروبيوتيك. وأشار في هذه الندوات العلمية إلى سلطة وقوة الشفاء التي يتمتع بها الغذاء وتطبيق نموذج الحياة الطبيعية.

عرفت أوروبا انطلاقة جديدة في ميدان “الماكروبيوتيك” من خلال تأسيس العديد من المراكز والمعاهد الكوشية (نسبة إلى “كوشي”)، في هولندا والبرتغال وسويسرا، مما مكن الكثير من الأشخاص من متابعة دراساتهم وتطوير مقاربتهم وفهمهم الكلي للحياة. وهذه الأصولية أي العودة إلى الأصول، سمحت بمصالحة العديد من الحركات الثقافية والروحية والطبية مع حركة الماكروبيوتيك. من خلال تعاليمه، أدخل “كوشي” تقنيات جسمية متعددة، مثل: “دو إن” و”شياتسو”، بهدف المساعدة على التطور والإدراك الفاعل للجسم.

المبدأ الديناميكي “يين – يانغ”

يجب على الدوام الجمع بين قوتي “يين” و”يانغ”. إن جذبها من الخارج يخضع للميراث البيولوجي.

إذا حرم الشخص من الحياة، بسبب بنيته، يمكننا تقويته بواسطة التغذية. فهي الوسيلة الأكثر بساطة لامتصاص طاقة الكون. تتوحد عوامل وعناصر كثيرة مع الممارسة العملية والحدس (البديهة): فالعوامل أو الأغذية “يين” هي: الفواكه والخضار الطازجة. أما العوامل أو الأطعمة “يانغ” فهي: الزمن، الضغط، الملح والنار. الفواكه الموسمية المطهية هي “يين”. والفواكه المعالجة من التسمم تصبح “يين” أيضا. والمخللات كذلك تحتوي على نوعية حسنة من “يين”. ومع الوقت والضغط والملح تصبح الخضار “يين”، “يانغ” أي تتحول من “يين” إلى “يانغ”.

يقدم المطبخ الماكروبيوتيكي للمرضى، طاقة مجتمعة قوية جدا من الأرض والسماء، بحيث يصبح الشخص أكثر يقظة عقليا وفيزيائيا أي جسديا.

استهلاك اللحم يجعل الدم ثقيلا. ومن أجل موازنة هذا “اليانغ” نستعمل السكر الذي يعتبر كثير “اليين”. وهذا المركب يعطينا نتيجة مشوشة جدا.

اللولب اللوغاريتمي

ظهر عالمنا على شكل لوالب حلزونية تسمى “لوغاريتمية” (اللوغاريتم يعني علم أنساب الأعداد)، مثل المجرة أو النظام الشمسي.

انطلاقا من البداية، النهاية أو الله، ظهرت قوتان: الأولى هي قوة الانقباض والثانية هي قوة الانبساط، تلتقيان (الاستقطاب) لخلق طاقة تولد الحياة (التذبذب، الصوت، الضوء).

إن الانتظام في العالم ما قبل الذرة، يسير تبعا لقانون جذب الذرات والإلكترونات، ثم يأتي عالم العناصر النباتية، ويليه عالم الحيوانات وفي المرحلة الأخيرة يأتي الإنسان.

في النهاية، نعود إلى الروحنة (الروحانية) أو تطور الوعي ونسبية العالم الزائل والعابر الذي تظهر فيه الظواهر وتزول، ثم يأتي الوعي الأعلى والأسمى الذي يعانق الكل وجميع الأشياء على الدوام وباستمرار.

المرض من وجهة نظر الماكروبيوتيك

المرض هو عبارة عن تطور أو صيرورة الشفاء الطبيعي للجسم، ليتوافق وينسجم مع البيئة المحيطة. ويظهر على شكل عوارض متعددة: الألم، الحمى (الحرارة)، اللعيان، الاستفراغ، إلخ.

ندعو الأمراض الحميدة (الهينة) بأمراض التوافق أو التطابق أي أن الجسم يستبعد الإسراف من “يين” و”يانغ” المستهلك في الماضي. على سبيل المثال: خلال فترة الصيف، يستهلك المرء البوظة (الآيس والمثلجات) والمرطبات والفواكه والمشروبات المحضرة من الفاكهة، وحينما يحل فصل الخريف ويبرد الطقس، يحاول جسم الإنسان التوافق مع هذا الطقس الجديد، ويطرد منتجات “يين” المتراكمة في أثناء فصل الصيف. الأمر عينه ينطبق على فصل الربيع، مع زيادة التغذية “يانغ”.

يمكننا القول بأن الأمراض “المزمنة” هي بمثابة امتصاص للأغذية القصوى منذ الطفولة ولما استهلكته الأم خلال مرحلة الحمل بجنينها. وهذا الأمر يضعف أو يقوي بعض الأعضاء في الجسم. وفي الإمكان توافر الصحة أو حدوث المرض، من خلال سلوك حياتنا اليومية وحسب الأطعمة التي نختار استهلاكها وطريقة تناولها والجو الروحي (المزاج العام) الذي نأكل في ظله.

تصنيف مراحل أو أدوار المرض حسب جورج أوشاوا

قسم ج. أوشاوا المرض إلى سبع مراحل (أطوار):

1 – الطور الأول:

الحياة غير المنظمة: العائلة التعيسة.

2 – الطور الثاني:

الحكم المنخفض.

3 – الطور الثالث:

الإفراط من “يين” و”يانغ” (تقيؤ، إسهال، إلخ).

4 – الطور الرابع:

توتر العصب المبهم وسيطرته أو غلبة وسيطرة الودي (الروماتيزم، تساقط الشعر، الكبد المريض، مغص وتشنج، إلخ).

5 – الطور الخامس:

أمراض الأعضاء.

6 – الطور السادس:

الأمراض النفسية (الازدواجية، الروحانية، المادية، إلخ).

7 – الطور السابع:

الأمراض الروحية (العجرفة، الذاكرة الرديئة والسيئة، التشبث بالرأي، إلخ).

يتلخص تطور المرض كالآتي: الجذور، الساق، الأغصان،الأزهار وأخيرا الثمار.

