تشكل وفاة الطفل حدثا مأساويا لعائلته. والجانب الأكثر كرباً ومعاناة لمتلازمة الموت الفجائي للرضيع هي أنها تحدث دون سابق إنذار، وعادة في المكان الذي يفترض أن يكون الطفل فيه آمنا – أي المنزل. ولغاية الآن لا نزال نجهل أسباب هذه المتلازمة، رغم تحديد الأطباء بعض عوامل الخطر الموثوقة. لكن وقوع هذه المتلازمة آخذ بالانخفاض منذ أن بدأ الأهل الاطلاع على النصائح الجديدة القائمة على هذا البحث وبات بمقدورهم اتخاذ عدد من التدابير التي تقلل ما أمكن من الخطر. ويكون الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين شهر وستة أشهر أكثر عرضة لخطر هذه المتلازمة.
رغم الأبحاث الكثيرة التي أجريت بشأن متلازمة موت الرضيع الفجائي، فإن أسبابها لا تزال مجهولة تماما. ومع ذلك يعتقد الكثير من الأطباء بوجود علاقة بين هذه المتلازمة وأنماط التنفس غير الطبيعية. وتشيع متلازمة الموت الفجائي للرضيع كثيرا بين الأطفال الخدج الذين يولدون قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل. من الناحية الإحصائية، تشير الأبحاث إلى أن أشقاء الأطفال الذين ماتوا بسبب هذه المتلازمة هم أكثر عرضة بقليل لهذا الخطر.
تحديد عوامل الخطر
تتضمن عوامل الخطر التي تزيد من إمكانية التعرض لمتلازمة موت الرضيع الفجائي الأمور التالية:
- تدخين الأهل.
- إدمان الأهل للمخدرات.
- عدوى حديثة في السبيل التنفسي العلوي، كالزكام مثلا.
- جعل الأطفال ينامون على وجوههم.
- جعل الأطفال ينامون في غرفة حارة جدا أو تغطيتهم بشكل زائد، وخصوصا أثناء المرض، الأمر الذي يجعلهم عرضة للحماوة المفرطة.
- إرضاع الطفل من الزجاجة بدلاً من الثدي.
جوانب وقائية
حددت الأبحاث الكثير من عوامل الخطر التي تزيد من حدوث هذه المتلازمة. وهناك عدد من الطرق التي يتيح إتباعها تخفيض هذا الخطر. وهذه الطرق تشمل:
- وضع الطفل على ظهره أثناء النوم وإنزاله إلى أسفل المهد.
- استخدام فرشة قاسية في المهد.
- عدم استخدام المخدة حتى بلوغ الطفل عمر السنة.
- عدم استخدام الكثير من البطانيات، لأنها قد تجعل الطفل عرضة للحماوة الزائدة.
- عدم التدخين في المنزل، أو السماح للزوار بالتدخين في المنزل. وتجنب أخذ الطفل إلى الأمكنة التي يدخن فيها الناس.
- الإرضاع من الثدي في الأشهر القليلة الأولى من حياة الطفل، لأن هذا يعزز من مناعته ويقلل من احتمال تعرضه لمتلازمة الموت المفاجئ.
وعلى الرغم من أن الكثير من الآباء يستخدمون أجهزة مراقبة للتأكد من تنفس أطفالهم، فليس هناك ما يشير إلى أن هذه الأجهزة تقلل من تعرض الطفل للإصابة بمتلازمة موت الرضيع الفجائي. وهي غالبا ما تزيد من قلق الأهل بدلا من أن تخففه.
يتعلم بعض الأهل طريقة الإنعاش القلبي الرئوي بحيث يشعرون بأنهم قادرون على التعامل مع الموقف بثقة أكبر. وإذا أصيب طفلك بهذه الحالة المستبعد حدوثها، اتصل فورا بخدمة الطوارئ، – أو كلف شخصا بذلك ¬وابدأ على الفور بإنعاش الطفل أثناء انتظار وصول المساعدة. سيحاول الأطباء إنعاش الطفل فور وصوله إلى المستشفى، لكنهم غالبا ما يفشلون بذلك.
عندما يتوفى طفل بسبب متلازمة الموت الفجائي، سيكون الأهل بحاجة إلى الدعم والمساعدة. وقد تكون الاستشارة الطبية المختصة مفيدة للتأقلم مع مثل هذه الخسارة كما توفر مجموعات الدعم مساعدة قيمة على المدى الطويل.
