يبدو أنه كلما ازداد الناس ذكاء وثقافة كرهوا المحادثات، وهذا أمر مفهوم. فلماذا يشغلون أنفسهم بتعليقات عن الطقس أو السؤال عن حال الآخرين بينما لديهم أشياء أكثر عمقاً لمناقشتها؟
ما قد لا تدركه هو أن المحادثات الصغيرة لها دور حيوى في التواصل، فهى تعمل كافتتاحيات لمحادثات ذات معنى أكبر، وكذلك فإنها تعطى إحساساً بالارتباط. فكر في المحادثات الصغيرة على أنها نوع من : الموسيقى، مواء القطط، همهمة الأطفال، وغناء المجموعات؛ فهى تعطيك وقتاً لتفهم من تتحدث إليهم، مزاجهم وشخصيتهم، وتدلك على اتجاه المحادثة.
لكن إليك ما ينساه معظم الناس : في الموسيقى الجيدة، ما يهم هو اللحن وليس كلمات الأغنية.
هل تخشى أن تكون مبتذلاً؟
كن المتحدث أولاً
افترض أنك ترى شخصاً تعرفه يقترب منك. سيفكر عقلك بسرعة : هل سأقول شيئاً غبياً؟ سوف يعتقد أننى غبى أو ممل. ماذا لو قال لى شيئاً ثم توقف عقلى عن التفكير؟ من الأفضل أن أتظاهر بأننى لا أراه.
إليك فكرة جيدة. لِمَ لا تقول : ” أهلاً كيف حالك؟ ” ؟! إنها بالطبع عبارة مبتذلة لكنها شكل مقبول من التحية في ثقافتنا. فهو لا يريد أن يسمع شيئاً عن مرض الفتاق أو البواسير اللذين يعانى منهما، إنه فقط يريد أن يرد ببساطة : ” أنا بخير “.
عندما يتقابل المعارف في الشارع فإن الشخص الذى يتكلم أولاً هو الفائز على نحو واضح؛ لأن ذلك يجعل الشخص الذى تتحدث معه يشعر بأنه محبوب ومحترم، ويجعلك تبدو واثق النفس، كما يبين لهم بدون وعى أنك لست خائفاً من المواجهة أو أية محادثة ناشئة. سواء كان ذلك صحيحاً أم لا؛ فإن التحدث أولاً ينتج طاقة إيجابية جذابة.
تكلم أولاً
يعتبر التحدث أولاً في محادثة شيئاً جيداً بالنسبة لشخص خجول؛ فعندما تقابل أحد المعارف في أى مكان فكن أول من يلقى التحية قائلاً : ” أهلاً كيف حالك؟ “، ” من الجيد أن أراك ” أو ما شابه ذلك. عندما تعبر عن ذلك في حماسة فأنت تنشئ مودة وثقة، وتذكر أن الناس يشكلون رأياً عنك في أول عشر ثوان وفى كل مرة تقابلهم، فلماذا تهدر أول خمس ثوان في صمت غير مريح منتظراً منهم أن يحيوك؟
« أنا بخير، كيف حالك؟ »
عندما يسألك شخص : ” أهلاً كيف حالك؟ ” فإنك لا تحتاج إلى أن تردد كالببغاء : ” أنا بخير شكراً كيف حالك؟ ” ( لأنه سيقول: ” أنا بخير “، ثم تقفان وأنتما تنظران إلى بعضكما البعض لا تدريان ما ستقولانه ).
لا تخف أن تبدو وقحاً عندما لا تطلب تلك المعلومة المهمة عن حال الشخص. فبدلاً من ذلك رد بسرعة : ” بخير “، لكن أعقبها بتعليق سريع عن يومك، على سبيل المثال :
هو : ” أهلاً كيف حالك؟ ”
أنت : ” بخير. أنا أتطلع لمشاهدة مباراة الليلة “. ( لقد أعقبت كلمة ” بخير ” بتعليق فورى ).
ثم أعقب المحادثة بسؤال مثل : ” هل ستشاهد المباراة؟ “. والآن لقد طرحت سؤالاً ويجب على الشخص الآخر أن يجيب. إننى أطلق على ذلك ” معادلة التعليق السؤال “.
صدق أو لا تصدق، حتى التحدث عن الطقس شىء جيد. استرق السمع على أى شخص وستجد أن معظم افتتاحيات المحادثة على مستوى العالم تبدأ بهذه الطريقة تحديداً.
هى : ” أهلاً كيف حالك؟ “.
أنت : ” بخير لقد سمعت أن الطقس سيكون دافئاً مشمساً في عطلة نهاية هذا الأسبوع “. هذا تعليقك، ثم استمر قائلاً : ” هل لديك أى خطط خاصة؟ “، وهذا سؤالك.
حتى بعد بداية غير موفقة مثل الطقس، فإن شيئاً جميلاً سيحدث. فكلما أكثر الناس من المحادثة الصغيرة أصبحت أكثر عرضة لأنه تتطور إلى مناقشة أكثر تشويقاً؛ فالمحادثات الصغيرة سابقة على المحادثات المهمة.
استخدم تقنية التعليق السؤال
عندما يسأل شخص ” كيف حالك؟ ” لا ترد فقط الرد التقليدى
” أنا بخير، ماذا عنك أنت؟ ” فذلك يُنهى المحادثة قبل حتى أن تنطلق. واصل المحادثة بإضافة جملة عن يومك، ثم اطرح سؤالاً متعلقاً بالموضوع، وسيعتبرك مُحدثك زميلاً واثق النفس وودوداً.
