على الرغم من أن الإحساس بالتعب أو الإعياء شكوى شائعة بصورة كبيرة (يشكو منه 15-30% من الأشخاص الذين يستشيرون أطباءهم) إلا أن متلازمة التعب المزمن الشديدة أقل حدوثاً بكثير، ربما تصيب أقل من 1% من الناس. مع ذلك، فهي في طريقها للزيادة بشدة. ومتلازمة التعب المزمن لم تتواجد بشكل رسمي إلا في عام 1997 عندما نشرت الكلية الملكية للأطباء النفسيين والممارسين تقريراً مشتركاً لم تقبل فيه التسميةMyalgic Encephalomyelitis وتكتب اختصاراً ME التي تعني التهاب الغلاف الخارجي للخلايا العصبية في المخ. ووافقت أن تطلق على هذه الحالة اسم “متلازمة التعب (أو الإعياء) المزمن CFS رغم اعترافهم بأنهم لا يزالون متشككين في أسبابها وأفضل طرق علاجها.
ومتلازمة التعب المزمن قد لا تكون حالة جديدة، حيث إنها تحمل تشابهات عديدة مع المتلازمات الغامضة غير المحددة سواء الحالات الوبائية منها أو المتفرقة والتي وصفت في المؤلفات الطبية منذ أواخر القرن الـ 18. كما أن هناك حالات مرضية عديدة تماثل الصورة السريرية لمتلازمة التعب المزمن نذكر منها: الوهن العضلي، وهو متلازمة تحمل اسم الفيروس المزمن إبشتاين بار (الذي يسبب الحمى الغدية)، و ME، والاكتئاب، والألم الليفي العضلي، والحساسية، والتصلب المتعدد، وأمراض المناعة الذاتية، والتسمم بالمبيدات الحشرية. كما أن ضحايا متلازمة حرب الخليج -التي يعتقد الآن أنها ناتجة عن التعرض الشديد لمبيدات الحشرات الفوسفورية العضوية مضافاً إليه تأثير الأقراص المضادة لغازات الأعصاب- يشكون أيضاً نفس الاضطرابات الصحية.
وفي الولايات المتحدة تشخص هذه المتلازمة في الحالات التي يقلل فيها الإعياء الحاد النشاط للنصف لمدة 6 أشهر على الأقل وليس السبب فيها أي مرض محدد آخر. كما أن المرضى لابد أن تظهر عليهم ثمانية من أحد عشر عرضاً من هذه الأعراض: حمى خفيفة، والتهاب الحلق المتكرر، وألم بالغدد الليمفاوية، ووهن بالعضلات، وآلام عضلية، وتعب ممتد بعد التمرينات الرياضية، وصداع متكرر، وألم مفصلي، واضطرابات نفسية، واضطرابات النوم، وظهور مفاجئ للأعراض.
ما الذي يسبب متلازمة التعب المزمن؟
السبب الأساسي وراء زيادة حالات متلازمة التعب المزمن ما يزال مبهماً وغير محدد بعد.
وبينما يبدو أنه ليس هناك سبب وحيد رئيسي، إلا أنه من الشائع لمرضى متلازمة التعب المزمن أن يكون لديهم اضطراب في وظيفة جهاز المناعة أو يوجد عندهم عامل مسبب للعدوى أو فطريات الكانديدا البيضاء (ألبيكانس)، وهي نوع من الفطريات يسبب خللاً بالجهاز الهضمي. فلو كانت هذه الكانديدا موجودة، يمكن علاجها باستعمال استراتيجية غذائية دقيقة تعتمد على حرمان هذه الفطريات من السكر، وهذا مع زيادة نمو البكتريا النافعة الموجودة في القناة الهضمية، وتنشيط جهاز المناعة، واستعمال الأدوية المضادة للفطريات.
وهناك احتمال آخر لنظرية العدوى وهو فيروس إبشتاين بار. رغم هذا، فإن عدداً كبيراً جداً من مرضى متلازمة التعب المزمن تكون نتائج تحليلهم لهذا المرض سلبية أو يبدو أنه لا يكون هو السبب، ولكنه ربما ينتهز الفرصة ويهاجم هؤلاء المرضى في الوقت الذي تضعف فيه مناعة أجسامهم.
