تعني كلمة التهذيب معاني مختلفة لمختلف الناس. حيث يعتبرها البعض عقاباً، والبعض الآخر يعتبرها إرشاداً أو تعليماً. ومعظم خبراء علم نمو الأطفال اليوم يؤكدون على أهمية طريقة التهذيب غير العنيفة، ويشجعون الآباء على الابتعاد عن العقاب، واتباع أسلوب تعليمي وإرشادي بدلاً منه.
متى يبدأ التهذيب؟
يبدأ أساس التهذيب الفعال منذ الميلاد، فالعلاقة التي تصنعينها مع الرضيع ستساعد على توجيه سلوكه لاحقاً.
الارتباط:
إن الارتباط الوثيق برضيعك يساعدك على الإحساس بما يحتاجه قبل أن تتحول هذه الحاجة إلى مصدر للإزعاج. كما يتعلم رضيعك أن يثق بك وهو جانب مهم للتهذيب الإيجابي.
موقف مفيد للطرفين:
إن كل لحظه تربوية يجب أن تكون موقفاً مفيداً للطرفين: للرضيع والأبوين. سيشعر رضيعك بالأمان لأنه يحتاج إلى أن تضعي له الحدود لسلوكياته، وسوف تشعرين بالسعادة لأنك لست مضطرة للجوء للصياح أو التهذيب أو الضرب.
الوقاية:
تجنبي أي صراع على القوة غير ضروري بمنع المواجهات قبل حدوثها. على سبيل المثال: أبعدي الأشياء الخطيرة من منطقة لعب الطفل، لكي لا تضطري لقول: لا، لا تلمس ذلك الشيء طوال الوقت
السلوك المناسب للمرحلة العمرية:
إذا فهمت نمو رضيعك ستدركين أنه توجد سلوكيات محددة تعتبر طبيعية في المراحل العمرية المحددة. على سبيل المثال: معرفة أن الرضيع في عمر ستة شهور سيضع الأشياء في فمه لكي يتعرف عليها ستشجعك على إبعاد كل ما يمثل خطراً عليه ويعرضه للاختناق، وبالتالي ستتجنين مواجهات غير ضرورية.
وفرّي فرص التعليم:
لا تجعلي رضيعك يفشل سلوكياً، بل امنحيه الفرصة للتصرف بإيجابية وليس بسلبية. على سبيل المثال: امنحيه ألعاب تحدٍ لإتقان المهارات بدلاً من توبيخه على فتح حافظة نقودك التي لا يجب أن تكون في متناول يديه.
الشخصية:
إن فهم الحالة المزاجية للرضيع، وانفعالاته، ومستويات طاقته طوال اليوم سوف يساعدك على توجيه سلوكه. إذا كان مريضاً سيختلف سلوكه غالباً عما إذا كان سليماً معافي، ولذلك عليك أن تشعري بالتغيرات في الروتين اليومي للطفل والتي قد تؤثر على سلوكه.
حل المشكلات:
تذكري أن أي سلوك له دافع. حاولي تحديد سبب سلوك رضيعك لكي تتمكني من التخلص من المشاكل التي تؤثر على سلوكه. على سبيل المثال: إذا كان الرضيع يشعر بالضيق وغير متعاون، فقد يكون في مرحلة التسنين. ترقبي ظهور أية أعراض أخري وقدمي له العلاج المناسب.
نصيحة إضافية:
لا يتعمد الرضع الإساءة إلى الأبوين، فالرضيع يستخدم طريقة المحاولة والخطأ لتعلم كيفية التفاعل معك، ولذا فالأمر متروك لك لممارسة التهذيب الإيجابى. بذلك سيتعلم رضيعك السلوك الملائم بدون الخوف من الصياح، أو الصفع.
خطط تربوية: أساليب تربية الطفل
توجد عدة أساليب مختلفة حددها خبراء نمو الأطفال. وإليك ثلاثة أساليب أساسية.
الأسلوب المتسلط:
الآباء المتسلطون يعتقدون أن كلمتهم هي القانون ويجب على الأطفال احترام سلطتهم. هنا يكون التهذيب صارماً وعادة يشمل الصفع، أو على الأقل التهديد به. ويقول العديد من خبراء نمو الأطفال إن أطفال الآباء المتسلطين يميلون إلى التعاسة، وهم عرضة لخطر ارتكاب السلوكيات العنيفة لاحقاً في حياتهم، كما تقل دافعيتهم للتعلم.