ماذا لو لم يكن لدىَّ شىء لأقوله؟
قد تفكر قائلاً : ” ماذا لو أن أخبار يومى عادية؟ لم يحدث شىء مثير… ولا يحدث الآن…. ولن يحدث فيما بعد…. “، لا تقلق حيال ذلك. فقط قل أى خبر ممل بصوت به إثارة وابتهاج؛ فبعد التحية المعتادة ” كيف حالك؟ ” عليك أن تعلن في سخط زائف نشط ” أنا بخير لكنى تعبت من التجول في أنحاء المدينة بحثاً عن حقيبة أوراق جلدية جديدة وكرهت التسوق ” ( تعليق ) ” ألا تتفق معى في ذلك؟ ” ( سؤال ).
ربما يكون رده أن زوج أخته، أهداه حقيبة أوراق جلدية في عيد ميلاده. إنه رد عادى بالطبع، لكن ابتسم واستجب كما لو أن الأخبار مُدهشة. اسأله أين يعيش زوج أخته. تظاهر بأنك دُهشت لمعرفتك أنه من منطقة ” بودينكى “. واسأله عن طبيعة الحياة في منطقة ” بودينكى “. ( قبل أن تدرك ذلك، فإنك تستغل المحادثة الصغيرة بطريقة جيدة وهذا ما يخشاه معظم الخجولين ).
تصنع الانبهار بأكثر الأشياء مللاً
مهما كنت تظن أن عباراتك ستبدو مملة، قدمها بنبرة تجعلها تبدو كأعظم الاكتشافات في التاريخ. وخمن ماذا سيحدث؟ سيبدو كلامك مثيرًا بالنسبة لمستمعيك. وعلى العكس لا يهم مقدار الملل الذى تحمله كلمات أحد معارفك، استجب كأن ما سمعته هو أكثر الأشياء إثارة طوال الأسبوع، وستبدو الآن شخصاً مثيراً للاهتمام بالنسبة لمستمعيك.
إجابتك الساحرة عن سؤال مبتذل
إنه رهان مؤكد. خلال خمس دقائق من مقابلة شخص ما، سيسألك : ” ماذا تعمل؟ “. لا تتخبط بحثاً عن الكلمات الصحيحة كل مرة. تدرب على وصف مبهج وموجز للوظيفة يجعلها تبدو أكثر الوظائف إثارة في العالم.
عندما يسأل معظم الخجولين ذلك السؤال الحتمى، فإنهم يخفضون أعينهم ويقولون بحزن ” أنا مجرد… “. ذات مرة زرت شركة وضللت الطريق في الردهة فقادتنى سيدة مارة إلى المكان المقصود فشكرتها وقلت : ” بالمناسبة، في أى قسم أنت؟ “.
فردت قائلة : ” إننى مجرد موظفة استقبال “.
أردت أن أنبهها إلى أنها ترى وظيفتها غير مهمة، فوبختها في لطف وقلت : ” لا، أنت لست مجرد موظفة استقبال، أنت موظفة الاستقبال “، فنظرت إلىَّ كما لو كنت غريبة الأطوار.
عندما يطرح شخص ما السؤال التقليدى المبتذل ” ماذا تعمل؟ ” ابتسم وكن متعاطفاً مع عملك. فإذا كره مدير تنفيذى لشركة دولية ذات سمعة رائعة عمله، فإن هذا الشخص سيظهر فاشلاً. وعلى الجانب الآخر، فإذا كنت تحب عملك حتى لو كان ذلك العمل هو تربية الفراشات لكسب قوتك فستظهر كفائز. الفائز في الحياة هو شخص يحيا الحياة التى يحبها، وكل العالم يحب الفائز.
تدرب على وصف مهنتك بفخر
لا تجب عن السؤال الحتمى ” ماذا تعمل؟ ” بذكر اسم وظيفتك فقط. خطط لاستجابة فخورة وتدرب على أن تقولها لنفسك بابتهاج أمام المرآة، ثم قلها بحماسة كما لو أنه يبهرك بشدة أن يطرح أحدهم عليك هذا السؤال المبتكر.
جودة الصوت مهمة أيضاً
ما هى السمة التى تكشف الخجولين؟ قد تجيب : ” التواصل البصرى ” وتكون محقاً، ومع ذلك فإن كثيراً من الخجولين غير مدركين أن أصواتهم تأتى في المقام الثانى؛ فحجم وسرعة وجرس صوتك هى مقاييس لثقتك أو عدم ثقتك بنفسك؛ فالواثقون بأنفسهم لديهم تنوع ورنين أكثر في أصواتهم، ووقفات غير مريحة أقل.
فالطريقة التى تنطق بها عبارة ما، تصم آذان الناس عن سماع ما تقول. عندما تتحدث في صوت متردد، فكأنهم يسمعونك تقول : ” ما أقوله غير مهم “.
وعندما تقف في منتصف الجملة فهم يسمعونك تقول : ” لا أستطيع تجميع أفكارى “.
وعندما تتردد فكأنهم يسمعونك تقول : ” لا أستطيع أن أنتبه لما تقوله لأن ذهنى مشتت في التساؤل عن رأيك فىّ “.
وعندما تتكلم بسرعة جداً فكأنهم يسمعونك تقول : ” من الأفضل أن أسرع في نطق الجملة قبل أن أتشتت في التفكير بنفسى مرة أخرى “.
أخبر سمكتك الذهبية ماذا تناولت في فطورك
فى هذا الموضع يمكنك الاستفادة من سمكتك الذهبية مرة أخرى، ولا تدع حقيقة أنها لا تمتلك آذاناً تحبطك. إنك فقط تتدرب على نطق الكلمات في صوت سلس. فكر في الأمر على أنه مثل العزف على آلة موسيقية؛ ففى كل مرة تتدرب يصبح الصوت أقوى وأكثر سلاسة.