النقص الغذائي
من الأمور التي تهمل بشدة في متلازمة التعب المزمن النقص الغذائي. والافتراض العادي أنك لو أكلت حمية متوازنة تماماً لأمكنك الحصول على كل المواد المغذية التي تحتاجها. علاوة على ذلك، فقد أظهرت الدراسات العلمية تحسناً ملحوظاً عن طريق إعطاء المرضى المغنسيوم أو فيتامين ب12، أو الدهون الأساسية (خلائط من كل من زيت زهرة الربيع المسائية وزيت السمك). ويؤدي نقص كثير من المواد المغذية -بما فيها فيتامين ج، ومجموعة فيتامينات ب المركب- إلى التعب. وهناك أحد الاحتمالات الحقيقية، وهو أن مرضى متلازمة التعب لديهم احتياجات كبيرة إلى مواد مغذية معينة. ومن كل هذه المواد التي اختبرت حتى الآن كان المغنسيوم أكثرها فائدة إلى حد كبير.
ومن أغلب الاحتمالات أن متلازمة التعب المزمن هي نتاج الحياة في أواخر القرن العشرين بما تتضمنه من الافتقار للوجبات السليمة والتعرض لمضادات المواد المغذية والاستعمال المفرط للأدوية. ومضادات المواد المغذية هذه تشمل مجموعة من المواد التي تستنفد المواد المغذية في الجسم أو تزيد احتياجات الجسم إليها، مثل: التعرض للرصاص، وكيمياويات المنظفات، والكحول، والمبيدات الحشرية. كل هذه العوامل -إضافة إلى العدوى- قد تكون كافية لكي تمثل عبئاً زائداً على دفاعات الجسم وتؤدي إلى متلازمة التعب المزمن.
وبينما قد يعجز الطب التقليدي عن تفسير هذه الحالة، إلا أن خبراء التغذية استطاعوا تطوير علاج فعال يعتمد على استعمال الحمية والمكملات الغذائية الموجهة لتحسين وظائف الكبد والقناة الهضمية وتنشيط المناعة. وهذا الأسلوب قائم على فهم جديد لتتابع الأحداث التي تؤدي إلى متلازمة التعب المزمن. وهذا يشمل عادة حدوث اختلالات في الهضم والامتصاص، مما يؤدي إلى حالة من خلل التوازن الحيوي في الأمعاء وحدوث العدوى بفعل البكتريا الضارة أو الفطريات أو غير ذلك من الكائنات الضارة المسببة للأمراض، وهذا قد يتبعه زيادة في نفاذية القناة الهضمية فيسبب الحساسية وردود الفعل المناعية التي تؤدي إلى إثقال أنظمة الكبد المسئولة عن التخلص من السموم. وقد تتسبب العدوى في إحداث متلازمة التعب المزمن أو ربما تكون ناتجة عن تدهور تدريجي في وظائف الجهاز الهضمي والكبد وجهاز المناعة.
علامات الخلل في إزالة السموم
قام د. جيفري بلاند وزملاؤه في معهد الطب الوظيفي بالولايات المتحدة بإجراء تجاربهم على 30 فرداً من المصابين بمتلازمة التعب المزمن لاختبار الاضطرابات التي تحدث في قدرة الكبد على التخلص من السموم، ثم قاموا بابتكار استراتيجية غذائية لمواجهة ذلك، وتبين من خلال استعمال اختبارات الاستبيان الاستقلابي أن مجموعة النقاط المحرزة نتيجة الأعراض الأولى خلال 21 يوماً، هي طول فترة الدراسة، قد انخفضت أكثر من النصف، من 173 إلى 77 نقطة. وهذا كان ثابتاً مع وجود تحسن تبين أكثر من اختبارات وظائف الكبد. وفي البحث التالي وجد أن نسبة كبيرة من مرضى متلازمة التعب المزمن لديهم نوع خاص من عدم التوازن في قدرة الجسم على إزالة السموم حيث كانت المرحلة الأولى سريعة جداً وولدت سموماً، بينما كانت المرحلة الثانية بطيئة وأدت إلى العجز عن إزالة السموم. وهذا يوضح مدى أهمية متابعة مرضى متلازمة التعب المزمن عن طريق تقييم وظائف الكبد والعلاج باستعمال دعم غذائي موجه خاص.
