التصنيفات
صحة المرأة

مراحل المخاض والولادة

ليست عملية المخاض حدثا واحدا ثابتا, بل هي سلسلة من الأحداث المتعاقبة, أو عملية تجري في فترة تدوم ساعة وحتى أربع وعشرين ساعة وربما أكثر.

وتعتمد الإجابة على السؤال عن الفترة التي سيستمر خلالها المخاض على عدة عوامل؛ ولكن، كقاعدة عامة، يمكن القول بأن المخاض يستمر لمدة أطول في الولادة الأولى, وذلك لأن فتحتي الرحم (عنق الرحم) والمهبل (قناة الولادة) عند ذوات الحمل الأول تكونان أقل مرونة, ولذا فإن عمليتي المخاض والولادة تستغرقان فترة أطول, ويستمر المخاض الأول عادة ما بين 12 – 24 ساعة بمتوسط قدره 14 ساعة, أما المخاض عند أولئك الأمهات اللواتي أنجبن من قبل فيستمر ما بين 4 – 8 ساعات بمتوسط قدره 6 ساعات.

وتختلف مدة المخاض وكيفية تقدمه من امرأة إلى أخرى ومن ولادة إلى ولادة أخرى, ومع أن كل عملية مخاض تعد حالة مميزة عن غيرها، إلا أن تعاقب الأحداث يتشابه في أي مخاض تقريبا.

ويقسم المخاض بشكل منهجي إلى ثلاثة أدوار: الدور الأول، يحدث عندما يقوم الرحم بنفسه بفتح العنق مما يسمح بنزول الطفل؛ الدور الثاني، هو دور الدفع والولادة (ولادة الطفل)؛ الدور الثالث هو دور ولادة المشيمة (الخلاص afterbirth)؛ ويعد الدور الأول أطول الأدوار الثلاثة، وينقسم هذا الدور إلى ثلاثة أطوار: طور المخاض المبكر وطور المخاض النشط والطور الانتقالي.

الدور الأول

طور المخاض المبكر early labor

ينفتح أو يتوسع عنق الرحم في أثناء المخاض مما يسمح للطفل بالتحرك إلى الأسفل باتجاه المهبل استعدادا للدفع والولادة؛ ومع مضي الوقت، يتحول عنق الرحم من كونه مغلقا بشكل تام إلى أن يصبح مفتوحا بشكل تام (أي يكون عرضه حوالى 10 سم “حوالى 4 بوصات”), ويعد ذلك الاتساع كافيا لمرور رأس الطفل من خلاله.

الرحم عضو عضلي مجوف يؤوي الطفل, ويمكن تشبيهه بقارورة مرنة مقلوبة, حيث تشكل فتحة الرحم (العنق) عنق تلك القارورة؛ وعندما يبدأ المخاض، يكون العنق مغلقا، ولكن التقلصات الحادثة تسبب فتح العنق عن طريق خلق ضغط في أسفل الرحم، حيث توجه تلك القوة خلال الرحم بطريقتين: يتعرض الطفل في أثناء التقلصات إلى ضغط يدفعه بقوة باتجاه العنق, كما أن التقلصات تسبب ترققا وشدا في عنق الرحم حول رأس الطفل, وفي النهاية تؤدي التقلصات المتكررة إلى تمدد عنق الرحم حوالى عشر سنتيمترات كاملة.

ما الذي يحدث؟

يحدث في طور المخاض المبكر توسع عنق الرحم من الصفر وحتى أكثر من 3 سم بقليل, وتعد تلك الفترة هي الأطول؛ وهي – ولله الحمد – الأقل شدة من بين أطوار المخاض؛ ويبدأ طور المخاض المبكر مع بدء حدوث التقلصات التي تختلف بشكل كبير من امرأة وأخرى؛ حيث قد لا تعلم بعض النساء أنهن في المخاض عندما تكون التقلصات خفيفة وغير منتظمة, بينما قد يتوسع عنق الرحم حوالى 10 سم كاملة مع تقلصات واضحة في غضون ساعات قليلة.

وتستمر التقلصات بشكل عام خلال المخاض المبكر حوالى 30 – 60 ثانية, وقد تكون منتظمة أو غير منتظمة, وتحدث بفواصل قدرها 5 – 20 دقيقة, كما قد تكون خفيفة أو متوسطة القوة.