الأسلوب المتساهل:
وهو أسلوب يسمح بكل شيء، حيث لا يهتم الأبوين بما يفعله الأطفال. هنا يكون التهذيب بكثير من اللين، ويميل الأطفال الذين يخضعون لهذا لأسلوب إلى الحيرة وعدم الانضباط، والشعور بعدم الأمان، كما تقل لديهم مهارات التعليم.
الأسلوب المتسلط الديموقراطي:
يميل الآباء المتسلطون الديموقراطيون عامةً إلى الاستماع لأطفالهم ومحاولة فهم وجهة نظرهم. وهم يفضلون أشكال التهذيب بلا عنف، ويميلون إلى التأكيد على التعلم وتفضيله على العقاب، ويتفاوضون مع أطفالهم على الحلول الوسط عندما يكون ذلك مناسباً، ولكن تكون لهم الكلمة الأخيرة بناء على مصلحة الأطفال. إن كلا الطرفين رابح: الأبوين والأطفال. يميل أطفال الآباء المتسلطين الديموقراطيين إلى السعادة والاستقلال التوافق الاجتماعي، وينجحون دراسياً.
اقرأ القواعد: الحدود
ناقشي أساليب التربية والتهذيب مع زوجك، وتحدثا عما تريدانه في النهاية لطفلكما ولكما شخصياً. فالتواصل الفعال سوف يساعدكما على اتخاذ القرارات الجيدة بخصوص أساليب التهذيب، ووضع الحدود، وقواعد السلوك. إليك بعض الإرشادات الأساسية لوضع الحدود لطفلك.
احترام الآخرين:
علمي طفلك ألا يؤذي الآخرين عن قصد، فمن المهم أن يتعلم احترام الآخرين.
احترام الذات:
علمي طفلك ألا يؤذي نفسه عن قصد، فيجب أن يتعلم احترام ذاته مثل احترام الآخرين.
احترام الممتلكات:
علمي طفلك ألا يخرب الممتلكات عن عمد، فيجب أن يتعلم احترام ممتلكاته وممتلكات الآخرين أيضاً.
ارفض كلمة لا
كلمة لا كلمة قوية ولا يجب استخدامها أكثر من اللازم.
اقتصدي في استخدامها:
اجعلي استخدامها عند الحاجة إليها فعلياً مثل الأوقات التي يعرض الرضيع نفسه للخطر، أو يفعل مالا تريدينه أن يفعله. كما أن تأمين المنزل ضد عبث الأطفال يقلل المواقف التي قد تستخدمين فيها كلمة لا أكثر من اللازم.
اشرحي سبب الرفض:
عليك اعتياد الشرح لرضيعك بكلمات بسيطة سبب رفضك لقيامه بعمل شيء محدد. استخدمي كلمات مثل: خطر !، أو هذا قد يؤذيك، وفي النهاية سيفهم مغزي كلامك، وسوف تخلق نغمة صوتك التي تنم عن الاحترام جواً من الثقة المتبادلة. الأهم هو أنك ستعلمين الطفل السبب الحقيقي لتجنب سلوك محدد بدلاً من إزعاجه بعبارة مثل: لأنني قلت ذلك !.
الجدية:
عندما تقولين لا فاجعلي مظهرك يدل على أنك تقصدينها فعلاً. استخدمي صوتاً حازماً وتعبيرات وجه تدل على الجدية. فلا يتعين عليك الصراخ.
احترام الرضيع:
كلما أمكن، وفري لرضيعك الفرص لممارسة التحكم في البيئة المحيطة به. ويحتاج الرضيع إلى الحدود للشعور بالأمان، ولكنه يحتاج إلى اكتساب إحساسه بالذات. سينتج عن قيامه بالاختيار أنه سيكون مطيعاً أكثر عندما تريدينه كذلك.
خلق بيئة آمنه
قومي بتجهيز منزلك بحيث يكون محفزاً للرضيع لكي يكتشفه ويكون آمناً في نفس الوقت. استغلي الوقت بينما لا يزال الرضيع صغيراً لتجنب المواجهات لاحقاً. سيشعر الرضيع بالحرية لكي يلعب ولن تضيعي الوقت في تقييد سلوكه.
