التصنيفات
رشاقة ورياضة | برامج حمية | نظام غذائي

مزج الأطعمة – التغذية ج15

كثير من الأشخاص يجد أن بعض أصناف الخلطات في الطعام لا تناسبهم على أساس هذه الملاحظة والبحث في الصحة والتغذية، قام د. Howard Hay في الثلاثينات باختراع مخطط غذائي معروف اسمه «مزج الطعام»، مما ساعد ملايين الأشخاص على بلوغ صحة أفضل. وقد أوصى بتناول غذاء صحي متوافق مع مدخل التغذية المثلى، واضعاً القواعد حول الأطعمة التي يمكن تناولها مع بعضها. إن العناصر الهامة في نظرية د. هاي المبتكرة تقوم على تناول «الأطعمة المكونة للقلويات»، تجنب الأطعمة المكررة والمصنّعة بشدة، تناول الفاكهة بمفردها، وعدم مزج الأطعمة الغنية بالبروتين مع الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات.

يتم هضم البروتين والكربوهيدرات بطريقة مختلفة، وهذا أمر واقع. فعملية هضم الكربوهيدرات تبدأ بالفم عندما يبدأ الانزيم الهضمي، الخميرة النشوية الموجودة في اللعاب، بالتأثير في الطعام الذي تمضغه، متى ما قمت بابتلاع الطعام ودخل هذا الانزيم المحيط الحامض نسبياً في المعدة، تتوقف الخميرة النشوية عن العمل. فقط عند مغادرة الطعام المعدة، حيث يصبح المحيط الهاضم أكثر قلوياً، تستطيع الموجة التالية من أنزيمات الخميرة النشوية التي تم افرازها هذه المرة داخل الامعاء الدقيقة من البنكرياس، الاستمرار في هضم الكربوهيدرات وإتمام هذه العملية.

أما البروتين، من جانب آخر، فهو لا يهضم في الفم على الإطلاق. إنه يحتاج إلى المحيط الحامض في المعدة وقد يقيم هناك مدة ثلاث ساعات حتى يتم تحويل كل البروتينات المركبة إلى مجموعات صغيرة من الأحماض الأمينية المعروفة بـ Peptides. وهذا يحدث فقط في المعدة كونها تحتوي على مستويات عالية من حامض كلور الماء اللازم لتفعيل أنزيم الببسين الهاضم للبروتين. متى ما خرج الـ Peptidase، الذي يتم إفرازه مرة أخرى من البنكرياس، الذي يحوله إلى أحماض أمينية فردية جاهزة للامتصاص.

أسطورة الفاصوليا

إن أبسط فكرة حول مزج الطعام هي وجوب فصل أطعمة الكربوهيدرات عن أطعمة البروتين كونها تهضم بطريقة مختلفة. إن تناول بعض أصناف الفاصوليا يسبب نفخة وريح في المعدة غالباً ما يذكر كأثر سلبي، لأن الفاصوليا تحتوي على كل من البروتين والكربوهيدرات. مع ذلك، فالمعروف حالياً أن ذلك ليس هو السبب وراء شهرة الفاصوليا الصافية. فبعض الأنواع تحتوي على بروتينات كالـ Lectin الذي لا يمكن هضمه بواسطة الأنزيمات الموجودة في الجهاز الهضمي، حتى عندما تؤكل بمفردها. على الرغم من ذلك فإن هذه البروتينات يمكن هضمها بواسطة البكتيريا التي تعيش في الامعاء الغليظة. لذلك عندما تأكل الفاصوليا أنت لا تغذي نفسك فقط إنما أيضاً تلك البكتيريا الموجودة. بعد تناول وجبة طعام جيدة من الـ Lectin، تتحول هذه البكتيريا إلى غازات ومن هنا تنشأ النفخة. إن ذلك ليس له علاقة مع مزج الأطعمة. والعديد من الثقافات الصحية في جميع أنحاء العالم عمدت إلى وضع نظام غذائي تكون فيه الفاصوليا والعدس أغذية ثابتة – لكنها لا تعاني من أي مشاكل هضمية.