كما قد تعاني المرأة بالإضافة إلى التقلصات من آلام الظهر وبعض الانزعاج في المعدة وربما الإسهال, كما قد تشكو بعض النساء من حس بالحرارة أو السخونة في البطن عند بدء المخاض, كما قد تظهر العلامة الدموية في هذا الوقت – هي ضائعات مهبلية مخاطية ممزوجة بالدم – عندما يبدأ عنق الرحم بالانفتاح.

وقد يستمر المخاض المبكر (المخاض الخافي latent labor) ساعات أو أياما, لذا يجب عليك أن تكوني صبورة، إذ يجب أن يتلين عنق الرحم قبل أن يتمكن من التوسع, ومن غير الضروري أن يبدأ المخاض دائما عند بدء التقلصات، فقد تعانين من تقلصات غير مؤلمة وغير منتظمة لساعات وربما لأيام قبل أن يبدأ عنق الرحم بالتوسع, لا سيما عند ولادة الطفل الأول.

كيف سيكون شعورك؟

غالبا ما تقضي الكثير من النساء الساعات والأيام الأولى من المخاض في المنزل؛ حيث يمضين ذلك الوقت في الراحة أو أخذ القيلولة ما دام أنهن لم يزلن قادرات على المحافظة على طاقتهن من أجل العمل القادم, وقد تستمر بعض النساء في تنفيذ جدول حياتهن المعتاد مدركات بالكاد أن تلك العملية قد بدأت.

ولدى بدء حدوث أولى التقلصات الحقيقية، قد تشعرين بالدوخة مع نوع من الحماس والشعور بالانفراج التام، إذ سيولد طفلك في وقت قريب بعد كل تلك الشهور الطويلة من الانتظار؛ وقد تشعرين في الوقت نفسه ببعض الخوف من المجهول، لذا حاولي أن تبقي مسترخية, وتذكري أنك مستعدة لذلك, حيث أنك قمت بالكثير من أجل إعداد نفسك لتلك اللحظة.

ما الذي يمكنك فعله؟

ما دام أن شدة التقلصات وتواترها لم يزدادا بعد، يمكنك القيام بأعمالك المنزلية الاعتيادية, أو مشاهدة التلفاز أو متابعة فيلم ما, أو اللعب ببعض الألعاب أو إجراء بعض المكالمات الهاتفية؛ ويجب عليك اختيار تلك الأنشطة التي تجدينها أكثر إراحة لك والتي تساعدك على صرف انتباهك عن تلك التقلصات, وربما أردت الاسترخاء على الكرسي أو التحرك هنا وهناك, مع العلم أن المشي نشاط رائع لأنه قد يساعد على تقدم المخاض قدما.

كما قد تجدين أنه من المفيد القيام بما يلي في أثناء المخاض:

●   الاستحمام أو الاغتسال.
●   أن يقوم شريكك بتدليكك.
●   محاولة التنفس العميق والبطيء.
●   تغيير الوضعية المتكرر.
●   شرب الماء أو العصير أو غيرها من السوائل النظيفة.
●   أكل بعض الوجبات الصحية الخفيفة.
●   استخدام منشفة مبللة لتبريد الجسم.
●   استخدام بلسم شفاه للشفتين الجافتين.
●   الذهاب المتكرر للمرحاض.

ومن أجل تخفيف آلام الظهر، يمكنك استخدام كمادات ثلجية أو ساخنة أو المبادلة بينهما, كما يمكنك استخدام كرة تنس أو شوبك أو مقبض الباب من أجل تطبيق ضغط على أسفل الظهر, ولكن لا تتناولي الأسبرين aspirin أو أي مسكن آخر للألم باستثناء الأسيتامينوفين acetaminophen (التيلينول Tylenol أو غيره).

ومن دون فحص، لا توجد أية طريقة لمعرفة وقت انتقالك إلى الدور الأكثر نشاطا من المخاض, ولكن يوجد الكثير من العلامات التي تشير إلى جاهزيتك للانتقال إلى المستشفى أو مركز التوليد, ويساعد توقيت التقلصات ومدى شدتها على جعل مقدم الرعاية الصحية يحدد بدقة دور المخاض الذي تمرين به؛ لذا يجب عليك اتباع نصائح مقدم الرعاية الصحية حول وقت مغادرتك إلى المستشفى أو مركز التوليد.