مفهوم “يين – يانغ”

تولد الأرض، خلال حركة دورانها، طاقة نابذة، أهم وأكبر على خط الاستواء، حيث تظهر في إنبات الأشجار الكبيرة الكثيرة الورق ويكون السكان أكثر “يين”. باستثناء الملونين الذين يحتوي طعامهم على كمية أقل أو أكثر من المواد والمنتوجات الحيوانية (يانغ). وهذه الطاقة أضعف في القطب الشمالي، حيث إن القوة (الطاقة) الجاذبة للسماء، أكثر نشاطا (أشجار صغيرة)، مواطنون أكثر “يانغ”، الأسكيمو، باستثناء الشماليين الذين يستهلكون الكثير من منتجات ومشتقات الحليب. المناخ “يانغ” أو الحار مع الرطوبة، هو عامل للتطور المنتشر والسريع أكثر “يين” للنباتات والأنواع الحيوانية الآكلة للنبات تخضع لهذا الطعام النباتي.

في المقابل، المناخ “يين” أو البارد، لا يولد النباتات، بل، على العكس، فإن السكان الذين يعيشون على خطوط العرض القطبية، يخضعون أكثر فأكثر للغذاء الحيواني، من أجل خلق التوازن المطلوب.

أما في المناطق المعتدلة التي تتسم بوجود أربعة فصول مختلفة، فإن الطعام يمكن أن يحتوي أكثر على الحبوب (النبات الحبي: كل نبات من الفصيلة النجيلية يعطي حبا: كالحنطة والشعير والذرة والأرز) [طعام من حبوب]، الخضر، البقليات “القرنيات”، الطحالب، بعض ثمار الموسم، بعض أو بدون المنتجات الحيوانية. وهذا الأمر يخضع لمدى نشاطيتنا.

المحاكمات (الأحكام) المختلفة للماكروبيوتيك

الحكم العاطفي (التقويم العاطفي):

نعني به الدعوة إلى الانفعالات، أي أننا نحب أو أننا لا نحب بعض الأشياء في هذه الحياة. هذا هو نظام الثنائية الدائم. المبدأ واحد، غير الثنائي، أي الأحادية (الواحدية) يشمل جميع التناقضات والتضادات الموجودة. المواد الحليبية تجعل الشخص عاطفيا وانفعاليا. فالرومانسية هي مرحلة المراهقين (من عمر ال 15 – 16 سنة) والمغامرات العاطفية التي لا يجب الاستهانة بها.

الحكم العقلي (الذهني):

نعني به معرفة واستيعاب العالم الخارجي، من خلال المفاهيم والتربية العلمية. ومفهوم “يين” – “يانغ” يجد مكانه في هذا الإطار. بحيث نقدم شرحا عقلانيا لكل ما هو موجود. ونضع كل شيء في سياق مفهومه. ويشمل الحكم الذهني، عالم الدوغمائية، العالم العلمي، عالم المادة والإدراك والتفسير العقلي.

الحكم الاجتماعي:

هذه المرحلة مثيرة للاهتمام، ونجدها لدى قسم من الناس، أي لدى شخص من اثنين. وتبدأ منذ سن ال 16 – 17، بتفكير موجه نحو الخارج ويتخطى الاكتفاء الذهني الصافي. بحيث يطرح الشخص العديد من الأسئلة مثل: كيف تبدو مفيدا في المجتمع، وتكرس لنفسك نشاطا معينا، يخدم التطور الاجتماعي. يتضمن موضوع الحكم الاجتماعي، مسألة العائلة، وهم عدم الإسراف في الغذاء، وفكرة العدالة في النظام العالمي.

من المهم أن يقبل كل واحد منا الدخول في عالمه ويكون فكرة عن الآخر. وهذا السياق، تزداد أهميته حتى عمر 30 – 40 سنة. وبدءا من هذه المرحلة يمكننا تنمية الوعي الإنساني.

الحكم الأيديولوجي:

يرتكز هذا الحكم على الأديان والفلسفات المتنوعة. فالأشخاص الذين توصلوا إلى هذا الطور، بإمكانهم العيش معتمدين على أنفسهم، على أساس الالتزام بقواعد الحياة والسلوك الدقيقة، بأهداف محددة والشعور بالتوحد مع العالم. هكذا حياة يمكن ممارستها في البيت أو في أماكن العبادة.

إن الأشياء المحضرة لأجل تأمين الراحة، تضعف قدرتنا الفيزيائية والعقلية والذهنية. بينما تجري القوانين الاجتماعية والسياسية بعكس هذا التطور. في هذا الدور، تحصل لدى البشر، تجارب تساعدهم على التطور. بالنسبة “لميشيو كوشي” فإن غاية الماكروبيوتيك، تتمثل في جلب السلام. أما بالنسبة “لجورج أوشاوا”، فإن العدالة هي الشرط الأكثر أهمية للصحة (تشكل 55 نقطة من أصل مئة نقطة). إذا قمنا بالماكروبيوتيك، ولم نسلم من المرض، فهذا بفعل العدالة، لأن كل ما يحدث في عالمنا الحالي، يحصل تحت تأثير العدالة. هناك قضية تستلزم العمل لأجلها على الدوام. وهذا المستوى يشمل جميع الأحكام الأخرى، إذ لا يجب إهمال الجانب العاطفي والحسي والذهني وغيرها.

الحكم الأعلى:

هو الحرية الأبدية وغير المحدودة، خارج إطار مفهوم الزمن، وتحقيق الأحلام المشروعة. إنه بمثابة حدس غير محدد في المكان والزمان، تبعا للمصاعب التي يجتازها الشخص المعني. نصل إلى هذا المستوى (الدور) بعد عمر الستين، ذلك أن مع الماكروبيوتيك تتحسن الصحة والحكم كذلك.

يتوجب على الإنسان أن يعيش 120 سنة ويستفيد من الحكم الأعلى خلال ستين عاما.