والأسباب الأخرى التي قد يكون لها دور هي الحساسية للطعام (تنتج غالباً عن متلازمة تسريب القناة الهضمية)، والإجهاد الكظري، وقصور الغدة الدرقية، واضطرابات سكر الدم.
ختاماً نقول إن متلازمة التعب المزمن حالة حقيقية تماماً قد تمثل صورة متقدمة من عدم التوازن الذي يعتبر -في الصور الأكثر بساطة- السبب في انتشار حدوث التعب الأقل حدة. وأفضل تفسير للأعراض اليوم أن الجسم يفشل في التكيف مع مجموعة من الأحداث التي تشمل التغذية غير المثالية والتوتر المزمن والتعرض للسموم، وكذلك اضطرابات الهضم وقصور وظائف إزالة السموم وعدم التوازن الهرموني وقصور وظائف المناعة. وأكثر العلاجات فعالية تشمل حمية موظفة حسب الحاجة، مدعومة بالمكملات الغذائية الخاصة، ومعتمدة على التقييم المناسب لهذه العوامل بواسطة خبير غذائي إكلينيكي.
الأكسجين والتنفس والتمارين
هناك شيئان من الناحية الكيميائية أنت في حاجة إليهما لتوليد الطاقة: الجلوكوز والأكسجين. والأكسجين هو أكثر المواد أهمية على الإطلاق. فحوالي 80% من جسم الإنسان تتشكل منه، كما أنه يمثل جزءاً من الماء والدهون والبروتين، ويؤدي نقصه إلى الموت خلال دقائق. ونحن نفترض أننا جميعاً نحصل على كفايتنا منه عن طريق التنفس، إلا أن هناك فرقاً كبيراً بين مستوى كافٍ وآخر مثالي. كما أنه من المهم أيضاً أن نتذكر أن هناك عوامل كثيرة موجودة في الهواء بخلاف الأكسجين. فقضاء بضع ساعات نتنفس فيها هواء المدينة مقارنة بهواء الأجواء النقية كالجبال سوف يظهر لنا بوضوح كيف أن نوعية الهواء يمكن أن تؤثر على حيويتك.
هل تحصل على أكسجين كاف؟
تعتقد العالمة د.ليز سيمبسون Les Simpson من نيوزيلندا أن سبب متلازمة الإعياء المزمن وألم العضلات قد يكون راجعاً لنقص الأكسجين. فجميع خلايا الجسم لكي تقوم بعمليات الاستقلاب (الأيض) تحتاج إلى الأكسجين الذي يتم نقله عبر الشرايين بواسطة كرات الدم الحمراء. وعندما يقل قطر هذه الشرايين شيئاً فشيئاً لتتحول إلى شعيرات دموية دقيقة، تطلق كرات الدم الحمراء الأكسجين الذي يعبر جدران هذه الشعيرات إلى الخلايا المحيطة. وعبر الجدار الفاصل بين الخلايا، والشعيرات الدموية تتلقى الخلايا الأكسجين والمواد المغذية وتتخلى عن ثاني أكسيد الكربون والفضلات الضارة المتولدة من عمليات الأيض.
هذه الشعيرات الدموية يصل قطرها لحوالي 4 ميكرون فقط بينما يبلغ قطر كرات الدم الحمراء 8 ميكرون. وتتعجب د.ليز وتتساءل كيف يمكن لكرات الدم الحمراء أن تمر خلال هذا الحيز الضيق؟ والإجابة عن ذلك أن لديها قدرة على الانضغاط؛ فتقل مساحة سطحها فتمر خلال الأماكن الضيقة. على أن بعض كرات الدم الحمراء قد تكون ذات حجم كبير للغاية، وبعضها يفقد مرونته، والبعض الآخر يتجمع ويتكتل مع بعضه. وهذا يؤدي إلى عرقلة سريانها، وبالتالي قصور في إمدادات الأكسجين الواصل للخلايا فيتكون حمض اللاكتيك وتختل وظائف الخلايا. ومن العلامات التي تميز الإعياء المزمن الشعور بألم في العضلات بعد بذل مجهود، كما أن هذا الألم يحدث أيضاً في حالات تعدد الأوجاع العضلية Polymyalgia، وهو من الأعراض الشائعة لتشخيص هذه الحالات التي تحدث بخاصة في النساء المتقدمات في السن. كما أن هناك عدداً من الباحثين قد لاحظوا نقص الأكسجين في الفصين الأماميين للمخ لدى الأشخاص المصابين بالفصام العقلي.