تدرب على التحدث أمام سمكتك الذهبية
من الممكن أن تتحدث أمام سمكتك عن أى شىء وليس الفطور بالتحديد. تحدث إليها لمدة خمس أو ست دقائق في صوت ملىء بالطاقة ووقفات قليلة جداً. في المحادثات مع البشر عليك أن تتوقف لفترات كى يستطيعوا إقحام أفكارهم، ولكن لأن سمكتك الذهبية ليس لديها ما تقاطعك به، فعليك إذن أن تستمر في الكلام دون وقفات.
ماذا سأقول لاحقاً؟
طرح الأسئلة أفضل من إصدار بعض الأصوات
لن يجعلك مضاد الخجل التالى تتحير تجاه ما ستقوله لاحقاً؛ فمعظم الناس عند سماعهم لشخص يتحدث يقولون : ” حسناً “، ” حقاً! ” ولسوء الحظ فإن معظم الخجولين يواجهون وقتاً عصيباً في النطق بمثل تلك الأقوال؛ وذلك لأنهم مهتمون برأى المتحدث فيهم. إليك تقنية يستطيع كل شخص وليس فقط الخجولون الاستفادة منها، وبالنسبة للخجولين فهى علاج مؤكد لإبقاء المحادثة تجرى بسلاسة دون توقف.
فبدلاً من الهمهمة كن مستعداً لطرح أسئلة مثل ” من؟ “، ” ماذا؟ “، ” متى؟ “، ” أين؟ “، ” كيف؟ “. وتلك الأسئلة قد تصنع العجائب لجعل الآخرين يستمرون في الحديث عند حدوث وقفة في المحادثة. يمكنك أن تسأل :
” من أعطاك تلك؟ “.
” ماذا قالت بعد ذلك؟ “.
” متى أدركت ذلك؟ “.
” أين وجدها؟ “.
” لماذا اخترت تلك المدرسة؟ “.
” كيف أنجزت ذلك؟ “.
إنه موقف ناجح لكلا الطرفين؛ فمعظمم الناس يحبون سماع أصواتهم وسيظلون يتحدثون لمدة أطول، ولن تعانى من أعراض السؤال المؤلم ” ماذا سأقول لاحقاً؟ “.
فعندما يتباهى شخص بقضاء عطلته في إيطاليا، فاسأله :
” مع من سافرت؟ “.
” ماذا كانت مدينتك المفضلة؟ “.
” متى سافرت في أى فصل من فصول السنة؟ “.
” أين ذهبت داخل إيطاليا؟ “.
” لماذا اخترت إيطاليا؟ “.
مؤخراً كنت أتحدث مع شخص ما وأدركت أن الرجل المسكين لم ينطق بكلمة، فتوقفت عن الكلام لأعطيه فرصة فقال : ” تابعى يا ليلى، أخبرينى المزيد “.
ولم أكن بحاجة إلى دعوة ثانية، فقد انطلقت أتكلم لمدة عشرين دقيقة أخرى وخرجت من المحادثة معتقدة أنه متحدث بارع.
اعتدت أن أخاف من المحادثات الصغيرة، وأشعر دائماً أن الناس يريدون الابتعاد عنى لأننى هادئ جداً. شىء واحد ساعدنى في التغلب على الخوف من إجراء محادثة صغيرة مع غرباء وهو إدراكى أنهم غير مهتمين حقاً برأيى، ولماذا يهتمون أصلاً؟ لقد تعلمت أنهم يحبون حقاً أن أسألهم من وقت لآخر عما يقولونه.
رالف جى.، جرين فيل، كنتاكى
اطرح أسئلة لإطالة الحديث
اطرح أسئلة مثل ” من؟ “، ” ماذا؟ “، ” متى؟ “، ” أين؟ “، ” لماذا؟ “، و ” كيف؟ ” ؛ فمحدثك سيبتهج لأنك تريد سماع المزيد، ولن تكون تحت ضغط التفكير في كيفية إجراء محادثة ذكية ومرحة.
الحديث العادى جيد، أما المختصر فليس كذلك
جهز نفسك للاستفسارات التقليدية الحتمية ولا تعطِ إجابات بكلمة واحدة مثل :
” أين ستقضى العطلة هذا العام؟ ” فلوريدا.
” كيف حال أسرتك؟ ” بخير.
تلك الإجابات المختصرة تضمن لك إنهاء المحادثة. خطط لإجابات أطول مثل ” حسناً، كنا نفكر في السفر إلى جزر الكاريبى، لكننا قررنا أنها باهظة التكاليف ثم رأينا كتيباً سياحياً عن فلوريدا، ووجدنا أن هناك إمكانات متعددة في فلوريدا، لذا فنحن… “. وتنطلق في حديثك.
كن متحدثاً طبيعياً وليس موجزاً
لا تجعل القلق بشأن فحوى إجاباتك عن الأسئلة الشائعة يعوقك. خطط مبكراً لإجابات عن أسئلة تعلم أنك سوف تسألها ثم ضع تلك الأجوبة في عبارات، وليس في كلمات مفردة.
هل ينبهر الناس حقاً بطريقة تفكيرك وكيفية اتخاذك لقرارات مهمة؟ من المحتمل لا. لكن كما تتذكر، فإن ما يهم هو الموسيقى وليس كلمات الأغنية. فالإجابة الطويلة لحن محبب للآذان.
