التصنيفات
الباطنية

مرض الكبد

تتخذ أمراض الكبد أنماطاً عديدة، وتعزى إلى العديد من الأسباب، بل إن البعض يعانون أمراض كبد لا يتمكن الأطباء المختصون من اكتشاف سببها أبداً وهذا ما يسمى بالأمراض مجهولة المنشأ أو الحالات الشاذة.

وأكثر أسباب أمراض الكبد شيوعاً هو الإفراط فى تناول الكحوليات، والالتهابات الفيروسية (الناتجة عن الفيروسات A، B، C، وفيروسات أخرى)، والإفراط فى تناول الأدوية (وخصوصاً عن طريق الأوردة)، والآثار العكسية لكثير من أدوية الصيدليات (مثل المسكنات والأدوية المضادة للالتهابات، وبعض المضادات الحيوية والأدوية المضادة للفطريات ومثبطات المناعة).

إن أسباب أمراض الكبد هى أكثر من أن نحيط بها؛ وبرغم ذلك فقد عاينت حالات أمراض الكبد ناتجة عن أمراض الجهاز المناعي مثل القرحة الجلدية والكثير من الأوبئة مثل الإيدز، الملاريا، والسل.

وتنتج أمراض الكبد من التعرض للمواد السامة باستمرار فى بيئة معينة أو مواقع العمل، مثل المبيدات الحشرية، أو مواد مكافحة الآفات، أو المحاليل العضوية. فالكثير من المحاليل العطرية أو المضاف إليها الكلور تعتبر مواد مسرطنة. وهى تتجمع فى الأماكن الدهنية من الجسد مثل الكبد والمخ. كما أن بعض مواقع العمل قد تعرضك للمواد الكيميائية المسممة للكبد بتركيز أعلى، ومن أمثلة هذه المهن صانعو الأحذية، مكافحو الآفات، مستخدمو المبيدات الحشرية، عمال الصناعات البلاستيكية والمطاطية، مصنعو الأثاث والخزائن الخشبية، مصففو الشعر، العاملون فى التنظيف الجاف، والنقاشون.

يعد الكبد موطناً مستقبلاً للسرطان، والكثير من حالات السرطان الأولية تنتشر من عضو آخر إلى الكبد حيث تنمو هناك، وتدمر أنسجة الكبد حولها. والكبد كذلك موطن خصب لبداية مرض السرطان، وهو أمر منطقي نظراً لأنه يتحمل الجهد الأكبر فى حرق جميع الأطعمة المسممة والكيماويات التى نلتهمها طوال عمرنا. وقد عاينت أيضاً إحدى حالات تضخم الكبد والتى يتضخم فيها الكبد بأكياس كبيرة بشكل خطير، وتملأ هذه الأكياس الجوف بكامله. ويرجع مرض تضخم الكبد إلى خلل فى الجينات الوراثية وهو ينتقل بالوراثة، ومع ذلك فهو غير واسع الانتشار.

هناك الكثير من أمراض الكبد قصيرة الأمد أو غير المزمنة، ويعود هذا إلى أن الكبد له قدرات متميزة على تجديد نفسه وإصلاح قصوره بنفسه، وعادة ما يؤدى هذا إلى شفاء كامل له. ورغم هذا، فإذا أصيب الكبد بضرر بالغ أو تأثر بحالة تسمم شديد أو مزمن، كما فى بعض حالات الإصابة بالالتهابات الناتجة عن فيروس (B) أو (C)، أو المداومة على تناول الكحول بإفراط، عندئذ يضعف احتمال شفاء الكبد تماماً من تلقاء ذاته. وبعد سنوات عديدة من التهابات الكبد المزمن والتعرض للمواد السامة، يصاب الكبد بحالة شديدة من التشوه الحاد وهذا ما يسمى بالتليف.

إن أحد الأسباب الشائعة نسبياً لأمراض الكبد (مجهولة المنشأ) التى تظهر فى مجتمعات اليوم المرفهة هو النظام الغذائى الذى يحتوى على كثير من الدهون المشبعة والسكريات المكررة. وبعد عدة سنوات من اتباع نظام غذائى كهذا قد تحدث حالة “الكبد الدهني” حيث تبتلع الرواسب الدهنية الكبد. إن الكبد الدهنى من الأمراض المتلفة للكبد حيث تصاب الخلايا بصدمة مميتة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، عن طريق كريات المواد الدهنية بداخلها. ويفقد مرضى الكبد الدهنى كل قدرة على التمثيل الغذائى وحرق الدهون ويعانون الزيادة المفرطة للوزن.