يعد نقص فيتامين ب12 من أكثر أسباب تضخم كرات الدم الحمراء، بينما يؤدي نقص الأحماض الدهنية إلى تصلب جدرانها جداً وعدم قدرتها على الانضغاط. ويمكن للنياسين (فيتامين ب3) أن يساعد كذلك عن طريق زيادة الشحنات الكهروكيميائية على الخلايا مما يؤدي إلى تنافرها مع بعضها وبالتالي لا تتجمع أو تلتصق ببعضها. ويعمل النياسين كذلك على توسيع الأوعية الدموية عن طريق إطلاق الهستامين (الذي يسبب تورداً لبعض الوقت). وإذا كان هناك شك في وجود هذه المشكلة، يمكن علاجها بإعطاء مكملات النياسين 100 مجم أو أكثر مرتين في اليوم، والدهون الأساسية GLA 150 مجم (أوميجا 6)، و EPA 500 مجم (أوميجا 3)، وفيتامين ب12 10 مكجم. ويعطى فيتامين ب12 عادة بهذا التركيز في مستحضر يحوي فيتامينات متعددة.
طاقة خارج الحسبان
افترض أنك قد حصلت على كل العناصر الغذائية التي تحتاجها لكي تطلق الأكسجين بكفاءة، فهل هناك أي ميزة في أن تتناولها بكمية زائدة؟ والإجابة: نعم، برغم أن الأكسجين الزائد عن الحد كثيراً يمثل خطورة كذلك. ويتم وضع المرضى ذوي الحالات الحرجة في خيمات الأكسجين Oxygen Tents (ويقال إن مايكل جاكسون يرقد في واحدة منها). ويوجد تخصص بالكامل في الطب المكمل يطلق عليه “المداواة بالأكسجين” يُعنَى بطرق تعزيز الحفاظ على توازن الأكسجين. مع ذلك، هنالك الآن أشياء مناسبة يمكنك أن تمارسها لكي تزيد قدرتك على استعمال الأكسجين.
معظم الناس يستعملون أقل من ثلث سعة الرئة التنفسية، وتزيد تمارين اللياقة والتنفس سعة الرئة؛ لهذا تساعد على إمداد الأنسجة بالأكسجين، وتحسين مستوى الطاقة. وأفضل صور التمارين تكون كالآتي حسب الترتيب: التمرينات الهوائية (الإيروبيك)، والأنشطة المعززة للقوة مثل: السباحة والعدو الوئيد وركوب الدراجات والمشي السريع، والتي تتطلب جميعها أن تتنفس بعمق وبشدة. وهذا التنفس العميق يفيد في كل أشكال الرياضة. اجعل الحركات متزامنة مع التنفس وانتبه إليه جيداً، وتنفس من بطنك؛ لأن هذا يجعل القفص الصدري يتسع فيسمح بدخول هواء أكثر.
نَفَس الحياة
التنفس شيء لا نقدر قيمته، مع أن التقاليد القديمة قد استعملت لآلاف السنوات تمرينات التنفس من أجل الارتقاء بالمشاعر وصحة الجسم. فالتنفس يعكس مشاعرنا. وكل حالة عاطفية لها نمط تنفس محدد خاص بها. على سبيل المثال، عندما نكون قلقين أو خائفين، يصبح تنفسنا سريعاً وسطحياً. وعلى العكس، عندما نكون سعداء ونطرح بعيداً عباءة الإجهاد ونسترخي يكون التنفس بطيئاً وعميقاً. واستعمال التنفس يعتبر جزءاً أساسياً من تمرينات التأمل واليوجا. ويقال إن التنفس يربط العقل بالجسد، فهو يريح العقل ويرخي الجسد.