قللي المداخل:
ضعي الأبواب أمام السلالم، وأغلقي الأبواب لمنع الدخول للمناطق المحظورة على الرضيع.
تخزين الأغراض:
ضعي الأشياء الخطيرة، أو التي يمكن كسرها، بعيداً عن متناول رضيعك لكي لا يتم إغراؤه للعبث بها حتي لا يسبب ذلك مواجهات غير مرغوب فيها.
تأمين المنزل ضد عبث الأطفال:
تأكدي من أن كل حجرة في المنزل (حتي الحجرات المحظورة على الطفل) آمنة بالنسبة له.
وفري وسائل المتعة:
وفري الكثير من وسائل المتعة لرضيعك لكي يلعب بها ولكي يبتعد عن التخريب. علاوة على ألعابه المعتادة، اجعليه يلهو بالأوانى، والمقلاة، والأدوات المنزلية الآمنة. إذا كان ذلك ممكناً، خصصي رفاً أو خزانة للاحتفاظ بأشيائه التي يلهو بها.
راقبي طفلك:
حتي مع توافر الأمان في البيئة، لا تتركي طفلك أبداً بدون مراقبة. فإن للرضع مقدرة خاصة على خلق المشاكل حتي إذا اعتقد الآباء أنهم منعوا احتمالات حدوثها.
ممنوع الصفع
يري الكثير من خبراء نمو الأطفال أن الصفع عقوبة قاسية على الرضيع أو الطفل. وإليك أسباب ذلك:
لأنه مخيف:
تخيلي عملاقاً ضخماً يتجه نحوك ليضربك ! هذا هو شعور طفلك عندما تضربينه. لا تخيفي طفلك لكي يخضع لك.
لأنه مؤقت:
أي أنه يوقف السلوك السلبي مؤقتاً، وقد يتسبب في ظهوره على المدي الطويل، حيث يتعلم الأطفال استخدام العنف للحصول على ما يريدون.
لأنه غير صحي:
لأنه يولد الاستياء والغضب والذي يكبته الطفل أمام الأبوين، ولكنه يخرجه بطريقة أخري كضرب أخ أو أخت أصغر منه سناً.
لأنه يضر بالرضيع:
نعرف الآن أن الصفع يؤدي إلى الإضرار بالطفل بشكل عام، فعندما تضربينه في ثورة غضبك يكون من السهل تكرار ذلك في كل مرة تغضبين من سلوكه السيء. ولكن قد تشعرين بالرغبة في استخدام هذا العقاب باستمرار وبطريقة أكثر عنفاً لأنه لا يؤتي نتيجة إيجابية. لا تبدئي هذا العقاب وإلا لن تتمكني من التوقف.
لأنه لا يعلم الطفل شيئاً:
عندما تضربين الطفل فذلك يعلمه الخوف فقط. بدلاً من تعلم تجنب السلوك الخاطيء لأنه خاطيء، يتعلم الطفل تجنب السلوك لأنه سيعاقب عليه.
لأنه نوع من النفاق:
إنه لنوع من النفاق أن تضربي طفلك لأنه ضرب طفلا آخر. بدلاً من ذلك، كوني قدوة للسلوك الذي تريدين منه أن يتبعه.
امتدح القيام بعمل جيد: استخدام أسلوب التشجيع الإيجابى
يميل الآباء لملاحظة الطفل عندما يرتكب أية حماقة، ولكن غالباً لا يلاحظون ما يقوم به من أفعال جيدة. من أفضل الطرق لإرشاد وتوجيه سلوك طفلك هو مدحه عندما يقوم بأعمال جيدة، ويأتي بسلوك جيد.
امدحيه عندما يقوم بعمل جيد:
إذا كان طفلك يصرخ باستمرار في المنزل فلا تنتظري حتي يبدأ بالصراخ قبل أن تفعلي شيئا لمنع ذلك. بدلاً من ذلك قولي له: إنك تستخدم صوتاً هادئاً ولطيفاً اليوم !.