اختبارات الكشف عن أمراض الكبد

إذا كنت تشك أن كبدك لا يعمل بكفاءة أو مصاب بمرض، فاطلب من طبيبك فحصه. يمكن معاينة الكبد بتقنيات تصوير متعددة، مثل الأشعة فوق الصوتية أو أشعة (CAT)، والتى يقوم بها أطباء الأشعة. إن المسح بالأشعة فوق الصوتية للجزء العلوى من البطن سيظهر حجم وشكل الكبد، والمرارة، والطحال، والبنكرياس. وتستخدم أشعة (CAT) للكشف عن السرطان أو الأورام بالكبد.

ويمكن لاختبارات الدم أن تكشف عن مصل البيليروين وأحماض الصفراء التى قد ترتفع نسبتها فى الدم نتيجة لأنواع معينة من أمراض الكبد والمرارة. إذا كانت نسبة البيليروين شديدة الارتفاع قد يلاحظ أيضاً أن إفرازات الأمعاء مصفرة للغاية، وأن لون البول قد صار داكناً لأن البيليروين يتسرب من الأمعاء إلى البول.

وقد تظهر اختبارات الدم لقياس معدلات إنزيمات الكبد ارتفاعاً غير طبيعى لمعدلات خلايا الكبد التى أصابها التمزق أو الفتق، مما يؤدى إلى إطلاق الإنزيمات من داخل الخلايا إلى تيار الدم.

وإنزيمات الكبد التى يمكن قياسها هي كالتالي:

Alkaline phosphatase – ALP
Gamma-glutamyl transpeptidase – GGT
Serum glutamic oxaloacetic transaminase – SGOT
Serum glutamic pyruvic transaminase – SGPT

وخلال المراحل الأولى من مرض الكبد حيث يكون تلف خلايا الكبد مازال عند الحدود الدنيا، غالباً ما لا يكون هناك سوى درجة طفيفة من إفرازات لإنزيمات الترانسامينات (SGOT – SGPT) فى اختبارات الدم.

وبالنسبة لهؤلاء الذين يتعاطون الكحوليات بإفراط، فغالباً ما يكتشفون وجود ارتفاع فى الإنزيمات المسماة بترانسببتيدات جاما جلوتامى (Gamma GT) عند إجراء اختبار، وغالباً ما يصعب التوصل إلى هذه النتيجة، وذلك لأن إنزيمات الكبد الأخرى عادةً ما تكون عادية، على الأقل فى الحالات المتوسطة من تلف الكبد الناتج عن الإفراط فى تناول الكحول.

وقد وجد أن من يعانون أمراض كبد مزمنة وفى بعض حالات أمراض المرارة تكون هناك زيادة كبيرة فى معدلات الدهون فى الدم، وفى نسبة الكوليسترول الإجمالية وثلاثى الجليسريد. كل هذا متوقع بناءً على حقيقة أن الكبد هو أهم أعضاء الجسم التى تضطلع بمهام التمثيل الغذائي والحفاظ على توازن نسبة الدهون. إن بعض هؤلاء المرضى يصابون بالكبد الدهني وقد يتكون لديهم أيضاً أكياس دهنية صفراء تنمو فى الجلد حول العينين وبالأطراف كذلك. وتلك الأكياس الدهنية التى تنمو تحت الجلد تسمى (الأورام الصفراء). وإذا بدأت هذه الأكياس تنمو تحت الجلد، فغالباً ما تتجمع فى أجزاء أخرى من الجسد مثل الكبد والقلب والكلى والبنكرياس والعقد الليمفاوية، والشرايين (تصلب الشرايين). وتؤدى تلك الأمراض الناشئة عن الدهون إلى تدهور الحالة العضوية وتخنق أعضاءك الحيوية وأوعيتك الدموية وتعزى جميعها إلى عدم قدرة الكبد على القيام بعملية التمثيل الغذائي وتكسير الدهون الزائدة والمشبعة التى تناولتها على مدى فترة طويلة.

وهناك اختبارات أخرى يمكن إجراؤها على الدم للكشف عن قدرة الكبد على إنتاج بروتيناته الضرورية مثل بروتينات الألبومين، والبروثرومبين، وأيضاً بروتينات الجلوبولين المختلفة، وهذه الاختبارات لها القدرة على الكشف عن حالات اختلال وظائف الكبد.