البروتين والكربوهيدرات – الأطعمة التي تقاوم؟

بالطبع، إن أصناف الطعام لا تعتمد فقط على الكربوهيدرات أو البروتين، بكلام عملي فإن فصلها يعني عدم مزج أطعمة البروتين المركزة مع الأطعمة النشوية المركزة. فاللحم مثلاً مكون من 50% من البروتين و0% من الكربوهيدرات. والبطاطا هي 8% بروتين و90% كربوهيدرات. أما الفاصوليا فتقع بين الاثنين، وكذلك العدس، الأرز، القمح والقنوا. إذاً أين يجب بالتحديد رسم الخطوط، في حال كان هنالك من خطوط ينبغي رسمها على كل حال؟

إن القيام بجولة قصيرة على ماضينا البدائي بإمكانها أن تحل اللغز. هنالك إجماع عام على أن السلالة البشرية قد نفذت من نظام غذائي مكون في معظمه من الخضار مدة ملايين من السنين، إلى جانب وجبة من الطعام بين الحين والآخر مكونة من اللحم أو السمك. بالحديث عن القرود، يمكن تقسيمها إلى نوعين: القرود التي لديها جهازاً هضمياً شبيهاً بالحيوانات المجترة وتتميز بهضم بطيء حتى للأطعمة الليفية الأشد عسراً للهضم، كالبقرة إلى حد بعيد، وتلك التي تملك جهازاً هضمياً، أسرع بكثير ومتقدم تقنياً بحيث أنه ينتج سلسلة كاملة من إفرازات الأنزيم المختلفة. نحن نتوافق مع المجموعة الثانية. الجهاز الهضمي لدينا هو أكثر فعالية وكفاءة لكن باستطاعته فقط تناول الأطعمة السهلة الهضم – الفاكهة، الأوراق الصغيرة، بعض الخضار. ولا علاقة لنا بذلك. ويعتقد المختصون بالنظريات التكاملية أن هذا الجهاز الهضمي يقوم بعملين: أولاً، إنه يعطينا الحافز لتحسين العمليتين العقلية والحسية بحيث يمكننا أن نعرف متى وأين نجد الطعام الذي نحتاج إليه، وثانياً، يؤمن لنا المغذيات لتنمية دماغ أكثر تقدماً وجهاز عصبي أكثر صحة.

هل القرود تأكل اللحوم وقطعتي خضار؟

أنا أعتقد أن جسم الإنسان يملك ثلاث خطط أساسية للهضم. الأولى هي لهضم البروتين المركز، أي اللحم، السمك والبيض. من أجل هضم هذه الأطعمة علينا إنتاج كميات هائلة من حمض المعدة وأنزيمات هاضمة للبروتين. مع كل ذلك، عندما قام أسلافنا الأوائل بمطاردة الحيوانات واصطيادها، هل تعتقد أنهم حينئذ كانوا يذهبون لتنقية كسرات لذيذة من النباتات لابتكار هذه «الوجبة المتوازنة؟» أنا أشك في ذلك. وأظن أنهم كانوا يأكلون فريستهم، بأعضائها وكل ما فيها، وذلك بأقصى سرعة ممكنة قبل أن ينتقل إلى المكان وحوش مفترسة أخرى. كان لدى أسلافنا يومان يعيشون خلالهما فقط على بروتين الحيوان المركز. فاللحم الطازج، النيء والعضوي هو مغذ إلى حد كبير.

الفاكهة – الحارس الوحيد

في بعض أوقات السنة كان الإنسان البدائي يحصل على بعض الفاكهة ويتناولها. لا شك في أننا لم نكن نحن المخلوقات الوحيدة الآكلة للفاكهة. منذ أن كانت الفاكهة أفضل وقود للطاقة الفورية والتي تطلب هضماً قليلاً جداً، فقد نشأت الخطة الثانية التي تقوم بإنتاج الأنزيمات والهرمونات اللازمة لتصنيع الكربوهيدرات البسيطة في الفاكهة. مرة أخرى، ظني هو أننا نتناول الفاكهة بمفردها على الأرجح. وبعد كل ذلك، متى ما التهمت ثلاث موزات فلا بد من وجود سبب صغير لاقتلاع بضعة جذور.

هناك أصناف عديدة من الفاكهة الخفيفة التي تتخمر بسرعة متى ما نضجت. وسوف يصيبها الشيء نفسه إذا وضعت في محيط حار ومحدث للحموضة، وهو ما ينطبق على المعدة. هذا ما يحصل في حال قمت بتناول قطعة من البطيخ ومن ثم شريحة من اللحم. لذا فإن نصيحة د.هاي بتناول الفاكهة منفردة لها الكثير من المعنى. حيث أن كانت الفاكهة تأخذ حوالى 30 دقيقة لتمر عبر المعدة، والبروتين الكامل المركز يأخذ بين ساعتين وثلاث ساعتين، فإن أفضل فترة لتناول الفاكهة كوجبة خفيفة هو أكثر من 30 دقيقة قبل وجبة الطعام، أو ما لا يقل عن ساعتين بعد الوجبة – وربما أكثر إذا تناولت الكثير من البروتين المركز. إن الاستثناء الوحيد بالنسبة إلى هذه النصيحة هو خلط الفاكهة التي لا تتخمر بسهولة، كالموز، التفاح وجوز الهند، مع أطعمة غنية بالكربوهيدرات المركبة مثل الشوفان أو الجاروس (من أنواع الذرة). لذا فإن تناول تفاحة مقطعة بالعصيدة (حبوب مطبوخة بالحليب أو الماء) أو فطيرة موز مع الجاودار الكامل تعد وجبة جيدة.

