المجموعة الكاملة المكونة من (11) فيتاميناً، تؤثر على أوجه مختلفة من الصحة، على سبيل المثال تؤثر عائلة فيتامين (ب المركب) على إنتاج الطاقة، وتؤثر على المزاج والسلوك.. كما تقلل من نسبة الإصابة بالأمراض التنكسية، وأمراض القلب والسرطان.
تحسين المزاج، وتخفيف آثار الشدة
لقد اعتبرت عائلة فيتامين (ب المركب) منذ زمن بعيد، أنها عوامل مضادة للشدة.. وهي مهمة لوظائف الأعصاب والمخ، وبالتالي فأي نقص في مستوياتها يؤدي إلى خلل في وظائف الجهاز العصبي. كما جاء في أقوال دافيد بينتون، باحث وأستاذ في جامعة ويلز، إن أول علامات عوز هذه الفيتامينات يكون في صورة مشكلات نفسية، ومنها الهيوجية، والغضب، وصعوبة مواجهة المواقف الصعبة، سواء في البيت أو في العمل.
من أجل المساعدة على التغلب على مظاهر الشدة، حاول أن تأخذ مكملات غذائية من فيتامين (ب المركب)، وتأكد من النشرة الموجودة مع الأقراص أو المحافظ (الكبسولات)، إن كل منها يحتوي على (10 مغ) من فيتامين (ب 1)، الذي يسمى الثيامين.. يعتبر ذلك مؤشراً على الكمية النسبية لباقي أفراد فيتامين (ب) الموجودة. وإذا شعرت بعدم ظهور أي تحسن بعد تناولك لهذه المكملات بعد ثلاثين يوماً، فإما أن تزيد الجرعة إلى ثلاثة أضعاف، أو حاول الحصول على مكمل غذائي آخر يحتوي القرص منه على (25 مغ) من فيتامين (ب 1).
يمكن أن يحسن فيتامين (ب المركب) من المزاج أيضاً.. لقد أعطى الدكتور بينتون لمجموعة من الطلاب الأصحاء، إما مجموعة فيتامين فائقة المفعول High-potency (تحتوي على عشرة أضعاف ما يوصى به (RDA) من معظم الفيتامينات)، أو أقراص غفل placebo، ولمدة عام.. حينما قوّم مزاج الطلاب، وجد أن الذين تناولوا مكملات الفيتامينات كانوا أفضل من ناحية المزاج، وقالت الطالبات إن مزاجهن قد تحسن بشكل واضح..
في حين كان لجميع أفراد مجموعة (ب المركب) تأثيرات مساعدة، إلا أن فيتامين (ب 1) كان الأكثر تأثيراً.. وربما يعزى ذلك إلى أن الطعام الغني بالكربوهيدرات يستنزف ما في الجسم من فيتامين (ب 1).. وفي دراسة تتبعية أجراها الدكتور بينتون على طالبات الجامعة اللائي أعطاهن مكملاً غذائياً من فيتامين (ب 1)، قُلن عن أنفسهن إنهن شعرن بصفاء ذهني، وأصبحن رابطات الجأش أكثر، وأحسسن بزيادة في طاقتهن، وذلك بعد شهرين من استعمالهن للمكمل الغذائي.
عنصر آخر من مجموعة (ب المركب) هو حمض الفوليك Folic Acid، يبدو أنه يحسن المزاج أيضاً.. وجد أن المستويات المنخفضة من هذا الفيتامين ظاهرة موجودة في نسبة عالية ممن يعانون من الاكتئاب، وإن إعطاء هؤلاء الأفراد جرعات علاجية من حمض الفوليك قد حسّن من الاكتئاب لدى الكثيرين منهم كما في دراسة حديثة.