قد يبدو هذا كله عملاً معقداً إلى حد ما، ومع هذا فبوسع طبيبك الخاص أن يجرى كل تلك الاختبارات باستخدام اثنتين أو ثلاث قوارير صغيرة لعينة دمك.

فى المراحل الأولى لأمراض الكبد قد لا تظهر الأعراض الحاسمة والمميزة، وهكذا قد لا تدرك أنت ولا يدرك طبيبك أن ثمة مشكلة أساسية. وغالباً ما تظهر المراحل الأولى لأمراض الكبد بالمصادفة فى اختبارات تحليل الدم الروتينية، والتى تتضمن اختبارات لوظائف الكبد. وتمر أمراض الكبد المزمنة بفترة طويلة من ظهور الأعراض غير الواضحة وفى حدودها الدنيا، حتى تصل إلى المراحل المتأخرة وظهور الصفار (اليرقان) والتشوش الذهنى.

وخلال ممارسة عملى الطبى أقوم بإجراء الكثير من اختبارات تحليل الدم الروتينية للكشف عن مستويات الهرمونات ووظائف الكبد عند المرضى المصابين بالبدانة، وغالباً ما أجد زيادات طفيفة فى إفرازات إنزيمات الكبد الدالة على وجود خلل غير حاد بوظائف الكبد وتلف طفيف به. وقد وجدت أنه من الصعب جداً للكثيرين ممن يعانون الزيادة المفرطة فى الوزن أن ينقصوا وزنهم حتى ولو كانوا يتناولون المقادير العادية من الطعام فقط، ما لم نحسن من وظائف الكبد لديهم أولاً. نعم، إن الكبد هو العضو الحاسم لهؤلاء الذين وجدوا صعوبة بالغة فى إنقاص وزنهم، أو فى مجرد الاحتفاظ بوزن صحى خلال تقدم أعمارهم.

التهابات الكبد

الالتهاب الكبدي مصطلح عام يصف إفراز الكبد لقدر أكبر من اللازم من المواد الكيماوية الالتهابية فى الكبد، مما يتلف خلايا الكبد. وسوف يكون بمقدور طبيبك تشخيص حالة الإصابة بالالتهابات الكبدية حتى ولو كان فى مرحلة متوسطة، عن طريق إجراء اختبار دم لفحص معدلات إنزيمات الكبد. إذا كانت إنزيمات الكبد مرتفعة، فمعنى هذا حدوث التهابات فى الكبد ولو بدرجة ما.

ما الذى يؤدى إلى الالتهابات الكبدية ؟

من الممكن أن تنتج التهابات الكبد من الإفراط فى تناول الكحوليات، والمواد الكيماوية السامة، والنظام الغذائى الخطأ، والكبد الدهنى، وبعض أنواع العقاقير، وأمراض جهاز المناعة الذاتية، وبعض أمراض الجهاز المرارى، والعدوى الفيروسية. وتعرف الفيروسات التى تهاجم الخلايا الكبدية بفيروسات الالتهابات الكبدية G، F، E، C، B، A. كما أن هناك فيروسات أخرى بتنويعاتها الجديدة والقديمة يمكنها أن تهاجم الكبد كذلك.

الالتهاب الكبدي الفيروسي A

الالتهاب الكبدي الفيروسي (A) يعرف أيضاً بالتهاب الكبد الوبائى. ويسهل انتقاله من خلال الطعام أو السوائل، وأدوات تناول الطعام، وملاءات ومفارش الأسرة، وتعرض الجلد لفضلات ملوثة بالفيروس. ومن الممكن الوقاية من انتقال العدوى عن طريق الالتزام بالقواعد الصحية والنظافة خاصةً عند إعداد الطعام. كما يتعرض المسافرون إلى بعض الدول لخطر الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي (A) ويجب أن يتلقوا لقاحاً مضاداً. وخلال سفرهم، يجب ألا يشربوا سوى الماء المغلي أو الماء المكربن المعبأ فى زجاجات، وعليهم تجنب أكل السمك الطازج والقواقع والمحار، وأن يستخدموا فى غسل أيديهم صابوناً مضاداً للعدوى.

يهاجم فيروس (A) الكبد ويصيبه بمرض عضال، وأعراضه هى الدوار، فقدان الشهية، والتقيؤ، والإرهاق واصفرار الوجه. يستمر هذا المرض فى العادة لأسابيع عدة ويمكن التخلص منه بسرعة ما إن يتم طرد الفيروس من الجسم. وعلى عكس فيروسي (B) أو (C)، فإنه لا يوجد مرض مزمن ينشأ عن الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي A، كما أنه لا يؤدى إلى تليف الكبد. يوجد حالياً لقاح عالى الفعالية يمنع الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي A.

