قد يكون فقد الحمل تجربة صعبة للغاية، حيث يمكن ان تشعري بأن آمالك المستقبلية قد ضاعت منك، و يمكن ان تحدث هذه المشاعر حتى و إن كان الحمل قد مضى عليه اسابيع فقط.
ليس هناك مجموعة من القواعد حول ما ستشعرين به أو لا تشعرين به بعد فقد الحمل، إذ يمكن ان تشعري ببعض اللامبالاة أو الخدر لفترة وجيزة، فلا تعترضي هذا الشعور، وواصلي عملك رغم ذلك.
فالحزن بسبب فقد الحمل يستغرق بعض الوقت، و يفكر بعض الازواج بأنه ينبغي محاولة الحمل من جديد لحل المشكلة أو التعويض عنها، و لكن – للاسف – من غير المحتمل ان يحمل الحمل اللاحق المشاعر نفسها من البراءة و النعمة، فالحمل بعد الفقد يكون شديد الوطأة بسبب القلق و الخوف من حدوث خطب ما.
ومع أن فقد الحمل يمكن ان يكون صعباً للغاية، لكنه لا يعني انك لم لعودي قادرة على الحمل بطفل آخر، ففي معظم الحالات، تبقى فرصتك بحمل سوي سليم ممتازة، حتى و إن تعرضت لفقد حمل أو اكثر، و يعتمد قرارك عن فكرة المحاولة من جديد و الموعد علىنمط الحمل لديك، فضلاً عن تعافيك جسدياً و نفسياً.
مسائل يجب أن تؤخذ يعين الاعتبار
ليس هناك وقت مثالي لمحاولة الاخصاب أو الحمل من جديد، غير ان معظم الخبراء ينصحون بأن تعطي المرأة نفسها الوقت الضروري الكافي للتعافي الجسدي و النفسي قبل محاولة الحمل من جديد، و ينصح مقدمو الرعاية الصحية – بوجه عام – بالانتظار دورة حيضية واحدة على الاقل قبل المحاولة ثانية، و يمكن ان ترغب المرأة في بعض الحالات باستشارة اختصاصي قبل السعي للحمل من جديد.
التعافي النفسي والانفعالي
يعدّ فقد الطفل من أصعب الاشياء في الحياة، و ليس فقد الطفل قبل ولادته بأقل صعوبة ، فإذا وجدتِ نفسكِ حزينة بعمق بعمق بعد فقد الحمل، أتيحي لها الوقت لذلك، فالشفاء النفسي يستغرق وقتاً اكثر من الشفاء الجسدي عادة.
أسباب فقد الحمل
يمكن ان يحصل فقد الحمل بسبب:
- الاجهاض Miscarriage
- قصور عنق الرحم cervical incompetence
- الحمل المنتبذ Ectopic pregnancy
- الحمل الرحوي molar pregnancy
فالاجهاض هو فقد المضغة أو الجنين بسبب شذوذات أو تشوهات وراثية في الخلايا المتخلقة عادة، بينما في قصور عنق الرحم، يبدأ عنق الرحم بالتوسع قبل تمام الحمل ، مما يؤدي الى الاجهاض، اما في الحمل المنتبذ، فترتبط البيضة المخصبة بموضع آخر غير الرحم، و يكون ذلك في البوق (الانبوب الرحمي) عادة، و أما الحمل الرحوي، فيتصف بتخلّق كتلة شاذة من الخلايا في الرحم بعد الاخصاب.
مراحل الحزن والأسى
لا يمر احد بمرحلة الحزن بالاسلوب نفسه، لكن هناك مراحل انفعالية معينة تكون مشتركة بين الافراد الذين يتعرضون لحالة خسارة هامة في حياتهم، و تشتمل هذه المراحل على ما يلي:
• الصدمة و الانكار Shock and Denial: غالبا ما يعاني الافراد من حالة من الخدر و اللامبالاة و الخلو من العواطف بعد الحدث المؤلم مباشرة، و هذا امر سوي و لا يعني انك غير مهتمة أو مبالية.
• الذنب و الغضب Guilt and Anger: يمكن ان تستغرقي بعد فقد الحمل في لوم نفسك عما حدث، لكن اعلمي انه يندر ان تكون الوقاية ممكنة من فقد الحمل.
• الاكتئاب و اليأس Depression and Despair: ليس من السهولة تمييز الاكتئاب دائما ، فقد تجدين نفسك و انت تشعرين بتعب شديد أو بفقد المتعة بالاشياء التي كنت تأنسين اليها، و يمكن ان تتغير شهيتك أو نمط نومك، أو تلاحظين انك تبكين على اشياء يبدو انها بسيطة.
• القبول Acceptance: مع انك يمكن الا تفكري بذلك الآن، فستصلين في نهاية المطاف الى تقبّل الخسارة، و لا يعني ذلك انك لم تتضرري، ولكن يصبح الامر اسهل من ذي قبل .
الشفاء الجسدي من الإجهاض
يستغرق الشفاء الجسدي دورة حيضية طبيعية واحدة بالنسبة الى النساء حتى يشفين من الاجهاض، و يكون ذلك قبل 4-6 اسابيع عادة من عودة الدورة الحيضية، و من الممكن ان يحصل إخصاب في هذه الاسابيع بين الاجهاض و الدورة الطمثية الاولى، وقد ترغبين خلال هذا الوقت باستعمال نمط ميكانيكي لتنظيم الحمل، مثل الواقي الذكري أو الحجاب المهبلي.
