يعد مرض ألزهايمر Alzheimer Disease نوعا من العته (مرض مخي مطرد، تدهوري) يؤدي إلى فقدان الذاكرة، وخلل بالتفكير، وتغيير بالشخصية. وبعد ظهور الأعراض لأول مرة، قد يعيش المصاب به من عامين إلى عشرين عاما في حالة تتزايد فيها درجة اعتماده على الآخرين.
مرض ألزهايمر هو أكثر أنواع العته شيوعا، وهو يصيب بصفة أساسية من تجاوزوا سن الخامسة والستين وتتزايد المخاطر مع التقدم في العمر.
حوالي 10% من المصابين بمرض ألزهايمر يعانون من الشكل الذي يبدأ مبكرا من هذا المرض، والذي يصيب الناس في سنوات الأربعينات والخمسينات من أعمارهم وهو نوع متوارث.
لقد تحقق تقدم كبير في فهم أسباب مرض ألزهايمر، برغم أن هذا التقدم لم يؤد بعد لعلاجات ناجحة. فهناك مزيج من موت خلايا المخ ونفاد الناقل العصبي “الأسيتيل كولين” هو المسئول عن أعراض مرض ألزهايمر.
ومن الأسباب الهامة لموت الخلية البروتين المسمى “بيتا أميلويد”. فعندما لا يتم تصنيع هذا البروتين بشكل صحيح بواسطة خلايا المخ، تتلف الخلايا، وبخاصة في مناطق حساسة من المخ للذاكرة والتفكير. هناك بروتينات أخرى كثيرة يتم تصنيعها داخل خلايا المخ (تسمى بريسينيلينات) أو تنتقل إلى المخ من أماكن أخرى بالجسم (ومن بينها بروتين يسمى أبوليبي بروتين E4)، قد يزيد أيضا من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، ربما من خلال تأثيره على البيتا أميلويد.
الأعراض
فقدان الذاكرة المطرد يعد علامة أساسية لمرض ألزهايمر. وفي البداية يكون الخلل في الذاكرة قصيرة الأجل، ويبدو الشخص كثير النسيان. وقد يؤثر ذلك على قدرته على التعامل الاجتماعي وأداء عمله. وقد يمكنه استعادة الذاكرة طويلة الأجل، وفي الغالب بتفاصيل دقيقة، ولكن في نهاية الأمر يصاب بمحو لذاكرته مع تطور المرض.
وتصبح القدرات المعرفية وهي قدرات “التفكير” العالية مثل التحليل المنطقي، واتخاذ القرارات أو إصدار الأحكام – أسوأ بشكل مطرد. وقد يكون التغير خفيا. والمصاب بمرض ألزهايمر قد يجد صعوبة في أداء الأنشطة التي كان يؤديها بشكل طيب يوما ما. كما أن ضعف الحكم على الأشياء قد يؤدي إلى إصابات غير مقصودة.
وفي أوائل المرض، قد يعجز المصابون بمرض ألزهايمر عن تتبع الوقت. وبعدها يصبح فقدان التمييز أكثر وضوحا فيمتد إلى الأماكن وإلى الناس. وقد لا يتمكنون في نهاية الأمر من التعرف على أفراد أسرتهم، بل ولا حتى على أنفسهم إذا رأوا صورتهم في المرأة. وبمرور الزمن، ينسى المصاب بمرض ألزهايمر كيفية أداء المهارات الأساسية مثل ارتداء الملابس أو تناول الطعام.
وتأتي التغيرات المزاجية والتغيرات في الشخصية فتكون هي غالبا أقوى دليل للعائلات على أن هناك شيئا ما خطأ. والاكتئاب أمر شائع، وقد يعود إلى التغيرات الكيميائية في المخ التي سببها المرض وأيضا إلى رد الفعل النفسي تجاه فقدان القدرات الذهنية.
فمن كانوا فيما مضى منشرحي الصدر قد يزداد انسحابهم وعزلتهم عن الناس وعصبيتهم أو عنادهم. ومع مرور الوقت يصبحون عدوانيين بشكل لا تفسير له، ويقاومون من يرعاهم، ويرفضون التخلي عن الأنشطة غير الآمنة، ويصرخون بسباب فاحش، ويظهرون سلوكا جنسيا غير لائق، يتبولون في أماكن غير مناسبة، وما إلى ذلك. ولدى بعض الناس، تصبح الأعراض أسوأ قرب نهاية اليوم وهي حالة تسمى “حالة الغروب”.