المطلوب اختبار جميع مستويات هذه المحاكمة أو الحكم. على سبيل المثال: يمكن أن تتحول تجربة عاطفية إلى ضغينة أو تتطور إلى مستوى أرفع. يجب أن نكون كالماء، ونتغذى (نتزود) بالأفكار التي تساعد على تطورنا الشخصي، وأن نحدد لأنفسنا نظاما للحياة، والتفكير بطريقة الحصول على الغذاء. يتضمن هذا الحكم، الوعي والتأمل الذاتي على المستوى البيولوجي والفيزيولوجي (الغذاء) والعقلي والنفسي (السلوك)، وعي عجائب الدنيا، الحظ المعطى لنا في هذه الحياة، عرفان الجميل، الامتنان والتقدير، إذ ننثر حبة من أجل إنبات عشرة آلاف حبة، نطرد الأنانية، نطور التواضع، ونقضي على الغطرسة والتكبر.

يتطور سياق المحاكمة، فنطرح على ذواتنا الأسئلة المتعلقة بالغاية من الحياة وماذا نريد أن نفعل حقا؟ فالسعادة مسألة بسيطة جدا. والطبيعة موجودة في الداخل وعالم اللانهاية صغير. كلما هبطنا، كالماء المتجهة نحو الأسفل، وكلما أصبحنا لا شيء، تكون حظوظنا أكبر من السعادة والهناء.

إن تطور الجسم البشري يمر بالسياق الآتي: المرحلة الجنينية التي تستمر تسعة أشهر توازي ثلاثة ملايين سنة. كذلك فإن الطحالب، حساء “ميزو” والمواد المتخمرة هي أغذية جيدة للحشرات. النباتات القديمة، كالفطريات والهليون، هي مأكولات مفيدة ومفضلة للمعدة. أما النباتات الحديثة فهي نافعة للقسم العلوي من الجسم. الحبوب تساعد على التفكير وزيادة مقدرتنا الفكرية وتطويرها. وهذا ما يسمح بإدراك عالم المادة والعالم الموجود من حولنا.

فصول المجرة

يدوم كل فصل من فصول المجرة 50 مليون سنة وبالتالي يتكون العام من 200 مليون سنة. وهذه الدورة أبدية. وقوة السماء أقوى بسبع مرات من القوة الآتية من الأرض.

الرجل يستقبل أكثر قوة السماء، بينما تستقبل المرأة قوة الأرض بمقدار أكبر منه. هكذا تكون هاتين العمليتين، التناسق والتناغم. وشدة كل واحدة من هاتين القوتين، تخضع لفصول السنة. ففي الشتاء، تزداد قوة السماء، بينما لا تنمو النباتات بل تكثر جذورها.

لا يمكننا تبديل أو تغيير هذه القوى، لكننا نستطيع خلق التوازن فيما بينها، بواسطة الغذاء المعتمد على تناولنا للأطعمة التي تحتوي على كمية أقل أو أكثر من هذه القوة الإيجابية أو تلك السلبية. ولكي يتكون التآلف أو التناسق مع الطبيعة، يتم استهلاك الأغذية ذات الطاقة النازلة (الهابطة) أو المنخفضة في الشتاء والطاقة الصاعدة خلال فصلي الربيع والصيف.

وبواسطة الغذاء، تتكون الكريات البيضاء ومن ثم كريات الدم الحمراء. وهذا التكون يحصل في الأمعاء الدقيقة. وفقط، خلال الصوم، يتكون الدم، انطلاقا من لب (نقي) العظم والطحال.

هل يمكن للإنسان أن يبدل جذوره؟

تستمد الشجرة غذاءها من التراب والماء والمعادن، وإذا أضفنا إليه الأسمدة الكيميائية – وهي “يين” كثيرا – تنمو بسرعة أكبر، لكن التربة تضعف. أما في حال تلوث التربة، فإن الجذور تضعف وتصبح الشجرة أقل جمالا وتصاب بالتلف. نمو الشجرة إذا، رهن بظروف البيئة المحيطة بها.

الإنسان كائن حر، بإمكانه تبديل جذوره – أمعائه، في كل كوكبنا. المركز الفيزيولوجي للإنسان يسمى: “هارا”، وهو الجزء الذي يبقى دائما حارا. الجذور هي الحياة الغريزية والفطرية، الأوراق هي الوعي، والمرض يبدأ على الدوام، بضعف معوي والجهاز العصبي يمتص الطاقة بواسطة الدم. هناك روابط وثيقة بين تلافيف المخ والأمعاء. عندئذ يضعف الذهن (العقل). والماكروبيوتيك، تساعدنا على تقرير: كم من الوقت سنعيش؟ وكيف؟ إلخ. فالمركب “يين – يانغ” يؤثر بقوة أكبر من “يانغ” لوحده. فالمركب المؤلف من الملح + الحامض هو دواء فعال وقوي ضد الديزنطيريا ويدعى هذا المركب Umébosis*.

يولد التناغم أو التناسق من خلال دمج الأطعمة في المطبخ، فبواسطة الطبخ يمكننا تنمية هذا التناغم في ذاتنا.

تشخيص الألم النصفي للرأس (ميغرين)

ندعو الآلام في مقدمة الرأس: ميغرين “يين”. يفسر ذلك بأن الشخص المعني، يفكر بالمستقبل وعندما يحلم ينظر إلى الأجواء. أما إذا تركزت الآلام في مؤخرة الرأس (ميغرين “يانغ”) فهذا دليل على أن الشخص المعني متعلق بالماضي. إن هذا الأمر ناتج عن استهلاك الجبنة (يانغ).

الأوجاع في وسط الرأس تعني: ميغرين “يانغ”. إذا أصابت الجانب الأيمن من الرأس، فنحن في الحاضر، وتناول الحبوب يثبتنا في الحاضر.

طاقة الرجل والمرأة

ينجذب الرجل والمرأة إلى بعضهما البعض، ويتوحدان لإيجاد الانسجام والتوافق، انطلاقا من طبيعتهما المتناقضة والمتكاملة في آن واحد.

الرجل يتلقى أكثر الطاقة الجابذة من السماء، وكذلك طاقة الأرض. بينما تتلقى المرأة مقدارا هاما من الطاقة النابذة (المركسة أي المبعدة عن المركز) أو الطاقة الآتية من الأرض. لذلك، فإن تغذية كل منهما مختلفة عن الآخر. فغذاء الرجل، يتضمن جزءا أكبر وأكثر أهمية من جذور الخضار والأطعمة القابضة والمضيقة مثل المقالي أو الأسماك، بغية الحفاظ على الطاقة الجابذة للرجل.