استخدام أسماء محدثيك يفصح عن شخصيتك
بالرغم من أن الناس يسمعون أسماءهم ملايين المرات، إلا أن مناداتك لهم بأسمائهم تشعرهم بالدفء والاسترخاء، لكن هل تعلم أن ذلك يفصح عن شخصيتك بشكل كبير؟ فبدون وعى يسمعونك تقول ” أنا واثق النفس، أنا أحبك، أنا أحترمك، نحن أصدقاء “.
ومن الصعب تقدير عدد مرات مناداتك لشخص ما باسمه في محادثة، فذلك كأى مهارة يتطلب إتقاناً، وعاجلاً ستشعر تلقائياً بالعدد المناسب لذلك. أما الآن، فاستخدم اسم من تخاطبه عند التحية والوداع ” صباح الخير يا فلان “، ” جيد أن أراك يا فلان “، ” وداعاً يا فلان “، ” من اللطيف التحدث إليك يا فلان “.
ومع ذلك كن حذراً؛ فعندما تنطق اسم شخص أكثر من اللازم، فإنك تبدو غير صادق ومتكلفاً، فضلاً عن كونك مزعجاً.
واجهتنى مشكلة في حاسوبى منذ أشهر عديدة مضت، فاتصلت بالدعم الفنى لأبلغهم أننى في كل مرة أحاول فتح ملف، تظهر أمامى رسالة خطأ. وكانت المحادثة كالتالى :
الفني : ” حسناً، ما اسمك؟ “.
أنا : ” ليلى “.
الفنى : ” هل تجلسين أمام الحاسوب الآن يا ليلى؟ “.
أنا : ” نعم “.
الفنى : ” جيد يا ليلى. الآن، انقرى نقرة مزدوجة على أيقونة My Computer.
أنا : ” حسناً، لقد فعلت ذلك “.
الفنى : الآن يا ليلى أريدك أن تنقرى على قائمة ” مجلدات ” : هل فعلت ذلك يا ليلى؟ “.
أنا : ” نعم “.
الفنى : ” الآن يا ليلى حركي الصفحة إلى الموضوع الموجود به الملف “.
أنا : ” حسناً ” ( رغم أنى أردت أن أصرخ في وجهه : ” حسناً، لا داعى لتكرار اسمى في كل عبارة؛ فأنا أحفظه جيداً! ” ).
الفنى : ” حسناً. الآن أريدك أن تنقري نقرة مزدوجة على الملف الذى لا تستطيعين فتحه يا ليلى “.
عند هذه النقطة أردت أن أنقر رأسه بمطرقة نقراً مزدوجاً.
سوف تفهم متى تستخدم اسم الشخص ومتى لا يجب أن تستخدمه، بقليل من الممارسة، وبينما تزداد ثقتك ستزداد حساسيتك وفطنتك لتلك الأمور، أما بالنسبة للمرحلة الحالية، فإن استخدام الاسم مرتين شىء جيد.
استخدام أسماء محدثيك باعتدال
قل اسم الشخص في التحية والوداع؛ فذلك يجعله يشعر بالدفء والاسترخاء مثل كرة من الفرو، لكن كن على دراية بأنه عند استخدام الاسم أكثر من اللازم فإن ذلك سيبدو كعادة عصبية ويجعل الشخص منزعجاً ومضطرباً كفأر في مصيدة.
محادثات يمكن التنبؤ بها
بعد عودتى مؤخراً من إحدى الحفلات، طرأت إلى ذهنى فكرة مفاجئة. وكان الأمر أشبه بما يحدث في الرسوم الهزلية؛ حيث تضىء لمبة فوق رأس أحدهم، إشارة إلى أنه قد اكتشف شيئاً خطيراً أو خطرت له فكرة عبقرية. المحادثات في الحفلات هى عن نفس الأشياء القديمة مثل الأفلام، الزواج، الأطفال، الحيوانات الأليفة، العطلات، الرياضة، والمشاهير، وأحدث كارثة على المستوى القومى.
يغامر مرتادو الحفلات أحياناً بمناقشة موضوعات علمية مثل المقابر الثلاث عشرة لأسرة ” مينج ” الحاكمة، أو نظرية التصادم الكبير للكون، لكن معظم المحادثات مملة ويمكن التنبؤ بها، وهذه أخبار عظيمة للخجولين.
ضع قائمة ذهنية بكل الموضوعات التى يمكن أن تثار في حفلة. تفحص الإنترنت لتبقى على علم بمجريات الأمور، فإذا ارتبط الموضوع بالأحداث الجارية، تصفح العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام المفضلة لديك، مثل النشرة التليفزيونية أو الإذاعية أو الصحف. لا تنتظر حتى وقت المحادثة كى تصوغ أفكارك بشأن أحدث فضيحة سياسية أو طلاق أحد المشاهير. شكل فلسفتك بشأن تلك الأحداث المهمة الحديثة، فإذا انتظرت لتفعل ذلك في حفلة، فإن الجميع سينطلقون بسرعة البرق إلى موضوع أو فضيحة أخرى قبل أن تجد الوقت الكافى لفتح فمك.
توقع الموضوع قبل المحادثة
لا يكفى أن تعرف أن هناك أحداث شغب في إفريقيا، أو مجاعة في أسبانيا، أو أعاصير في فلوريدا، أو جفافاً في تكساس. ضع قائمة كاملة بجميع الموضوعات التى قد تناقش أثناء المحادثات. أنت لا تحتاج إلى أن تفكر ملياًّ في إجابات عبقرية، أو أن تخطط لجدل يليق بفريق مناظرة بجامعة هارفارد، ومع ذلك قم بتطوير قناعة واضحة عن كل موضوع على قائمتك، وقم بصياغته وتحديثه كل يوم حتى تشارك في المناقشة كشخص واثق دون انتظار دعوة رسمية.