الالتهاب الكبدي الفيروسي B

وهو أحد الأوبئة الكبدية الفيروسية المتفشية فى أنحاء العالم.

ويمكن للفيروس B أن ينتقل بين الأشخاص عن طريق الدم والاتصال الجنسى، ويجب أخذ الاحتياطات اللازمة فى هذا الشأن. إن التدابير الصحية الواقية أمر لا غنى عنه من أجل التقليل من تفشى الالتهاب الكبدي الفيروسي B، بما أنه يمكن أن يدخل إلى الجسم بطرق عديدة مثل الاتصال الجنسى، وعبر قروح وجروح الجلد، وأنواع الرياضات التى تستلزم الاحتكاك الجسدى، والمشاركة فى استخدام الإبر الملوثة بالفيروس وشفرات الحلاقة وفرش الأسنان. فلا تتقاسم هذه الأغراض مع الآخرين، واغسل يديك بانتظام بالماء الساخن والصابون، وقم بتغطية الجروح الجلدية المفتوحة. من الممكن كذلك أن ينتقل الالتهاب الكبدي الفيروسي B عن طريق الأدوات غير المعقمة جيداً التى تستخدم فى الوشم وثقب الأذن أو الحجامة.

لا يعد الاتصال الاجتماعى العام فى أماكن العمل من بين مصادر تفشى الالتهاب الكبدي الفيروسي B. فهو ينتشر عموماً عن طريق الطعام، والعرق، والدموع، والسعال، والعطس وتبادل القبل. يمكن القضاء على هذا الفيروس عن طريق مضادات العدوى (بما فيها المواد الكيماوية المبيضة) والماء المغلى. وقد تنتقل إليك العدوى عن طريق أحد حاملى الفيروس الذين لا يعرفون أنهم مصابون به، لأنه غالباً ما لا يؤدى إلى أية أعراض مرضية.

أعراض الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي بي B

بعد الإصابة بالفيروس، يستغرق المرء ما بين 60 إلى 90 يوماً حتى تظهر عليه الأعراض وهى تشمل اصفرار الجلد والعينين (داء اليرقان أو الصفراء)، وفقدان الشهية والدوار، وأوجاع البطن، والإرهاق، والحمى، وآلام المفاصل. وعلى الرغم من أن هذه الأعراض المزعجة قد تستمر لأسابيع عديدة أو شهور، فإنه يتم الشفاء منها دون آثار طويلة الأمد.

ولدى نسبة مئوية ضئيلة من الأشخاص يظل الفيروس كامناً فى الجسد لفترة طويلة، ويكون معدياً للآخرين ؛ ويُعرف هؤلاء بحاملي العدوى. هذا النوع المزمن من الالتهاب الكبدي الفيروسي B يمكن أن يدمر كبدك فى صمت مع مرور الأعوام، كما أن نسبة لا يستهان بها من حاملى هذا الالتهاب الفيروسي المزمن يصابون بسرطان الكبد أو تليف الكبد. وتزداد احتمالات الإصابة بهما هذا إذا كان حامل العدوى يتبع نظاماً غذائياً سيئاً أو نمط معيشة غير صحى، مما يعرض الجهاز المناعى للخطر. وهؤلاء الأشخاص حاملو العدوى الذين يعطون نتائج إيجابية على اختبار “ الأجسام المضادة “، للكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي B أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكبد.

الوقاية من الالتهاب الكبدي الفيروسي B

تم التوصل إلى مصل معد جينياً مضاد للالتهاب الكبدي الفيروسي B، وقد أصبح متوافراً منذ العام 1993. إن التلقيح بهذا المصل يُعد فكرة حسنة لهؤلاء الذين يتعرضون لقدر مرتفع من خطر الإصابة بعدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي B، مثل هؤلاء العاملين فى مجال الرعاية الصحية، والمرضى الذين يحتاجون إلى غسيل الدم، ومستخدمى الحقن الملوثة، وأطفال المهاجرين الوافدين من مناطق تنتشر فيها الأمراض المستوطنة، والأطفال المولودين لأم مصابة بالعدوى، والاتصالات الجنسية أو الاتصالات اليومية المنزلية بأحد حاملى العدوى. ولأن الالتهاب الكبدي الفيروسي B متفش على نطاق واسع فإنه يُنصح بإجراء تطعيم روتينى للأطفال ضد هذا الفيروس.