استجابة الآباء لمتلازمة الموت المفاجئ عند الرضع
إن طفلا واحدا من بين ألف طفل يموتون بالولايات المتحدة الأمريكية بسبب متلازمة الموت المفاجئ عند الرضع (الموت المفاجئ)، وتعتبر هذه المتلازمة هي السبب الأكثر انتشارا لموت الأطفال بين عمر ثلاثة أسابيع حتى سبعة أشهر، واستنادا إلى التعريف، فإننا نكتشف عدم وجود عدوى في هذه الحالة حتى بعد تشريح الجثة (لتحديد سبب الوفاة).
في الواقع، يجب أن ينام الأطفال الرضع على ظهورهم ما لم يصف الطبيب خلاف ذلك. فعندما ينام الرضيع على ظهره، تقل إصابته بهذه المتلازمة إلى النصف. والجدير بالذكر أن تجنب التدخين السلبي، وكذلك تجنب التدفئة الزائدة هما أمران بالغا الأهمية أيضا. وبالرغم من ذلك فإنه في حالة اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة فإن ذلك لا يمنع إصابة الطفل بمتلازمة الموت المفاجئ عند الرضع.
يشعر الآباء بالصدمة عقب موت طفلهم المفاجئ، فالموت المفاجئ من شأنه أن يجعل الآباء أكثر انهيارا مقارنة بالموت المسبوق بمرض شديد. وفي هذه الحالة يسيطر الشعور بالذنب على الآباء، مفترضين أنه كان يتعين عليهم الاهتمام أكثر بالطفل عند إصابته بنزلة البرد إذا كان يعاني منها، أو أنه كان يتعين عليهم ملاحظة شيء ما، أو أنه كان عليهم إجراء فحص طبي على الطفل، حتى لو لم يكن هناك داع للقيام بهذه الأمور. علاوة على ذلك، لا يوجد أب يستشير الطبيب بخصوص كل نزلة برد طفيفة تصيب طفله، ففي هذه الحالة لن يصف له الطبيب أي علاج؛ لعدم وجود داع. والجدير بالذكر أنه لن يتوقع أحد حدوث مثل هذه المأساة.
سوف يشعر الآباء بالإحباط –عادة- لعدة أسابيع أو شهور يعانون خلالها من تقلبات الحياة. وقد يواجهون صعوبة في التركيز أو النوم، كما يفقدون شهيتهم، وقد يعانون من أعراض مرضية بالقلب أو المعدة، وقد يشعرون بحاجة ملحة إلى الخروج، وقد تنتابهم حالة من الفزع في حالة شعورهم بالوحدة. وإذا كان لديهم عدد آخر من الأطفال فإنهم قد يخشون وجودهم بعيدا عن مرمى بصرهم، وقد يتلافون الشعور بالمسئولية تجاههم، أو يعاملونهم بانفعال. وبالرغم من ذلك يشعر بعض الآباء برغبة في الحديث، في حين يكبت البعض الآخر مشاعره.
وبالطبع يشعر الأطفال الآخرون بالعائلة بشيء من الحزن، سواء ظهر عليهم ذلك أم لا. أما بالنسبة للأطفال الصغار فقد يشعرون بالتعلق، أو يتصرفون برعونة. وقد يبدو الأطفال الكبار غير مهتمين، ولكنهم في الواقع يحاولون حماية أنفسهم من الحزن والشعور بالذنب. ومن الصعب أن يدرك الكبار سبب شعور الطفل بالذنب، إلا أن جميع الأطفال يكنون مشاعر السخط تجاه إخوانهم وأخواتهم، وبالتالي فإن تفكيرهم غير الناضج يدفعهم للاعتقاد بأن هذه المشاعر ربما كانت سببا في وفاتهم.
وإذا تلافى الآباء الحديث عن الرضيع المتوفى فإن هذا الصمت قد يزيد من شعور باقي الأطفال بالذنب؛ وبالتالي من الأفضل أن يتحدث الآباء عن الطفل المتوفى ويوضحوا أن مرضا ما قد أصابه وسبب له الوفاة، وأنه لم يكن خطأ أي منهم. والجدير بالذكر أن استخدام بعض التعبيرات اللطيفة للتعبير عن هذه الفاجعة مثل: «لقد هرب الرضيع» أو «إنه لن يستيقظ أبدا» قد يضيف ألغازا ودواعي قلق جديدة للأطفال الآخرين. ومن المفيد أن يحاول الآباء الاستجابة بلطف إلى أسئلة الأطفال وتعليقاتهم؛ وبالتالي فإنهم يفصحون عن دواعي قلقهم بطريقة صحيحة. وينبغي على الآباء السعي لطلب الاستشارة من وكالة الرعاية الاجتماعية للأسرة، أو عيادة الإرشاد النفسي، أو طبيب نفسي، أو أخصائي في علم النفس، أو أحد رجال الدين؛ ومن ثم يمكنهم التعبير عن المشاعر التي تسيطر عليهم وإدراكها.