بينما نجد العكس هو ما يحصل في المجتمع الراهن، بحيث أصبح الرجل أكثر “أنثوية” وغير قوي كما عرف عنه في الماضي، ولا يمتلك زمام المبادرة في العائلة، كاتخاذ القرارات والمواقف الهامة والحازمة. بينما نجد أن المرأة أصبحت أكثر إدارية وقيادية وتقوم بأعمال وأنشطة الرجل.

إذا، انقلبت الأدوار، واختل التكامل بينهما، فصارت المرأة أكثر “يانغ” وتتناول كميات ملحوظة من المنتجات الحيوانية، بينما أصبح الرجل “يين” أكثر، مع استهلاكه للقهوة والسكر والكحول التي تمتلك جميعها طاقة توسعية.

إن تفادي الكارثة البيولوجية، الفيزيولوجية، العقلية والروحية للإنسان، يتم من خلال اتباع تعاليم “نظام الكون” التي تساعد على تأمين وتثبيت النظام في التغذية وبالتالي غذاء الكائن البشري. عن طريق النقد الذاتي والسلوك والأفكار وتصويب وتصحيح التغذية، ووجبة الطعام، يمكننا أيضا تطوير الوعي والمعرفة. وفهم العالم وإدراكه، يمر كذلك، عبر هذا النقد الذاتي والتفكير الذاتي. فتصحيح أنفسنا من تلقاء أنفسنا مسألة صعبة جدا. لأن اكتساب عادات حسنة جديدة قضية هامة وأساسية. المطلوب، تقاسم الوجبات الغذائية مع العائلة، الأصدقاء، حتى لا نصاب بالانعزال. ويتوجب أن يتبع وجبة الغذاء، أخذ قسط من الهدوء والراحة، لتأمين التوازن الضروري. هكذا نفهم “اليين” و”اليانغ”، لأننا لا نستطيع إيقاف الحياة الاجتماعية. على سبيل المثال، إذا أصبح الشخص نظيفا جدا، من خلال الممارسة العملية والتجربة، فهو يصبح حساسا تجاه الأطعمة القصوى والحدودية (المتطرفة) كالسكر، الكحول ومنتجات الحيوانات.

حاول أن تشعر في الغد بالحزن والاكتئاب، إذا تناول السكر أو الفاكهة. أما إذا أردت أن تكون عدوانيا فتناول المنتوجات الحيوانية. يمكنك اكتشاف ذلك بنفسك. فالطبيعة، تعطيك إشارة، مثل ألم الرأس،احتقان الجيب الأنفي، آلام في الظهر (في المنطقة القطنية)، خدر الأطراف، إلخ. كل هذه الأعراض تشفى سريعا.

على كل حال، هذا هو مفتاح فهمك وإدراكك. قرر وجرب واختبر، فجسمك يمتلك أكبر قدر من الحكمة. اقبل به كما هو، يمكنك تغييره وتبديله، لكن ادرس جيدا مبادئ الانقباض والتوسع.

فهي مفاتيح القوانين الإلهية، ولنظام الكون، المعطاة للإنسان من أجل رفاهه ورخائه وسعادته وازدهاره وخيره العام والحفاظ على صحته السليمة.

ماذا نفعل من أجل التقدم والتطور؟

كي نتقدم في أعمالنا، يكتسب النقد الذاتي أهمية قصوى. ولكي ندرس جيدا، يجب أن نأكل ونشرب قليلا جدا ونفهم ونتعلم التمارين الفيزيائية. المطلوب أن نأكل قليلا، لكي نستطيع التركيز بصورة جيدة.

المستويات السبعة للحكم (التقييم)

الحياة روتين عادي، تتشكل بواسطة التربية التي نلناها. والكثير من الناس، يعتقد بأنه يلزمه الكثير من المال كي يحقق أحلامه، وبأن النجاح في الحياة ليس ممكنا. لكننا، نستطيع تغيير هذا الروتين عن طريق “الماكروبيوتيك”.

كيف نطور الأحكام (التقييم) ونوسع أحلامنا ونجد الحلول لمشاكلنا؟

هذا التطور الطبيعي المجرب في سياق الحياة، يمر بسبع مراحل:

1 – المرحلة الميكانيكية.

2 – المرحلة الحسية.

3 – المرحلة العاطفية.

4 – المرحلة العقلية (الذهنية).

5 – المرحلة الاجتماعية.

6 – المرحلة الأيديولوجية.

7 – المرحلة العليا.

ماذا نعني بالحكم (المحاكمة) الميكانيكي:

يتكون هذا النمط في البدء من المحاكمة لدى الجنين في رحم أمه، وهذا الحكم لا يستدعي توفر العقل أو الوعي. المحاكمة الميكانيكية هامة جدا، لأنها تثبت وتؤمن الحياة. وهي تعني الغريزة أو السليقة الفطرية.

الحكم الحسي:

تتطور الإحساسات شيئا فشيئا، أي بالتدريج. ففي البداية، ينمو الذوق، يليه الشم ثم النظر، السمع وأخيرا اللمس. أما إدراك العالم الخارجي فإنه يتم من خلال الحواس حتى عمر أربع – خمس سنوات. لا يمكن القفز فوق هذه المرحلة. لكن هذا الحكم يمكن أن يؤدي إلى اكتفاء ذاتي خاص، يمنع تطور باقي الأحكام.

أهم الأطعمة الموصوفة في الماكروبيوتيك لهذه الأحكام:

–   الحبوب الكاملة.

–   الأرز المستدير (المدور): حبوب متوسطة.

–   الأرز المستدير: حبوب وسط.

–   شعير.

–   شعير “هاتو – موجي” (Hato-mugi)*.

–   الذرة البيضاء (الدخن).

–   الشوفان.

–   الجودر (السلت أو الشيلم): نوع من الحبوب الكاملة. يسمى القمح الروسي أو الكاشا.

–   الحنطة السوداء (النضم).

–   حبوب أرز طويلة (للمناخ الحار).