في المستشفى أو مركز التوليد

عند الوصول إلى المستشفى أو مركز التوليد، سوف تؤخذين إلى غرفتك – غرفة المخاض غالبا – حيث تجري إجراءات القبول؛ وبعد أن تقومي بارتداء ثوب المستشفى أو ثياب النوم الخاصة بك، غالبا ما يجرى لك فحص لمعرفة مدى توسع عنق الرحم, كما يرجح أن يجري ربطك بمرقب للجنين fetal monitor لمراقبة الجنين وتوقيت التقلصات وقياس سرعة قلب الطفل, كما تؤخذ العلامات الحيوية vital signs عند الدخول وفي فترات متقطعة من المخاض والولادة.

وقد يجري وضع إبرة وريدية؛ ويكون ذلك على ظهر اليد أو الذراع عادة, وتوصل تلك الإبرة بأنبوب بلاستيكي متصل بكيس من السوائل التي تتدفق على شكل قطرات نحو جسمك, ويتدلى ذلك الكيس من حامل متحرك يمكنك نقله معك في أثناء المشي أو الذهاب إلى المرحاض.

وتساعد تلك السوائل التي تأخذينها عن طريق الوريد في المحافظة عليك في حالة من التميه خلال المخاض, كما قد تعطين بعض العقاقير – مثل الأوكسيتوسين oxytocin وريديا – عند الحاجة لها, ويطلب بعض مقدمي الرعاية الصحية وضع إبرة وريدية روتينيا في وقت مبكر من المخاض, بينما يفضل البعض الآخر الانتظار لحين وجود حاجة واضحة لذلك، حيث قد لا تحتاجين إلى ذلك في بعض الأحيان؛ ويكون استخدام مثل تلك الإبرة – في المخاض الطبيعي – من دون استخدام التخدير مجرد إجراء أمان أكثر منه ضرورة.

وقد يجري إعطاء بعض العقاقير التي تجعل الرحم يتقلص، وذلك عندما تكون التقلصات غير قوية بشكل كاف لفتح عنق الرحم, حيث يمكن أن تبدأ التقلصات بشكل منتظم ثم ما تلبث أن تتوقف في منتصف المخاض؛ وعند حدوث ذلك، وتوقف تقدم المخاض لساعات قليلة، قد يقترح مقدم الرعاية الصحية القيام بتسريب المياه (تمزيق الأغشية) – إن لم يكن قد حدث ذلك – أو القيام بتنبيه المخاض الاصطناعي بواسطة الأوكسيتوسين.

طور الولادة النشط Active labor

طور الولادة النشط هو الطور الثاني من أطوار الدور الأول من المخاض, ويعرف بأنه الفترة التي يتوسع فيها عنق الرحم من مقدار 3 أو 4 سم إلى حوالى 7 سم.

ما الذي يحدث؟

في هذا الطور، يبدأ العمل الحقيقي, حيث تصبح التقلصات أكثر قوة وطولا، إذ قد تستمر لمدة 45 ثانية إلى دقيقة، وربما أطول من ذلك, وقد يفصل بينها 3 – 4 دقائق وربما 2 – 3 دقائق؛ ولذا فمن المؤكد أن فترة الراحة ستكون أقل بين التقلصات.

وإنه لخبر جيد القول بأن تلك التقلصات تنجز الكثير في وقت قصير, إذ إن الطفل يكون في ذلك الوقت يتحرك إلى الأسفل خلال محطات الحوض المختلفة، في حين يستمر عنق الرحم بالتوسع؛ حيث يتوسع عنق الرحم بشكل وسطي لدى النساء اللواتي يمررن بتجربة الولادة للمرة الأولى بمقدار 1 سم لكل ساعة، وذلك بعد التوسع بمقدار 4 سم؛ أما النساء اللواتي اجتزن ولادة سابقة، فإن المخاض يتقدم عندهن بشكل أسرع, ويستمر طور الولادة النشط بشكل وسطي ما بين 3 – 8 ساعات، أي أقل بشكل عام من طور المخاض المبكر، ولكنه أكثر شدة.