والأكثر من هذا أن جعل تنفسك بطيئاً وعميقاً ربما بالفعل يجعلك تعيش أطول. والتماس الإنسان طول العمر أدى إلى طرح العديد من النظريات التي تُعنى بإبطاء عملية الشيخوخة. رغم هذا، فمازال هناك حقيقة واحدة مسلم بها. ففي كل الحيوانات يتراوح معدل ضربات القلب من 2.5 إلى 3.5 بليون ضربة طول العمر. وبالنسبة للإنسان -الذي ينبض قلبه بمعدل 72 نبضة في الدقيقة- تتراوح حياته بين 70 إلى 80 سنة. وتطبيق هذه المعادلة يعني أن إبطاء نبض قلبك إلى 60 نبضة في الدقيقة سيضيف سبع سنوات لحياتك. ويمكن التعرف على الصحة الجيدة من خلال التنفس العميق والنبض البطيء. كلما كان قلبك قوياً، قل عدد دقاته؛ وكلما كان التنفس عميقاً، حصلت أنسجة أكثر على كفايتها من الأكسجين. علاوة على ذلك، هناك الكثير الذي يمكن أن يضيفه التنفس. فبحسب فلسفة اليوجا، فإن الهواء الذي نتنفسه يحتوي أيضاً -بجانب الأكسجين- على ما يطلق عليه البرانا Prana أو الطاقة الحيوية. وبواسطة ممارسة تمرينات التنفس نستطيع أن نجمع هذه الطاقة ونعيد الحيوية للجسم والعقل.
الهواء أهم من الأكسجين
يبحث العلم الآن في قياس هذه الطاقة غير المرئية. بعض العلماء يعتقدون أنها ترتبط بجسيمات مشحونة سابحة في الهواء تسمى الأيونات. هذه الأيونات عندما تحمل شحنة سالبة يكون لها تأثيرات إيجابية علينا والعكس بالعكس. وهذا ما تقوم به المؤينات؛ أن تولد أيونات سالبة.
وتتواجد الأيونات الموجبة -ذات التأثير الضار- مع الرياح العاتية، مثل رياح المسترال Mistral التي تهب على وادي الرون Rhone بفرنسا. تسبب هذه الرياح ما يعرف بـ “توتر ما قبل المسترال” حيث إنها تجعلك حاد الطبع ومتوتراً. وبعد العواصف الرعدية أو بالقرب من الشلالات يمتلئ الهواء بالشحنات السالبة -ذات التأثير المفيد- التي قد تساعدك على تكديس الطاقة الحيوية.
إذا كنت لا تتواجد بمكان قريب من أحد الشلالات، يمكنك ممارسة تمرينات التنفس بشكل معين فهذه سيكون لها نفس التأثير. ومعظم أساليب اليوجا والتأمل تعلم طرقاً خاصة لكي تجعل التنفس عميقاً. وهذا ليس مفيداً في إطلاق الأكسجين فقط، ولكنه يمثل أيضاً طريقة رائعة لكي تجعل مشاعرك هادئة وذهنك صافياً. فالتوتر يجعل التنفس سطحياً بينما تعميق التنفس يقلل التوتر.
تمرينات الطاقة
الطاقة ليست فقط الغذاء الذي تأكله أو الهواء الذي تتنفسه. لكنها تعتمد كذلك على حالة جسمك. فبدون ممارسة التمارين يفقد جسمك قوة عضلاته ويتراكم التوتر ويكون الشعور بالتعب. والتمرينات تحسن الدورة الدموية وأكسدة الدم فيرتفع مستوى الطاقة. ولكن هناك فائدة للتمارين أكثر من فائدة التمرينات الجسدية البسيطة.
وقد دلت الأبحاث العلمية عن اليوجا والتاي تشي T’ai Chi (فن صيني قديم يركز على تحسين القوة والتوازن من خلال حركات خفيفة وبسيطة) على أن لهما تأثيرات إيجابية على الصحة لا يمكن الوصول إليها من خلال تمارين الإيروبيك أو الجري حول الملعب. وبينما قد تثبط تمارين الإيروبيك الزائدة جهاز المناعة وتجهد الجسم (مع أن التمارين الزائدة ليست هي القضية لمعظمنا)، فإن ممارسة برنامج التاي تشي يحسن الصحة ويقوي المناعة. وأوضحت الدراسات أن اليوجا لها تأثيرات إيجابية على النبض وضغط الدم وعلى الأداء الجسمي والعقلي أفضل بكثير من تلك المتوقعة من التمرينات الجسمية بمفردها.