ولا يمكن التنبؤ بدقة بكيفية تأثير مرض ألزهايمر على كل فرد حيث إن الأعراض ومعدل اطرادها تتباين تباينا واسعا. بعض الناس تنشأ لديهم مشاكل نفسية حادة، في حين لا تظهر لدى آخرين. وهناك بعض الأعراض التي قد تظهر مبكرا وقد لا تظهر على الإطلاق. وبالنسبة لأغلب الناس، يكون التراجع بطيئا وتدريجيا على مدى عشرة أعوام أو أكثر، وفي حالات نادرة، قد يعاني المصاب من انحدار سريع ينتهي بالوفاة في خلال ثلاث سنوات.
خيارات العلاج
لا يوجد اختبار تشخيصي لمرض ألزهايمر، إلا أخذ عينة من المخ (وهو أمر لا يتم إلا إذا احتاج الأمر لجراحة بالمخ)، أو تشريح الجثة.
تشخيص مرض ألزهايمر، جزئيا، يتضمن البحث عن حالات أخرى واستبعادها مثل تلك التي تسبب العته، وبعضها يمكن علاجه وشفاؤه.
التقييم التشخيصي يشتمل على مقابلة المريض لتحديد مدى قدرته على أداء وظائفه اليومية بشكل سليم. ويشمل كذلك فحصا طبيا شاملا، وفحصاً تفصيليا للجهاز العصبي وفي الغالب اختبارات دم. وهناك أساليب فنية متنوعة لالتقاط الصور للمخ مثل الأشعة المقطعية بالحاسب الآلي، والتصوير بالرنين المغناطيسي، ورسم المخ الكهربائي.
وتستغرق الاختبارات غالباً أكثر من يوم واحد (توزع الاختبارات على مدار عدة أيام لتجنب إرهاق المريض) وتجرى عادة على مرضى العيادات الخارجية. ومن المهم إجراء التقييم بواسطة طبيب (عادة ما يكون إخصائي أمراض عصبية أو أمراض شيخوخة) ذي خبرة في تشخيص مرض ألزهايمر.
ويمكنك البحث في دليل الأطباء أو في نقابة الأطباء أو في كلية الطب القريبة منك أو المستشفى المحلية على طبيب مؤهل لذلك، ويعد اختبار الحالة الذهنية أمراً أساسياً عند تشخيص حالة عته. فسوف يطلب الطبيب من المريض أداء تمرينات ذهنية لتقييم معرفته بالاتجاه، والذاكرة والفهم والمهارات اللغوية والقدرة على أداء بعض الحسابات البسيطة.
ولعلاج مرض ألزهايمر عدة وجوه، تتراوح بين إجراءات خاصة بأسلوب الحياة وبين العقاقير. هناك أدوية عديدة (كان “التاكرين” و”الدونبزيل” أول دوائين ظهرا لعلاجه). تعمل على زيادة مقدار الناقل العصبي الأسيتيل كولين وقد تكون مفيدة مؤقتا في تحسين القدرة على التفكير والذاكرة.
ولقد اكتشفت الدراسات أن الإستروجين (الذي يعطى أثناء العلاج الهرموني التعويضي)، أن الجرعات العالية من فيتامين هـ، والعلاج العشبي “الجنكة” قد يبطئ زحف مرض ألزهايمر. كما يمكن للعقاقير أن تعالج المشاكل السلوكية التي تقض مضجع المريض وعائلته.
كما ينبغي تحفيز المصابين بمرض ألزهايمر لكي يظلوا نشطين، وهو ما يساعد على تراجع التدهور العقلي. ويشتمل هذا على المشاركة في التمرينات الذهنية والبدنية المنتظمة، والتفاعل اجتماعيا، والتأكد من التغذية السليمة للمريض للحيلولة دون فقدانه الوزن. ووضع برنامج يومي منتظم وسط بيئة مألوفة قد يساعد على تأجيل التدهور المعرفي.
وبالنسبة للمصابين بحالات أكثر تقدما من مرض ألزهايمر، فإن مزيدا من الإشراف يعد أمراً ضروريا. إن مرضى ألزهايمر، ومن يرعونهم يحتاجون للمؤازرة.