تخفيض نسبة الكولستيرول بوساطة النياسين
لقد عرف عن النياسين (فيتامين ب 3) منذ سنة 1955 أنه يخفض نسبة الكولستيرول، وبالتالي يفيد في تخفيض نسبة الخطورة من الداء القلبي. اكتشف هذا المفعول من قبل أبرام هوفر MD و PhD، وهو من الرواد الأوائل في استعمال الفيتامينات في الممارسة الطبية. وجد أن مشتقاً آخر من فيتامين (ب 3) هو النياسيناميد ليس له هذا التأثير المخفض للكولستيرول.
قبل أن تأخذ النياسين يجب أن تتوقع بعض آثاره الجانبية.. فبعد استعمال هذا الفيتامين ستشعر باحمرار وتورد في أجزاء واسعة من الجسم، وخاصة الوجه، كما ستشعر أحياناً ببعض الحذر.. سيتحول جلدك إلى اللون الأحمر، وربما تشعر بحكة.. قد تكون هذه الأعراض مزعجة بعض الشيء، ولكنها ليست مضرة. وستختفي هذه الأعراض بعد حوالي ساعة من حدوثها..
إذا واظبت على أخذ النياسين، ثلاث مرات يومياً، ستقل هذه الأعراض تدريجياً، وأخيراً لن تحدث.. لقد نصح هوفر بأن يؤخذ النياسين بجرعة مقدارها (500 مغ) ثلاث مرات يومياً.. من ناحية أخرى يمكن أن ينخفض الكولستيرول بتناول (1000 مغ) من فيتامين (ج) أيضاً، ودون حدوث الأعراض التي تحدث مع النياسين.
فيتامين ب 3 والفصام (الشيزوفرينيا)
الفصام أو الشيزوفرينيا هو اضطراب عقلي يتميز بوجود أوهام لدى المصاب، والهلوسة (رؤية أو سماع أشياء غير موجودة)، وهو مغاير لانقسام الشخصية. في أوائل الخمسينات من القرن العشرين، وضع كل من أبرام هوفر MD و PhD، وهمفري ادزموند MD. نظرية مفادها أن بعض أنواع الإصابة بالفصام، يفرز المصاب بها بعض المواد المهلوسة في الجسم، وأن هذه المواد هي غالباً ناتج الأدرينالين.
اعتماداً على تخصصهم في الكيمياء الحيوية، اعتقد هذان الباحثان أن إعطاء جرعات كبيرة من فيتامين (ب 3) (إما النياسين أو النياسيناميد)، وكذلك فيتامين (ج)، يمكن أن تعدل من مفعول تلك المواد المهلوسة. وأثبت بعد ذلك أنهما على صواب.. وقد نشر الباحثان نتائج دراساتهما – وكانت أول دراسة مزدوجة التعمية Double blind trial في مجال علم النفس – في مجلة Bulletin of Menninger Clinic.
كان هوفر يعطي مرضاه المصابين بالفصام (3000 مغ) من فيتامين (ب 3) مع (3000-1000 مغ) من فيتامين (ج) يوميا. وقد أشار هذا الباحث أن الفائدة تكون واضحة إذا كان الفصام قد أصاب المريض لمدة صغيرة، أكثر مما لو كان مصابا مزمناً. كما أن بعض الحالات كانت تستجيب بشكل جيد لجرعات كبيرة من فيتامين (ب 6) و الزنك، وهو عنصر غذائي ضروري.
الفيتامينات وتلطيف أعراض النفق الرسغي
تتميز متلازمة النفق الرسغي بألم شديد، وخدر عند الرسغ والكف. وتحدث هذه المتلازمة نتيجة الشدة التي تحدثها الحركات المتكررة عند الكف، مثل من يعمل في الصرافة في الأسواق، أو عاملات الآلة الكاتبة، وبعض الصناعات اليدوية.
منذ ثلاثين سنة مضت، وجد الدكتور جون إليس MD من تكساس، أن فيتامين ب 6 يمكن أن يساعد مرضى متلازمة النفق الرسغي، ووجد أن هؤلاء المرضى لديهم مستوى منخفض من فيتامين ب 6 في الدم، وأن تناول (100 مغ) يومياً من هذا الفيتامين يمكن أن يعيد المستوى إلى طبيعته بعد تسعين يوماً. ولقد وجد باحثون آخرون علاقة قوية بين المستويات المنخفضة من فيتامين (ب 6) وحدوث متلازمة النفق الرسغي، وقد تزيد الشدة على الرسغ من الحاجة إلى فيتامين ب 6.