وهذه الأنظمة القديمة من التمرينات لم توضع فقط لتحقق لنا سلامة الجسم والعقل، وإنما صممت كذلك لتمنحنا الحيوية عن طريق إزالة العوائق الناتجة عن تراكم التوتر. هذه العوائق تمنع الطاقة الحيوية (وهي مكون غير منظور يعرف في الصين بـ “تشي” Chi) من إعادة حيويتنا.
كل يوم يمر تتراكم فيه التوترات علينا. وهذه تخزن في عقولنا في صورة قلق وفي أجسامنا على هيئة توتر. وتقوم كل الفلسفات الأساسية لفنون الدفاع عن النفس الشرقية والتقاليد الهندية القديمة على تعليم أن التوتر يمنع تدفق الطاقة ويعوق حيويتنا. لذلك، فإن هدف ممارسة اليوجا أو التاي تشي هو قطع العوائق وإزالة التوتر وجعلنا نعود إلى حالة الاتزان. وبالطبع، برغم أن اليوجا والتاي تشي قد يساعدانك على المحافظة على مستوى لياقتك ومنحك القوة والاسترخاء، إلا أنه لا يمكن وصفهما على أنهما من تمرينات الإيروبيك كما أنه ليس من المحتمل أن ينتهي بك الأمر وتكون مثل ديمي مور، أو بروس ويليس.
تمرينات الجمباز النفسية
نشأت هذه الألعاب على يد “أوسكار إيكازو” مؤسس معهد أريكا Arica بنيويورك، وهو منظمة متخصصة لمساعدة الناس على الوصول إلى الحالة المثلى للقوة. ويعتمد هذا النظام من التمرينات على مبدأ مفاده أنك إذا قضيت 20 دقيقة في اليوم في أدائها للحصول على اللياقة جسمياً وعقلياً، فإنك أيضاً سوف تولد طاقة حيوية في نفس الوقت. وألعاب الجمباز النفسية نظام عصري مكتمل من التمرينات -مؤلفة من 23 تمريناً يمكن ممارستها في أقل من 20 دقيقة- ويشبه من النظرة الأولى مزيجاً فعالاً من اليوجا والرقص والتاي تشي وفنون الدفاع عن النفس. وبنفس الطريقة التي نحتاج فيها يومياً للغذاء فإننا بحاجة أيضاً لتنشيط دورة الطاقة الحيوية يومياً. هذا ما يقوله “إيكازو” أستاذ اليوجا وفنون الدفاع عن النفس الذي طور هذه الألعاب في عام 1958. ومنذ ذلك الحين وهذه الألعاب تجرى وتختبر من قبل آلاف الأشخاص.
وكلمة Psychocalisthenics تعني القوة Sthenia والجمال Cali عبر التنفس Psycho. ويعتبر التنفس ركناً أساسياً في هذا النظام حيث إن التمارين الثلاثة والعشرين يتم توجيهها بواسطة نمط محدد من التنفس العميق. وهذه التشكيلة من الحركات والتمرينات والتنفس المصممة لتوليد الطاقة الحيوية، تجعل هذا النظام فريداً من نوعه؛ فهو يجمع بين الشرق والغرب تماماً. وأنا عندما مارست هذا النظام أول مرة -استغرق يوماً حتى أتعلمه- كنت مبهوراً بكم الخفة والنشاط اللذين شعر بهما جسمي بعد ذلك. لقد أصبحت عضلاتي أكثر تناغماً، ومفاصلي أكثر مرونة، لكن النفع الأكبر كان الشعور بصفاء الذهن.
ويقدم بعض المؤيدين لتمرينات الجمباز النفسية نفس التقارير المتوهجة عن فوائد هذه التمارين: “هذا تمرين يكاد يبلغ حد الكمال، أنا لم أعرق كثيراً كما هي الحال في تمرينات الإيروبيك، كما شعرت بأنني قد مارست التمرينات بعضلات أكثر. لقد كنت أشعر بصفاء ذهني بدلاً من تشتته”. هذا ما قالته “جين ألكسندر” عندما كانت تكتب مقالاً عن تلك التمرينات في صحيفة Daily Mail. وهذه التمرينات تشجعها وتنادي بها في الولايات المتحدة الممثلة “ليندساي واجنر” بطلة مسلسل “المرأة الخارقة”.
