توقعت وجود ترابط بيني وبين طفلتي بمجرد ولادتها، لكنني لم أشعر بأي شيء على الإطلاق!
بعد الولادة بلحظات، تتسلمين كتلة جسدية من البهجة لطالما انتظرتها، أكثر جمالًا ومثالية مما كنت تتخيلين على الإطلاق. تتطلع إليكِ، وعيناكِ تحدقان إليها بحماس محدثة ترابطًا فوريًّا. وبينما تحتضين طفلك الصغير، وتتنفسين عذوبته وتغمرين وجهه الناعم بالقبلات، تشعرين بأحاسيس لم تعرفي من قبل أنها بداخلك، وتغمرك هذه الأحاسيس بحدتها، وبهذا تقعين في غرام الطفل كأم.
لعلك كنتِ تحلمين – أو على الأقل، تمرين بأحلام اليقظة في أثناء الحمل؛ فمشاهد غرفة الولادة الأشبه بهذا المشهد هي ما تشكل الأحلام – والإعلانات، لكنها لا تبرز دائمًا. وهذا مشهد آخر محتمل؛ فبعد مخاض طويل وصعب يجعلك منهكة جسديًّا وعاطفيًّا ومنتفخة ومتجعدة وحساسة، يوضع شخص غريب أحمر الوجه بين ذراعيك المتعبتين، وأول شيء تلاحظينه هو أنه لا يشبه الطفل ممتلئ الخدين الذي كنتِ تتوقعينه، والأمر الثاني الذي تلاحظينه هو أنه لا يتوقف عن البكاء، والأمر الثالث هو أنك لا تعرفين كيف توقفينه عن البكاء. لقد جربتِ أن تطعميه، لكنه لا يرضع منك. وقد حاولتِ أن تندمجي اجتماعيا معه، ولكنه مهتم أكثر بالنوم – وبصراحة، في هذه المرحلة، أنت أيضًا تمرين بنفس الحالة.
لا يسعك إلا أن تتساءلي: هل فقدت فرصتي في الترابط مع طفلي؟
كلا، على الإطلاق. تختلف عملية الترابط بين جميع الأمهات والأطفال، وهي لا تأتي بتاريخ انتهاء صلاحية. بالطبع، تترابط بعض الأمهات بسرعة مع أطفالهن حديثي الولادة – ربما لأنهن خضن تجارب مع رضع من قبل، فكانت توقعاتهن أكثر واقعية ومخاضهن أسهل أو أطفالهن الرضع أكثر استجابة؛ لكن أمهات أخريات (كثير منهن!) يجدن أن الترابط لا يتوطد ويثبت بسرعة مثل الصمغ القوي. بل في الحقيقة، الترابطات التي تتشكل تدريجيًّا وعلى مدار الوقت هي التي تدوم مدى الحياة – وأمامك أنتِ وطفلك الكثير من هذه الترابطات في المستقبل.
لذا امنحي نفسك هذا الوقت – الوقت الذي تعتادين فيه أن تكوني أمًّا (فهذا تعديل كبير، على أية حال) والوقت الذي يتسنى لك فيه معرفة طفلك الرضيع، الوافد الجديد في حياتك أيضًا، فلنواجه هذه الحقيقة. لبي الاحتياجات الأساسية لطفلك (ولك)، وستجدين أن رابطة الحب تتكون – يومًا بعد يوم (وعناقًا بعد عناق). وبالحديث عن العناق، قومي به كثيرًا. كلما زاد حنانك للطفل (خاصة بالملامسة الجسدية، بما أن العناق يفرز الكثير من الأوكسيتوسين – هرمون الحنان)، زاد شعورك بأنك أكثر حنانًا. ورغم أن الأمر قد لا يبدو أنه يحدث بشكل طبيعي في البداية، فإنه كلما زاد الوقت الذي تقضينه في الاحتضان والرضاعة والتدليك والغناء والهدهدة والتحدث إلى طفلك – وزاد الوقت الذي تقضينه في الملامسة الجسدية والوجهية – ستبدئين في الشعور بأن الأمر أكثر طبيعية وسيزداد قربكما معًا. وقبل أن تدركي الأمر، ستشعرين بالأمومة (حقًّا!)، وترتبطين دائمًا بطفلك بالحب الذي طالما حلمتِ به.
ولد طفلي قبل أوانه ونقل سريعاً إلى وحدة العناية المركزية. ويقول الأطباء إنه سيظل هناك لمدة أسبوعين على الأقل. هل سيتأخر الوقت كثيراً على الترابط الحميمي حين يخرج من الوحدة؟
كلا، على الإطلاق. بالتأكيد، انتهاز الفرصة للترابط بعد الولادة مباشرة – وللتواصل والملامسة الجسدية والتواصل العيني – أمر رائع؛ فهي خطوة أولى في عملية تطوير الترابط الدائم بين الطفل وأبويه؛ لكنها فقط الخطوة الأولى. ولا يشترط أن تحدث هذه الخطوة عند الولادة، بل يمكن أن تستغرق ساعات أو أيامًا في فراش المستشفى، أو عبر فتحات نوافذ الحاضنة، أو حتى بعد أسابيع في المنزل.
ولحسن الحظ، ستستطيعين أن تلمسي وتتحدثي إلى طفلك وربما تحملينه حتى حين يكون في وحدة العناية المركزية. لا تسمح معظم المستشفيات فقط بتواصل الأم مع الطفل ولكن تشجع عليه أيضًا – خاصة الرعاية على طريقة الكنغر (ضم الطفل إلى صدرك بالملامسة الجسدية). تحدثي إلى موظفي وحدة العناية المركزية وانظري كيف تستطيعين التقرب إلى طفلك الرضيع.
ضعي في الاعتبار أيضًا أنه حتى الأمهات والآباء الذين لديهم الفرصة للترابط في غرفة الولادة ليس من الضروري أن يشعروا بالتقارب الفوري. ويستغرق الحب الذي يدوم مدى الحياة وقتًا في النمو – وقتًا ستحظيان به أنتِ وطفلك قريبًا.