من غير الشائع على كل حال أن يكون هناك عوز لعنصر غذائي واحد، وإن مجموعة فيتامين (ب المركب) تعمل معاً كعائلة واحدة، وبالتالي فالنظام الجيد لعلاج متلازمة النفق الرسغي هو (100 مغ) من فيتامين (ب 6) بجانب مكملات من مجموعة (ب المركب)، تحتوي على كل عناصر هذه العائلة من فيتامينات.
تنظيم مستويات الهوموسيستيين إلى المستوى السوي
يعتبر الهوموسيستيين أحد النواتج الجانبية لاستقلاب البروتينات.. يسبب ارتفاع مستوى الهوموسيستيين في الدم زيادة الجذور الحرة التي تؤدي إلى تخريب جدران الأوعية الدموية، ويؤهب لتراكم وترسب الكولستيرول على بطانة الأوعية. وفي النهاية تُحدث هذه الترسبات التي تسمى لويحات، نوعاً من الإعاقة لجريان الدم، وتزيد من خطورة حدوث الداء القلبي الإكليلي.
الهوموسيستيين Homocysteine
حمض أميني موجود في الدم، وناتج جانبي لاستقلاب البروتين.. ارتفاع مستواه في الدم يدمر جدران الأوعية الدموية، وبالتالي يزيد من خطورة حدوث المرض القلبي
على خلاف الكولستيرول، لا يوجد الهوموسيستيين في الطعام، ويرتفع الهوموسيستيين حينما يستهلك الفرد كمية كبيرة من البروتينات – وخاصة اللحم الأحمر – عما يستهلكه من فيتامين (ب المركب). لقد وجد أن عدداً من هذه الفيتامينات يشارك في تقويض الهوموسيستيين أو إعادة بنائه مرة أخرى إلى بروتين، ويبدو أن حمض الفوليك يلعب الدور الرئيسي في هذا المجال، ولكن يشارك في هذا الدور أيضاً كل من فيتامين (ب 6) وفيتامين (ب 12).
لقد أشارت الأبحاث أيضاً إلى وجود علاقة بين فيتامين (ب المركب)، والهوموسيستيين، وداء الزهيمر.. إن نقص مستويات (ب 12) و / أو حمض الفوليك في الدم، بجانب ارتفاع مستوى الهوموسيستيين، يزيد بشدة درجة خطورة الإصابة بالمرض.. كما أن تناول مكملات من حمض الفوليك يمكن أن يخفض من عيوب الأنبوب العصبي (مثل السنسنة المشقوقة spina bifida) عند الوليد إذا كانت أمه تتناول حمض الفوليك قبل الحمل وأثناءه.
توجد الآن بعض الاختبارات غير المكلفة لقياس مستوى الهوموسيستيين في الدم. وبشكل عام كلما كان مستوى الهوموسيستيين أقل، كلما كان الوضع أحسن، والمستوى المثالي هو (6 ميكرومول / لتر) في الدم.. تزداد نسبة الخطورة للمرض القلبي مع زيادة مستواه، ويعتبر المستوى (13 ميكرومول / لتر) إنذاراً للخطورة الشديدة. إن إعطاء مكمل من حمض الفوليك بمقدار (400 ميكروغرام في اليوم)، كفيل بأن يعيد الهوموسيستيين إلى مستواه الطبيعي.. ومرة أخرى يفضل أن يكون ذلك بجانب (ب المركب).
التصلب المتعدد وفيتامين ب 12
يتميز مرض التصلب المتعدد (MS) بتخريب الأغلفة التي تحمي الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي.. يحدث نتيجة ذلك ضعف عضلي، خلل في الرؤية، فقد في تناسق الحركات، ومشكلات متعددة أخرى. لا يعرف بالضبط سبب المرض أو المعالجة المُرضِية.