ومن الأشياء التي أفضلها كثيراً في تمرينات الجمباز النفسية أنك لست بحاجة لتذهب إلى أي مكان أو أن ترتدي ملابس خاصة أو تشتري أي جهاز. فبمجرد أن تتعلم الحركات يمكنك أن تؤديها خلال 16 دقيقة في بيتك، إما بمساعدة شريط فيديو وإما بالاستماع للدرس مسجلاً على شريط مع موسيقى مصاحبة.
وأفضل طريقة لتعلم الحركات أن تقوم بتنفيذ ما يسمى بتدريب اليوم الواحد الذي يقام كثيراً في أماكن مختلفة من بريطانيا. يمكنك أن تتعلمه من شريط الفيديو، لكن ليس هناك شيء مثل أن يكون معك معلم يخبرك عن الأخطاء التي تقع فيها، وكيف تؤدي الحركات بالطريقة الصحيحة. هناك أيضاً كتاب رائع يسمى Master Level Exercise يوضح الأسس النظرية لتمرينات الجمباز النفسية وكيف يعيد كل تمرين حيوية أجزاء مختلفة من الجسم والعقل.
إعادة تعريف الحيوية
الحيوية -وهي الشعور الحقيقي أنك مفعم بالطاقة- لا تتعلق فقط بنوعية الطعام الذي تأكله أو بلياقتك البدنية، لكنها ترتبط بما هو أكثر من هذا. وهذا العامل الإضافي يعرف بأنه ذلك الشيء الذي يصعب قياسه، لكن لا ينكر وجوده ولا يستحيل لمسه. وتوصف الطاقة الحيوية (تسمى في الشرق بـ “تشي” Chi أو “كي” Ki) بأنها الطاقة التي نتلقاها من الكون، وبحسب تلقينا لها تتوقف قدرتها على منحنا مستويات أساسية من التغذية.
وكما ذكرنا آنفاً، فإن اليوجا والتاي تشي وفنون الدفاع عن النفس الأخرى كلها موجهة لكي تجعلنا أسرع إلى التلقي؛ مثل العلاج بالإبر الصينية الذي يعمل بواسطة فتح قنوات أو مسارات للطاقة (تسمى Meridians) التي يقال إن من خلالها تتدفق الطاقة الحيوية، وأنت عندما تسير على شاطئ المحيط أو ترقد على الشاطئ أو تمشي متنزهاً في الغابة، فإنك تشعر بأنك قد أصبحت أشد ارتباطاً واتصالاً بنفسك وبالكون وأصبحت أكثر لمساً للحقيقة، وهذا يمنحك تجديداً للحيوية ونظرة مختلفة للحياة.
وطبقاً للطب التقليدي الصيني، فإن الطاقة الحيوية تأتينا من خلال الطعام الذي نأكله والهواء الذي نتنفسه وأنا مقتنع بأن هذا أكثر من مجرد حصيلة المواد المغذية في طعامنا وتأثير الأكسجين أو الأيونات السالبة فقط. وأنا متأكد أن تناول الأطعمة العضوية الطازجة المجهزة جيداً له تأثير يختلف كثيراً عن تناول الأطعمة السريعة -مثل الهامبورجر- المجهزة من حيوانات أسيء تغذيتها، ومثل الشرائح المقلية للبطاطس المعالجة بالمبيدات الحشرية. فهذا لا يمكن تفسيره على أساس محتواها الغذائي فقط. وبالمثل أعتقد أن الأمر ليس فقط مجرد ما نتنفسه ولكن كيف نتنفسه، فهذا هو الأهم.
باختصار لكي تحصل على طاقة مرتفعة وتستطيع أن تقاوم التوتر فأنت بحاجة لأن:
• تمارس بعض أنواع التمارين التي تزيل التوتر مثل ألعاب الجمباز النفسية أو اليوجا أو التاي تشي خلال برنامجك الأسبوعي.
• تهتم بتنفسك فتتعلم كيف تتنفس بعمق كوسيلة لتقليل التوتر وكطريقة للتركيز، وكل أنظمة التمارين السابقة تعلمك تمرينات التنفس.
• تقضي قدر استطاعتك وقتاً أطول في الهواء الطلق. وإذا كنت من سكان المدن، فحاول أن تقضي أجازتك في الجبال أو على شاطئ المحيط أو في ممارسة رياضة المشي في الريف.