إنه دورك لتركل ضربة البداية
انطلق، وتشبث برأيك
نحن الآن نتدرج إلى اقتراح موضوع في محادثة، وليس مناقشة ما يقدمه الآخرون وحسب.
لقد سمعت الناس يشتكون أن شخصاً ما متشبث برأيه جداً. على الأرجح أن هذه ليست مشكلتك؛ فمعظم الخجولين لا يتشبثون برأيهم بدرجة كافية. وهذه الحقيقة تعطيك رخصة غير مقيدة لكى تبدأ في تشكيل آراء قوية عن الأشياء.
ابدأ بوضع قائمة من مبادئك واهتماماتك. لعلك تعتقد أن الاحتباس الحرارى مجرد خرافة أو أن ألعاب الحاسوب هى وسيلة تعليم لأطفالنا. من جهة أخرى قد تؤمن بشدة أن الاحتباس الحرارى سيرفع من درجة حرارة الأرض، أو أن ألعاب الحاسوب ستؤدى إلى ظهور أجيال معقدة في المستقبل.
فكر في كل رأى والأسباب التى تجعلك تشعر تجاهه بهذه المشاعر. تصفح الإنترنت بحثاً عن بعض الحجج المؤيدة لرأيك، ثم اشرح تلك العناصر لنفسك، ثم دبر الطرق التى تستطيع بها تحويل مسار المحادثة بصورة عرضية إلى تلك الموضوعات التى أنت ملم بها.
قدم موضوعات تعرفها حق المعرفة
لا تنتظر أن يقترح الآخرون موضوعات. بادر بالحديث وحدد بعض الموضوعات التى لك فيها رأى قوى، وطور تلك الآراء؛ ثم ضع طرقاً ماكرة وملتوية لإدراج تلك الموضوعات داخل المحادثة، ثم أضف آراءك، فذلك أسهل بكثير من الانخراط في محادثة عن موضوع لست خبيراً فيه.
لم ينته الأمر بعد
فى خلاصة سريعة :
• ابدأ أولاً بتحية الناس.
• أدرج تعليقاً فورياً بعد أن تقول : ” أنا بخير “، أو أياً كان جوابك.
• أتبع التعليق بسؤال لتجعل الشخص الآخر يتحدث.
• تكلم بصوت نشط ومبتهج وأظهر انبهارك التام بما يقوله الآخرون.
• أظهر حبك وحماسك لوظيفتك عندما تُسأل عنها.
• اسأل أسئلة مثل ( ” من؟ “، ” ماذا؟ “، ” متى؟ “، ” لماذا؟ ” و ” كيف؟ ” ) لتبقى شريكك مشتركاً في المحادثة.
• ردد اسم الشخص الآخر في بداية ونهاية المحادثة.
• فكر ملياً فيما ستقوله عندما تناقش كل الموضوعات الشائعة.
• لا تعطِ إجابات مختصرة لأسئلة عادية، لكن أطل في إجاباتك.
• وفى النهاية خطط كيف تقترح بعض الموضوعات التى تثير اهتمامك.
لكن هناك عنصراً آخر كى تكون متحدثاً واثقاً وساحراً في أعين محدثيك….
العنصر النهائي لإتقان المحادثات
بعدما أوضحت رأيك، سل شريكك في المحادثة عن رأيه. العديد من الواثقين بأنفسهم يهملون هذا الإجراء، وكنتيجة لذلك يمكن اعتبارهم مملين لا ينصتون لآراء غيرهم.
اختار بعض الباحثين مجموعتين من الرجال لدراسة أطلقوا عليها اسم ” التقييم السلوكى للمهارات الاجتماعية عند الذكور “. تكونت المجموعة الأولى من رجال مشهورين كانت لهم علاقات عاطفية، وتكونت المجموعة الثانية من رجال غير محظوظين عاطفياً.
وجه الباحثون جميع الرجال ليتحادثوا مع النساء في حفلة، ثم يطلبوا منهن الخروج في موعد غرامى، وحرص فريق الباحثين على تسجيل المحادثات التى يجريها الرجال بواسطة ميكروفونات مخبأة.
وبوجه عام، فعندما انتهى الرجال المشهورون من عرض آرائهم بشأن موضوع معين سألوا النساء عن شعورهن تجاه ذلك الموضوع، أما الرجال غير المشهورين فلم يفعلوا ذلك.
واتفاقاً مع ذلك فقد أجابت الغالبية العظمى من النساء ب ” نعم ” عندما طلب منهن الرجال في المجموعة الأولى الخروج في موعد غرامى، بينما حصل عدد محدود من الرجال في المجموعة الثانية على الإجابة ب ” نعم “.
ولا تقتصر هذه النصيحة على محادثة الجنس الآخر، وإنما يجب عليك أن تفعل ذلك مع كل شخص كى تحصل على الاحترام والحب.
ارمِ الكرة في ملعب المستمع إليك
بعد استخدام جميع مضادات الخجل لكى تصبح محدثاً ممتازاً، لا تنس واحداً من أهم تلك العناصر. تأكد من تغيير اتجاه المحادثة، وسل المستمع إليك عن شعوره تجاه موضوع خاص. استمع إلى رأيه ثم أتبع ذلك ببعض الأفكار حول ما قاله، ثم كرر هذا التمرين مرة بعد أخرى. هذا هو خلاصة الاتصال المريح والواثق.
إذا ظللت تمارس مضادات الخجل الخاصة بالمحادثات الواثقة، فسوف تجلس منتصباً ذات ليلة قبل أن تخلد للنوم وتقول في دهشة : » مدهش أنا لم أفكر حتى في محادثاتى اليوم. لقد جرت بشكل طبيعى » . تلك هى الليلة التى ستنام فيها مدركاً أنك عما قريب سوف تتحرر من الخجل.