–   حبوب أرز ناعمة مهروسة (“موتشي” Motchis)*.

–   القمح.

–   حبوب أخرى تقليدية.

صيرورة الإفراز (الإطراح)

صيرورة الإفراز تحدث فجأة مع تغير الفصول. وخلال هذه المراحل الوسيطة، يجب أن نأكل أقل، فالطبيعة تعمل والجسم يتكيف معها. وهذا ما يظهر من خلال عوارض: الرشح (الزكام)، الآلام والحمى (الحرارة). هذا هو المسار الطبيعي لشفاء الجسد.

صيرورة الرشح ناجمة عن طبيعة الغذاء في مرحلة الطفولة ونمط الحياة.

إذا اتبعنا جيدا الماكروبيوتيك وظهرت صيرورة الإطراح، لا يجب اتهام الزمن، بل الغوص في الماضي، لمعرفة إذا كنا قد تناولنا بإفراط الأطعمة “يين” (%90 من الحالات) أو “يانغ” (%30 من الحالات). في هذا الإطار يسمح بفارق %10، بحيث يمكن استهلاك البسكويت، والخبز الذي لا ينصح به بسبب صناعته في الفرن، مما يجعله قابضا أكثرن لذلك يفضل تمريره (تعريضه) على البخار قبل تناوله.

تستمر فترة المرض من يوم إلى عدة أيام، تبعا لحالات الإسراف (الزيادة) في الأغذية.

المطلوب الالتزام بنظام صحي بسيط مكون من الحساء والحبوب. في حال نتجت الحرارة عن زيادة في طعام “يين” (“يين” يتغير إلى “يانغ”)، أي الإفراط في الفواكه والسكر والأدوية، يتوجب علينا البقاء في مناخ حار وتناول المآكل المستحضرة التالية:

–   Kuzu* (كوزو) + Umébosis* + تاماري (Tamari) + زنجبيل (نبات عطر يستعمل تابلا وطاردا للغازات).

–   Kuzu – طعم طيب وناعم – التربة.

–   Umébosis – مذاق حامض – الخشب.

–   Tamari – طعم مالح – الماء.

–   زنجبيل – طعم حاد – المعدن.

قواعد الماكروبيوتيك

الماكروبيوتيك، فلسفة يابانية، تأسست على قواعد الصحة الغذائية التي وضعت هدفا تصبو إليه ويتمثل بالعيش الأفضل ولعمر مديد وأطول. وضع هذه القواعد والأسس كما ذكرنا آنفا “جورج أوشاوا”، التي تعتمد على تأمين التوازن بين “يين” و”يانغ”، إذ إن كل غذاء يجب أن يصنف ويوضع في قائمة إحدى الفئتين.

فيما يتعلق بالنباتات، فإن الأغذية “يين” هي تلك التي تنمو بسرعة في الربيع أو الصيف وهي النباتات ذات الجذور السطحية. وهي اكتسبت قوة أنثوية. بينما نجد أن الأطعمة “يانغ” تنمو ببطء وتؤدة وهي ذات جذور عميقة في الأرض، وهي نباتات خريفية أو شتوية وهي تمتلك قوة ذكرية.

الخضار القاتمة هي “يين” بينما تلك التي يتراوح لونها بين الأصفر إلى الأحمر هي “يانغ”.

البعض الآخر من الأغذية يحتل موقعا وسطا بين “يين” و”يانغ”، مثل: البندورة، التي يمكن أن تكون “يانغ” للونها، لكنها في الواقع “يين” بسبب خواصها الأخرى.

كذلك، فإن الحبوب واللحم هي “يانغ” مع وجود بعض الاستثناءات. كما أن تحضير الأطعمة يساعد على تحويلها من فئة إلى أخرى.

على سبيل المثال: إن الطبخ الطويل أو على نار حامية يحول غذاء “يين” إلى طعام “يانغ”. لذلك فإن أنصار الماكروبيوتيك ينصحون بالطهي القصير الأمد وعلى نار خفيفة.

المبدأ القاعدي الأساسي للماكروبيوتيك هو احترام التوازن بين الأغذية “يين” والأغذية “يانغ”. وهذا التوازن يتغير حسب العمر والجنس.

بعض الأطعمة مثالية لأنها تمتلك التوازن الطبيعي بين “يين” و”يانغ”، كالأرز الذي يشكل مع باقي “السيريال” والخضار، أساس وركيزة التغذية الماكروبيوتيكية.

لا ينصح مناصرو الماكروبيوتيك بتناول الكثير من اللحوم وبعض الفواكه كالأناناس والموز والبرتقال.

وفي مطلق الأحوال، يجب مضغ الطعام جيدا.

نستنتج بغض النظر عن تصنيف وترتيب “يين” و”يانغ” الذي أسهبنا في شرح وعرض حدوده وركائزه العلمية، فإن قواعد الماكروبيوتيك قريبة وشبيهة جدا بنظرية “الفلتشرية” (صاحبها “فلتشر” وضع نظرية تعتمد بشكل رئيسي على ضرورة المضغ الصحيح للأطعمة) ونظرية “النباتية” (وهي نظام للاغتذاء يلغي اللحوم ولكنه يسمح ببعض نتاج الحيوان كاللبن والزبدة والبيض والعسل).

تأثير الغذاء

للمآكل فعالية علاجية (تأثير طبي). وأن تكون ضعيفا ليس عائقا لأن ذلك، يسمح للشخص بالمحافظة على صحته والتعلم، بعكس ذلك القوي الذي يزداد لديه الميل لفعل أي شيء كان ما دام في عنفوان شبابه.

الغذاء الغني بالدهنيات والشحم الحيواني، يكون عند المرأة مخازن على مستوى المبيضين والأعضاء التناسلية.

أما عند الرجل، فإن هذه الزيادات الدهنية سهلة الإطراح بواسطة النشاط الفيزيائي (الجسدي) في حال وجوده.

بعض الأغذية مختصة بطرد وإفراز المخاطيات، مثلا: فجل “دايكون” أو غيره، فطر “شيتاكي” المستعمل في المطبخ المكروبيوتيكي.