امدحيه كثيراً:
عندما يقوم الطفل بعمل شيء جيد فامدحيه بطريقة ترتبط بذلك السلوك الإيجابى. بدلاً من أن تقولي له: يالك من فتي رائع.، قولي له: كان عملاً رائعاً أن تأكل بالملعقة !.
تجنبي النقد:
بدلاً من انتقاد السلوك غير المرغوب فيه شجعيه على بديل مقبول. على سبيل المثال قولي له: اطرق على الباب برفق.، بدلاً من: كف عن الإزعاج !.
ابقي قريبة من طفلك:
فإنه بالاقتراب منه ومراقبته يمكنك إعادة توجيه سلوكه قبل أن تحدث له المشاكل. فإذا كان على وشك وضع لعبه في جهاز الفيديو، الفتي نظرة لمكان آخر لوضع اللعبة فيه.
نصائح سريعة من الأمهات
ممنوع المشاركة
لم يكن رضيعي يحب مشاركة الأطفال الآخرين بلعبه. ولذلك بدلاً من أن أجعله يشارك بلعبه مع أي صديق يقوم بزيارته، جعلته يختار بعض الألعاب الخاصة به والتي لا يريد أن يشارك بها أحد. كنا نخفي تلك الألعاب عند زيارة أي صديق له ونخرجها عندما يرحل وأثناء الزيارة كان رضيعي يشارك الآخرين بالأشياء الأخري دون مشاكل.
إلهاء الرضع
لقد وجدت أن أفضل طريقة للتعامل مع المشكلات المتوقعة هي إعادة توجيه انتباهه. إذا أراد اللعب بشيء محظور، أقوم بإلهائه بلعبة أخري وأجعلها تبدو ممتعة أكثر. إذا أراد الذهاب لاستكشاف الحمام، كنت أضعه في حجرة المعيشة حيث يوجد الكثير من الألعاب التي تشغل وقته. وفي المتجر يكون في أسوأ حال حيث يرغب في الحصول على كل ما يراه. ولكني أعطيه كيساً صغيراً من رقائق البطاطس لكي يتسلى، وعندما يأكله يصدر صوتاً رائعاً.
وفرّي المزيد من الخيارات
عندما تعلم رضيعي أن يقول لا !، كان يقولها طوال الوقت. كنت أعرف أنه من المهم له اتخاذ القرارات بين الحين والآخر، ولذلك بدأت امنحيه الخيارات التي لا تشمل كلمة لا. على سبيل المثال: بدلاً من قول: هل تريد العصير؟ كنت أقول: هل تريد العصير أم اللبن؟، ونجحت تلك الطريقة.
لا للضرب
أعتقد أنه شيء غريب أن نطلب من الطفل عدم ضرب الأطفال الآخرين ثم نضربه عندما يفعل ذلك. لقد كنت أُضْرَب عندما كنت طفلة ولم يفيدني ذلك بل جعلني أكثر انحرافاً وغضباً. أقسمت ألا أمارس تلك العقوبة على أطفالي فهي لا تعلم أي شيء سوي الخوف. بدلاً من ذلك أتحدث معهم، وأتركهم يجلسون بمفردهم لبعض الوقت للتفكير فيما ارتكبوه من أخطاء، وأعيد توجيه انتباههم، وأحاول أن أجعل العقاب مناسباً للجريمة. إنني أريد لعملية التربية أن تكون تجربة تعليمية لهم، وليست صراعاً للقوى. ولا يمكنني تخيل أنني أصفع رضيعي أو أي طفل آخر لأي سبب مهما كان.
حيلة للتغلب على نوبة الغضب
بدأت نوبات الغضب مع ابني منذ أن كان عمره عاماً واحداً. كان يلقي بنفسه على الأرض ويركل ويصرخ ويبكي حتي يتحول لون وجهه إلى الأزرق تقريباً. ولم أعرف ما يجب على فعله. في النهاية فكرت: ما الذي كنت سأريده إذا انتابتني نوبة غضب؟ كنت سأريد من يهدئني وهذا ما قمت به. كنت ألتقطه وأحمله وأضمه وأدعه يبكي، ثم أتحدث إليه بصوت هادىء. في النهاية كان يهدأ، ولست متأكدة من معرفة سبب انزعاجه، ولكن اقترابي منه كان هو العلاج. أحيانا نحتاج فقط لمن يرفق بنا.