قد تكون المرأة في المستشفى أو مركز التوليد في أثناء طور المخاض النشط, كما قد تجرى بين الفينة والأخرى فحوص للحوض لمعرفة مدى تغير عنق الرحم, وقد يقوم مقدم الرعاية الصحية بالفحص لمعرفة كيفية استجابتك وطفلك لتقلصات الرحم, كما يمكن تفحص العلامات الحيوية, وربما جرى استخدام مرقب الجنين لمراقبة سرعة قلب الطفل؛ وقد يوضع في بعض الأحيان خط وريدي – إن لم يكن قد جرى وضعه من قبل – لإعطاء السوائل والعقاقير؛ وقد ينثقب الكيس السلوي مع توسع عنق الرحم إذا لم يكن قد حدث ذلك من قبل, وربما قام مقدم الرعاية الصحية بذلك بنفسه (تمزيق الأغشية).

كيف سيكون شعورك؟

تصبح التقلصات في طور المخاض النشط أكثر إيلاما، لذا قد تشعرين بزيادة الضغط في الظهر, وربما لا تستطيعين التكلم في أثناء التقلصات في هذا الوقت.

وربما ما زال بإمكانك التكلم بين التقلصات ومشاهدة التلفاز أو الاستماع إلى الموسيقى، في وقت مبكر من طور المخاض النشط على الأقل, وقد تشعرين بالتفاؤل والإثارة والثقة من أن شيئا ما سيحدث.

وقد تفسح تلك الإثارة الأولية المجال أمام شيء من الجدية عندما يتقدم المخاض ويشتد الألم, ويمكن أن تختفي ابتسامتك عندما يزداد تركيزك, وربما تشعرين بالتعب وعدم الراحة, وينقل عن بعض النساء الشعور بالحساسية والتهيج؛ وقد يبلغ البعض درجة لا يردن معها التكلم إطلاقا.

وعند تغير الجو العام في الغرفة، قد تبدئين بإدراك أهمية صفوف الولادة والحاجة الحقيقية إلى استخدام طرائق التنفس والارتخاء، وذلك من أجل الاستمرار في التقلصات, وربما تتساءلين عما إذا كنت ستكونين قادرة على القيام بذلك, بل قد تتقلب ثقتك بنفسك, ويمكن أن تشعري بأن ذلك المخاض لن ينتهي أبدا.

وقد تلتفين نحو الداخل من أجل الحصول على قوة تكفي للتعامل مع ما يقوم به الجسم, وربما تفضلين أن تكون الغرفة هادئة والأضواء خافتة حتى يمكنك التركيز على مهمتك بحرية تامة.

يمكن أن تعتمدي كثيرا على مدرب الولادة في أثناء طور الولادة النشط مستلهمة منه الشجاعة عندما تضعف وتقوى التقلصات؛ وعلى العكس من ذلك، قد ترفضين أية لمسة أو توجيه، وذلك في محاولة منك للإبقاء على تركيز جيد.

ما الذي يمكنك فعله؟

عليك الاستعانة بطرائق التنفس والارتخاء لمقاومة تنامي الشعور بعدم الارتياح, وقد يقوم فريق الرعاية بعرض بعض تمارين التنفس البسيطة لمساعدتك في أثناء حدوث التقلصات، وذلك إن لم تكوني قد تمرنت أو تعلمت شيئا عن طرق الولادة الطبيعية من قبل, ولكن عليك العلم بأنه لا يتوجب عليك استخدام تلك الطرق عندما لا تشعرين بالراحة معها أو أنها ببساطة لا تجعلك مرتخية.

تطلب الكثير من النساء استخدام نوع من المداواة للألم خلال طور الولادة النشط, حيث يجرى التخدير فوق الجافية epidural في هذا الطور عادة, ويجب عليك عدم الخوف من مناقشة مسألة تخفيف الألم مع مقدم الرعاية الصحية عندما تشعرين بأنك تحتاجين إلى ذلك.

وقد تشعر بعض النساء بأن التأرجح على كرسي هزاز أو التدحرج على كرة ولادة أو الحمام الدافئ من الأشياء التي تساعدهن على الارتخاء بين التقلصات عند اشتداد الألم؛ وعلاوة على ذلك، فإن تغيير الوضعية يساعد على نزول الطفل, كما أن المشي بشكل خاص يساعد على تقدم المخاض وذلك بسبب الحركة وتأثير الجاذبية؛ لذا، يمكنك الاستمرار في المشي إذا كان ذلك مريحا لك مع التوقف من أجل التنفس في أثناء التقلصات, ويفضل تنويع النشاط الذي تقومين به، إذ لا توجد طريقة بعينها تنفع طوال فترة المخاض.