ففي الصين، إذا لم يتمكن الطبيب من جس نبض أربعة من الشرايين العميقة، فهو يتخلى عن العلاج بالطب العوارضي (أي حسب العوارض)، ويدخل الغذاء في نظامه العلاجي.

التشخيص المرئي، يتطور، بواسطة الطعام الجيد، مثل التحسس إلى الأصوات والألوان والتأثر بها.

فلأجل أن نشخص، يجب أن نلاحظ وأن نجد العلاقة بين الآلام الخارجية والأعضاء، أي أن نعرف العارض المرضي. على سبيل المثال: ركبة متورمة ومؤلمة – الكبد. هذا الأمر ناجم عن استهلاك زائد ومسرف للسكر والفواكه الاستوائية التي تسبب تمدد وتوسع الكبد والركبة.

بنية الجسم

تخضع بنية الجسم لطبيعة غذاء الأم خلال فترة حملها، بنسبة كبيرة جدا، ولنوعية الحيوانات المنوية للأب، ولنشاطية الأجداد. إذا تناولت الأم خلال مرحلة الحمل بالجنين الكثير من النباتات، تكون البنية “يين” أكثر وأكثر توازنا ولا يصطدم الشخص المعني بأية مشاكل من أجل التكيف مع النظام الغذائي الجديد.

أما إذا كانت البنية “يانغ” أكثر، بمعنى أن الوالدة تناولت الكثير من المنتجات الحيوانية، سيكون الكبد بحاجة إلى الغذاء النباتي، كذلك الكلى والمثانة.

في حال كانت البنية ضعيفة، يتوجب تناول الحبوب (السيرييال) لعدة أيام أو أشهر. وبعض الخضرة وكريما الأرز.

تناول هذه الكريما، تساعد المحتضر (المشرف على الموت) على الانتقال من عالم لآخر (حسب أنصار المكروبيوتيك). كذلك، بالنسبة للشخص المريض، فإن هذه الكريما، تسهل المرور من عالم اهتزازي إلى آخر.

تحضير كريما الأرز:

يجب غسل الأرز، تنشيف الحبوب، وجعلها تشقر قليلا، نحركها باستمرار. نطبخها في 5 – 6 أحجام من الماء لمدة ساعتين. لا نضيف شيئا إلى الأرز، باستثناء بعض نقاط “تاماري” أو خوخة «Umébosis». لهذه الكريما طعم لذيذ وطيب وهي بمثابة غذاء طاقوي جدا.

مبدأ “شين. دو. فو. جي” (Shin. Do. Fu. Ji)

هو مبدأ وحدة الإنسان والطبيعة. فالإنسان هو ناتج ومحصلة لبيئته المحيطة، التي تعتبر مصدر الأنواع (الأجناس) البشرية (الأعراق والسلالات) والمفاهيم المتعددة للماكروبيوتيك في العالم.

الماكروبيوتيك، تساعد على زيادة القدرة على الإدراك والتقارب مع الآخرين. ففي روسيا القديمة، كان القادة المستقبليون يرسلون إلى سيبيريا من أجل تكوينهم، لأن البرد يقوي الجلد والصبر وبذلك تتغير بنية الجسم. وهذا التغيير يحصل خلال سبع أو عشر سنوات، كما يلزمنا عشر سنوات أخرى لتغيير الوعي. الإحساس بالوحدة مع البيئة والإعجاب بالطبيعة والرؤية الشاملة والتحليلية، تحصل جميعها بعد هذه السنوات.

الأشخاص الأحرار (أو “سين – إين” Sen-In)، يعيشون في وسط الطبيعة، لوحدهم، لكنهم يفهمون ما يجري حولهم، فينجدون الفلاحين والقرويين عند الضرورة، لأنهم يملكون المقدرة على ذلك. يستعينون ب %20 من طاقتهم وقدرتهم. ذلك أن البقاء على قيد الحياة، مرتبط بحدسهم العميق بمواجهة المحيط الخارجي. والماكروبيوتيك، تسمح بإيجاد التغذية الصحية التي تساعد على تغيير بنية الشخص.

الأكل: فعل إبداعي

عند تناولنا للطعام مع وعينا الكامل لما نفعل ومن أين يأتي مصدر غذائنا، يمر اليوم بكل تناغم وتآلف.

إن الطريقة التي نتغذى بها، تسمح لنا، بإيجاد حلمنا، أي صلة الوصل مع اللانهاية. وهذا الخيال يجب أن يكون قابلا للتحقق والتنفيذ. وهو يعني ذلك الذي نرغب بعمله، مثلا: دراسة الصحة وشراء مواد صحية وغيرها. لكن بدون توفر التربية والتعليم، نبقى على مستوى الحمية الغذائية.

الماكروبيوتيك والتطور

يختلف التطور هنا عن نظرية التطور عند العالم المعروف “داروين” التي لا تأخذ بعين الاعتبار مسألتي تأثير التغذية والبيئة.

ظهرت المعادن في البدء (أولا)، ومع الأوكسجين، ظهرت النباتات. والحياة بدأت في الماء. ولدت النباتات بعض الحيوانات وأطعمتها. بعدئذ، أنتجت البذور القديمة، الزواحف والنباتات ذات الساق الكبيرة أعطت الديناصورات (ولدتها)، والأعشاب كونت الثدييات (اللبونات أو الضرعيات)، والثمار ولدت القرود إلخ. (أنظر شجرة التطور).

القرود تصرخ كثيرا وتحيا في مناخ حار واستوائي وعلى جلدها وبر كثيف، والوبر يقود إلى ضعف صاحبه.

لم يخلق الإنسان إلا مع نشوء الحبوب “السيريال”، وهو الإنسان الحقيقي، حسب المعدل أو النسبة 1/7 تبعا “لنظام الكون”. وعندما ظهرت البقرة على وجه الأرض، كانت العلاقة (النسبة) بين قوى السماء والأرض مختلفة جدا، ووجدنا أن نسبة طولها إلى عرضها تساوي 1/5. والثمار (الفواكه) هبطت إلى الأسفل، مثل طاقتها. بينما اتجهت الحبوب إلى الأعلى وتلقت الطاقة من السماء مباشرة.