الالتهاب الكبدي الفيروسي (C)

يُعد الالتهاب الكبدي الفيروسي (C) وباء شديد الشيوع، فمن المذهل أن نعرف أن حوالى 12% من سكان العالم مصابون حالياً بالالتهاب الكبدي الفيروسي C.

إن الالتهاب الكبدي الفيروسي C هو فيروس ذو حمض نووى RNA دقيق جداً، يحتوى على مادة وراثية محاطة بغلاف من البروتين. يهاجم هذا الفيروس الخلايا البشرية ويسيطر على عملية تصنيع الخلايا ويبدأ فى استنساخ نفسه، هكذا تتحول الخلية البشرية إلى مصنع لاستنساخ فيروس الالتهاب الكبدي الفيروسي C، وهو ينتشر تدريجياً عبر الجسم إلى الدم، والجهاز الليمفاوى، والكبد والسائل المحيط بالمخ والحبل الشوكى.

وحتى عندما يتم تنظيف الدم من الفيروس، فغالباً ما سيكون قادراً على الاختباء فى أجزاء أخرى من الجسد. إن الفيروس C بارع جداً وقادر على إحداث تغيير وتبديل فى مادته الجينية، وهكذا فإنه يغير كيانه وهويته على نحو متواصل ؛ مما يجعل المقاومة المضادة التى يقوم بها الجسم شديدة الصعوبة بل تكاد تكون مستحيلة، وبهذه الطريقة يمكنه أن يواصل الحياة على المدى البعيد، لأنه من غير الممكن اكتشافه بواسطة “الرادار المناعي” للجسد ؛ وعلى هذا يمكن اعتباره “الفيروس اللص”. وللسبب نفسه لم يكن من الممكن التوصل إلى مصل مضاد له ذي فعالية.

هناك 6 سلالات رئيسية لأنواع التهاب الكبد الفيروسي C، وما يقرب من 60 نوعاً فرعياً تم تحديدها. أكثر هذه السلالات شراسة هو النوع 1، والنوع الفرعى B (ويعرف ب B1).

هل أنت بحاجة إلى إجراء اختبار الكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C ؟

إذا كنت قد تعرضت لنقل دم أو التبرع بدم قبل تطبيق نظام فحص المتبرع الروتينى الذى استحدث منذ فبراير 1990، أو حتى إذا تقاسمت ذات مرة الأدوات (الحقن، الملاعق، القطن الطبى، أو ضاغطة الشرايين، إلخ..) عند تعاطى أى مخدرات أو الوشم، فإنه من الضرورى أن تطلب من طبيبك إجراء اختبار دم للكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C، ويجب أن تخضع أيضاً للاختبار نفسه إذا ما كنت قد تعرضت للإصابة بوخز إبرة أو أى شىء نافذ.

اختبار الدم للكشف عن الأجسام المضادة للالتهاب الكبدي الفيروسي C

يكشف هذا الاختبار عن وجود الأجسام المضادة التى يكونها جهازك المناعى لمقاومة الالتهاب الكبدي الفيروسي C، وإذا كانت نتيجة الاختبار إيجابية فمعنى هذا أنك مصاب بالعدوى فى إحدى مراحلها وقد أفرز جسدك أجساماً مضادة لمقاومتها. وبعد الإصابة الأولى بالالتهاب الكبدي الفيروسي C يستلزم الأمر ستة شهور قبل أن يبدأ جسدك فى إنتاج الأجسام المضادة له.

وإذا كانت نتيجة الاختبار الخاصة بالأجسام المضادة لديك إيجابية فلا يعنى هذا أنك مازلت مصاباً بالالتهاب الكبدي الفيروسي C، أو أن الفيروس مازال كامناً فى جسدك. فاختبار الأجسام المضادة لالتهاب الكبد الفيروسي C ليس دقيقاً بدرجة 100% وقد تحدث قراءات خاطئة سواء كانت سلبية أو إيجابية.

طرق انتقال عدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي سي C

لا تنتقل عدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي C تقريباً إلا عن طريق الدم. ويحدث هذا من خلال تقاسم أدوات تعاطى المخدرات المختلفة، والتعرض للحقن الملوثة بالنسبة لمن يعملون فى الرعاية الطبية، والطرق غير الآمنة فى الوشم وثقب الأذن، كما لوحظ أن شم الكوكايين عن طريق أداة مشتركة إحدى طرق العدوى.