مع ذلك، بالنسبة إلى غالبية الأوقات فقد ظهر أن أسلافنا اتبعوا نظاماً غذائياً غنياً بالخضار المتنوعة. وهي تشمل الخضار الورقية، خضار الجذور، المكسرات، البذور، حبوب القطاني والبراعم. وعلى ما أظن فإن هذه تشكل خطة الهضم الثالثة والأكثر شيوعاً – حيث أنها تشمل مزيجاً من الأطعمة التي تحتوي على مزيج من الكربوهيدرات والبروتين، لكنها ليست إطلاقاً كثيفة بالبروتين كاللحم. وأنا شخصياً لا أرى أي مشكلة في خلط الأرز، العدس، الفاصويا، الخضار، المكسرات والبذور.

80% قلويات

إحدى أهم ملاحظات د. هاي هي أن الأشخاص الذين يملكون دماً أكثر حموضة هم على الأرجح أكثر تعرضاً للمرض. وقد حدد سلسلة من الحموضية، PH رمز كثافة الهيدروجين الأيونية) من 4.7 إلى 5.7، الذي يعتبر قلوياً قليلاً ومرتبط بصحة جيدة. إن الـ PH من 7 وأقل هو حمضي بشكل متزايد، في حين أن الـ PH فوق 7 هو قلوي بشكل متزايد.

هناك عوامل عديدة تؤثر على التوازن الحمضي/القلوي في الدم. عندما تمر الأطعمة بعملية التمثيل العضوي (الأيض) يتم إنتاج الأحماض وتوقفها من خلال الأملاح القلوية (الكربونات أو ملح حامض الكربون) في الكالسيوم، المغنيزيوم، البوتاسيوم والصوديوم. لذلك فإن كمية هذه الأملاح المعدنية التي نتناولها تؤثر على التوزان الحمضي/القلوي، كما الحال بالنسبة إلى نوع الطعام الذي نتناوله. إن الأطعمة التي تحتوي على كميات هائلة من الكلورين، الفوسفور، الكبريت والنيتروجين، كغالبية المنتجات الحيوانية، من شأنها أن تكون مكونة للحامض. أما الأطعمة الغنية بالكالسيوم، البوتاسيوم، المغنيزيوم والصوديوم، كغالبية الخضار، تميل إلى أن تكون مكونة للقلويات. إن التمارين لها أيضاً تأثير فعال – حيث أنها تجعل الدم أكثر حموضة. أما التنفس العميق فهو يجعل الدم أكثر قلوياً.

في كتابها «نظام رايت الغذائي»، وصفت سيليا رايت (Celia wright) الشخص الفائق الحموضة بأنه ساخط، حساس، ومنهك، ميال إلى الأوجاع والآلام، وأوجاع الرأس، مشاكل النوم وحموضة في المعدة. وقد ظهر أن المدخنين يعانون من مستوى عالٍ من الحموضة في البول. وتبين أن الاشتهاء ينخفض في نظام غذائي أكثر قلويةً.

كل الفاكهة الطازجة تقريباً، الخضار وحبوب القطاني هي مكونة للقلويات. وتكمن الاستثناءات في فاصوليا ليما والفول، الهليون، الزيتون، الخردل والرشاد. أما اللحم، السمك، البيض والزبدة فهي مكونة للأحماض، في حين أن الحليب المقشود والكامل هو مكون للقلويات بشكل معتدل. بعض الحبوب فيها حموضة، ومن ضمنها جريش حب الشوفان، دقيق القمح الكامل، نخيل الهند وتابيوكا (مادة نشوية على هيئة دقيق). إن الجوز والبندق فيهما حموضة، لكن المكسرات الأخرى هي قلوية.

لا شك في أن جزء من نجاح طريقة د. هاي يعود إلى تشديده على الأطعمة المكونة للقلويات. وكما يمكن أن ترى، فإن هذا يعني أكل الكثير من الفاكهة والخضار التي هي غنية بالعديد من المغذيات الحيوية بصورة طبيعية.