يتساءل البعض، لماذا نتناول الحبوب؟ لأنها تنمو في كل مكان من العالم وهي طرية ولينة، والشعوب التي تأكل الحبوب، تحيي بعضها بكل طاعة وخضوع. وبمواجهة البرودة، استطاع الإنسان العيش بفضل وجود النار والملح وهكذا تمكن من النمو.

الماكروبيوتيك وعدم كفاية المعرفة وعلاقتها بنقص الفيتامين B12

الحمية الماكروبيوتيكية تعطي ثمارها ونتائجها على المدى البعيد، على النمو العقلي والذهني للأطفال.

وقد حصلنا على نتائج في هذا الصدد لدى النباتيين الذين يشكون من نقص مزمن في الفيتامين B12.

ففي دراسة هولندية نشرتها المجلة الأميركية للغذاء السريري، تم التأكيد على أن المراهقين الذين التزموا بحماية غذائية ماكروبيوتيكية صرفة في طفولتهم، يعانون من نقص عقلي ملحوظ مقارنة بأولئك الذين اتبعوا نظاما غذائيا يعتمد على مختلف الأطعمة بدون تفريق.

هذه النتيجة ترتبط بقلة فيتامين B12 ونلاحظها أيضا عند النباتيين الصرف، الذين يعتمدون غذاء خال كليا من أية منتجات حيوانية. قارنت الدراسة بين ثلاث مجموعات من المراهقين من أوساط اجتماعية ثرية وميسورة.

المجموعة الأولى (عددها 31 شخصا)، اتبعت نظام الماكروبيوتيك حتى عمر الست سنوات، قبل أن تنتقل إلى غذاء نباتي – لبني. المجموعة الثانية (عددها 17 شخصا) التزمت بالماكروبيوتيك حتى سن الستة أعوام، لكنها بعد هذه الفترة لم تعتمد نظاما غذائيا محددا، فتناول أعضاؤها كل شيء بدون تفرقة. المجموعة الثالثة (24 مراهقا) وهي مجموعة المراقبة اتبعت نظاما غذائيا عاديا طوال فترة حياتها.

أجري فحص لمستوى الفيتامين B12 في دم أعضاء المجموعات الثلاث، فلاحظنا وجود نقص في المجموعة الأولى، بينما لم نجده في المجموعتين الأخريين. بعد مرور عام، أجري لهم فحص بواسطة بطارية الاختبارات، لقياس مهارات الإدراك والمهارات النفسية – الحركية.

أظهرت هذه الاختبارات ارتباطا وثيقا بين مقدار الفيتامين B12 في الدم والذكاء، مما يسمح لنا بحل المشاكل المعقدة وخاصة المجردة. المهارات المكانية والذاكرة كانت أقل من المطلوب عند الذين يشكون من نقصان في هذا الفيتامين.

أهم مصادر الفيتامين B12: اللحم وبعض منتجات الحليب. تسمح الحماية الماكروبيوتيكية، بعض الأحيان، بتناول السمك. لكن النباتيين الصرف لا يتناولونه مطلقا.

تثبت هذه الدراسة أن الحمية اللبنية – النباتية غير كافية لتعويض النقص في الفيتامين B12 الناتج عن اتباع نظام الماكروبيوتيك خلال فترة الطفولة.

يعتقد مؤلفو الدراسة، أن نتائجها يجب أن تقلق أولئك الذين لا يستهلكون اللحوم.

فالنقص الحاد من هذا الفيتامين عند الرضع والأطفال الصغار، يؤدي إلى تأخر النمو والتطور النفسي والحركي.

من مظاهر هذا النقص عند الرضع: البلادة والخمول ثم الهيجان. أما لدى الأطفال والكبار، فإن الحالات الخطيرة تتمثل بمشاكل التناسق الحركي، فقدان حساسية (تحسس) الجلد، بطء الارتكاسات، العته والجنون، فقدان الذاكرة، الذهان ومختلف أشكال صعوبات المزاج.

انتبه لمخاطر ريجيم الماكروبيوتيك!!

لقد ترك هذا النظام تأثيره على التطور العقلي للأطفال الذين اتبعوه. فالنقص من الفيتامين B12 بسبب عدم استهلاك اللحم، هو المتهم الرئيسي في هذه القضية.

النظام “الريجيم” الماكروبيوتيكي، نشأ على قاعدة المفهوم الشرقي (المقولة الشرقية) للتكامل بين “يين” و”يانغ”. هذه المقولة تنطبق فعلا على الأغذية (الأطعمة).

الحبوب، مثلا، توجد في وضعية متوازنة، وهي القاعدة – الأساس أي الركيزة لنظام الماكروبيوتيك الغذائي.

الفواكه، الحليب ومشتقاته، السكر هي “يين” كثيرا وبالتالي فهي ضارة ومؤذية.

يجب تناول الحبوب قبل كل شيء!!

ليس اللحم محرما ومحظورا بشكل كامل، لكن يجب استبعاده غالبا. فمساحة الأطعمة المنوعة تتعلق بدرجة ومستوى الشخص المتبع للنظام الماكروبيوتيكي.

لكن الأفضل اتباع النظام المعتمد على الحبوب %100.

فالدراسة الهولندية المجراة على 72 مراهقا من نفس العمر ومن نفس الوسط الاجتماعي، لكنهم اتبعوا أنظمة غذائية مختلفة في خلال طفولتهم، تهدف إلى قياس تأثير هذا النوع من الغذاء على قدرات الطفل الإدراكية.

يعتبر العالم الياباني جورج أوشاوا (كيوتو 1893) مؤسس مدرسة الماكروبيوتيك.

وهذا النظام الغذائي يسمح بالوقاية وبالعلاج من الأمراض المختلفة، الحاصلة نتيجة انقطاع التوازن “يين – يانغ”، وذلك باتباع نظام أكثر “يين” أو أكثر “يانغ”.

قاعدة هذا النظام الغذائي تعتمد على الحبوب “السيريال”:

القمح، الشعير، الأرز الكامل، الحنطة السوداء، “مييدز”، والذرة البيضاء.

متى تساوي الجبنة المادة السنجابية (الرمادية)؟

اتبعت المجموعة الأولى نظام الماكروبيوتيك حتى عمر الست سنوات ثم النظام – اللبني – النباتي (مع مشتقات ومنتجات حليبية).