ومن الممكن أن ينتقل الفيروس إلى طفل من أمه المصابة، على الرغم من أن هذا لا يقع إلا بنسبة حوالي 6%. ومن المستبعد وغير الشائع أن تنتقل العدوى إلى الطفل عن طريق الرضاعة من لبن الأم المصابة بالعدوى، وعلى الرغم من ذلك فينبغى إبداء اهتمام ورعاية كبيرة لتجنب حدوث خدش أو جرح للحلمة.

من الممكن أن تكون شفرات الحلاقة وفرشاة الأسنان ملوثة بالدم، لذا فمن المهم عدم الاستخدام المشترك تلك الأشياء. واحرص على ارتداء قفازات عند مسحك لأى دماء تنزف. واستخدم المناشف الورقية ونوعاً عالى الجودة من المطهرات.

أصبح خطر الإصابة بعدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي C من نقل الدم منخفضاً إلى أقصى حد حالياً ؛ لأن بنوك الدم تجرى فحصاً شاملاً على الدم لكل المتبرعين، كما أنه من غير الوارد انتقال الفيروس عبر الاتصال الجنسي، وعلى الرغم من ذلك فمن المهم اتباع تدابير الوقاية الجنسية الآمنة لتجنب انتقال العدوى بالفيروس. يقدر مستوى خطورة انتقال العدوى عبر الاتصال الجنسى بحوالى 4%.

اختبار الكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C

إذا كانت نتيجة اختبار الأجسام المضادة إيجابية فسوف يجرى طبيبك اختبارات دم إضافية من أجل أن يتبين إذا كان الفيروس لا يزال كامناً فى الجسم.

أحد هذه الاختبارات يسمى اختبار الالتهاب الكبدي الفيروسي C عن طريق فحص الحامض النووي الوراثي DNA. كما يعرف هذا الاختبار أيضاً باختبار الالتهاب الكبدي الفيروسي DNA و RNA. وهذا الاختبار ليس مرتفع الحساسية، وسوف يُظهر الفيروس، فقط إذا كان موجوداً بمستويات مرتفعة بما فيه الكفاية (أى تقدر كمية الفيروس بما يزيد على 350.000 لكل مللى). فإذا كانت كمية الفيروس فى دمك أقل من هذه الكمية فمن الممكن أن تكون نتيجة اختبار (DNA) للكشف عن التهاب الكبد الوبائى سلبية، على الرغم من أنك تظل حاملاً للعدوى.

وهناك اختبار آخر للكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C فى الدم يسمى اختصاراً ب PCR Polymerase Chain Reaction أو (تفاعل البوليمرات المتسلسل) وهو أكثر حساسية ودقة، ففى وسعه اكتشاف كميات أقل بكثير من الفيروس حتى 1000 لكل مللي، وهو قادر على هذا ؛ لأنه يعمل على تكبير المادة الجينية للفيروس ملايين المرات، حتى يصبح فى الإمكان اكتشافها. إن اختبارات الدم لكشف وجود الالتهاب الكبدي الفيروسي C غير قادرة على اكتشاف الفيروسات المختبئة فى الجهاز اللمفاوى أو السائل المحيط بالمخ، وعلى هذا فحتى إذا أسفرت اختبارات الدم عن نتائج سلبية فمن الممكن أن يبقى الفيروس كامناً فى أجزاء أخرى من الجسم.

اختبارات وظائف الكبد

إن معظم اختبارات الدم الروتينية أو العادية التى سيطلب الطبيب إجراءها لفحص حالة “وظائف الكبد” هي فى حقيقة الأمر لا تستطيع إلا أن تكشف عن تلف الكبد وحسب، فهذه الاختبارات غير حساسة بما يكفي لتعكس وظائف الكبد بالدقة الوافية. ففى حالة الإصابة بمرض فى الكبد ستعطى هذه الاختبارات نتائج غير عادية فى الغالب، على الرغم من أنها ستعطى قراءات عادية فى بعض حالات مرض الكبد التى لا يستهان بها.

يتم اختبار الدم الروتيني لوظائف الكبد من خلال أداة تحليل أتوماتيكية متعددة القنوات، وهى تفحص معدلات كل مما يلي فى الدم:

· إجمالي البيليروين: المتوسط الطبيعى يتراوح ما بين 3 18 أومول لكل لتر، أى (من 0.174 إلى 1.04 ملج لكل ديسيلتر).

· إنزيمات الكبد

إنزيم AST اختصاراً لـ (Aspartate Aminotransferase) والذى كان يسمى فيما سبق SGOT. ويمكن أن ترتفع معدلات هذا الإنزيم نتيجة لأمراض القلب والعضلات دون أن يكون لأمراض الكبد علاقة بذلك. والمتوسط الطبيعى له هو 5 45 أومول لكل لتر.