بعض أفضل المتحدثين لا يتكلمون مطلقاً
أريد أن أشاركك حقيقة مشجعة، بينما تمارس تقنيات المحادثة المتنوعة فإنك بالطبع ستجد كل تغيير أكثر راحة. لكن إلى أن تشعر بإيجابية تجاه أسلوب تواصلك الهادئ، ضع في ذهنك أنك لن تضطر دائمًا إلى أن تتحدث لكى تترك انطباعاً جيداً.
بعد أشهر قليلة من تدريب صديقتى ” دافى ” على التواصل بالأعين والذى غير حياتى، فإننا كنا نتحدث بالهاتف عن ذلك : ” دافى، لا أستطيع أن أخبرك بمدى سهولة النظر إلى أعين كل المسافرين مباشرة “.
وبينما كنت أثرثر شعرت في صوت ” دافى ” أن لديها فكرة تحتفظ بها.
فسألتنى : ” هل بإمكانك المرور على منزلى في غضون ساعة؟ “.
فقلت : ” حسنًا بالتأكيد لكن…… ” لكنها كانت قد أغلقت السماعة.
عندما وصلت أعلمتنى ” دافى ” قائلة : ” اليوم ستخطين خطوة تالية نحو الثقة بالنفس “، وبإمكانى القول إنها كانت تستمتع بدورها الجديد كمعالجتى.
فقالت ” دافى ” : ” ستقيم أمى حفلة غداء صغيرة الليلة و….. “، لابد أن الرعب قد ملأ وجهى لأنها أكملت تقول : ” لا تقلقى يا ليلى. لن يكون الأمر سيئاً جدًّا هذه المرة، بالإضافة إلى التواصل بالأعين أريدك أن تستمعى بحرص لكل من يتكلم ثم تبتسمى وتومئى في الوقت المناسب “.
فرددت : ” لكنى لا أستطيع إجراء محادثة صغيرة مع غرباء بهذه الطريقة “.
قالت ” دافى ” : ” هنا يكمن جمال التمرين، فأنت لن تضطرى لإجراء محادثة. لقد تطوعت أمى في منظمة لتكييف أوضاع المهاجرين الجدد، واليوم غداء ترحيب لأربعة عشر منهم، ولا أعتقد أن أحداً منهم يتحدث الإنجليزية، لذا ألا ترين الفائدة؟ إنك لن تتعرضى لأى ضغط؛ لأنك لست بحاجة لأن تتكلمى. ابتسمى فقط وتصرفى بشكل ودود وانظرى إلى أعينهم “.
وصلنا إلى مقهى يونانى ملىء بالنشاط، وبدا أن كل شخص يتحدث في نفس الوقت بلغة لا أفهمها. كانت والدة ” دافى ” جالسة إلى طاولة كبيرة مع القادمين الجدد، فقبلتها ” دافى ” على خديها وقدمتنى إليهم، ثم اقترحت والدتها أن أجلس بالقرب منها لأننى لا أتحدث اليونانية.
ليس متوقعاً منك أن تقوم بشىء
غمزت ” دافى ” قائلة : ” كلا، سوف تجلس ليلى هناك بين ليونيداس وسكوباس “. فشعرت كما لو أننى قد تركت بمفردى في قفص الأسود.
عندما تعارفنا، ابتسما ابتسامة عريضة وابتسمت ابتسامة صغيرة. همست ” دافى ” لى قائلة : ” لا تقلقى، أخبرتهما أنك لا تتحدثين اليونانية. سأذهب لأجلس مع والدتى الآن “.
قلت : ” لا تتركينى يا دافى “. لكنها كانت قد غادرت بالفعل.
وضع النادل أمامى طبقاً غريباً بدا مثل الأخطبوط مع بعض من الصلصة الباردة، وبلغة الإشارة سألنى ليونيداس ما إذا كان الطعام يعجبنى. نجحت في ابتلاع هذا الشيء اللزج بينما أومئ برأسى بصورة مفاجئة وملحوظة لدرجة أننى صفقت بيدى بنعومة لأبين له أن الطعام أعجبنى.
لم أصدق كم الاسترخاء الذى كنت أشعر به، فمعالجتى التى نصبت نفسها رغماً عنى وغير المعتمدة لدى أى جهة طبية ستكون فخورة بى. ولأول مرة لا أريد أن أبدو غير مرئية عند الجلوس إلى طاولة مع مجموعة من الناس. في الواقع وقفت بكامل طولى ودفعت شعرى إلى الخلف، وابتسمت حتى لواحد من الرجال اليونانيين الوسيمين على الطرف الآخر من الطاولة.
ثم بدا الأمر يسوء؛ فقد استأذن الرجل اليونانى الوسيم من شركاء العشاء وتوجه إلىَّ مباشرة فذعرت للغاية. ماذا لو أنه يتحدث الإنجليزية؟ ماذا لو توجب علىَّ أن أتحدث معه؟
انحنى الرجل بلطف وقدم نفسه باليونانية، فأسرعت ” دافى ” لإنقاذى وتكلم معها بإيجاز، فنظرت إلىَّ ” دافى ” مبتسمة وقالت : ” ليلى، يريد تايلسوس أن يطلب منك الخروج بصحبته؟ فقلت : من يريد أن يفعل ماذا؟ “.
قالت : ” إنه جاد “، قلت : ” إنك بالتأكيد تمزحين يا ” دافى “. أخبريه أن ذلك لطف منه وأننى أشعر بالإطراء، لكن يا دافى أخبريه أننى متزوجة أو أننى مصابة بمرض معدٍ. أخبريه أى شيء! “.