حاولي التركيز على البقاء مرتخية بين التقلصات، حيث أن القيام بذلك يساعدك على البقاء محتفظة بالطاقة الضرورية خلال جميع مراحل المخاض والولادة, كما أن عليك استغلال ذلك الوقت في بث روح النشاط في ذهنك بالتذكر أنه مع أن التقلصات قد تكون صعبة إلا أنك تقومين بعمل عظيم وتجتازين كل تلك التقلصات, وتذكري أيضا أن ذلك المخاض لن يستمر إلى الأبد, وأن الطريقة الوحيدة لاجتياز المخاض والولادة هي مواجهتهما بأكبر قدر ممكن من التصميم والتركيز.

حاولي التبول كل ساعة أو أكثر في أثناء طور المخاض النشط, مع أنك قد لا تشعرين برغبة ملحة في التبول بسبب الضغط الناتج عن نزول الطفل، لذا يمكنك الطلب من مقدم الرعاية الصحية تذكيرك بذلك؛ وقد يستخدم فريق الرعاية الصحية في بعض الأحيان قثطارا catheter من أجل إفراغ المثانة، لا سيما عند استعمال التخدير فوق الجافية من أجل تخفيف الألم.

قد تشعرين ببعض الغثيان في أثناء طور المخاض النشط, لذا قد يسمح لك مقدم الرعاية الصحية بشرب بعض السوائل أو تناول وجبة خفيفة كالحلوى الهلامية gelatin أو حلوى التفاح applesauce, ولكن ينصح في غالبية الأحيان بعدم الأكل أو الشرب في أثناء تقدم المخاض، باستثناء مص بعض رقائق الثلج أو الحلوى الصلبة من أجل حفظ الفم والحلق من الجفاف, ويمكنك استخدام بلسم لترطيب الشفتين.

الطور الانتقالي transition

يعد الطور الأخير من أطوار الدور الأول, ومع أنه أقصرها، إلا أنه الأصعب من بينها, وفي هذا الطور يتوسع عنق الرحم بقية السنتيمترات (من 7 سم وحتى 10 سم).

وتزداد في هذا الطور قوة التقلصات وتكرارها مع بعض الفواصل بينها والتي قد تكون كافية لمجرد أخذ نفس على عجل, وفي الحال تصل شدة التقلصات إلى ذروتها مع الاستمرار لمدة 60 – 90 ثانية لكل تقلصة؛ ونظرا لشدة تلك التقلصات وتقاربها الشديد، قد يبدو حقيقة وكأن حدوث التقلصات لا يتوقف إطلاقا.

ما الذي يحدث؟

يعد الطور الانتقالي وقتا قاسيا, حيث غالبا ما تشعرين بالكثير من الضغط في أسفل الظهر وفي المستقيم, بالإضافة إلى ذلك قد تشعرين بالغثيان والرغبة في التقيؤ, وربما تشعرين بالحرارة والتعرق في دقيقة ما بينما تحسين بالبرودة والارتعاد في الدقيقة اللاحقة, وربما تبدأ ساقاك بالارتجاف والتشنج، وهذا أمر شائع.

وقد يكون الطور الانتقالي هو الأكثر إزعاجا إذا لم تكوني قد استعملت من قبل أحد عقاقير تخفيف الألم التي نادرا ما تعطى في وقت قريب جدا من ولادة الطفل؛ مع أن الخيارات تظل متاحة؛ وفي هذا الوقت، لا ينصح باستخدام العقاقير الوريدية، لأنها قد تؤثر في تنفس الطفل عند ولادته, مع أن الوقت ما زال متاحا لاستعمال التخدير فوق الجافية؛ ولكن، على العموم، عليك الوثوق بمقدم الرعاية الصحية ليساعدك على اتخاذ القرار حول مداواة الألم.