إنزيم ALT اختصاراً ل (alanine aminotransferase) وقد كان يسمى سابقاً إنزيم SGPT وهو يتعلق على وجه التحديد بتلف الكبد. المتوسط الطبيعى له هو 5 45 أومول لكل لتر.

إنزيم AP اختصاراً ل (alkaline phosphatase) وهو يرتفع فى أنواع كثيرة من أمراض الكبد، وفى أمراض غير ذات صلة بالكبد كذلك. المتوسط الطبيعى له 5 35 أومول لكل لتر.

إنزيم GT اختصاراً (Gamma-glutamyl transpeptidase) وهو غالباً ما يرتفع لدى هؤلاء الذين يتناولون الكحوليات أو أية مواد أخرى مسممة للكبد. المتوسط الطبيعى له هو 5 35 أومول لكل لتر.

إن سبب ارتفاع جميع تلك الإنزيمات أو بعضها فى حالات الإصابة بأمراض الكبد هو أنها توجد داخل الخلايا الكبدية بمقادير طبيعية ولا تتحرر من داخل الخلايا إلى تيار الدم إلا عندما تتلف الخلايا. وهذا القياس لإنزيمات الكبد بوسعه فقط اكتشاف تلف الكبد، ولا يمكنه قياس وظائف الكبد بطريقة عالية الحساسية أو بروتينات الدم (التى يصنعها الكبد).

· إجمالي البروتين: المتوسط الطبيعى هو 60 80 جرام / لتر أى 6 8 جرامات / ديسسيلتر.

· مصل ألبومين: المتوسط الطبيعى هو 30 50 جرام / لتر أى 3 5 جرامات / ديسيلتر.

يُعد مصل ألبومين مؤشراً جيداً لمدى شدة أمراض الكبد المزمنة. فالكبد السليم يفرز بروتين الألبومين والمعدلات المنخفضة منه تظهر تدهور وظائف الكبد.

· الجاما جلوبين: وهو بروتين قد تصبح معدلاته غير طبيعية عند الإصابة بمرض كبدي مزمن. وتوقيت البروثرميبن هو ما يحدد مقدرة الكبد على تصنيع عوامل التجلط.

الاختبارات الوظيفية للكبد

وهى الاختبارات التى تبين مدى كفاءة وظائف الكبد بقدر أعلى من الدقة والحساسية، وعلى وجه الخصوص قدرته على طرد السموم. وتسمى هذه الاختبارات اختبار بـ قدرة الكبد الوظيفية على طرد السموم  Functional Liver Detoxification Profile. وخلال إجراء تلك الاختبارات يتم تعريض الكبد لجرعات من الكافيين، وأملاح حامض الساليسلات، والآسيتامينوفين وتُعطى هذه الجرعات للمريض عن طريق الفم. ثم تؤخذ عينات من البول واللعاب على فترات زمنية مختلفة، وترسل إلى المعمل حيث يتم قياس ناتج هضم هذه المواد. وتقيس هذه الاختبارات مدى قدرة الكبد على طرد السموم والتخلص من المواد الضارة الموجودة فى العقاقير وغيرها من المواد الكيماوية. ومن الممكن إجراؤها فى منزل المريض وهى سهلة الأداء. وهى اختبارات مكلفة وقد لا يغطيها التأمين الصحى. كما أنها ليست ضرورية من أجل ملاحظة تحسنك، واختبارات وظائف الكبد الاعتيادية أكثر أهمية بما لا يُقاس.

فحص نسيج الكبد

فى هذا الإجراء يتم إدخال إبرة خلال الجدار البطني إلى داخل الكبد وأخذ عينة من نسيج الكبد. وهذا الإجراء ومتابعة ما بعد العملية يستغرق ما يقرب من 18 ساعة من الوقت على الرغم من عدم حاجتك إلى تخدير عام، ولا يعد فحص نسيج الكبد عملية خطيرة، حتى مع وجود احتمال ضئيل لحدوث تعقيدات ما بعد العملية مثل حدوث عدوى أو نزيف داخلي. ومعدل الوفيات الناجمة عن مثل هذه التعقيدات يبلغ شخصاً واحداً من بين كل 10.000 مريض يتعرض لفحص نسيج الكبد. ويعتبر فحص نسيج الكبد وسيلة شديدة الدقة من أجل تحديد ما إذا كنت مصاباً بتليف الكبد، ويتم فحص نسيج الكبد على يد أحد المختصين بتشخيص الأمراض تحت ميكروسكوب عالى الطاقة.