التصلب المتعدد Multiple sclerosis MS
يحدث هذا المرض بسبب تخرُّب للأغلفة الواقية حول الخلايا العصبية، في الجهاز العصبي المركزي.. وهذا يؤدي إلى تباطؤ وخلل في التوصيل للدفعات الكهربائية العصبية
وجدت مجموعة من الدراسات أن المرضى المصابين بالتصلب المتعدد، لديهم دائماً نقص في فيتامين (ب 12)، وكذلك انخفاض مستوى حمض الفوليك، لأن هذين الفيتامينين يعملان بالتعاضد أحدهما مع الآخر.
توجد مشكلة لدى الكثير من الناس في امتصاص فيتامين (ب 12) من الأمعاء. ولكن أخذ الفيتامينات عن طريق الحقن يمكن أن يحل هذه المشكلة.. كما توجد أقراص يمكن وصفها تحت اللسان حيث يكون امتصاص فيتامين (ب 12) فعالاً جداً.
فوائد أخرى لفيتامين (ب المركب)
إذا كان لديك التهاب مفاصل، فاستمع إلى ما يلي. لقد وجد الأطباء، منذ خمس سنوات مضت أن بإمكانهم تلطيف أعراض التهاب المفاصل الرثيانية بإعطاء أحد أفراد فيتامين (ب المركب)، وتتحسن الحالات أكثر إذا أضيف فرد آخر من تلك الفيتامينات.. بل قد يكون التحسن أسرع وأكثر فاعلية إذا أخذت المجموعة كاملة وبجرعة كافية، أفضل من استعمال بعض أفراد المجموعة كل على حدة.
لقد أظهرت إحدى الدراسات التي نشرت في Journal of American Collage of Nutrition، أن تناول مكمل من حمض الفوليك (6400 ميكروغرام في اليوم) بجانب فيتامين (ب 12) (20 ميكروغرام يومياً)، يخفف أو يزيل أعراض التهاب المفاصل في أصابع اليد.. كما وصفت دراسة حديثة نشرت في مجلة ألمانية تدعى (Schmerz)، خواص فيتامين (ب 1، ب 2، ب 12) في تخفيف وإزالة الألم.. وقد لاحظ الباحثون أن تناول هذه الفيتامينات مجتمعة أفضل من تناول كل واحد منها على حدة.
لقد أوضحت دراستان حديثتان أن فيتامين (ب 2) يمكن أن يخفف نسبة أعراض صداع الشقيقة.. حوالي ثلثي مرضى الشقيقة، إذا أعطوا (400 مغ) من فيتامين (ب 2) يومياً ولمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ستتحسن الأعراض لديهم.. في حين تحسن عدد قليل من المرضى الذين أخذوا حبوب الغُفل placebo.. يجب ملاحظة أن المرضى الذين يتناولون فيتامين (ب 2) يتلون بولهم باللون الأصفر الفاقع، ولكن لا يمثل ذلك أي خطورة.
ربما تجد النساء تلطيفاً واضحاً لأعراض متلازمة ما قبل الحيض إذا تناولن فيتامين (ب المركب).. عادة ما تحدث أعراض متلازمة ما قبل الحيض بسبب ارتفاع الأستروجين، وهو الهرمون الأنثوي.. ولقد وجد أن فردين من فيتامين (ب المركب) هما الكولين والإنوزيتول يساعدان في تحويل الأستروجين إلى إستريول estriol، وهو شكل من أشكال الهرمون لا يسبب أي مشكلة. بجانب ذلك يعتبر فيتامين (ب 6) مدراً للبول، وبالتالي يمنع احتباس الماء قبل حدوث الحيض.. وينصح إذ أُخِذ فيتامين (ب 6) (100-50 مغ يومياً) أن يصاحب ذلك واحد من أفراد فيتامين (ب المركب) أيضاً.