الكربوهيدرات المكررة إلى الخارج

إن تكرير الطعام أو طبخه ليس أمراً محبذاً من قبل د. هاي. كما سبق وذكرنا، كلما كان الطعام مكرراً، مصنّعاً أو مطبوخاً كلما كانت التغذية التي يوفرها أقل نسبة. إن النصيحة الواضحة التي يمكن توجيهها هي أكل الأطعمة الكاملة النيئة أو المطبوخة قليلاً بدل من الأطعمة الرديئة المطبوخة أو المصنّعة فوق الحد. والأطعمة الغنية بالسكر المكرر هي إحدى الاقتراحات الجديدة إلى حد أن الجهاز الهضمي هو معني بها. هناك عدد قليل جداً من الأطعمة المتوفرة طبيعياً يحتوي على أنواع المركزات من السكر السريع الإحلال كالتي توفرها الأطعمة الحديثة. إن الجسم هو بكل بساطة غير متكيف للتعامل مع فيض من السكر سريع الإحلال الذي ليس فقط يعمل على رفع مستويات السكر بالدم كالصاروخ، ويتطلب كل أنواع الهرمونات للدخول في عمل طارئ من أجل إعادة التوازن، لكنه أيضاً يعمل على تغذية الكائنات العضوية الصغيرة غير المرغوب بها والتي قد تحدث في الأمعاء.

تحسين عملية الهضم

خمس إرشادات سريعة للمساعدة على تحسين عملية الهضم:

●    تناول 80% من الأطعمة المكونة للقلويات، و20% من الأطعمة المكونة للحمض. هذا يعني تناول كميات هائلة من الخضار والفاكهة، وعدد أقل من الأطعمة التي تحتوي على بروتين مركّز كالفاصوليا، العدس، والحبوب الكاملة بدلاً من اللحم، السمك، الجبنة والبيض.

●    تناول الفاكهة السريعة التخمر والتي تحتوي على حموضة بمفردها كوجبات خفيفة. غالبية الفاكهة الخفيفة، ومنها الدراق، الخوخ، المانغو، البابايا، التوت والبطيخ تتخمر بسرعة. أما الفاكهة الغنية بالحمض (مع أنها مكونة للقلويات) فقد توفر أيضاً إمكانية هضم الكربوهيدرات، وهي تشمل البرتقال، الليمون، الكريب فروت والأناناس. كل هذه الفاكهة تتطلب هضماً قليلاً، حيث تقوم بإطلاق محتوى الفركتوز (سكر الفاكهة) الطبيعي لديها بسرعة. تناولها بمفردها كوجبة خفيفة عند الحاجة إلى دفعة من الطاقة.

●    تناول بروتين حيواني بمفرده أو مع الخضار. إن البروتين المركز كاللحم، السمك، الجبنة والبيض يحتاج إلى الكثير من حمض المعدة ويتوقف حوالى 3 ساعات في المعدة حتى يهضم. لذلك لا تمزج الكربوهيدرات السريعة الإحلال أو المكررة، أو الطعام الذي يختمر، مع البروتين الحيواني.

●    تجنب الكربوهيدرات المكررة. وتناول الكربوهيدرات غير المكررة. إن الفاكهة التي لا تتخمر بسهولة كالموز، التفاح وجوز الهند، يمكن مزجها مع حبوب الكربوهيدرات بطيئة الإحلال كالشوفان والجاروس.

●    لا تأكل عندما يكون جسمك في حال تيقظ تامة. ولا تتوقع هضم الطعام عندما يكون الجسد نائماً. في الصباح، اترك على الأقل ساعة بين الاستيقاظ وتناول الطعام. في حال كنت تمارس التمارين عند الصباح، كُل فيما بعد. لا تبدأ نهارك أبداً مع أخذ منبه (شاي، قهوة أو سيجارة) لأن حالة «الضغط» تعيق عملية الهضم. للفطور، خذ فقط الأطعمة المرتكزة على الكربوهيدرات كالقمح والفاكهة، عصير الفاكهة أو توست (خبز محمص) من الجاودار الكامل الحبة. عند المساء، أترك على الأقل ساعتين بين الانتهاء من العشاء والذهاب إلى النوم.

إذا كنت لا زلت تعاني من مشاكل في هضم هذه الخلطات بالأطعمة فقد يكون لديك نقص في أنزيم الهضم، عدم تحمل الطعام أو تفشي للمبيضات أو البكتيريا غير الحميدة في الأمعاء، وعليك بمقابلة أخصائي تغذية. أما النباتيون الذين يعيشون على الخضار فلديهم فقط قاعدة واحدة لاتباعها، وهي أكل بعض الفاكهة بشكل منفرد. أمر سهل، أليس كذلك؟