كيف سيكون شعورك؟

قد يمضي الطور الانتقالي بسرعة، وتصبحين بشكل مفاجئ جاهزة للدفع أو الكبس؛ وعلى النقيض من ذلك، ربما تشعرين كما لو أن الألم لن ينتهي إطلاقا وأنك غير واثقة من قدرتك على الاستمرار لمجرد دقيقة أخرى؛ وتشعر الكثير من النساء، لا سيما أولئك اللواتي يمررن بولادة طبيعية، بالإنهاك والإرباك في أثناء الطور الانتقالي.

لا تقلقي إذا فقدت السيطرة على مشاعرك؛ ومن أجل مساعدتك على التركيز، حاولي تذكر السبب الحقيقي في وجودك هنا، وهو ولادة طفلك الجديد ولقاؤه, كما أنك على مسافة قريبة من ذلك, وجسمك مهيأ للقيام بعملية الولادة, وأنت بالفعل قادرة على القيام بذلك خلال أية فترة عصيبة من المخاض, لذا دعي رحمك يقوم بعمله، وحاولي عدم مجابهة الألم أو الخوف منه.

ما الذي يمكنك فعله؟

حاولي التركيز على اجتياز كل تقلصة في أثناء الطور الانتقالي, وقد يكون من المفيد التركيز على الجزء الأول فقط من التقلصة، إذ إنه بعد أن تبلغ التقلصة ذروتها، يصبح الجزء الثاني أكثر سهولة؛ ولدى مراقبة التقلصات، يمكن لشريكك مشاهدة مدى تقدمها وإخبارك عند بلوغها الذروة مما يعلمك بوقت انتهاء الجزء الأصعب من التقلصة.

وقد تودين ألا يشتت انتباهك أي شيء، كالراديو أو التلفاز، في أثناء الطور الانتقالي, وربما تحاولين القيام بالطرق التالية خلال هذا الطور الصعب:

●   تغيير الوضعية.
●   وضع قطعة قماش باردة ورطبة على جبينك.
●   جعل شخص ما يقوم بتدليكك بين التقلصات.
●   القيام بطرق التنفس والارتخاء والتركيز التي تعلمتها في الصفوف.

لا تفكري في التقلصات التي مضت أو التقلصات التي ستأتي، بل قومي بكل تقلصة عندما يحين دورها.

ومهما كانت صعوبة هذا الطور, تذكري بأن نهايته تعني أنك قد أنجزت مهمتك تقريبا؛ ويبلغ متوسط طول الطور الانتقالي تقريبا ما بين 15 دقيقة إلى 3 ساعات, وبعدها يحين وقت الضغط لدفع الطفل إلى الخارج حالا.

وإذا ما شعرت برغبة ملحة في الكبس، فعليك محاولة كبح ذلك حتى يجري إخبارك بأن توسع عنق الرحم قد حدث بشكل كامل, حيث يساعد ذلك على منع حدوث تمزق عنق الرحم وتورمه والذي يؤخر بدوره الولادة, وربما يكون من الصعب مقاومة ذلك الإحساس عندما يوحي إليك جسمك بأن عليك الكبس؛ ولمجابهة ذلك الإلحاح، يمكنك أن تلهثي أو تنفخي إلا إذا طلب منك غير ذلك.

الدور (المرحلة) الثاني: ولادة الطفل

للدفع أو الكبس مقصد معين، وأنت بدورك تشاركين بفعالية لجعل ذلك الدفع يسبب ولادة الطفل؛ وفي الحال، تظهر قمة رأس الطفل (يحدث التوجان crown) من فتحة المهبل, إلا أنه وللأسف، رغم أن شريكك وفريق الرعاية الصحية يمكنهما رؤية طفلك عند قيامك بالدفع، قد تحتاجين إلى 30 – 40 دقيقة من الجهد من أجل ولادة طفلك، لا سيما عند الرغبة في تجنب إجراء شق (بضع الفرج episiotomy).

ولكن، قد نحتاج في بعض الأحيان إلى إتمام ولادة الطفل فورا ومن هذه الوضعية؛ وفي مثل هذه الحالات، يمكن القيام ببضع الفرج مما يسمح بولادة أسرع, كما يجرى التخدير المناسب عندما يصبح ذلك الإجراء ضروريا, ويمكن في أكثر الحالات دفع الطفل إلى الخارج دون الحاجة إلى مثل ذلك التدخل.