بطريقة ما خلصتنى ” دافى ” من تلك الورطة، وبينما أوشكت الحفلة على الانتهاء صافحنى الحاضرون، وابتسموا لى وودعونى باليونانية، ولأننى كنت مستمعة ودودة ومتلقية جيدة فلم يلاحظ أحد صمتى؛ فمعظمهم لم يعرف حتى أننى لا أتحدث اليونانية.
فى طريق عودتنا إلى منزل ” دافى ” أعلنت لها أننى لم أشعر بعدم الارتياح في الحفلة فردت ” دافى ” : ” بالطبع لا. لأن أحداً لم يتوقع منك أن تقولى أى شيء “. أدهشنى ردها لأنها كانت محقة. لم أكن مضطرة لأن أقوم
بشيء، ولم يتوقع أحد منى أن أتحدث ولم يحكم علىَّ أحد من خلال الكلام الذى قلته.
لن يلاحظ أحد أنك لم تتحدث
أيها الخجولون؛ ستمرون بنفس التجربة عندما لا يتحدث رفقاؤكم في وجبة الغداء بلغتكم. لن تخشوا من قول شيء غبى أو غير مناسب. فإذا كانوا غرباء وعرفت أنكم لن تروهم مرة أخرى فستشعرون بارتياح.
وحتى إذا كان كل شخص يتكلم لغتك بوضوح وأنت تعرف بعضهم فإنه لا يتوقع منك أن تقوم بشيء، وليس عليك أن تقول أى شيء لا تريد قوله، لكن يجب عليك أن تستمع وتبتسم وتومئ؛ فذلك يدل على الود، وكلما تومئ وتبتسم أكثر لهم، عرفوا أنك ذو شخصية أفضل.
انظر مرة واحدة وأومئ مرتين وابتسم ثلاث مرات
لا تقلق إذا لم تجهز نفسك للتحدث جهرًا في مجموعة. فقط أعط المتحدثين الآخرين وصفة لا تفشل أبدًا. انظر في أعينهم، ابتسم، وأومئ في الوقت المناسب. أعدك أنك ستكون شخصاً مرحبًا به في المجموعة لأن كل شخص يحب المستمع الجيد. سوف يعتبرونك ودوداً، ولن تحتاج إلى التحدث إلا إذا كنت مستعدًّا لذلك.
لي صديق حميم يدعى » نيت » وهو لا يتكلم كثيرًا، لكن عندما أخبره أى شيء يبتسم ابتسامة كبيرة ويقول : » حقاً » أو » هذا عظيم » كما لو أن تعليقى الهزيل كان كذلك بالفعل، إنه لمن الممتع البقاء مع » نيت » . لقد تزوج » نيت » محامية جميلة ولامعة تدعى » ديبورا » .
ذات مرة سألت ديبورا عن كيفية لقائهما لأول مرة فأخبرتنى أن » نيت » كان واحداً من عملائها، وأضافت قائلة : » لم يسبق لى أن قابلت مستمعاً جيداً مثله. إنه مرح ولديه ابتسامة بلهاء كبيرة » . أعرف أنها تقصد ابتسامة محبوبة.
كيف تنسى أنك خجول؟
الشغف يقضي على الخجل
عندما تكون شغوفاً للغاية بشيء ما فإنك لا تلاحظ نفسك وأنت تتكلم. كل ما تعرفه هو أنك تحتاج إلى أن تعبر عن أفكارك، فعندما تتحدث عن شيء أنت متحمس له فإن خجلك يتوارى. في الواقع إنه يطير خارج النافذة الخلفية ويتبخر في الهواء.
اكتشفت التأثير العلاجى للشغف على الخجل عندما كنت في الثانية عشرة من عمرى. كان هناك ولدان يعيشان بجوارى، يدعيان ” دونى ” و ” بونى “، وكانا يغيظاننى بلا رحمة وباستمرار، وكلما كانا يلعبان بالخارج كنت أهرول إلى داخل المنزل.
عندما كنت أنجز واجبى المدرسى في الشرفة ظهيرة أحد أيام السبت سمعت ضحكة صاخبة في فنائهم الخلفى، وكالمعتاد لملمت كتبى لأختبئ بالداخل ثم سمعت صرخة حادة لحيوان فاستدرت.
كان ” بونى ” يؤرجح قطة ضالة من ذيلها وهو يصرخ في مرح بينما يرشها أخوه الصغير بخرطوم الحديقة. لم أشعر بخجلى للحظة، فأسقطت كتبى وتبعثرت أوراقى عبر الشرفة بمجرد أن صرخت فيهم مثل صقر متعطش للدماء.
ضحك الاثنان ورفعا القطة المعذّبة لأراها بصورة أوضح فاشتطت غيظًا وانتزعت جاروفًا بجوار باب المرآب ورفعته فوق رأسى وانطلقت وراءهما، ولصدمتهما أوقعا القطة وجريا، فهرول المخلوق المسكين بعيداً عائداً إلى أسرته ليسترد صحته.
عندما عدت إلى شرفتى أدركت أن في يدى سلاحًا خطيرًا، فحملقت فيه، غير أن شغفى بالحيوانات تغلب للحظة على خجلى.
منذ سنوات مضت بدأت حفلات موسيقية في المنزل الخاص بى. كنت منهمكاً جدًّا في الموسيقى لدرجة أنه كان من السهل التحدث مع نساء اعتدت أن أخاف من محادثتهن، بل إنهن كن يتوجهن للحديث معى، وساعدنى ذلك على الشعور براحة أكثر تجاه نفسى.