الآثار الأولية لعدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي C

لا يدرك المرء على وجه العموم أنه قد أصيب بالالتهاب الكبدي الفيروسي C، لأنه لا يظهر أية أعراض فى المراحل المبكرة من الإصابة بالعدوى. وخلال فترة تتراوح بين 3 – 6 شهور بعد الإصابة بالعدوى مباشرة يستنسخ الفيروس نفسه بسرعة شديدة، ويحاول الجهاز المناعى محاربته عن طريق إنتاج الأجسام المضادة له.

وفى 80 إلى 85 % من الحالات المصابة، لا يتم التخلص من الفيروس بكل أسف ويستوطن الجسم على المدى البعيد، وبتعبير آخر تصبح العدوى مزمنة. ولا توجد علامات للمرض لدى نسبة لا يُستهان بها من الأشخاص حاملي العدوى المزمنة وكثيرون منهم غير مدركين أنهم حاملون للعدوى ومن ثم يمكن أن تنتقل إلى آخرين عن طريق الدم.

الآثار بعيدة المدى للالتهاب الكبدي الفيروسي C

إن مقدار ما يحدثه التهاب الكبد الفيروسي C من تلف فى الكبد على المدى البعيد يختلف من شخص إلى آخر، وهؤلاء الذين يتمتعون بجهاز مناعة قوى ونظام غذائى صحى ونمط حياة صحية ستكون حالتهم أفضل كثيراً.

بالنسبة لمن يصابون بالالتهاب الكبدي الفيروسي C نجد النتائج التقريبية التالية:

· 20% من هؤلاء سوف يقضون على الفيروس تماماً، ويطردونه من أجسامهم فى غضون 3 إلى 6 شهور (تقريباً كما نتغلب على فيروس الأنفلونزا).

· 60% من هؤلاء سوف تنشأ لديهم عدوى (مزمنة) على المدى البعيد، وقد لا تؤدى إلى أية مشكلات، أو قد تتطور إلى أضرار فى الكبد بدرجات متفاوتة.

· 25 % إلى 40% منهم سيعانون أضراراً جسيمة فى الكبد، مثل التليف، على الرغم من أن هذا يستلزم ما يقرب من عشرين عاماً ليتكون. وبالنسبة لهذه المجموعة فإن 10 15% منهم ستبقى حالتهم مستقرة، وسيكونون قادرين على مواصلة حياتهم رغم المرض، فى حين أن 20 30% سوف تنشأ لديهم أمراض مثل فشل الكبد أو سرطان الكبد، معاً أو كل على حدة.

· 5% من مرضى التليف الكبدي (الناجم عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C) سينشأ لديهم سرطان كبد.

· 1% من إجمالى المرضى بالتهاب الكبد الفيروسي سينشأ لديهم سرطان الكبد.

ما من دليل قاطع أن العقاقير المضادة للفيروسات سوف تحسن من النتائج المذكورة آنفاً، ومن غير اليسير التنبؤ أى الأشخاص سينشأ لديه التليف أو سرطان الكبد. ورغم ذلك فمن المهم بمكان أن تحسن من نظام حياتك، عن طريق اتباع نظام غذائى صحى ونمط معيشة صحى، والاستعانة بالعلاجات المعتمدة على الأعشاب والأغذية.

بعض أدوية علاج التهاب الكبد سي

  • داكلاتاسفير Daclatassador

الاسم التجاري: دكلينزا Daklinza
لعلاج التهاب الكبد سي لعدوى النمط الجيني رقم 3
Hepatitis C genotype 3 infections

  • سوفوسبوفير Sofosbuvir

الاسم التجاري: سوفالدي Sovaldi
لعلاج التهاب الكبد سي لعدوى النمط الجيني رقم 2 و 3
HCV genotypes 2 and 3

  • فيكيرا باك Viekira Pak

مكون من العقاقير التالية:
أوميتاسفير Ombitasvir
باريتابريفير paritaprevir
ريتونافير ritonavir
داسابيفير dasabuvir

لعلاج التهاب الكبد سي لعدوى النمط الجيني رقم 1
HCV genotype 1

  • هارفوني Harvoni

مكون من العقاقير التالية:
Ledipasvir
sofosbuvir

لعلاج التهاب الكبد سي لعدوى النمط الجيني رقم 1 ونتائج مبشرة للأنماط 3 و 4
HCV genotypes 1