قد يطلب منك التوقف عن الكبس لفترة قصيرة بعد دفع رأس الطفل إلى الخارج حتى يتمكن مقدم الرعاية الصحية من تنظيف مسلك الهواء عند الطفل والتأكد من أن الحبل السري umbilical cord حر.

وبالرغم من أنه قد يكون من الصعب عليك التوقف عن الكبس عندما يطلب منك ذلك، إلا أنه يجب عليك المحاولة, وقد يساعدك على ذلك أن تلهثي بدلا من الكبس, حيث يؤمن هذا الإبطاء لمنطقة المهبل بعضا من الوقت للتمدد بدلا من التمزق, ولكي تبقي مندفعة يمكنك وضع يدك في الأسفل من أجل مس رأس الطفل, أو يمكنك مشاهدته في المرآة؛ وفي هذا الوقت، تفصلك فترة قريبة عن ولادة طفلك, فبمجرد أن يطلب منك الضغط مرة أخرى، ومع قليل من الدفع، يولد طفلك!

بعد الولادة مباشرة

يظل الطفل عند الولادة متصلا بالمشيمة placenta عن طريق الحبل السري umbilical cord, وغالبا ما يمكن أن يساعد الوالدان في تثبيت ذلك الحبل وقطعه, لذا عليك الإخبار برغبتك في المساعدة على ذلك حتى يوضح لك ما ستقومين به.

ولا توجد في العادة ضرورة ملحة لقطع الحبل السري فورا؛ وللقيام بذلك، نستخدم ملقطين clamps لتثبيت الحبل ثم نقص بين الملقطين بشكل غير مؤلم باستخدام المقص, وقد نضطر إلى تثبيت الحبل وقطعه قبل ولادة الكتفين عندما يكون الحبل ملتفا بإحكام حول عنق الطفل.

قد تتناولين الطفل بيديك أو تضعينه في حضنك بعد الولادة مباشرة، وربما يدفع أحيانا إلى ممرضة أو طبيب أطفال من أجل تقييمه والاهتمام به.

ثم يوزن الطفل ويفحص بعد الولادة بوقت قصير, كما يجفف ويلف ببطانية من أجل إبقائه دافئا, كما يسجل حرز (معدل) أبغار Apgar score (راجع ص 222) بفاصلين قدرهما دقيقة وخمس دقائق, ثم يوضع شريط على الطفل للتعرف إليه وحتى لا يشتبه مع غيره في المحضن أو الحاضنة nursery؛ وذلك هو مجرد إجراء أول من بين الكثير من سبل الوقاية التي تضمن عدم حدوث خطأ في التعرف إلى الطفل.

ويمكنك – في أغلب الأحيان – حمل الطفل وإرضاعه من ثدييك بعد الولادة مباشرة, إلا عند وجود علامات تدل على أن طفلك بحاجة إلى المساعدة، مثل وجود مشاكل في التنفس، حيث يجب تقييمه بشكل أفضل في الحاضنة.

الدور الثالث: ولادة المشيمة

تحدث الكثير من الأشياء بعد ولادة طفلك, حيث تحتفلين مع شريكك بالولادة, وربما تتقاسمان بعض اللحظات الخاصة, وقد يكون الضغط قد انزاح عن كل منكما بعد أن اطمأننتما إلى انتهاء الولادة أخيرا, بينما يقوم مقدم الرعاية الصحية في هذه الأثناء بفحص طفلك الذي يأخذ أنفاسه الأولى بينما تستمعين إلى روعة صرخاته الأولى.

يشكل الدور (أو المرحلة) الثالث – الأخير – من المخاض والولادة دور ولادة المشيمة؛ ذلك العضو الموجود داخل الرحم والذي يتصل بالطفل عن طريق الحبل السري وكان يقع على عاتقه تغذية الطفل طوال فترة الحمل.

ولا تشكل المشيمة – تسمى الخلاص afterbirth أيضا – أهمية كبرى لمعظم الأزواج, بينما تشكل ولادتها والتأكد من أن الأم لا تنزف بشكل غزير أمرا ضروريا للعاملين في المجال الطبي الذين يحضرون الولادة.

ما الذي يحدث؟

تستمر التقلصات بعد ولادة الطفل, ولكنها تكون خفيفة وضرورية لعدة أسباب، أحدها هو من أجل المساعدة على ولادة المشيمة.

