رقائق القمح المسكرة والمشروبات الغازية والوجبات سريعة التحضير ذات قيمة غذائية
قليلة
الرياض: جيهان الحداوي
في عصرنا الحالي لم يبق بيت إلا وتعالى فيه تذمر الوالدين من عادات الغذاء السيئة
للأطفال وأوزانهم غير المتناسقة. ولكن هل نكتفي كأمهات أو أباء بالتذمر وترديد
الشكوى، أم نحاول تفهم الأسباب التي تشير المصادر الطبية الى أنها هي ما أدى إلى
الظاهرة العالمية التي تجتاح الأطفال في كل أنحاء العالم، ونحاول أن نجد حلاً لها؟
هنا يأتي دور المنزل الذي هو الأجل والأكبر تأثيراً في تحبيب الطفل للعادات
الغذائية السليمة وتفضيله للغذاء الصحي، فالأبحاث الأخيرة التي قام بها مجموعة من
خبراء التغذية في هيئة الغذاء الأميركية لعام 2004 أثبتت أن الطفل يتعلم أن يفضل
المألوف، كما أثبتت أن ذلك في الأصل يعود إلى نقطة البداية حينما كان الطفل جنينا
في بطن أمه. في إحدى الدراسات التي قام بها خبراء التغذية على طفلين في الشهر
السادس من عمريهما، والدة أحدهما كانت تتناول الجزر أثناء حملها والأخرى لم تكن
تفعل ذلك. وعندما تم تقديم وجبة من الجزر المهروس لكليهما وذلك لأول مرة في حياة كل
منهما، لاحظ الباحثون أن أحدهم أبدى امتعاضه من طعم الجزر وهو الطفل الذي لم تكن
أمه تتناول الجزر أثناء الحمل، بينما أكمل الطفل الآخر الوجبة وهو سعيد ولم يظهر أي
علامات استغراب للطعم الجديد على وجهه، الأمر الذي يراه الباحثون أنه حدث كنتيجة
طبيعية لتعود الطفل على طعم الجزر الذي كانت تتناوله أمه خلال فترة حملها به!!.
لذلك نرى أنه عند تعود الطفل على الغذاء الصحي في بيته فإنه لا شعوريا يصبح هو
الغذاء المفضل لديه. إن استسهال كثير من الأمهات تحضير الوجبات السريعة أو شرائها
من خارج المنزل، كي لا يضيع وقتها في طهي غذاء مفيد يتجمع حوله جميع أفراد العائلة
في وقت محدد يوميا، هو المحرك الذي يقود أطفالنا إلى إدمان كل ما يقدم لهم في
الإعلانات التجارية وبأبهى الصور.
* عادات سيئة من جانب آخر فإن أحد أهم التقارير الحديثة التي بحثت في أسباب سوء
تغذية الأطفال وطرق الحد منها هو ما طرحته في شهر ديسمبر الماضي مؤسسة IOM الطبية
الاستشارية في الولايات المتحدة كتقرير يناقش بشكل جدي جانباً من أسباب المشكلة،
وأكد على أهمية العلاقة بين العادات الغذائية السيئة لدى أطفالنا وبين ما يشاهدونه
من إعلانات تجارية في التلفزيون أو المجلات أو حتى لافتات الدعاية على قارعة
الطرقات، التي أصبحت تؤثر بصورة قوية على ما يفضلونه من غذاء، وبالتالي طلباتهم
الملحة على ذويهم لتأمين أصناف من الوجبات الغذائية دون أخرى، كما وتعلمهم الملل
السريع من وجبة معينة بمجرد ظهور أخرى. لقد قدم التقرير كأساس بحث واسع عن طبيعة
المشكلة وحدد أهدافا وإرشادات للقضاء عليها، ففي مقدمته أوضح أن شركات صناعة الغذاء
أنفقت في العام الماضي حوالي 10 مليارات دولار على حملات إعلانية تسويقية موجهة
بالدرجة الأولى إلى الأطفال، وأن معظم الوجبات المُعلن عنها بحسب التقارير الطبية
والغذائية ذات قيمة غذائية قليلة أو خالية منها كرقائق القمح المسكرة والمشروبات
الغازية والوجبات سريعة التحضير، وذلك مقارنة بما هو لازم لنمو الطفل ومحافظته على
صحته من أنواع الغذاء، وأشار التقرير إلى حقيقة أن الانجذاب والإقبال على الشراء
يزداد لنوع معين من الأغذية مع تبني المنتج فكرة وضع صور للشخصيات الكرتونية
المفضلة لدى الطفل على تلك المنتجات. والملاحظ أن تقرير الهيئة الطبية لم يُلق بكل
اللوم على شركات الغذاء، فالتزامها الطوعي غير متوقع في السوق الاقتصادي المحموم
بالتنافس والحرص على الربح السريع، بل نبه إلى أن على كثير من الجهات والإدارات ذات
الصلة بالأطفال كالمدارس وغيرها، إضافة إلي الأهالي مهام ومسؤوليات للمشاركة في
تحويل غذاء الأطفال الخالي من القيم الغذائية إلى غذاء صحي غني ومفيد، وعلى سبيل
المثال طالب بتشجيع الشركات المصنعة للغذاء الصحي من خلال اقتطاع جزء من الضرائب
المستحقة عليها، وتقديم التسهيلات للأهالي لزراعة أنواع من الغذاء الصحي كالخضروات
والفواكه في حدائق المنازل الخلفية كوسيلة تحبب الأطفال فيها وتوجه أنظارهم إلى
أهميتها. واكد التقرير على أهمية إلزام المدارس في الولايات المتحدة باتباع قوانين
صارمة حول ما يُباع فيها للأطفال من أنواع المنتجات الغذائية، والسماح للأطفال
بتناول الغذاء الصحي فقط خلال وجودهم في المدرسة، وتجدر الاشارة الى ان وزيرة
التعليم البريطانية روث كيلي اتخذت قرارا قبل بضعة أشهر، يمنع مع بدء العام الدراسي
المقبل تقديم الأطعمة غير الصحية في المدارس البريطانية