إذا شعرت انت وزوجك بأنكما جاهزين للحمل ثانية، لا بد من وضع عدة امور بالحسبان، فقبل الإخصاب، تحدّثي مع مقدم الرعاية الصحية حول خططك، فهو قد يساعدك على وضع استراتيجية تطور فرصتك بحمل صحي وولادة سليمة، وهناك عدة قضايا لا بد من أخذها بعين الاعتبار، فإذا كان هذا هو الاجهاض الاول لديك، تكون فرص الحمل السليم لاحقاً هي نفسها تقريباً مثل أية امرأة اخرى لم تتعرض للإجهاض ابداً.
يمكن ان يقترح مقدم الرعاية الصحية ان تنتظري لفترة إضافية أو تخضعي لاختبارات إضافية أو للمراقبة إذا كنت قد تعرضتِ لإجهاض متكرر أو حمل منتبذ (في غير مكانه) أو حمل رحوي.
فقد الحمل المتكرر
إذا كنتِ قد تعرضتِ لفقد الحمل ثلاث مرات أو اكثر، يمكن ان ترغبي بمراجعة طبيب لديه خبرة في هذه الناحية، و يستطيع معظم أطباء التوليد و النسائية التعامل مع هذه المسألة أو يمكن ان يحيلوا المريضة الى اختصاصي في الامومة و الاجنة maternal-fetal specialist أو في الغدد الصم و التوالد reproductive endocrinologist، و يمكن ان يساعدك مقدم الرعاية الصحية على إيجاد الشخص المناسب.
بما أن فقد الحمل المتكرر له اسباب مختلفة، يمكن ان تخضعي لعدة اختبارات و فحوصات تقييم، كما يمكن ان يوصي مقدم الرعاية الصحية بأن تراجعي اختصاصي وراثيات geneticist أو مستشار وراثي للبحث عن المشاكل الصبغية المحتملة، لكن حتى بالاختبارات الإضافية، يمكن الا تعثري على تفسير لسبب فقد الحمل.
عند العثور على سبب يمكن ان توجد أو لا توجد معالجة له، فمثلا، يمكن ربط عنق الرحم الضعيف (القاصر) مؤقتاً خلال المراحل الاولى و المتوسطة من الحمل للوقاية من انفتاحه قبل استعداد الطفل للولادة، لكن عندما يكون السبب مشكلة صبغية، قد لا تكون هناك معالجة.
نصائح للحمول المستقبلية
رغم انه من غير المحتمل كثيرا ان تتمكني من اتقاء فقد الحمل، لكن يمكنك القيام ببعض الاشياء للحصول على أفضل فرصة للمحافظة على حمل صحي، و فيما يلي بعض النصائح التي يمكن ان تأخذيها بعين الاعتبار:
• كلي قوتاً صحياً ومارسي التمارين بانتظام.
• تناولي جرعة يومية من حمض الفوليك، سواء بشكل مستحضر وحيد أو مع عدد من الفيتامينات.
• احصلي على رعاية قبل الإخصاب والولادة.
• لا تدخني و لا تشربي الكحول أو العقاقير المحظورة خلال محاولة الاخصاب أو الحمل.
• اخضعي لتحرّي الامراض المنقولة جنسياً و للمعالجة منها عند الضرورة.
• قللي من تناول الكافيين.
• تعاوني مع مقدم الرعاية الصحية، فبذلك تحافظين على صحتك و صحة جنينك.
و من الأخبار الجيدة انه حتى النساء اللواتي يتعرضن لفقد الحمل ثلاث مرات يبدين فرصة تعادل 75% للفور بحمل ناجح.
الحمل المنتبذ السابق
يقل احتمال الحصول على نتيجة حمل ناجحة بعد التعرض لحمل منتبذ ectopic pregnancy، لكن يبقى الاحتمال جيداً، حيث يترواح بين 60 – 80% إذا بقي البوقان (القناتان الرحميتان) سليمين، أما عند استئصال أحد البوقين، يصبح احتمال الفوز بحمل ناجح أكثر من 40%، لكن يزداد احتمال حصول حمل منتبذ بنسبة 15% تقريباً، لذلك ينبغي أن يراقبك مقدم الرعاية الصحية عن كثب في الحمل اللاحق.
الحمل الرحوي السابق
يبرز بعد الحمل الرحوي خطر طفيف لنمو نسيج شاذ مستقبلاً، ويكون هذا الورم غير سرطاني (حميد) عادة، لكن قد يكون سرطانياً (خبيثاً) في حالات نادرة، ويتجلّى هذا النمو النسيجي عادة بمستويات مرتفعة من هرمون الحمل المسمى موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية Human chorionic gonadotropin (HCG)، ومن المحتمل أن يرغب مقدم الرعاية الصحية بقياس مستويات هذا الهرمون بشكل دوري إلى حين عودته إلى مستوياته الطبيعية، ومن المهم أن تتجنبي الحمل لسنة كاملة، لأن المستويات المرتفعة للهرمون الحاصلة مع الاخصاب قد تلتبس مع نكس المرض أو رجعته، ويتراوح خطر حدوث الحمل الرحوي في حمل مستقبلي بين 1 – 2%، ويمكن أن يوصي مقدم الرعاية الصحية بأن تخضعي للتصوير بفائق الصوت في حملك اللاحق للتأكد من أن الحمل طبيعي.