تنفصل المشيمة عن جدار الرحم عادة بعد حوالى 5 – 10 دقائق من الولادة لتدفع التقلصات الأخيرة المشيمة إلى خارج الرحم باتجاه المهبل, وربما يطلب منك الكبس مرة أخرى من أجل ولادة المشيمة التي تخرج مع قليل من الدم المتدفق, وقد يستغرق انفصال المشيمة عن جدار الرحم وطردها إلى الخارج حوالى 30 دقيقة في بعض الأحيان.

وقد يقوم مقدم الرعاية الصحية بتدليك أسفل بطنك بعد ولادة الطفل, وذلك من أجل حث الرحم على التقلص والمساعدة على إخراج المشيمة.

يمكن إعطاؤك تعطي بعد ولادة المشيمة بعض العقاقير مثل الأوكسيتوسين oxytocin عن طريق الحقن أو التستيل (التنقيط) داخل الوريد، وذلك للمساعدة على حدوث التقلصات الرحمية الضرورية بعد الولادة، حيث تساعد تلك التقلصات على إغلاق الأوعية الدموية وتقليل النزف, كما تساعد على انكماش الرحم وعودته إلى الحجم الذي كان عليه قبل تمدده لإيواء الطفل.

كيف سيكون شعورك؟

يجب ألا تشعري بالكثير من الألم عندما يتقلص الرحم لدفع المشيمة إلى الخارج, ويمكن ببساطة القول بأن أصعب ما في الأمر قد يكون الانتظار ريثما تولد المشيمة, بالإضافة إلى أن إفراط مقدم الرعاية الصحية في تدليك البطن قد يسبب الشعور ببعض الألم.

ما الذي يمكنك فعله؟

يمكنك المساعدة على خروج المشيمة عن طريق الكبس عندما يطلب منك ذلك, وبينما تقومين بالضغط يجر مقدم الرعاية الصحية بلطف الجزء المتبقي من الحبل السري الذي يتصل بالمشيمة.

كما يمكنك أيضا تسريع تلك العملية عن طريق إرضاع الطفل من الثدي، حيث أن تنبيه الثديين يومئ إلى الجسم بإفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يسبب تقلص الرحم.

وتعد ولادة المشيمة أمرا روتينيا في غالبية الأحيان, إلا أنه قد تظهر بعض المضاعفات عندما لا تنفصل المشيمة عن جدار الرحم بشكل تلقائي (المشيمة المحتبسة retained placenta), ويجب على مقدم الرعاية الصحية في تلك الحالة الوصول إلى داخل الرحم لإزالة المشيمة باليد.

عندما تخرج المشيمة، يقوم مقدم الرعاية الصحية بفحصها للتأكد من أنها طبيعية وسليمة؛ حيث أنه في حال كونها غير سليمة، يجب على مقدم الرعاية الصحية إزالة أية شدف متبقية داخل الرحم, ونادرا ما يضطر للقيام بعمل جراحي من أجل إزالة تلك الشدف، إذ إن بقاء مثل تلك الشدف قد يسبب حدوث النزف والعدوى.

يتخلص مقدم الرعاية الصحية من المشيمة بعد الولادة دون أن تراها أكثر النساء, ولكن إذا كنت مهتمة بذلك يمكنك طلب رؤيتها، حيث تكون دائرية الشكل ومستوية وحمراء اللون عادة, ويبلغ قطرها 6 – 8 بوصات (15 – 20 سم), ويبلغ وزنها حوالى 20 أونصة (حوالى 565 غ) تقريبا.

وقد توجد أكثر من مشيمة في الحمول المتعددة, أو قد توجد مشيمة واحدة مع أكثر من حبل سري خارج منها.

مقابلة طفلك الجديد

سرعان ما ينسى معظم الوالدين كل التحضير والألم والجهد الذي أنفق في انتظار قدوم المولود الجديد إلى العالم، وذلك عندما يحملانه بين أيديهم، فهذه واحدة من أهم اللحظات في حياتك؛ ولقد غدوت أما جديدة، واتخذ كائن بشري جديد مكانه بيننا في العائلة الإنسانية؛ إنها معجزة كاملة، فاستمتعي بهذه اللحظة وابتهجي بها، واعلمي أنه لا يوجد شيء في الحياة كمثل تلك اللحظة.