أما المجموعة الثانية، فقد اتبعت الغذاء العادي الكلاسيكي بعد أن التزمت بالنظام الغذائي الماكروبيوتيكي. المجموعة الثالثة استهلكت أطعمة مختلفة.

ثم أجريت لهذه المجموعات فحوصات لمستوى الفيتامين B12 في الدم. فقط المجموعة الأولى تعاني من نقص من هذا الفيتامين. بينما لم تشك المجموعتان الأخريان من مثل هذا النقص، لأن هذا الفيتامين موجود في المآكل ذات المصدر الحيواني، وخصوصا في اللحم.

اختبارات الذكاء “المائعة”:

أجريت عدة اختبارات تسمى اختبارات الذكاء “المائعة”، التي تعنى بقياس القدرة على التعلم، حل المشاكل وعلى إجراء البراهين المجردة.

وتم التأكد من أن أعضاء المجموعة الأولى المراهقين يشكون من مستوى ضعيف من الفيتامين B12 وفي نفس الوقت جاءت نتيجة اختبارات الذكاء لديهم منخفضة، مما يثبت وجود تلازم وترابط بين مقدار هذا الفيتامين ودرجة الذكاء “المائع”.ومن جهة أخرى، فإن إدخال المنتوجات الحليبية في غذاء الأطفال، لم يغير من مستوى الفيتامين B12. بينما يمكن تعويض النقص منه بواسطة اللحوم.

مخاطر الغذاء غير المتوازن:

إن التغذية هي ميدان رحب وواسع، إذ من الصعب في مجتمع الاستهلاك والغذاء السريع، تناول وجبات غذائية متوازنة وكاملة.

إن الغذاء يحمل عناصر خفية من الخارج إلى داخل الجسم. وهذه العناصر ضرورية لاستمرارية الحياة، وأحيانا تحمل تأثيرات جانبية وسلبية.

لذلك المطلوب معرفة مؤشر كتلة الجسم، وتناول الأكل بطريقة متوازنة، وخاصة المعادن والفيتامينات ومعرفة الوزن المثالي للجسم وقواعد التوازن الغذائي.

في إطار الغذاء المتوازن، يتوجب على كل واحدة من الوجبات الثلاث الرئيسية خلال اليوم أن تتضمن على الأقل حبة فاكهة أو خضار طازجة. كما يطلب استهلاك قطعة من الخضار المطهية والفواكه الجافة تعتبر أكثر طاقوية من الفواكه الطازجة، لأنها شديدة التركيز بالسكريات ويتم تناولها لضرورات التزود بالطاقة، مثلا، عند القيام بالتمارين الرياضية.

إن كلمة “الحمية” ترتبط عادة بمفهوم “النظام”، بينما هي في الواقع علم يدرس القيمة الغذائية للمأكولات ويحدد الوجبات لمختلف فئات ومجموعات المستهلكين.

الألياف، ذات فوائد متعددة للجسم. وأهمها، قدرتها على طرد السموم من محتويات القولون، من خلال مساعدتها على تكاثر الجراثيم ونمو النظام البيئوي المعوي الداخلي. فالحوامض الدهنية الناجمة عن تخمر الألياف ذات تأثير إيجابي على جدران الأمعاء. ومن أهمها، الحامض البوتيريك الذي يمنع انقسام الخلايا السرطانية.

وفي الغالب، يكون النظام الغذائي هو المسؤول عن الخلل الغذائي في الجسم، لأننا نستهلك كثيرا من الأطعمة المتحولة والسكر والقليل من الألياف والخضار والفواكه.

وهذه العادات الغذائية تسبب الإمساك، فالعادات السيئة (مثل الأكل السريع وكثرة تناول الطعام، مثلا كل ساعة)، هي من العوامل المضرة بالجسم، إضافة إلى مشكلة الطفيليات. إن الكثير من الدراسات أثبتت منافع الكالسيوم، خاصة ذو المصدر الغذائي، وأهميته في مراقبة الضغط الشرياني للدم.

إن محاولات اتباع ريجيم غذائي غني بالفواكه والخضار والمواد الحليبية، لدى أشخاص يشكون من ارتفاع معتدل في ضغط الدم، برهنت أن هذا الريجيم ساهم في تخفيض مستوى الضغط الدموي.

فمعظم الناس يستهلكون ليس ما هم بحاجته، بل الكثير من الأطعمة غير المتوازنة (الغذاء الغني بالسكر، البروتين والدهنيات، والقليل من الخضار والفواكه والخبز).

إن كل الأشخاص الذين يشكون من التهاب المفاصل، النقرس، والروماتيزم، يتوجب عليهم الانتباه لطبيعة نظام غذائهم. إذ إنهم يتناولون الكثير من الأطعمة التي تنتج الفضلات البولية، التي تثير المفاصل. إن الغذاء الرديء يساعد في نشوء مشاكل والتهابات المفاصل.

الماكروبيوتيك والغذاء النباتي:

هناك مجموعات من الأشخاص يتناولون فقط الأطعمة النباتية مضافا إليها المآكل اللبنية والبيض فقط.

وكردة فعل تجاه مشاكل الغذاء المعاصرة، يتحول العديد من الناس إلى “النباتية”، وأصبح الغذاء النباتي مطلوبا وموصى به، ما دام محافظا كنظام غذائي على اعتداله.

ففي الولايات المتحدة الأميركية يبلغ عدد النباتيين حوالي 10 مليون. إن الجسم بحاجة إلى استعادة صحته المتوازنة في فصل الربيع أكثر من أي فصول السنة الأخرى. فالجسم بحاجة إلى التخلص من السموم من خلال اللجوء إلى الأكل النباتي والخضار.

إن الحمية تعني تعلم اختيار المآكل حسب صورة الشخص (شكله) وفئة دمه، إدراك وفهم العمل الوظيفي للجسم، وقواعد وأسس الغذاء (اختيار الأطعمة، تحضيرها، وطبخها)، مراقبة التوازن الحامضي – القلوي، ومعرفة استعمال النباتات لمساعدة الكبد على التخلص من السموم.