بادى سى، لوس أنجلوس، كاليفورنيا
لم أفكر في نفسي طوال المساء
تقترح الكتب غالبًا أن الذهاب إلى الندوات العامة استراتيجية جيدة للتخلص من الخجل وتوصى بالتطوع بتوزيع برامج الندوة أو تسليم تذاكر الندوة، وهكذا. وهى نصيحة جيدة جداً. ومع ذلك، إذا كان غرضك الرئيسى من التواجد هناك هو ممارسة الاختلاط فإنك لا تزال تشاهد ” العرض المنفرد الخاص بك “. وبالتفكير فيما حدث سابقاً، ستقول لنفسك : لو أننى كنت قد حضرت اجتماعًا من أجل حماية الحيوانات المضطهدة بدلاً من الجلوس ببساطة في شرفتى الخلفية، لكنت تمركزت حول نفسى وليس الحيوانات المسكينة، عندما ظهر ” بونى ” و ” دونى “.
بيت القصيد هو أنه عندما تكون شغوفًا بشيء تمامًا، فإنك تنسى نفسك لأنك مستغرق في غرضك.
عمرى ثمانية وأربعون عامًا، وعندما طلقت منذ أحد عشر عامًا،وجدت أنه من المستحيل أن أتزوج مرة أخرى. وقد كنت خجولة جدًّا لدرجة تمنعنى من الذهاب إلى الحفلات أو حتى التفكير في التقرب إلى رجل. ولطالما كنت مدمنة للشراب ومؤخرًا بدأت الذهاب إلى جلسات علاج مدمنى الكحوليات وقابلت هناك العديد من الرجال اللطفاء، فكان من السهل التحدث إليهم؛ لأنهم يكرهون الشراب أيضًا ولدينا شىء نتحدث عنه.
دونا إف. مار، تنسبرج، وست فرجينيا
ماذا عنك؟ ما هو شغفك؟
هل البيئة شغفك؟ انضم إلى نادى سييرا لمحبى البيئة.
هل المجاعات بالعالم موضع شغفك؟ حملات التبرع بالدم تحتاج إلى تنظيم، ومحاضرات التعليم الصحى تحتاج إلى تنسيق.
هل الأطفال موضع شغفك؟ تطوع لجمع هدايا لملاجئ الأطفال المشردين.
ماذا عن مسقط رأسك؟ ساعد مجتمعك في إيقاف من يفسدون المنظر الطبيعى بمركز تجارى تسويقى آخر.
عندما تنضم إلى قضية أنت شغوف بها فإنك لا تفكر في ” ماذا يعتقد الآخرون فىّ “، وإنما تقول لنفسك : ” ماذا باستطاعتنا جميعًا فعله لهم؟ ” عندما يحتل الهدف المقام الأول في ذهنك فإن الخجل سيتوارى في الخلفية. تنمو رابطة بين العاملين من أجل نفس القضية وتتكون صداقات بصورة طبيعية.
أوجد لنفسك شغفاً وهدفاً
فكر بعمق في القضايا التى تهتم بها أكثر من أى شىء آخر. فكر في شىء تهتم به حقًّا ثم ابحث في الإنترنت والصحف عن مجموعات أو اجتماعات بشأن هذا الموضوع. إذا كانت مدينتك تصدر صحفاً، فتلك مصادر غنية لتنوع كبير من المنظمات والاجتماعات.
لكن لا تنضم إلى أى شيء وحسب، بل اعثر على شيء تتحمس له وافعل أى شيء للحصول عليه. دع شغفك يبعد خجلك.
قوة الشغف الرائعة لا تنتهى أبدًا
قوة الشغف فعالة جداً لدرجة أنه بعد أن تصبح واثقاً بنفسك، فإنها تساعدك على تحقيق مستويات أعلى من الثقة بشكل متزايد.
حتى بعد ادعائى النصر على الخجل على سبيل المثال إلا أن فكرة إلقاء خطاب أخافتنى بشدة.
كان لدىَّ ذات مرة شركة صغيرة تسمى ” شو تايم أت سى ” وكنت مع شريكى الرائع ” تشيب “، فسافرنا حول العالم معًا وكان أعز أصدقائى.
أصيب”تشيب”بمرض الإيدز وعملت على تمريضه خلال الموت المؤلم والرهيب، وفى جنازته سألت أخاه إذا كان هناك أى شخص يرغب في قول كلمات تأبين، فأدركت أن لا أحد يعرف شيئاً عن إنجازاته المهنية، عندما وقف ثلاثة أو أربعة من أقاربه وتحدثوا عن صفات العطف عند”تشيب”فبالنسبة لهم كان”تشيب”هو طفل”جان”و”نيك”الذى كبر فجأة.
لم أكن قادرة على البقاء جالسة، فرفعت يدى كالصاروخ وانطلقت إلى المنصة أمام ردهة الجنازة. تحدثت بشغف وبدون وعى لمدة عشرين دقيقة عن ” تشيب ” الموهوب والمحبوب واللامع، وكانت تلك هى أول مرة أقف فيها متحدثة أمام مجموعة من الناس، لكننى لم أشعر للحظة أننى ألقى خطاباً أمام جمهور، فمهمتى كانت أن أبلغ أسرة ” تشيب ” الكبيرة عن مواهبه الخاصة.
لم أفكر في هذا الموضوع في وقته بالطبع، لكن التجربة كانت خطوة كبيرة في ” التعرض التدريجى ” الذى أسهم في جعلى متحدثة محترفة تتحدث الآن أمام مجموعات كبيرة تصل أحياناً إلى عشرة آلاف شخص.
اكتشف هدفك، واعلم أن شغفك سيساعدك على تحقيقه دون خوف.